}
صدر حديثا

الرواية الفلسطينية بين ممارسات الاحتلال وآليات المقاومة

17 يوليه 2024


"أسئلة الرواية الفلسطينية" هو الكتاب الحادي عشر في النقد الروائي للشاعر والناقد اللبناني سلمان زين الدين، وقد صدر مؤخرًا عن "مركز ليفانت للدراسات والنشر" في الإسكندرية. ويشتمل على قراءة في ثلاثين رواية فلسطينية، صدرت في العقود الثلاثة الأخيرة، وكتبها فلسطينيون أو متحدّرون من أصول فلسطينية، ينتمون إلى أجيال عدة. فبين "حارة النصارى" لنبيل خوري الصادرة في عام 1995 و"القمح المرّ" لجلال جبّارين الصادرة في عام 2023، حوالي ثلاثة عقود، شهدت خلالها القضية الفلسطينية الكثير من التحوّلات، وتمخّض فيها الواقع عن كثير من الأسئلة، وهو ما تطرحه الروايات المدروسة في الكتاب. ولأن الواقع الفلسطيني موغلٌ في الغرابة إلى حدّ السوريالية، ولا يشبهه واقع آخر في العالم، فإنّ الرواية الراصدة له تكتسب خصوصيّة معيّنة، بالمقارنة مع الرواية العربية، لا سيّما على المستوى الحكائي. وهي إذا كانت تتقاطع مع الأخيرة في أسئلة كثيرة، فإنّها تفترق عنها، في معظم الأسئلة، لأنّها تصدر عن واقع مغاير، غرائبي، سحري، سوريالي، موجع، قاتل، ما يمنحها هوّيّتها الخاصّة"، على ما ورد في تقديم الكتاب.

تتراوح الأسئلة المطروحة بين تلك المتعلّقة بالاحتلال وتداعياته المدمّرة على الشعب الفلسطيني، المباشرة وغير المباشرة، من قبيل: الاعتقال، اللجوء، النزوح، التهجير، السلطة، الهجرة غير الشرعية، الإرهاب، التطبيع، العمالة وغيرها، وبين تلك المتعلّقة بالمقاومة وآليّات عملها المستخدمة في تحرير الأرض واستعادة الحقوق المشروعة، من قبيل: التاريخ، الذاكرة، الانتماء، الجذور، المكان، الأرض، والعمل الفدائي وغيرها. على أنّ السؤال نفسه قد تطرحه عدّة روايات بخطابات روائية مختلفة، والرواية الواحدة قد تجمع بين عدّة أسئلة في الحيّز الروائي نفسه. ولعلّه من المفيد، في هذا السياق، الإشارة إلى أنّ الدارس يتوقّف في درسه النقدي عند ماهيّة السؤال/ الأسئلة المطروحة في الرواية المدروسة، من جهة، وعند كيفيّة طرحها، من جهة ثانية، ما يجعل الدرس النقدي يجاور بين ماهيّة السؤال وكيفيّة الطرح، في الوقت نفسه، ويجعل الفائدة المرجوّة من القراءة مضاعفة.

في "أسئلة الرواية الفلسطينية" يطرح نبيل خوري سؤال القدس، ويطرح إبراهيم نصرالله أسئلة القيادة والإرادة والتاريخ، ويطرح الياس خوري سؤالي الذاكرة والتطبيع، ويطرح باسم خندقجي سؤالي التاريخ والمقاومة، ويطرح مروان عبد العال سؤال الأرض، ويطرح يحيى يخلف سؤال الجذور، وتطرح سلوى البنّا سؤالي السلطة والإرهاب، وتطرح حنان بكير سؤال المرأة، ويطرح جلال جبّارين سؤال المخيّم، على سبيل المثال لا الحصر. وهكذا، تتعدّد الأسئلة وتتنوّع، من منظورات روائية مختلفة.

وعليه، يقدّم "أسئلة الرواية الفلسطينية" مادّة أولية للدارسين، ووليمةً متنوّعةً لعشّاق الرواية، وقد حرص الدارس على تقديمها بطريقة ممتعة، تتعدّى الانطباعات النقدية السريعة ممّا تزخر به الصفحات الثقافية، من جهة، ولا تسقط في درك التقعّر النقدي ممّا يسقط فيه الدرس النقدي الأكاديمي، من جهة ثانية. ولعلّ ما يضاعف من أهمّية الكتاب تزامن صدوره مع التحوّلات الكبرى التي تعيشها القضية الفلسطينية، في هذه اللحظة التاريخية الحرجة، في ضوء صمتٍ عربيٍّ مريب، وتواطؤ دوليٍّ مشبوه.

الدخول

سجل عن طريق

هل نسيت كلمة المرور؟

أدخل عنوان بريدك الإلكتروني المستخدم للتسجيل معنا و سنقوم بإرسال بريد إلكتروني يحتوي على رابط لإعادة ضبط كلمة المرور.

شكرا

الرجاء مراجعة بريدك الالكتروني. تمّ إرسال بريد إلكتروني يوضّح الخطوات اللّازمة لإنشاء كلمة المرور الجديدة.