تنظّم متاحف قطر، بالتعاون مع متحف آرا غولر في تركيا، معرض "على خطى آرا غولر: بصمة مصور"، وذلك من 9 آب/ أغسطس حتى 9 تشرين الثاني/ نوفمبر 2024، ويضم مجموعة واسعة من أعمال المصور الفوتوغرافي والصحافي العالمي آرا غولر، الذي ولد عام 1928 وتوفي عام 2018.

ولا يقتصر المعرض، الذي يقام في متحف الفن الإسلامي، على إبراز الاحترافية في عدسة غولر فحسب، بل يجسّد أيضًا اجتهاده في تصوير روح تركيا وتراثها الثقافي، ويعكس الأثر العميق الذي أحدثه غولر في مجال التصوير الفوتوغرافي، وحرصه على حفظ الذاكرة الثقافية المشتركة، من خلال صوره البديعة لمدينة إسطنبول، وللاكتشافات الأثرية، وتصويره لبورتريهات معبرة التقطها لشخصيات عالمية، ولحرصه على حفظ الذاكرة الثقافية المشتركة.

ولد غولر في إسطنبول عام 1928، وحظي بشهرة واسعة على المستويين الوطني والدولي بصفته أستاذًا بارعًا في التصوير الصحافي وفن التصوير الفوتوغرافي. وكان غولر شاهدًا على تاريخ تركيا الحديثة، حيث امتدت مسيرته المهنية لـ70 عامًا، لتمثّل أعماله سجلًا تاريخيًا مصوّرًا حافلًا لتركيا وما يحيط بها.

ويقدّم معرض "على خطى آرا غولر: بصمة مصور"، نظرة شاملة لأعمال الفنان التي تصوّر سكان إسطنبول وتكشف معالمها التاريخية. ويضم المعرض 155 صورة فوتوغرافية، إلى جانب عدد من المراسلات، ومعدّات التصوير، وكاميرات، وتذكارات تابعة لمركز آرا غولر للأرشيف والأبحاث في إسطنبول.

ويشتمل المعرض على أربعة أقسام، يتضمن أولها صورًا لإسطنبول، ويأخذ هذا القسم زوّاره في رحلة ثقافية وتاريخية بالمواقع التراثية الأثرية الغنية في تركيا، ويتضمن صور بورتريهات لشخصيات شهيرة من القرن العشرين، إلى جانب عرض لفيلمه التجريبي "نهاية البطل".

ويقدّم قسم بعنوان "نسيج خالد"، أشهر صور التقطها آرا غولر للمسارات المفضلة لديه في إسطنبول، وعلى خلفية تتزين بالمعالم التاريخية وجماليات الهندسة المعمارية الحضرية. وتصاحبها مطبوعات تاريخية من المجموعات العامة لمقتنيات متاحف قطر. حيث سيطّلع الزوّار على صور مجسّمة وأخرى مطبوعة على ورق يعود إلى القرن التاسع عشر، التقطها مصوّرون رواد مثل غولماز فرير، وهم ثلاثة إخوة لديهم استوديو في إسطنبول يوثق سحر المدينة وجمالها، من خلال صور نشرت ككتب تذكارية وبطاقات بريدية.

كما يعرض القسم مناظر لمدينة القسطنطينية "إسطنبول الحالية" تبرز تطور صورة المدينة ودورها باعتبارها ملتقى بين الشرق والغرب.

ويسلّط قسم "أصداء من الماضي"، الضوء على شغف غولر بالتاريخ والتوثيق، حيث أثمر اجتهاده واهتمامه بالآثار بعضًا من أهم التقارير المصوّرة والمعبّرة، شملت ما يمكن اعتباره إعادة اكتشاف لمدينة أفروديسياس في خمسينيات القرن الماضي، بالإضافة إلى "جبل نمرود"، وهما موقعان مدرجان الآن ضمن قائمة اليونسكو للتراث العالمي.

وتصاحب هذين التقريرين المصورين، وهما من أهم أعمال غولر، مجموعة من صوره الفوتوغرافية لمواقع تاريخية أخرى داخل تركيا، يعود تاريخها من العصر الحجري الحديث إلى مراحل هامة من العهد العثماني. كما تبرز السرديات البصرية والصورة الشاعرية دور التصوير الفوتوغرافي في رفع مستوى الوعي حول أهمية الحفاظ على إرث الماضي.

ويدور قسم "بصحبة طيبة" حول صور البورتريهات التي التقطها غولر لكبار الكتاب والفنانين والسياسيين والفلاسفة وغيرهم من الشخصيات البارزة في عصره، كما يشمل هذا القسم مجسما لكتاب يدوي الصنع بعنوان "أساطير الدنيا السبع"، وهو عبارة عن مجموعة من الصور الملتقطة لسبع شخصيات مرموقة في العالم، من ضمنها بابلو بيكاسو، وتينيسي ويليامز، وسلفادور دالي. بالإضافة إلى بورتريه للفنانة فخر النساء زيد، وهي صورة حصرية لهذا المعرض، مرفوقة بباقة من أعمالها الفنية من مجموعة متحف: المتحف العربي للفن الحديث.

وسيختتم المعرض بعرض فيلم "نهاية البطل" (1973 - 1975)، وهو من إخراج وكتابة وإنتاج آرا غولر، يروي فيه قصة تفكيك الطراد الحربي ياووز، الذي كان له دور محوري لدخول الدولة العثمانية في الحرب العالمية الأولى (1914 - 1918). الفيلم عبارة عن دمج سينمائي بين مصادر مختلفة ومنهجيات بصرية متنوعة مصحوبة بموسيقى تصويرية غير مألوفة. ويتميز أيضا بأنغام للموسيقي الشعبي الشهير روهي سو.

وينظّم معرض "على خطى آرا غولر: بصمة مصور" بتقييم فني من الشيخة مريم آل ثاني وفريق متحف آرا غولر.

وتعليقًا على هذه المناسبة، قالت الشيخة مريم آل ثاني، قيم فني مشارك للمعرض: "هذا المعرض هو ثمرة تعاون خاص بين كل من متحف آرا غولر، ومركز آرا غولر للأرشيف والأبحاث، ومتاحف قطر، حيث يجمع بين صور آرا غولر الرائعة ومقتنياته، مع قطع منسقة بعناية من مجموعاتنا العامة والواسعة، وبذلك فإننا نوسع دائرة الحوارات المثيرة، التي تقدم وجهات نظر جديدة حول أعمال غولر ومقتنياتنا الخاصة، موضحة أن هذه الشراكة تمكننا من تبادل المعارف والموارد، وتكشف أيضًا أبعادًا جديدة لأعمال المصور التاريخية الكاملة، مع تسليط الضوء على مدى عمق مجموعات متاحف قطر وتنوعها، والتي تضم أكثر من 300 ألف قطعة".

ودعت الشيخة مريم آل ثاني زوار المعرض إلى استكشاف قصص نسجتها هذه المجموعات التي تشهد على القوة الخالدة للتصوير الفوتوغرافي، وقدرته على التقريب بين الثقافات والعصور.

من جانبها، نوّهت تشاغلا ساراتش، المستشار الفني لمجموعة دوش القابضة، بمتحف آرا غولر، الذي يعتبر أول متحف في تركيا مخصص لمصور بهذه المكانة، موضحة أن رسالة المتحف تتمثل في عرض أعمال المصور الصحافي المشهور عالميًا آرا غولر على شريحة واسعة من الجمهور، مع نقل إرثه للأجيال القادمة. وقالت: "يسرّنا للغاية أن نتعاون مع متاحف قطر لافتتاح أول معرض لهذا المتحف في قطر، والذي يضم مجموعة واسعة من أعمال غولر وأغراضه المستمدة من أرشيفاتنا. ويشرفنا أن نعرض صورًا فوتوغرافية تعكس مختلف الموضوعات البارزة في أرشيف غولر، ونقدّم هويته الفنية متعدّدة التخصصات للجمهور".

يشار إلى أن مركز آرا غولر للأرشيف والأبحاث ومتحف آرا غولر، أسّسا من قبل مجموعة دوش القابضة.