}

تكريم حلمي التوني: أدخل الفن إلى بيوت عامة الناس

أحمد بزون 12 ديسمبر 2023
هنا/الآن تكريم حلمي التوني: أدخل الفن إلى بيوت عامة الناس
من اليمين: عبودة أبو جودة، ياسمين طعّان، وكميل حوا

لا يشكل تكريم فنان كبير مثل حلمي التوني حدثًا مفاجئًا، فقد اجتمعت على تكريمه، بالصدفة، القاهرة وبيروت اللتان شهدتا، وتشهدان، حضوره الإبداعي الرائع، ففي القاهرة أعلن "ملتقى الأقصر الدولي لفن التصوير"، في دورته السادسة عشرة، تكريمه الشهر الماضي، وخلال الحفل الختامي للملتقى، أعلنت وزيرة الثقافة المصرية الدكتورة نيفين الكيلاني نقل حفل التكريم والندوة المصاحبة له ليقاما، مع معرض أعمال الدورة الحالية للملتقى، في القاهرة، في كانون الثاني/ يناير المقبل. وفي القاهرة أيضًا، وقبل تسع سنوات، نظم قسم الفنون بالجامعة الأميركية معرضًا له، ضم لوحات ورسومًا وملصقات وأغلفة كتب، ورسوم كاريكاتير أبدعها التوني. أما في بيروت فقد كرمه النادي الثقافي العربي، في إطار معرض بيروت العربي الدولي للكتاب الـ65 (23 تشرين الثاني/ نوفمبر – 3 كانون الأول/ ديسمبر 2023)، إذ إن التوني هو من صمّم شعار النادي في عام 1971، والذي لا يزال ساريًا، وهو من صمم عددًا من شعارات المعرض التي تتبدل سنويًا، وهو من طور فن تصميم أغلفة الكتب في بيروت، وساهم في تطوير فن الملصقات، فمن الطبيعي إذًا، أن يتحمس النادي الثقافي العربي لتكريمه، وفاء للأثر الطيب الذي تركه في الثقافة الفنية، والدور الذي لعبه في صناعة الكتاب.

وبين القاهرة وبيروت زرع حلمي التوني أحلامه الفنية وأفكاره وجهده المتواصل، من دون كلل أو ملل، فأثمر ثروة فنية تغتني بها الأجيال، بل بسط نتاجه على أكثر من فن، عندما تنقل في فن التصميم الجرافيكي بين أغلفة الكتب والمجلات والملصقات والمسرح وإعلانات السينما والرسم على الموبيليا، في حين رسم لكتب الأطفال، وهو أولًا وآخرًا فنان تشكيلي ابتكر شخصيته الفنية وبصمته الواضحة والحاسمة.

من الطبيعي أن يكرم من أنتج أكثر من 4000 تصميم، بينها ما لا يقل عن 3500 تصميم غلاف، ما يؤهله ربما للدخول في "موسوعة غينيس"، وكان مذهلًا في أغلفة كتب الكبار وكتب الصغار، ومَنْ أقام العديد من المعارض، فبات صاحب طريقة في الفن يتبعه مريدون. ولا شك في أن حياته كانت سِباقًا دائمًا مع الوقت، وصراعًا دائمًا مع الأفكار، في سبيل الإجابة عن سؤال أساسي: كيف نحافظ على هويتنا ونكون في الوقت نفسه في قلب العصر؟ ولذلك لم يكن في انتمائه للتراث سلفيًا ولا متغربًا في اندفاعه نحو العصر الجديد، يناقش نفسه والآخرين بانفتاح تام، من دون تزمت أو جمود، وبوعي أغنته التجربة الفكرية والفنية معًا.

جناح حلمي التوني 


المعرض التكريمي

اعتمد تنظيم المعرض على جهد مبارك من صديق التوني، الفنان التشكيلي والمصمم اللبناني المبدع كميل حوا، فلعب دورًا أساسيًّا في تنسيق المعرض والندوة التي أقيمت في إطاره، وكان لمؤسّس وصاحب دار الفرات للطباعة والنشر في بيروت، عبودي أبو جودة، دور أساسي في جمع أعمال المعرض التي اتسع لها جناح خاص في معرض بيروت، والتي جمعت من أربعة مصادر: فبالإضافة إلى مجموعة عبودي أبو جودة، كانت مساهمات من دار الشروق، والمؤسسة العربية للدراسات والنشر، والكويتي خالد العبد المغني. وقد غلبت طبيعة المقتنين الذين رفدوا هذا المعرض، إذ أتت من داري نشر كانت لحلمي التوني جولاته فيهما، وهما من الدور الأساسية التي تعامل معها، ومن مقتنيات شخصية، فتنوعت بين الأغلفة والملصقات والتخطيطات ومقتطفات من الصحف التي واكبها وواكبته، وقد بلغت 300 عمل.

المتجول بين أغلفة المعرض لا بد من أن يتوقف مليًا عند أغلفة كتب نجيب محفوظ، التي لاقت صدى طيبًا لدى جمهور الفن والأدب معًا، فقد شكل الغلاف مساحة تجمع بطلات نجيب محفوظ وبطلات حلمي التوني، فالمرأة تلعب دورًا أساسيًا في أدب الأول وفن الثاني. ولا بأس فالاثنان يهتمان بالبلد ونسائه وهمومه الشعبية، بعيدًا عن التغرّب والتغريب. وإذا كان نجيب محفوظ على شغف كبير في تصوير نساء مصر، إلى درجة لا نستطيع فيها أن نفرق بين نماذج نساء محفوظ ونماذج نساء مصر، فإن حلمي التوني هو الآخر اتبع في تصوير نسائه الأسلوب الوصفي السردي الشعبي في تجسيد شخصية كل نموذج اختاره للوحاته.

المغرم بنساء أغلفته

ليست البطلات نساء اليوم بالطبع، لذا كان على التوني أن يغوص في التاريخ، بما فيه من مفاتيح اقتصادية واجتماعية ونفسية، مدققًا في الفولكلور والعادات والهوامش الضرورية، ورابطًا ذلك كله بالنصوص وبواطنها. فتصوير المرأة هنا ليس مزاجيًا وحرًا إلى أبعد حد، والفنان ليس متحررًا من المكان والزمان، إنما يقدم لعبة توازن بين التصوير الأدبي والتصوير التشكيلي، توازن بين رؤيتين. بدا حلمي التوني وكأنه أدخل نساء محفوظ إلى محترفه ودجنها على طريقته، مزاوجًا فيها الواقعي والتعبيري والسوريالي والرومانسي والرمزي. لم تكن بطلات أغلفة محفوظ وحدها من الجنس اللطيف، بل كثيرًا ما كان يلجأ إلى النساء في إضاءته للذاكرة، وفي اختصاره للتاريخ أو الحاضر، في أغلفته المعروضة أو حتى لوحاته القديمة والحديثة.

على أن المرأة التي بدت أساسية في كل أعمال المعرض، وأبرزها في الأعمال المعروضة عن فيروز وفاتن حمامة، لا يمكن إلا أن تكون جميلة، إذ يبدو الفنان مغرمًا ببطلات أغلفته ولوحاته، يرسمها دائمًا بحب، حتى عندما يصوّر المومسات منهن. فهو لديه موقف ضد البشاعة، ويعتبر أن مهمته هي تجميل الجمال لا تجميل البشاعة. والحق يقال إن التوني لم يصوّر في أغلفته المرأة لذاتها، إنما يصور تاريخًا وواقعًا ومزاجًا وفولكلورًا ومجتمعًا وعالمًا، فنرى ذلك في خلفية الرسم أو في زواياه، أو في طبيعة الزي الذي تلبسه، لذا كثيرًا ما وجدنا في الأغلفة التي تصور المرأة أو سواها مستويين، الأول هو صورة المرأة، والآخر الرموز والأشكال والألوان التي تختصر عالم هذه المرأة أو زمانها ومكانها، وكان محكومًا في خلفية المرأة بالألوان المعتمة عمومًا، حتى لا يطغى على العنصر الإنساني الأساسي.

على طبيعته

لا تعقيد في الأعمال التي رأيناها، ولا تكلف أو التباس، فالمَشاهد تفهم ببساطة، كما ترسم ببساطة، وحلمي التوني يكون دائمًا تاركًا الشأن لطبيعته، لعفويته، لتلقائيته، مطمئنًا إلى أن ما يرسمه سوف يفهمه الناس، إذ بينه وبينهم توافق وتلاقٍ وانسجام، ذلك أنه في كل فنونه ينهل من الفن الشعبي، ليكون أقرب إلى الناس، وهذا ربما ينطلق من التزامه بقضايا الناس وهمومهم، ومن توجهه السياسي الوطني القومي التقدمي الذي يريد أن يغير المجتمع من قاعه، وقد اختار مجال تصميم الغلاف والتصاميم الأخرى بهدف الدخول مع كتب الأطفال والكبار إلى البيوت، فيؤثر في الناس وفي أذواقهم وتوجهاتهم. ومن أبرز التزاماته القضية الفلسطينية، وقد شاهدنا ملصق فلسطين: امرأة جميلة على رأسها مفتاح وشجرة صبار.

لقد اختار التوني الفن الشعبي كمحصلة نهائية تختصر كافة الحضارات التي مرت في مصر، الفرعونية واليونانية والرومانية والقبطية المسيحية، ثم المرحلة العربية الاسلامية. لكنه كان حريصًا وهو يستخدم الفن الشعبي بتقنية حديثة، على أن يطرح ويضيف، فيكون الفن الشعبي طريقًا إلى المعاصرة، أو اللغة الأصلية للوصول إلى المضمون الذي يريد. وبكلمة أخرى هو يعيد النظر بالتراث ويطوره ويعصرنه، وهذا الكلام ينطبق على الأغلفة واللوحات وأعماله جميعًا، فهو نفسه في أي فن طرقه.

وإذا كان يراد دائمًا للغلاف أن يختصر، فإن اختصارات التوني لا تسطح مدلول عمله الفني، بل تحوله إلى طبقات، لكل متلقٍّ حيث يصل، فمنهم من يرى سطح الرسم، ومنهم من يستطيع أن يغوص إلى أعماقه، فترضي أغلفة التوني ولوحاته العامة والخاصة من الناس في آن معًا. ربما يبحث بعض المشاهدين عن المطابقة بين الرسم والنص، فهم بالتأكيد لن يجدوه في أغلفة الفنان، فهو لا يترجم النص بالرسم إنما يقدم إضافة إلى النص وعملًا موازيًا له، ويفكر دائمًا في إغنائه.


فتنة الخط

اقتضى الأسلوب الشعبي لدى التوني تسطيحًا للمادة اللونية، وابتعادًا عن الضربات اللونية غير المحسوبة، أو تلك التي تبعد المساحة عن صفائها اللوني، هذا الصفاء الذي يفيد المشاهد في الارتحال الروحاني مع الشخصية نحو عوالم باطنية محكومة أكثر بالخطوط الحدّيّة الواضحة، الخطوط التي يعتمد الفنان فيها الاختصار، الواثقة والقوية، والحاسمة في كثير من الأحيان. الخطوط التي تأخذ المشاهد إلى آلية السرد أكثر مما تفعله الألوان الفالتة. أما الخط العربي الذي يكتب به عناوين الأغلفة أو كلمات الملصق وسواها، فقد رأيناه في الكثير من الأغلفة المعروضة شغل يده، بل جزءًا من الرسم والتصميم، فهو لا يبتعد عن خطوط التراث ولا يقلدها في آن، ويؤكد خصوصية الفنان فيكون بمثابة التوقيع الشخصي. حروف خطه لينة وحنونة ومشغولة بحركة راقصة، عريضة وفاتنة ورشيقة وعفوية، وهي جزء أساسي من جمالية التصميم، يشوبها نَفَس زخرفي، فالزخرفة هي الأخرى أساسية في عدد كبير من أغلفته وأعماله الفنية عمومًا، ينشرها كمفردات بصرية فاتنة بين الحروف وفي المساحات الملونة والفراغات البيضاء وأثواب الشخصيات والأثاث، خصوصًا في رسوم كتب الأطفال التي رصد القيمون على المعرض زاوية خاصة بها، برزت فيها قصته الشهيرة "قطقوطة طقطوقة".

هذا المعرض ليس الأول من نوعه للفنان حلمي التوني في بيروت، فهو أقام في بيروت بشكل متواصل عشر سنوات (1973- 1983)، مقدمًا الكثير من الرسوم والأعمال الغرافيكية، لا سيما أغلفة الكتب ورسوم كتب الأطفال والملصقات السياسية وملصقات الأفلام والمهرجانات. وقد حظي معرض الكتاب العربي، كما أسلفنا، بإبداع التوني للعديد من ملصقاته، ومنحه النادي الثقافي العربي في بيروت جائزته لأفضل تصاميم الأغلفة والكتب، في المعرض الذي يقيمه، لثلاث سنوات متتالية (1977، 1978، 1979)، ونظمت له زينة معاصري، بمشاركة طلاب من قسم الهندسة المعمارية والتصميم في الجامعة الأميركية في بيروت، عام 2009، معرضًا ضمّ عشرات الأعمال التي جمعتها مع عبودي أبو جودي الذي يقتني مجموعة لا بأس بها من أعماله، وعرضت في إحدى صالات قسم الهندسة المذكور.

كما كُرِّم التوني في بيروت، عام 2019، عندما منحته مؤسسة "جائزة محمود كحيل"، التي أسستها "مبادرة معتز ورادا الصواف للشرائط المصورة العربية"، "جائزة قاعة المشاهير لإنجازات العمر" الفخرية، في احتفال أقيم في الجامعة الأميركية في بيروت.

ندوة تكريمية

وفي قاعة المعرض، أقيمت مساء الإثنين 27 تشرين الثاني/ نوفمبر ندوة تكريمية، تحدث فيها حلمي التوني (عبر فيديو مسجل) عن الفترة التي قضاها في بيروت، والظروف السياسية التي أجبرته على التوقف عن عمله زمن أنور السادات، وكان ضمن لائحة تضم 104 من كبار المثقفين المعارضين الذين فصلوا أو نقلوا من وظائفهم، وكان هو الفنان الوحيد بينهم. وعندما أقفلت أبواب القاهرة في وجهه قرر التوجه إلى بيروت، خصوصًا أن سهيل إدريس كان قد دعاه إلى العيش فيها. وتحدث عن وصوله إلى بيروت عام 1971 واستقباله من قبل مندوبين عن النادي الثقافي العربي، هما الياس سحاب وكميل حوا، وكان أول عمل أنجزه شعار النادي الثقافي العربي، وقد لاحظ أن الطباعة في بيروت كانت متقدمة عن القاهرة، والإمكانيات متوفرة. وتابع حديثه عن تعاونه مع المؤسسة العربية للدراسات والنشر التي كان صاحبها المفكر والمؤرخ الفلسطيني عبد الوهاب الكيالي، وكانت بينهما صداقة قوية، إلى جانب صداقته لناشر جريدة "السفير" ورئيس تحريرها طلال سلمان الذي كان قد تعرف إليه في القاهرة، ومع تأسيس الجريدة عام 1974، طلب منه صديقه تصميم شعار لها، فكانت حمامة "السفير" الشهيرة. ومن بين دور النشر التي تحدث عنها "دار الفتى العربي" التي أسسها السياسي الفلسطيني الدكتور نبيل شعث عام 1974، وهي أول دار نشر عربية متخصصة بالأطفال.

حلمي التوني في الجناح المخصّص لأعماله


كميل حوا

بعده تحدث الفنان كميل حوا، بصفته صديقًا لحلمي التوني منذ دخوله مطار بيروت وحتى اليوم. ومما جاء في كلمته: "تعززت علاقتي بحلمي التوني أكثر عبر لقاءاتنا في منزل الدكتور إحسان عباس.  وحين انتقلت إلى مرحلة انشغال جدّيّ بالرسم الزيتي، لم يكن حلمي التوني مجرد مشجّع، بل كانت نظراته العارفة للعمل الفني مصدر إيحاء منقطع النظير. وكان من أبرز من أصر عليّ لامتهان الفن، وفي سنوات لاحقة كان من نظم لي معرضين في القاهرة بعد عودته إليها. ومع تعمّق علاقتنا شدني انشغاله المستمر بإيصال الفن إلى الناس (...). وخلال سنواته في بيروت، قمنا معًا بمبادرة كانت تشكل شبه حركة معارضة واستنكار للممارسات الفنية السائدة في تلك الفترة، وأقمنا معرضًا في القاعة الزجاجية التابعة للمجلس الوطني للسياحة، أطلقنا حينها عليه اسمًا ملتبسًا نوعًا ما، هو "العودة إلى الطبيعة والواقع". إذ كان الدافع او القصد الحقيقي هو العودة إلى الذوق العام. وفكّرنا بعدها في البحث عن سبل لنشر الفن، مثل طباعة الأعمال في بوسترات زهيدة الثمن، يقتنيها العامة. لكن العبور الذي حققه حلمي كان أبعد أثرًا بكثير، حين مدّ ظلال فنه على أغلفة الكتب، وكان يقول صراحة إن من أهم أسباب اهتمامه بتصميم الأغلفة أنها تدخل إلى بيوت الناس".

وتابع حوا: "لا شك في أن ما شدني إلى حلمي هو ما وجدته عنده من تعلّق شديد بالتراث العربي من جهة، ومعطيات العصر الحديث من جهة أخرى، وبالحماسة نفسها. ورغم أن حلمي لم يتوسّع في شرح قناعته هذه، إلا أن ممارسته الفنيّة عكست هذا الميل بأشكال مختلفة، ومن أبرزها استعارته لرموز تراثية وشعبية، واهتمامه الكبير بالرسم للأطفال. وهو يعتز بشكل خاص بروايات للأطفال، ألّفها هو ورسمها بالكامل. ولو بدت بعض خطوطه ذات تكوين شبه تقليدي، فإنها في الحقيقة حرة، يشكلها هو رسمًا بيده، خلال مراحل تكوين العدّة البصرية للغلاف. ونسبة كبيرة من عناوين أغلفته مرسومة بحركة يدٍ حرّة. وإذا تأملتها جيدًا فهي جميلة وبسيطة وابنة لحظتها. وهذا ما يجعلها في نظري تمثل التراث في "لا وعيه" الذي انتقل إلى وعيه. لم يكن حلمي يجد حواجز بين الفن الخالص والفنون التطبيقية. لذلك، كثيرًا ما يتحدث عن أنه يمارس فنّين، فن اللوحة وفن تصميم الغلاف. وكم من المرات كان الغلاف من يديه لوحة، كما كانت اللوحة بدورها غلاف كتاب".

عبودي أبو جودة

وتحدّث عبودي أبو جودة، عن أغلفة حلمي التوني، وأهميتها في جذب القارئ، وأعطى أمثلة على عدد من الأغلفة التي ساهمت في رواج الكتب. فهو حوّل تصميم الغلاف إلى عمل فنيّ رائع، ولوحة بصريّة متميّزة.

وقال أبو جودة: "يضمّ المعرض أعمالًا من بدايات التوني في مجلّة "الكواكب"، واستلامه الإدارة الفنيّة في "دار الهلال"، وعددًا من أغلفة كتب إحسان عبد القدّوس، صدرت في أواخر الخمسينيات وأوائل الستينيات. وهناك عدد كبير من الملصقات وأغلفة الكتب التي نفّذها لـ "مؤسسة الدراسات العربية" و"دار العودة" و"دار ابن رشد"، وسبعة ملصقات عن معرض الكتاب العربي الذي يقيمه النادي الثقافي العربي، وأعمال لدار الشروق المصرية، حيث تسلّم مهمّة التصميم الفني فيها، وأغلفة لمجلة "وجهات نظر" المصرية، صممها بعد عودته إلى القاهرة، وملصق لفيلم "الحرام" لفاتن حمام. وفي جعبة حلمي التوني حوالي 4000 عمل، لم نستطع إحصاءها بصورة كاملة، إذ نعرض حوالي 300 عمل فقط لا غير، لكنّها أعمال غنية".

ياسمين طعان

أما مديرة "معهد الفن العربي" في "الجامعة اللبنانية الأميركية" ياسمين نشّابة طعّان، ومؤلفة كتاب "حلمي التوني... استحضار الثقافة العربية الشعبية" (الصادر عن "دار خط" في أمستردام)، فشاركت في الندوة عارضة على الشاشة مجموعة من أعمال التوني، ومعلقة عليها. وقد بدأت كلمتها بالتساؤل عما يدفع إلى تعليم الفن والتصميم في هذه الأوقات الصعبة، وأجابت: "إنّ تدريس التصميم في هذه المنطقة أصبح أكثر أهمية من أيّ وقت مضى في هذا العالم القبيح. لذا، فأنا لم أعد أعلّم طلابي عن الأشكال والألوان، بل أعلمهم القيم والأخلاق، وأعلّمهم عن الإنسانية، وما علّمني إياه حلمي عبر رسومه. فهو من أشهر الرسامين والمصممين العرب. أثّر عمله في العديد من زملائه الفنانين، وكان له دور مهم في تأسيس مادّة بصرية خاصّة بالمنطقة العربية، وهوية بصرية لدور النشر الرائدة، خصوصًا في القاهرة وبيروت". واستعرضت طعّان مجموعة من رسوم التوني منذ أن رسم نفسه مع شقيقته أيام الطفولة، وقال إنّه لا ينسخ صورة، بل يرسم فكرة ويحوّلها إلى رسم، كما عرضت مفهوم حريّة المرأة في رسومه، والمساواة مع الرجل، و"ارتباطه المتجذّر بالقضايا المحقّة في الوطن العربي. فهو ينتمي إلى جيل من التشكيليين المصريين المؤمنين بقيم راسخة في حياتهم الفنيّة، على رأسها فلسطين والعدالة الاجتماعية".

مقالات اخرى للكاتب

الدخول

سجل عن طريق

هل نسيت كلمة المرور؟

أدخل عنوان بريدك الإلكتروني المستخدم للتسجيل معنا و سنقوم بإرسال بريد إلكتروني يحتوي على رابط لإعادة ضبط كلمة المرور.

شكرا

الرجاء مراجعة بريدك الالكتروني. تمّ إرسال بريد إلكتروني يوضّح الخطوات اللّازمة لإنشاء كلمة المرور الجديدة.