}
عروض

"شخصية المهاجر": عن تغير التركيبة السكانية لعالم القرن الـ21

إيهاب محمود

13 يوليه 2024


في أوائل القرن الحادي والعشرين، كان هنالك نحو مليار شخص، بنسبة تقدر بـ14% من سكان العالم يهاجرون من بلدانهم ومناطق تمركزهم إلى آفاق جديدة، فضلًا عن دراسات تؤكد أن كل عقد مقبل سوف يشهد زيادة في نسبة المهاجرين من مجموع سكان الكوكب، الذين مثلت الهجرة لدى بعضهم أحيانًا ضرورة حتمية، سواء كانت اقتصادية وسياسية، أو حتى بيئية، ليصبح القرن الحادي والعشرون قرن المهاجِر بامتياز.
هذا هو ما ذهب إليه الباحث توماس نيل في كتابه "شخصية المهاجر" الصادر عن المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات، ضمن سلسلة "ترجمان"، وهو من ترجمة إسلام أحمد، ومراجعة بول طبر، ويتضمن سبعة عشر فصلًا تتوزع على أربعة أقسام، وتتناول موضوعًا لم يتطرق إليه علماء الاجتماع الإنساني، وهو موضوع الهجرة، وفلسفتها، وظروفها التاريخية، وسماتها العامة، وعلاقتها بالتشرد كما يراها المؤلف، وأبرز محطاتها التاريخية. ويقع الكتاب في 384 صفحة، شاملةً ببليوجرافيا وفهرسًا عامًا.
ويرى نيل أن الأزمة الاقتصادية العالمية عام 2008 بمثابة بداية لسلسلة من الظواهر التي تسببت في تعظيم فكرة الهجرة. من هذه الظواهر ما يتصل بإفقار الطبقة الوسطى في بعض الدول الغنية، بعد الأزمة المالية الاقتصادية في عام 2008، وما أعقبها من إجراءات تقشف وخفض ميزانيات برامج الرفاه الاجتماعي وارتفاع معدلات البطالة، كما أدت أزمة الرهن العقاري إلى إجلاء ملايين الأشخاص في العالم من منازلهم، بينهم 9 ملايين في الولايات المتحدة الأميركية وحدها، فباستحواذ المستثمرين الأجانب والحكومات على 540 مليون فدان في العالم منذ عام 2006، أجبروا ملايين صغار المزارعين على الجلاء، ولتتحول أنشطة التعدين في العالم بسرعة فائقة إلى ضربة مدمرة للاستقرار السكاني، وكذلك القول في أنشطة التصديع المائي، وهكذا صارت الزيادة المتصاعدة في الحراك البشري الناتج من النبذ والترحيل غير القسري سمة بارزة من سمات القرن الحادي والعشرين وشبحًا يجول في العالم، على حد وصفه.




وبحسب مؤلف الكتاب، فإننا جميعًا في طريقنا إلى أن نصبح مهاجرين، فالناس اليوم باتوا، بخلاف أي فترة زمنية ماضية، يكثرون من قطع المسافات وجعلها أبعد في كل مرة، وخارج حدودهم الإقليمية، أما الذين لا يعبرون هذه الحدود فإنهم مستعدون للانتقال إلى أعمالهم مسافات أطول وأبعد، حتى لو اضطروا إلى تغيير وظائفهم ومساكنهم، فإن لم يفعلوا ذلك فإنهم يلجأون إلى الهجرة القصيرة عبر الجولات السياحية في العالم!
ويمكن تصنيف الكتاب من زاوية التاريخ الفلسفي الحركي للفاعل الأبرز في وقتنا، وهو المهاجر، كما يسعى إلى فهم الظروف المادية والاجتماعية والتاريخية لشخصية المهاجر في الوقت الراهن، وهو ليس مجرد نظرية للمهاجر، بل للحركات الاجتماعية، التي من خلالها تحدث الهجرة أيضًا، مؤكدًا أنه "لا مكان للركود في فلسفة منصبة على الحركة، فإذا أردنا فهم شخصية المهاجر المتحرك، فإن علينا أيضًا فهم المجتمع نفسه وفقًا لحركته".
ووفق الكتاب، سيكون القرن الحادي والعشرون قرن المهاجر، "ليس بسبب العدد القياسي للمهاجرين اليوم فحسب، بل أيضًا لأن هذا القرن شهد عودة ظهور جميع الأشكال السابقة للنبذ الاجتماعي والمقاومة المتنقلة بنشاط كبير، على نحو يسمح لنا بأن نكشف غوامض الماضي، المتمثلة في أن المهاجر كان دومًا قوة الحفز الحقيقية للتاريخ الاجتماعي".
الكتاب الذي يقع في 384 صفحة، يشرح في القسم الأول الحركة الاجتماعية ويحدد بنيتها المنطقية. ويوضح القسم الثاني أن المهاجر لا يميز من خلال حركته فحسب، بل من خلال ظروف تاريخية معينة وعدة أساليب من النبذ الاجتماعي. ويعرض القسم الثالث كيف قدمت شخصيات مهاجرة عدة بديلًا من المنطق السالف الذكر. أما القسم الرابع والأخير، فيتحدث عن كيفية مساعدة مفاهيم القسمين الثاني والثالث في فهمٍ أفضل للديناميكيات المعقدة لظاهرة الهجرة المعاصرة في الحالة المكسيكية الأميركية.

الدخول

سجل عن طريق

هل نسيت كلمة المرور؟

أدخل عنوان بريدك الإلكتروني المستخدم للتسجيل معنا و سنقوم بإرسال بريد إلكتروني يحتوي على رابط لإعادة ضبط كلمة المرور.

شكرا

الرجاء مراجعة بريدك الالكتروني. تمّ إرسال بريد إلكتروني يوضّح الخطوات اللّازمة لإنشاء كلمة المرور الجديدة.