تضمن برنامج العام العديد من الفعاليات والمستجدات بمشاركة عربية وأجنبية من أكثر من عشرين دولة، تنافست فيها عشرات العروض المسرحية وعلى رأسهم (15) عرض تتسابق في مختلف أقسام المسابقات الرسمية، ومنها عرضان من مصر وقع عليهما الاختيار كعرضي الافتتاح.
يأتي العرض الأول بعنوان "الصندوق" من تأليف وإخراج وتمثيل الشابة مريم راضي والذي يُعتبر مشروع تخرجها من أكاديمية الشارقة، ربما لذلك استخدمت المسرحية اللغة الإنكليزية في مونولوجها الدرامي. لم تتجاوز مدة العرض ربع ساعة تجولت فيها الممثلة بين عدد من المستويات النفسية من داخل شرنقة اتخذتها فضاءً مسرحيا يُعلن تمردها وميلادها في البداية كما يشهد على رحلة الخنوع والامتثال للقوقعة من جديد، بعد أن اصطدمت بما تدعوه "الوصمة المجتمعية للأمراض النفسية" التي تلاحق المريض النفسي وتزيد من أزمته، فلا يجد أمامه سوى العودة إلى الصندوق. أما العرض الثاني، فيتخذ من أغنية شهيرة لأم كلثوم عنوانا له "ودارت الأيام" في دراما من بطولة الممثلة وفاء الحكيم وإخراج فادي فوكيه، وربما كانت مقطوعات أغنية الست وموسيقاها التي تخللت العمل؛ أميز ما قُدم في المسرحية.
على جانب آخر، قامت الدورة بتكريم عدد من الأسماء المسرحية عربيا ودوليا بخلاف تكريمات لجان التحكيم المتنوعة، من بين المكرمين: من العراق د. جبار جودي – نقيب الفنانين العراقيين. من السعودية د. ملحة عبد الله، ومنير العرقي من تونس، علاوة على الفنان الفلسطيني غنام غنام، حكواتي فلسطين المسرحي الذي خصص جل مشروعه الفني للقضية.
توجت تجربة غنام المسرحية بالعديد من الجوائز والتقديرات، وفي كلمته القصيرة ردد غنام: "لا عزة لنا إن لم تكن فلسطين عزيزة... لا حرية لنا إن لم تكن فلسطين حرة... لا كرامة لنا إن لم تكن فلسطين كريمة، عشتم أحرارا وأعزاء"، رافعا يده بعلامة النصر. كما كتب يقول: "أريد وطني كاملا وليس لأحد أن يتنازل عن بيتي نيابة عني، كانت تسمى فلسطين وصارت تسمى فلسطين".
شملت قائمة التكريم أيضا، ثلاثة أسماء من مصر، يأتي في مقدمتها الفنانة الاستعراضية نيللي، إلا أنها لم تتمكن من الحضور سوى في المؤتمر الصحافي الذي عُقد قبل المهرجان، نظرا لتواجدها في محافظة الإسكندرية لتكريمها ضمن فعاليات مهرجان الإسكندرية السينمائي في دورته الأربعين.
فيما ذهب التكريم الثاني للممثل هاني رمزي، ليكون التكريم الأخير من نصيب الممثلة إلهام شاهين والتي أثارت الجدل كعادتها في كلمتها على المنصة والتي أكدت فيها على سلمية الشعوب العربية، وأعربت عن حزنها الشديد على أهالينا في غزة، داعية العقلاء في كل مكان إلى التكاتف لتخطي الأزمة عن طريق "الحل البسيط" حسب وصفها، ويقضي بحل الدولة وإقامة دولتين "فلسطين واسرائيل" جنبا إلى جنب، ما أزعج البعض وترتب عليه انسحاب عدد من الحضور اعتراضا على تصريح شاهين.
من القاهرة إلى الصعيد
قبل انطلاق الدورة السابعة بشهر تقريبا، أطلق المهرجان استمارة للراغبين في الإلتحاق بورش المهرجان والتي فاقت الأعوام السابقة، حيث بلغ العدد الإجمالي للمشاركين (188) متدربا من مختلف الأعمار، توزعت على الثلاثة مسارات الآتية: "الممثل ولغة الجسد" ويقدمها المخرج الإسباني خوسيه أنطونيو لوسيا، "عمل الممثل" للمخرجة اليونانية ديسبوينا سارافيدو، أما الورشة الثالثة فقدمتها الكاتبة والناقدة المصرية صفاء البيلي تحت عنوان "التأليف للمونودراما".
وفي استحداث جديد، أطلق المهرجان نسخته الأولى من "منصة مونودراما الصعيد" بالتعاون مع مؤسسة "تياترو الصعيد لإحياء وتطوير الفنون"، وذلك "للمساهمة في تحقيق العدالة الثقافية والفنية"، حيث تعنى المبادرة بالخروج عن مركزية العاصمة والتوجه إلى شباب المسرحيين في جنوب مصر. في هذا الإطار استضافت خشبة مسرح المؤسسة بمدينة المنيا الملقبة بـ "عروس الصعيد" أربع عروض هي: "أب مثالي – هادي هارون. بطل من ظل – مينا عبد السيد. المواجهة – مينا جيمي. و 30 د في المشرحة للمخرج كيرلس عماد". في سياق مشابه، عرضت منصة "الشاشة" بقاعة سينما الهناجر خمسة عروض مسجلة من فلسطين، رومانيا، إيطاليا، جورجيا وكوريا، بجانب برنامجي: "منصة الحكواتي وحكي الشارع" بساحة دار الأوبرا.
علاوة على ذلك، عقدت إدارة المهرجان مائدة مستديرة ضمت عددا من رؤساء ومديري المهرجانات المسرحية العربية، وذلك للإعلان عن تأسيس وتدشين اتحاد دولي لمهرجانات المونودراما ينطلق من مصر، بعد إعداد أربعة أعوام كما صرح رئيس المهرجان د. أسامة رؤوف. من بين الدول التي رحبت بالمشاركة في كيان الإتحاد الجديد: لبنان، تونس، المغرب، والكويت بالإضافة إلى إيطاليا، مقدونيا، ورومانيا، فيما تناولت نقاط النقاش عددا من التحديات والآمال في انتظار الكيان الوليد، والتي قد ينتج عنها مستقبلا مهرجان مسرحي موحد للمونودراما تنطلق دورته في كل عام من بلدة مختلفة، وفق اقتراح أحد الأعضاء.
من النص إلى العرض
تكونت لجنة تحكيم مسابقة التأليف المسرحي من الإمارات وتونس ومصر: حمد الظنحاني، أنور الشعافين ود. محمود سعيد، والتي اختارت ثلاثة نصوص مسرحية للفوز بالجائزة توزعت على النحو التالي: "السيد تمام/ نجاح عبد النور، بكرة اشترى جناحات/ خالد توفيق- المركز الأول والثاني من مصر"، فيما حصل كل من: منير راضي – العراق، سعيد عطور – المغرب على المركز الثالث مناصفة عن نصيهما "ليدي مكبث، الخياطة".
وفي مسابقة النقاد ذهبت جائزة لجنة التحكيم في التمثيل إلى العرض اليوناني "ميديا" من إخراج صوفيا ديونيسوبولو والتي مزجت في دراما العرض بين الإيقاع الحركي والتعبيري، بينما حصل الكاتب سجاد الجوذي من السودان على جائزة لجنة التحكيم الخاصة في التأليف عن مسرحيته "الغراب الأبيض"، إخراج وأداء محمد حسن طيارة الذي قام بتقليص فضائه المسرحي إلى أقصى درجة ممكنة، مبتعدا عن الجدران والحوائط ومكتفيا ببؤرة بصرية لا تتعدى بضعة أمتار ستكون الشاهد المكاني على سير الأحداث. تشكلت لجنة تحكيم المسابقة من: آبا خادم الله - المغرب، إكرام عزوز - تونس، وسامح مجاهد – مصر.
أما جوائز أفضل عرض متكامل فقد توزعت كالتالي: في المسابقة العامة "العقرب – إسبانيا/ أفضل عرض وتمثيل، وذهبت جائزة أفضل إخراج إلى العرض الأردني "رحيل"، بينما حصل كل من: "يوميات ممثل مهزوم – المركز الأول/ السعودي، قطرة – المركز الثاني/ الإمارات، سمكة – المركز الثاني/ عُمان، يُذكر أن جميع تلك العروض سبق أن شاركت في عدد من المهرجانات والفعاليات المسرحية، وحصد البعض منها عددا من الجوائز والتكريمات.