}
عروض

"محطة العريس": سيرة حارس بيروت المشرعة على فقدٍ لامتناهٍ

دارين حوماني

20 ديسمبر 2023


ثمة أدب يقع في شغف المدن التي ينتمي إليها، أدب يحاول التعريف عن كاتبه بموازاة علاقته مع مدينته التي صار لها حاضرٌ منفصلٌ تمامًا عن ماضيها، كأنه يحاول تجريب بقائها على صورتها دون حنين يدفع إلى حزن عميق، ودون أن يكون هناك موت سائل بأشكال عدّة، هكذا يمكن أن نفهم رواية الكاتب والبروفيسور الجامعي محمد محسن "محطة العريس- سيرة مفتش ومدينة" (دار النهار، 2023، 288 صفحة)... هي رواية واقعية أدبية كما يقول الكاتب، مستلّة من مذكرات "حسن"، الشخصية الرئيسية في الرواية، وهي رواية حقيقية تختزل حياة "حسن" كاملة منذ عام 1919 وحتى عام 2012، ولكنها قبل أن تكون سيرة ذاتية لـ"حسن"، تحمل خصوصية غاستون باشلار للمكان: "إن العمل الأدبي حين يفتقد المكانية، فهو يفقد خصوصيته وبالتالي أصالته"، إنها رواية بيروت نفسها بخصوصيتها المركّبة والمفكّكة. رواية تمارس انطباعات فضاء هذه المدينة على مدى مئة عام في علاقتها مع أبنائها والوافدين إليها، كما فعل أورهان باموق في روايته "اسطنبول الذكريات والمدينة" وإرنست همنغواي في روايته "باريس عيد"، على الرغم من أن الكاتب يرى أن عمله "ليس تاريخًا لبيروت ولا تأريخًا لقوى الأمن الداخلي".

قريبًا من ولادة "لبنان الكبير" يولد حسن، وقريبًا من نهضة بيروت العمرانية كما أرادها الاستعمار الفرنسي اتجه حسن ابن العشر سنوات إلى بيروت من قريته الريفية ليعمل مع أخيه في الحانوت الذي كان قد افتتحه قبل ذلك الوقت، وعند وصوله سيتبيّن له أنه لن يذهب إلى المدرسة، لكن ذلك حفّزه أكثر ليتمسّك باللغة، فصار يحمل دفترًا كل ليلة ويدوّن مذكراته اليومية وتعليقاته، وخصوصًا أنه وقع في سحر بيروت "كونها مدينة الأحلام الكبرى التي تستحق أن تعيش تفاصيلها اليومية"، إذ كانت بيروت تمثّل الحلم لكل طَموح من القرى الريفية، وحيث ستصير الصحف والروايات البوليسية شغفه اليومي لاحقًا. ومن قلب حكاية حسن الذي كان يحمل "صدر الشعيبيات" ويطوف في الشوارع، ليبيع حلوياته، انطلاقًا من غرب بيروت حيث كان الحانوت، وصولًا إلى ثكنة الفرنسيين العسكرية في منطقة "الدورة" (شرق بيروت) حيث كان يتواجد الجنود السنغاليون ينتظرون حلوى حسن يوميًا، سيرسم لنا الكاتب صورة المدينة في ذلك الزمن، بتكنيك السرد العاطفي، فقد كان الفتى الصغير يختلق الأعذار ليتأخر في الرجوع إلى المحل بقصد التعرّف على أحياء المدينة ومفاصلها، تجوال شكّل الذاكرة المكتوبة التي بقيت حيّة لحين وصولها ليد الكاتب وفلشها أمامنا بدقة وبقوة عاطفية.

سيعدّ لنا الكاتب محاولات الانتداب الفرنسي لتطوير بيروت، من دور السينما التي أُنشئت بدعم من الفرنسيين منها سينما Chef d'’oeuvre، سينما Le Pathé والكريستال وغيرها، وتخصيص مليوني فرنك لبناء مستشفى أوتيل ديو الذي لا يزال قائمًا حتى الآن، ومدارس الإرساليات والمواصلات والكهرباء وتطوير المرفأ. ثمة معلومات مستقرة داخل باب مغلق من لبنان يدوّنها صاحب هذه المذكرات الحميمة، منها رفض أهل بيروت حمل الهوية اللبنانية الجديدة وأن تندرج أسماؤهم ضمن الإحصاء السكاني الذي أجراه الفرنسيون عام 1921، متأثرين بالأجواء القومية العربية. إذ كان المسلمون مرتبطين بدعوة الملك فيصل لإقامة مملكة عربية كما وعده الإنكليز والفرنسيون في حال محاربته معهم ضد العثمانيين، لكنهم نكثوا بالوعد، وقسّموا المنطقة العربية، ولم يجد أهل بيروت وطرابلس إلا أن يرضوا بالانضمام إلى "لبنان الكبير". ويعود الكاتب أيضًا بالتاريخ إلى الأمير فخر الدين الثاني الذي كان يحاول نقل الطابع الأميري إلى البيوت في بيروت بمساعدة الإيطاليين، ويسرد حكاية أحمد باشا الجزار مع الأسطول الروسي، وحكايات أخرى من تبدّل معالم المدينة، منها إزالة الاستعمار الفرنسي لقصر الأمير فخر الدين، وتم تشييد سينما أوبرا مكانه.

أشياء كثيرة يسحبها الكاتب من أماكنها القصيّة لنا، مشرّعة على الفقد اللامتناهي، حسن يمشي في المدينة والكاتب يدوّن، بوابات بيروت الثماني التي لا تعرف الأجيال الجديدة مدى أهميتها في زمنها، الأبراج الحربية، صالات السينما وتاريخها، أسواق وسط بيروت: سرسق، الجمّيل، الطويلة، العطارين، الصاغة، البزركان، وغيرها العديد، وتاريخ ميناء الحصن، وساحة البرج، ومزار سيدي حسن، وخان الوحش الذي كان قائمًا مكان سوق سرسق، و"الزيتونة" التي كانت حصنًا لبائعات الهوى، والمعرض الذي كان ملاذًا للفقراء، وأسماء العائلات والشوارع البيروتية وتاريخها، والمسابح البيروتية الراقية "التي طبعت شخصية بيروت كمدينة كوزموبوليتية" على شاطئ البحر الأبيض المتوسط، التياترو الكبير، سينما الكابيتول التي كان يرتادها المولعون بالثقافة والسينما الفرنسية وصبايا الطائفة اليهودية من سكان "وادي أبو جميل"، حرش بيروت حيث كان يحتفل الأطفال في الأعياد... ويفرد فصلًا لـ"الجمعية الخيرية" التي أسّسها رشيد بيضون عام 1923 لتعليم الأطفال الصغار، الذين كانوا يبيعون العلكة والورود في الشوارع، ولم يسمح لأهاليهم بإنزالهم إلى الشوارع متكفلًا بمصاريفهم. ثمة خريطة لبيروت مفتوحة على الانتماء الكلّي لها، يفلشها أمامنا الكاتب، يحرّضنا فيها على الشعور بفقدان جمالية مكانية لم تعد متاحة، لا بل باتت بيروت مشدودة إلى قعر الحياة.

الدمج بين أجناس متعددة للكتابة قد لا يكون هدف أي كاتب عند الانطلاق بعمله الأدبي. الأفكار تُكتب هنا في هذه الرواية، تخليدًا لتلك العلاقة مع الجغرافيا، إذ يمتح الكاتب من تاريخ المدينة ثم يقترب من الذات مسترجعًا أثر تلك الأمكنة على نفس بطله. سنتعرّف مع بيروت على حداثة القرن العشرين المتوجهة إليها من الغرب، كما سنتعرّف على سيرتها العمرانية والحضارية، وعلى تأثيرات الحرب العالمية الثانية، ليتحول العمل إلى نص يفيض بشوارع المدينة، وأحداثها، مكتوب بكثافة مكانية دقيقة في القصّ وبحميمية مثل شحنات تعبيرية عالقة في القلب مع انتقاله إلى الخاص، فالمشاهد تتداخل، تتوالى في نص مشدود لبعضه؛ يبحث حسن عن الروايات المترجمة بين مكتبات بيروت، إدغار آلان بو، أرنست همنغواي، أغاتا كريستي، تلك التي تحيك عالمًا بوليسيًا شكّل له أرضية من التفكير النقدي، وأهّلته ليكون مفتشًا ومن أهم التحرّيين في قوى الأمن الداخلي في بيروت.

وإلى جانب شغفه بالكتب، كان ثمة شغف آخر رافقه منذ قدومه إلى المدينة التي سحرته، حبه لـ"فاطمة"، ابنة المرأة التي استقبلته لأربع سنوات في بيتها منذ أن وضع قدمه على إسفلت المدينة. حب لم يتحقق ترافق مع حبه لبيروت، لكن والدها رفض تزويجه بها، وبقيت فاطمة بسحرها القديم كما هي في قلبه حتى وفاتها. أما بيروت فقد تحولت إلى شريكة حياة حسن، بسحرها وبانتمائه النفسي لها، ولاحتوائها له بحبّ، وللكثيرين الوافدين إليها من القرى، الذين قسّمهم الكاتب، بين الذين توظفوا في السلك العسكري، أو المثقفين الذين استوحوا الشعر والفن من بيروت وصاروا أسماء كبيرة في عالم الأدب والفن لاحقًا، أو أولئك الأميين الذين عملوا في الحراسة وفي العتالة وخصوصًا في مرفأ بيروت الذي ازدهر نتيجة وقف العمل بمرفأ حيفا بعد احتلال الصهاينة لفلسطين. وكان أن شارك حسن في المظاهرات التي تعلن عنها الأحزاب دون أن ينتمي إلى أي حزب؛ الحزب الشيوعي كان الأبرز في تنظيم المظاهرات ضد الاحتلال الفرنسي، وحزب النجادة الذي مثّل اتجاهًا عروبيًا ضد الاحتلال الصهيوني لفلسطين، وحسن مع الجميع "سخطه كان منصبًا على استباحة البلاد رفضًا للظلم والاستغلال والفساد".

البروفيسور محمد محسن ولوحة الغلاف للتشكيلية خولة طفيلي مع صورتين من صور لوحاتها داخل الرواية عن بيروت


صور المحبّة والتعايش

يمتد السرد مثل خطوط بصرية متوالية للمدينة، حسن برفقة صديقه شربل، يثبّتان سويًا صورًا من المحبة والتعايش في تجوالهما سويًا في شوارع مدينتهما المشتركة بيروت، قبل أن تحلّ الكراهية فيها. علاقة صداقة بقيت حتى وفاة شربل. صداقة حسن وشربل تمثّل احتجاجًا على ظلام هذه المدينة ومقاومة لكل حقد نبت بين الطائفتين الإسلامية والمسيحية منذ عام 1958 والذي تكرّس سوادًا في عام 1975 ولا يزال مستمرًا إلى الآن بأشكال أخرى.

"عندما يتعب الإنسان من بيروت، يتعب من الحياة"- هكذا يرى حسن بيروت، باعتبارها محاكاة للحياة نفسها، للأفق نفسه. يصوغ الكاتب رؤية حسن، يضعها مع بيروت في كتاب واحد يشكّل عملًا معماريًا متعمّدًا عن المدينة، بشكل مسبق، وليس فقط تجميعًا لإلهامات وليدة الصدفة وإن كانت رائعة، إذا استعرنا من إميل سيوران حديثه عن حلم بول فاليري في كتابة الحياة. كان حسن يحلم بأكثر من حياته في حانوت أخيه، فانضم مع صديقه شربل لسلك الشرطة، وترّفع فيه بعد أن كافح طويلًا في ملاحقته المجرمين، وخضع لدورات تعليمية في بيروت ولندن، وحقق إنجازات كبيرة، ونال ميداليات تكريمية، ومحاربًا الفساد من داخل المؤسسة العسكرية، لكن "هرمية المراكز كانت أقوى منه وطحنته أمام آلة الفساد المدمّرة والمشكّلة من تحالف المال والسطة والمصالح الذاتية". ولكن الأهم كانت في صيته الحسن وشعبيته بين أبناء بيروت، وقد كانت هذه المذكرات المادة الخام لروحية حسن وتعكس أن متطلباته من الحياة كانت أكثر من متطلبات عامل أو موظف، طلبًا للرزق، بل كان يفهم المجتمع كناقد وكإصلاحي يتمسك بالنزاهة المهنية والأخلاقية، يقول الكاتب "كان حسن ورفاقه حراسًا للجانب العبثي من بيروت".  

اللافت هو تلك التفاصيل التي تضمها الرواية، عن اللباس العسكري الذي كان يرتديه حسن صيفًا وشتاءً، والصفوف التعليمية عن المتحرّي الناجح، ومظاهرات عمال التراموي حيث كان حسن يرفض استعمال العنف معهم، ومخفر حبيش وصلاحياته، ومخفر البرج وصلاحياته وقراراته الـ 57 التي يعود بعضها لعام 1922 كما وضعها المفوّض السامي الفرنسي والتي فصّلها الكاتب، ومباني الأتراك التاريخية التي أصبحت مقرات عسكرية، وعن حادثة سرقة سوق الصاغة الكبيرة، وقد تمكن حسن من القبض على العصابة، هي تفاصيل كشفها الشاب الطموح في مذكراته تعكس روحه الأدبية وقدراته التي كان يمكن تطويرها ليصير روائيًا لو أتيحت له فرصة ذلك، مضافًا إليها قدرة الكاتب التوثيقية والدخول في عالم المدينة، في روحها التي تجزأت وتفتّتت. إنها رواية تنتمي إلى التاريخ ككنز فقدناه، كحضور لا يمكن تعويضه، بقدر ما تنتمي إلى الأدب.

ويفرد الكاتب فصلًا لاحتلال فلسطين وثورة جمال عبد الناصر ونفي الملك فاروق، وتأثر لبنان بالمدّ الناصري، وانطلاق شرارة الأزمة في لبنان في 8 أيار/ مايو 1958 إثر مقتل الصحافي التقدمي نسيب المتني، وطلب الرئيس اللبناني كميل شمعون المساعدة من أميركا، حيث قامت قوات المارينز بالإنزال عند شاطئ الأوزاعي (بيروت)، وجرت اشتباكات بين الجيش اللبناني ومعارضين، وصولًا إلى انتخاب فؤاد شهاب الذي كان يملك رؤية إصلاحية تنموية لازدهار البلاد، ولكن هذه الأحداث وغيرها أتى الكاتب على ذكرها مع ارتباطها بـ"الخواجة قميص" الذي كان شخصية معروفة بأفكاره النقدية والساخرة "انعكاسًا لشاعر الشعب عمر الزعنّي"، وكان يحثّ الشباب على الأفكار الناصرية. وفي تداخل بين الشعر والتاريخ والسيرة يضيف الكاتب عددًا من القصائد وأبرزها القصائد المحكية المغناة للزعنّي التي أصبحت جزءًا من تراث المدينة، في رغبة من الكاتب لتكريم اسم هذا الشاعر المتفرّد، ومن قصائده المغناة "يا ضيعانك يا بيروت... يا عروس بخشخاشة يا مصمودي بالتابوت... الجهّال حاكمين والأرذال عايمين والأنذال عايشين والأوادم عم تموت... الغريب بيتمختر والقريب بيتمرمر واللي بفوت ما بيضهر واللي بيضهر ما بفوت".

تفاصيل شخصية عن حسن يعدّها الكاتب، يرتّبها لنا بجرعات مدروسة ليصير لها حاضر، فالكتابة هي أهم موروث تركته الأبدية، و"البحث عن البدايات هي أهم رحلة يمكننا خوضها" بتعبير سيوران. يحكي الكاتب عن سيارة حسن الفولكسفاغن محدّدًا رقم لوحتها، وكاميرته الألمانية سوليدا 3 موديل عام 1952، وعن رحلاته بالسيارة برفقة الكاميرا مع عائلته، ومع شربل ومع أصدقاء الطفولة. ويخبرنا الكاتب أن ثمة أرشيفًا مهمًا للصور مع حسن الذي تلقى تدريبًا بسيطًا من أحد المصوّرين الأرمن في ساحة البرج. ويقسّم الكاتب الصور: صور شخصية للعائلة، صور الشرطة والتحري، صور سياحية عن رحلاته، صور السياسيين والفنانين، وصور قريته والجنوب. وربما كان مهمًا إرفاق عدد قليل من هذه الصور عن بيروت وشوارعها في الرواية، على الرغم من أهمية لوحات الفنانة التشكيلية خولة طفيلي المرفقة بالكتاب عند بداية كل قسم، والتي تشكّل انعكاسًا لتلك الصور الفوتوغرافية وتمثيلًا لها، والأهم أنها تركّز على حسن حاملًا الكاميرا بيده، في تشديد على ثنائية الرواية/ الصورة وعلى أهمية هذا التزاوج بينهما، فجاءت صور اللوحات كامتداد للحكايات بجماليّتها مرفقة بإحساس عميق يصلنا عن الزمن وعبوره وعبور الأماكن والأشياء إلى الماضي. علمًا أن أول من أدخل الصورة في الرواية هو الكاتب الفرنسي باتريك موديانو في روايته "شوارع الحوانيت المعتمة".

يحكي محسن أيضًا عن تعويض حسن المالي من الخدمة العسكرية، بعد تركه العمل الأمني وتجريبه عددًا من الأعمال الأخرى. تعويض أودعه في بنك "إنترا" للمقاول الفلسطيني يوسف بيدس فأفلس البنك عام 1966، وربط بيدس إفلاسه بالأزمة النقدية الأميركية، وخسر حسن كما الكثيرون معظم أموالهم. ويضع الكاتب رؤيته للأنظمة الاقتصادية الغربية التي تعالج أزماتها إلا أن الضحية الكبرى لإجراءات الغرب هي دول العالم الثالث وشعوبه الفقيرة.

وفي عام 1975 مع تكريس الحرب الأهلية اللبنانية كواقع مدمّر، لم ينضو حسن في أي مشروع من مشاريع الفئات المتقاتلة و"توقف عن العمل لأن الناس لم يعودوا كما كانوا، بل أصبحت نفوسهم جرداء بلا محبة وتعاون وتعايش، وحلّ محلها الحقد والكراهية"، وكان قرار حسن بجمع قصاصات الورق وملاحظاته وصوره وتسجيلاته ليبدأ بتدوين مذكراته، التي شكّلت المادة الخام لهذه الرواية فجاءت كما أرادها ديكارت واقعية، فالخيال بنظر ديكارت "يشوّش الفكر ويحول دون أن يباشر العقل عمله بطريقة صحيحة". ويستعرض الكاتب حصار بيروت في عام 1982 في إبطاء للزمن لا يغفل عن ذكر تفاصيل الموت التي تسبّب بها الاحتلال الإسرائيلي ومنها قرية حسن "الريحان" التي لم تتحرّر من الاحتلال إلا في عام 2000.

وكان أن التقى حسن بشربل إثر انتهاء الحرب الأهلية عام 1990. لقاء أعاد الحياة لحسن، إذ كان شربل يقيم في الأشرفية (شرق بيروت) المنفصلة بخطوط تماس قاتلة عن غرب المدينة، فيما  كان حسن يقيم في منطقة البسطة الفوقا (غرب بيروت) قرب "محطة العريس" ومنها اختار الكاتب عنوان الرواية. أصّر الكاتب على تقديس هذه العلاقة بين مكوّنين صافيين من بلادنا، شكّلا رمزًا للمحبة والتعايش، وفقط بتعايشهما يُبنى الوطن، وبافتراقهما يدمّر الوطن. رواية تضعنا أمام حكايات تتصل بنا جميعًا، هي امتداد لعاطفتنا تجاه بيروت، تتصل بالجمعي وبالشخصي وبالحميمي في العلاقة مع كل مكوّنات مدينتنا ومكوّنات الحنين لماضيها الجميل، وربما أراد الكاتب تكريم "حسن" الاسم الحقيقي لصاحب المذكرات، لكن روايته جاءت تكريمًا مشتركًا لحسن ولبيروت، فيما يمنح الكاتب التاريخ معنى وهو يتوغّل في استرجاع زمان/ مكان لا يزال يتدلّى في دواخلنا رغم عبوره...  

 

الدخول

سجل عن طريق

هل نسيت كلمة المرور؟

أدخل عنوان بريدك الإلكتروني المستخدم للتسجيل معنا و سنقوم بإرسال بريد إلكتروني يحتوي على رابط لإعادة ضبط كلمة المرور.

شكرا

الرجاء مراجعة بريدك الالكتروني. تمّ إرسال بريد إلكتروني يوضّح الخطوات اللّازمة لإنشاء كلمة المرور الجديدة.