}

رواية "هوارية": هل ترسم حدود الإبداع في الجزائر؟

ضفة ثالثة 18 يوليه 2024

 

أثارت رواية "هوارية" للكاتبة الجزائرية إنعام بيوض جدلًا واسعًا في الأوساط الثقافية والأدبية الجزائرية، مما أدى إلى اتخاذ دار النشر "ميم" قرارًا مفاجئًا بتوقيف نشاطها. أعلنت الدار يوم الثلاثاء عن هذا القرار بعد الضجة الكبيرة التي أحدثتها الرواية الفائزة بـ"جائزة آسيا جبار للأدب الجزائري"، وذلك بسبب احتوائها على عبارات وكلمات من اللهجة الجزائرية اعتبرها البعض "مبتذلة". 

وفي بيان رسمي، أوضحت دار "ميم" للنشر قرارها قائلة: "نعلن في هذا اليوم انسحابنا من النشر. تاركين الجمل بما حمل كما فعلنا دومًا. نعلن أن ميم أغلقت أبوابها منذ اللحظة في وجه الريح، وفي وجه النار... لم نكن إلا دعاة سلم ومحبة ولم نسع لغير نشر ذلك". رغم عدم ذكر السبب المباشر لهذا القرار، إلا أن توقيته يشير بوضوح إلى ارتباطه بالجدل المثار حول رواية "هوارية". 

وفي تعليقه على الموضوع، أشار الصحافي والناقد فيصل مطاوي إلى أن "الزوبعة التي أثارتها ’هوّارية’ هي وراء هذا القرار، خاصة وأن صاحبة دار النشر آسيا علي موسى امرأة مسالمة لا تحب الدخول في مواجهات". وأضاف في تصريح لوكالة فرانس برس: "أعتقد أن المستهدف هو المرأة، فالكاتبة امرأة والناشرة امرأة والجائزة باسم امرأة، ولو كان الكاتب رجلًا لما أثيرت هذه الضجة". 

وعبّر مطاوي عن أسفه قائلًا: "كيف يمكن التهجّم هكذا على كاتبة وأستاذة جامعية من مستوى عالٍ، خاصة من أشخاص لم يقرأوا الرواية، كما لم يقرأوا روايات طاهر وطّار ورشيد بوجدرة وروايات مشهورة في الأدب العربي ضمت عبارات نابية". ويسلّط هذا التصريح الضوء على قضية الحكم المسبق على الأعمال الأدبية من دون قراءتها بشكل كامل. 

من جانبها، دافعت الناقدة أمينة بلعلي، عضو لجنة تحكيم "جائزة آسيا جبار"، عن الرواية قائلة: "هذه الرواية محكمة في بنائها السردي ورسم شخصياتها".
وتساءلت في منشور على صفحتها في فيسبوك: "كيف يمكن لمن يدّعي أنها رواية مخلّة بالحياء وبأنها رواية إيروتيكية وهو لم يقرأ سوى بضع صفحات؟". وأضافت: "للأسف إن هؤلاء الذين يدّعون الدفاع عن القيم بإدانة شخصية متخيّلة هم يدافعون عن أيديولوجيات ضد الفن، ولقد تأكد من خلال هذا اللغط أن المثقف المنافق لا يريد إلا أدبًا منافقًا". 

الجدير بالذكر أن إنعام بيوض، مؤلفة الرواية، هي شخصية أكاديمية بارزة، حيث تشغل منصب مديرة المعهد العربي العالي للترجمة التابع لجامعة الدول العربية، وهي أيضًا أستاذة للترجمة الكتابية والشفوية. لها عدة مؤلفات في مجال تخصّصها، و"هوارية" هي ثاني رواية لها. 

تدور أحداث الرواية حول شخصية "هوّارية"، وهو اسم شائع في منطقة وهران بغرب الجزائر. البطلة هي عرّافة أو قارئة كف يزورها أفراد من مختلف شرائح المجتمع، وتطلع على أسرارهم. اختارت الكاتبة سرد القصة من خلال هذه الشخصية المحورية، مما أتاح لها استكشاف جوانب متعددة من المجتمع الجزائري. 

وقد أثار فوز الرواية بـ"جائزة آسيا جبار" انتقادات واسعة على مواقع التواصل الاجتماعي، حيث اعترض الكثيرون على ربط العمل بكاتبة عالمية مرموقة مثل آسيا جبّار، التي توفيت عام 2015. 

يذكر أن "جائزة آسيا جبّار"، التي تنظّمها مؤسسة النشر والإشهار الحكومية، وزّعت جوائز دورتها السابعة الأسبوع الماضي. وهي جائزة سنوية تكرّم ثلاثة أعمال أدبية مكتوبة باللغات العربية والأمازيغية والفرنسية، مما يعكس التنوّع اللغوي والثقافي في الجزائر. 

هذه القضية تثير تساؤلات مهمة حول حرية التعبير الأدبي، ودور النقد في تقييم الأعمال الأدبية، والعلاقة بين الأدب والقيم المجتمعية في السياق الجزائري المعاصر. كما تسلّط الضوء على التحدّيات التي تواجهها دور النشر والكتّاب في ظل الجدل الثقافي والاجتماعي.

الدخول

سجل عن طريق

هل نسيت كلمة المرور؟

أدخل عنوان بريدك الإلكتروني المستخدم للتسجيل معنا و سنقوم بإرسال بريد إلكتروني يحتوي على رابط لإعادة ضبط كلمة المرور.

شكرا

الرجاء مراجعة بريدك الالكتروني. تمّ إرسال بريد إلكتروني يوضّح الخطوات اللّازمة لإنشاء كلمة المرور الجديدة.