}
صدر حديثا

"الرواية والحدود: من التقاطبية الثقافية إلى الفضاء الثقافي"

15 فبراير 2024

صدر حديثًا عن دار الرحاب الحديثة في لبنان كتاب جديد للدكتور عبد الرزاق المصباحي، بعنوان: "الرواية والحدود: من التقاطبية الثقافية إلى الفضاء الثقافي"، ويقع في 352 صفحة.
ويروم الكتاب الجديد، وفقًا للمؤلف، إلى إضاءة الأسئلة الآتية: لماذا نجتهد في صناعة الحدود ونصطنع الكراهيات؟ ولماذا نسيج الفضاءات والأمكنة والرقع الجغرافية التي ننتمي إليها بفائض التمثيلات الثقافية التي تنطلق من مرجعيات عرقية، أو لغوية، أو دينية، لمنعه عن الآخر المختلف؟ ولماذا نتطرف أحيانًا في اصطناع أساليب متنوعة في النسخ والإقصاء، تصل حد الحجر، أو التصفية؟ ولماذا يعجز الأفراد، وحتى المؤسسات، أحيانًا، عن تغيير تلك التمثيلات التي تمنع بناء "الفضاءات الثقافية"، أو فضاءات الهجنة؟ وكيف استطاعت صناعة "الحدود التطهيرية" أن تتجاوز الرقعات الجغرافية الواقعية، لتتخذ أشكالًا متنوعة في "الفضاءات السيبرنيطيقية" تصل حد صناعة "الفضاءات القيامية" المنبئة عن تحولات قيمية وسلوكية كبرى؟
ويهدف الكتاب إلى إضاءة هذه الأسئلة الحياتية، في عالم مشحون بالعنف الجسدي واللفظي، الذي تغذيه كراهيات مصطنعة، رسخت "ثقافة الوسائط" الجديدة اندياحها، حينما تحولت إلى منصات في يد بعض الأفراد والمؤسسات، لتصير وسائط التواصل الاجتماعي منصات لنشر السلوك الناسخ؛ بدل أن تخلص لوظيفتها الأصلية في بناء "الفضاءات الثقافية" المفتوحة.
ويقارب الكتاب نصوصًا روائية مختلفة من حيث انتمائها إلى جغرافيات ثقافية/ تخييلية متنوعة، تفاوت زمن صدورها، وتنوع بنيات خطابها (كلاسية، تجريبية...)، والهدف من ذلك التنبيه إلى ما يمكن أن يقترحه النقد الثقافي، عبر تمفصل منظوراته وتنوعها، من قراءات جديدة تصنع دنيوية النصوص وراهنيتها، وتستغور قضاياها ورؤاها الثقافية، في تناغم مع مكونها الفني ونهجها الطليعي. وينطلق الكتاب من تصور للرواية باعتبارها خطابًا يتفوق فيه المكون الثقافي على التخييلي، فهي ليست مجرد نوع تخييلي، بل كون ثقافي موسع حقيق بالقراءة المستغورة التي تنوع في منظوراتها وأسئلتها. ويرى أن الاشتغال على النصوص الروائية العربية يمكننا من محاولة فهم شخصية الفرد العربي، سواء أكان عاديًا أم نخبويًا، وطبيعة علاقته بالفضاءات على اختلافها، انتماء أو تنابذًا، كما يسعفنا في قراءة تعامله مع التطور التكنولوجي الهائل، وخاصة فضاءاته السيبرنيطيقية التي تتيح له فرصًا خارقة لإخفاء شخصيته الواقعية، والتحرر من سلطة الجسد، ثم الكشف عن تعامله مع الفضاءات الديستوبية المنفرزة عن الحروب الأهلية والخارجية وآلة الدمار التي لا تتوقف.
وجاء في تقديم المؤلف: "تحاول هذه الدراسة أن تضيء عبر فصليها الإجرائيين الإشكالية الآتية: ما هي الأشكال التي يمكن أن يتخذها مفهوم "التقاطبية الثقافية" لاستقراء الصراع القائم أو الحوارية الممكنة بين الثقافات التي تصوغ رؤاها أفضية/ أمكنة معينة؟، هل هذه الأداة النقدية، التي تحاول أن تجمع بين منظورين نقديين هما: "السيميائيات الثقافية"، و"الدراسات الثقافية/ النقد الثقافي"، مسعفة في تقديم مقترب نقدي يفكك أنساق الثقافة المتسربة عبر المكان المشبع بالحياة، بما تعنيه من حركة تستدعي التجاذب المؤدي إلى الإقصاء والقسر، مثلما يسعى، أحيانًا، إلى التعايش المحتفي بالاختلاف؟. ثم هل تستطيع الرواية، بما هي نسق تخييلي وثقافي في الوقت نفسه، أن تصنع، بوعي، أمكنة تضج بالحياة أي ما سماه يوري لوتمان بالفضاء الثقافي المعادل للكون الحيوي؟ ثم كيف تفاعلت الرواية العربية المعاصرة مع التطور التكنولوجي؟ وكيف مثلت الفضاءات السيبرنيطيقية والديستوبية؟ وإلى أي حد أحدث هذا التفاعل نقلة في بنيات خطاب الرواية العربية المعاصرة؟ وما هو موقف المثقف والنخبة عمومًا تجاه محاولة المؤسسة استغلال الفضائين السيبرنيطيقي والديستوبي للتحكم في حيوات الناس ومصائرهم؟
"وينطلق هذا الكتاب من حد النقد الثقافي باعتباره نشاطًا نقديًا متعدد المنظورات، لكنه تعدد محكوم بنوع النص الإبداعي/ الثقافي المقارب، أي أن اختيار المنظورات النقدية المناسبة ينبغي أن يكون في توافق مع الموضوع. فلا بد من قيود تُفرض على المنظورات، وإلا تحول النقد الثقافي إلى مجرد فعالية نقدية تزدحم فيها المنظورات النقدية من دون أن تكون لها وظيفة واضحة. كما يؤسس لضرورة إخضاع المفاهيم الإجرائية المرتبطة بهذه المنظورات لوظيفة النقد الثقافي المحددة في التفكيك الواعي لخطاب المؤسسات والأفراد حينما يسعون إلى نشر الرؤية المعززة التي تصنع الفضاءات القيامية".

د. عبد الرزاق المصباحي: أستاذ باحث في المركز الجهوي لمهن التربية والتكوين، مراكش آسفي. حاصل على الدكتوراة من جامعة ابن طفيل القنيطرة ـ المغرب.
صدر له: "النقد الثقافي: قراءة في المرجعيات النظرية المؤسسة"، 2022؛ "الأنساق السردية المخاتلة: شعرية السرد، تذويت الكتابة، مركزية الهامش"، 2017؛ "النقد الثقافي: من النسق الثقافي إلى الرؤيا الثقافية"، 2014.

الدخول

سجل عن طريق

هل نسيت كلمة المرور؟

أدخل عنوان بريدك الإلكتروني المستخدم للتسجيل معنا و سنقوم بإرسال بريد إلكتروني يحتوي على رابط لإعادة ضبط كلمة المرور.

شكرا

الرجاء مراجعة بريدك الالكتروني. تمّ إرسال بريد إلكتروني يوضّح الخطوات اللّازمة لإنشاء كلمة المرور الجديدة.