}

المعرض الدولي للنشر والكتاب بالرباط: رهان على الثقافة الحديثة

أجندة المعرض الدولي للنشر والكتاب بالرباط: رهان على الثقافة الحديثة
جاءت برامج وفقرات المعرض متنوعة بين اللغات
افتتحت في الرباط، يوم الخميس، 9 أيار/ مايو الجاري، فعاليات الدورة التاسعة والعشرين للمعرض الدولي للنشر والكتاب، الذي سيستمر حتى 19 مايو 2024. وعلى غرار الدورتين السابقتين، ستنظم دورة 2024 من المعرض بفضاء السويسي. يذكر أن دورات المعرض السابقة كانت تنظم في مدينة الدار البيضاء، قبل أن يتم نقلها منذ دورتها السابعة والعشرين إلى مدينة الرباط. ومقابل ذلك، تمت برمجة معرض دولي جديد في العاصمة الاقتصادية للمملكة، الدار البيضاء، هو "المعرض الدولي لكتاب الطفل والشباب في الدار البيضاء"، الذي نظمت دورته الأولى في تشرين الثاني/ نوفمبر الماضي.
جاءت برامج وفقرات المعرض متنوعة بين اللغات العربية والفرنسية والإنكليزية، وبين الموضوعات الأدبية، والفكرية، والاجتماعية، والاقتصادية. كما سهرت اللجان على استضافة من لهم صيت عالمي في مجال اشتغالهم، مثل الطاهر بنجلون، وليلى السليماني (الفائزة بجائزة غونكور سنة 2016)، وجان ـ بابتيست أندريا (الفائز بغونكور سنة 2024)، وزهران القاسمي (الفائز بالبوكر للرواية العرية سنة 2023). هذا إضافة إلى فسح مجال المشاركة لأكبر عدد ممكن من الناشرين من مختلف بقاع العالم، وذلك للتأكيد على أن المغرب بلد اللغات، وملتقى الثقافات، والتواصل مع الشعوب والمعارف العالمية. وفي هذا السياق، يحضر الطاهر بنجلون، وليلى السليماني؛ ويتم تنظيم ندوة "المغرب المتعدّد: الكتاب الأمازيغي وترسيخ المعرفة"؛ "الحسانية: الاستدامة الثقافية وصناعة المستقبل"؛ "الترجمة الأدبية من الأمازيغية وإليها"؛ "الكتابة من التاريخ المحلّي بسوس والصحراء: جرد وتقييم"؛ "الإنتاج الشعري الأمازيغي: الثابت والمتحول"؛ "تجارب الكتابة الشعرية النسائية الحديثة بالأمازيغية".
ومن المحاور الملفتة في الدورة الحالية فقرات ممتدّة على طول المساحة الزمنية للمعرض أطلق عليها في الدورة الحالية "الأدب أفقًا للتفكير"، وهو عنوان كبير تنظم تحته ندوات ولقاءات، مثل: "في جدوى الكتابة اليوم"؛ "الرواية وعلم النفس"؛ "شخصيات مغربية تكتب الرواية"؛ "التأويلية العربية بين ملاءمة المثاقفة ورهانات التوطين"؛ "النقد المغربي حصيلة الرواد وتطلعات الشباب"؛ "تخييل السيرة والتاريخ في تجربة الروائي محمد عز الدين التازي"؛ "الهايكو العربي"؛ "النص والعالم في الخطاب النقدي"؛ "الحضور المغربي في الأدب العربي المعاصر"؛ "الأدب وتحولات البيئة والمناخ"؛ "قراءة التراث وكتابة المستقبل"؛ "محكي الطفولة بين الحقيقة والاختلاق"؛ "الذكاء الاصطناعي والمكتبات"؛ "كيف يتفاعل الأدب مع الصحافة؟"؛ "أدب الخيال العلمي"؛ "حول مصير العالم العربي والإسلامي وتجديد فكره".
لقد بدأ التفكير في الأدب ودوره من جديد بعد الثورة الرقمية الراهنة، إذ بدأت شروط الكتابة تتعرّض لتحولات جديدة، سواء على صعيد إنجازها، أو طرق نشر إنتاجها وتلقيها، آخذًا في عين الاعتبار التحديات الجديدة في المستقبل القريب التي سيطرحها الذكاء الاصطناعي أمام الكتابة الأدبية.
وقد فرضت هذه الوضعيات الجديدة، وبشكل مترابط، العلاقة بالتراث. من هنا جاء التفكير في القضايا التي تهمّ المخطوط العربي، وما يؤطّره من قوانين قصد حمايته، خصوصًا بعد المصادقة عليه من طرف وزراء الشؤون الثقافية في الوطن العربي.
وكما هي حاضرة في عالم النشر والكتابة، حضرت الرواية بقوة، من خلال تكريم الروائيين، وأيضًا من خلال تخصيص ندوات تدور في محورها، مثل ندوة "الرواية وعلم النفس". وذلك ردّ دين من طرف علماء النفس للرواية التي استفادوا منها كثيرًا، منذ فرويد إلى اليوم. وبعد أن ردّت الرواية الدّين عن استفادتها بدورها بشكل خاص، والأدب بشكل عام، من علم النفس.
وبجوار علم النفس، تقف الفلسفة التي ستخصص لها ندوات كثيرة، منها ندوة "الفلسفة... كيف نفكر في العالم؟"، والغرض منها تقديم تاريخ للعالم بصيغة التعدد والتنوع، بعيدًا عن المركزية الأوروبية التي وجبَ مساءلتها كمركزية مهيمنة، كنزعة متمركزة على الذات.
لم تبق الفنون بعيدة عن التفكير، لأنها تقع في قلب التفكير في العالم. من هذه الزاوية، خُصّص معرض استعادي، وندوة في موضوع "المعارض الاستعادية: المسار الشخصي والذاكرة الجماعية". ويضم عينات من أعمال فنان ما طوال المراحل التي طبعت تجربته الفنية، من حيث الأسلوب والرؤية وشكل الحياة، وتبيان علاقة الذاكرة الفردية بالذاكرة الجماعية الأشمل.
ولأن الثقافة تمثل قوة أساسية في العالم، فقد تم التفكير في ندوة (باللغة الفرنسية) تطرح الأسئلة الجوهرية في الموضوع. فهذه الثقافة إن كانت قوية ومتينة وحديثة فإن في إمكانها توجيه السياسات العالمية. وإلى جانب هذه الندوة، ستنظم أخرى، شبيهة بها، في موضوع "الدولة الثقافية من إشكالات التصور إلى إكراهات البناء". وهذا أيضًا يقود إلى سؤال النهضة في المغرب "كدولة ثقافية". ومن ذاكرات المغرب الثقافية، سيتم الاحتفاء بالكاتبة عائشة بلعربي، ومسارها الأدبي والعلمي كأديبة وعالمة اجتماع وخبيرة.
في هذا السياق، لم يغب سؤال "الكتابة بالمؤنث"، إذ خصصت ندوة لسؤال النسوية الإسلامية من التجريب إلى التأصيل، متناولة نشأة تيار النسوية الإسلامية، بريادة باحثات أكاديميات من جامعات عربية وأميركية سجلن ولوج المرأة إلى مجال التأويل، الذي ظلّ لعقود عديدة رهين قراءة ذكورية أحادية الرؤية.
إلى جانب هذه الخارطة الثقافية المتنوعة، هنالك توقيعات إصدارات جديدة في مجالات علمية وأدبية وفكرية عديدة، إضافة إلى أمسيات شعرية دُعي إليها شعراء عرب ومغاربة وعالميون، في رهان واضح على حضور الشعر والشعراء في فضاء واسع على مدى عشرة أيام.

الدخول

سجل عن طريق

هل نسيت كلمة المرور؟

أدخل عنوان بريدك الإلكتروني المستخدم للتسجيل معنا و سنقوم بإرسال بريد إلكتروني يحتوي على رابط لإعادة ضبط كلمة المرور.

شكرا

الرجاء مراجعة بريدك الالكتروني. تمّ إرسال بريد إلكتروني يوضّح الخطوات اللّازمة لإنشاء كلمة المرور الجديدة.