}

وجدي الأهدل: الواقع اليمني لا يساعد على الانتظام بالكتابة

صدام الزيدي صدام الزيدي 19 أكتوبر 2023


تسرد رواية "السماء تدخن السجائر" (دار هاشيت أنطوان/ بيروت)، الصادرة حديثًا، للروائي اليمني وجدي الأهدل، حياة ممثل مسرحي اسمه (ظافر)، منذ ميلاده مرورًا بطفولته، وحتى حادثة غرقه التي ستترك أثرًا خفيًا على تكوينه النفسي. وتتوالى فصول الرواية تارةً بصوت ظافر، وتارة بصوت سمكة السردين المستقرة في دماغه، لكنه، في النهاية، ينتصر على تلك السمكة الطفيلية، ويلفظها من رأسه. وهي الأمنية التي يقول كاتب الرواية، إنه يرجوها لكل إنسان عربي، لأن "الثيمة الأساس للرواية هي عقدة الأجنبي"...

احتفاءً بصدور رواية "السماء تدخن السجائر" هنا درشة سريعة مع الروائي وجدي الأهدل:

(*) ما الجديد، فنيًا، ومضمونًا، في "السماء تدخن السجائر"، مقارنة باشتغالك السردي المكتوب روائيًا؟

الآن في فلسطين "السماء تدخن السجائر"، وسبقتها اليمن، ولا يعلم إلا الله أيّ دول عربية سيأتي عليها الدور وتدخن سماءها السجائر! في الرواية سر صغير يشير إلى مصدر الدخان... ربما أكون قد أوغلت في الرمزية، لكن هكذا يعمل الأدب كما أظن.

(*) تقريبًا، 5 سنوات، هي الفترة بين أحدث رواية لك "السماء تدخن السجائر"، وسابقتها "أرض المؤامرات السعيدة"... هل هي فترة طبيعية في الكتابة الروائية، أم أنه التمحيص والرويّة للخروج بعمل مختلف وجديد؟

لا يهم عدد السنوات. لقد اشتغلت على مسودة أولى ثم ثانية ثم ثالثة ثم تكاثر عددها إلى درجة أنني أصبحت أعيش في متاهة، ولم أعد أعرف أيّ واحدة منها هي الأفضل. في أواخر العام المنصرم قررت الخلاص منها، أرسلت آخر مسودة عملت عليها، وتنهدتُ بارتياح، لقد أزحت همًا ثقيلًا عن كتفيّ. لكن حتى بعد صدور الرواية ما تزال الشخصية الرئيسية (ظافر) تطاردني للظهور في أعمال أخرى.

(*) أخبرتني، في آخر لقاء لنا، إن كتابة الرواية تتطلب فسحة يومية مخصصة لمواصلة البناء والتسريد في عمل روائي قيد الاشتغال، بمعنى: توقف يوم عن الكتابة غير وارد... إلى أي مدى أنت منضبط في مواعيدك وطقوسك الكتابية، ومتى تكتب عادةً؟

أحيانًا أشعر بالحسد تجاه الشعراء الذين يعيشون أحرارًا، ويكفي أن تأتي لحظة إلهام مشرقة مرة في الشهر لخلق قصيدة مدهشة. بالنسبة للروائي هو شخص قرر بغباء منقطع النظير أن يكون موظفًا إلى الأبد في مهنة لعينة لا تدرّ دخلًا وليس فيها إجازات، وبسببها يظل يتكلم مع نفسه كالمجانين.

وقتي المفضل للكتابة في العصر، بعد قيلولة قصيرة. ومع الأسف الحياة في بلد يعاني من وطأة الحروب والفقر والأزمات المعيشية المزمنة لا يساعد على الانتظام اليومي في الكتابة.

(*) هل وقّعت عقدًا مع "هاشيت أنطوان- نوفل" للأبد؟ وكيف هي علاقتك مع الناشرين؟

الحقيقة دار هاشيت أنطوان- نوفل هي أفضل دار نشر تعاملت معها، وهي ترسل لي كشفًا سنويًا بمبيعات كتبي والعائد المادي منها. هذا بالإضافة إلى العمل التحريري الجاد الذي يقومون به مع المؤلف لتحسين العمل وتشذيبه قبل وصوله إلى أيدي القراء. أذكر هنا مثالًا، رنا حايك مديرة التحرير الأدبي لكتب الدار، وروان عز الدين التي حررت روايتي الجديدة، لذلك الحرص على البقاء في هذه الدار يأتي من جانبي لهذه الأسباب وميزات أخرى كشبكة التوزيع الممتازة التي لديهم.

أما علاقتي بالناشرين الآخرين فهي متفاوتة، هناك من أسقطني من ذاكرته تمامًا، وهذا النوع من الناشرين يعرفه المؤلفون العرب جيدًا؛ يأخذ كتابك ثم يتجاهلك! مؤخرًا بدأت أنشر كتبي في دار يمنية صاعدة هي دار عناوين بوكس، نشرت عندهم ثلاثة كتب، وهي تحظى بتوزيع جيد.

(*) هل وجدي الأهدل لا يكترث بمسابقات الرواية العربية في نسخها للسنوات الأخيرة؟

من حق كل روائي أن يأمل في الفوز بجائزة ما، الجائزة هي اعتراف بأن ما كتبه لم يكن سيئًا إلى تلك الدرجة التي يحسبها، وهذا قد يريح ضميره لبعض الوقت. لذلك أنظر إلى الجوائز كحافز لتجويد العمل، ولو أدى ذلك إلى تأجيل المشاركة عامًا تلو آخر.

 (*) حدثنا عن البيئة اليمنية.. هل هي خصبة للكتابة الروائية... وبرأيك، هل الكاتب ملزم بأن يكون ابن بيئته؟

البيئة اليمنية خصبة للكتابة في جميع فروع الأدب. هنالك قدر هائل من المواد الخام لم يُلمس بعد.

بشأن التزام الكاتب بالكتابة عن بيئته فهذا أمر بديهي. الخروج عن "المحلية" يعني ببساطة فقدانه الأهلية أن يكون معدودًا ضمن الأدباء. قرأت رأيًا للناقد فيساريون بلنسكي مفاده أن الفارق بين الأدب الأصيل والأدب المقلد هو عنصر "المحلية"، وأجدني أتفق معه في ذلك دون شك.

وجدي محمد عبده الأهدل: قاص وروائي وكاتب مسرحي. مواليد اليمن، 1973. صدرت له ست روايات وسبع مجموعات قصصية وثلاثة كتب في السيناريو ومسرحيتان. تُرجمت روايته "بلاد بلا سماء" إلى الإنكليزية والروسية والتركية والإيطالية والإسبانية، ورواية "قوارب جبلية" إلى الفرنسية، ورواية "حمار بين الأغاني" إلى الإيطالية. عرضت مسرحية (A Land Without Jasmine) على خشبة مركز باترسي للفنون بلندن، من 4-6 أبريل (نيسان) 2019. المسرحية مقتبسة من الترجمة الإنكليزية لرواية "بلاد بلا سماء" التي تحمل العنوان ذاته.

 

الدخول

سجل عن طريق

هل نسيت كلمة المرور؟

أدخل عنوان بريدك الإلكتروني المستخدم للتسجيل معنا و سنقوم بإرسال بريد إلكتروني يحتوي على رابط لإعادة ضبط كلمة المرور.

شكرا

الرجاء مراجعة بريدك الالكتروني. تمّ إرسال بريد إلكتروني يوضّح الخطوات اللّازمة لإنشاء كلمة المرور الجديدة.