}

أشرف القرقني: سوق الكتاب يتيح مجالًا أوسع للرواية المترجمة

صدام الزيدي صدام الزيدي 3 سبتمبر 2023
حوارات أشرف القرقني: سوق الكتاب يتيح مجالًا أوسع للرواية المترجمة
أشرف القرقني
في هذا الحوار مع الشاعر والقاص والمترجم التونسي أشرف القرقني، نسلط الضوء حول قضايا ترجمية وأسئلة تتعلق بمنجزه الشعري والسردي والمشهد الثقافي في تونس عمومًا.
ونشير إلى أنه صدرت للقرقني ثلاث مجموعات شعرية ومجموعة قصصية، ويهتم بترجمة روايات عالمية، وعناوين أخرى ترتبط بالكتابة وفضاءاتها، حيث بلغت حصيلة ترجماته قرابة (14) عملًا ترجميًا كان للرواية النصيب الأكبر منها.
وأشرف القرقني المولود في سوسة (3 يوليو/ تموز 1989) تحصل عام 2017 على الماجستير في اللّغة العربيّة وآدابها وحضارتها في كلّيّة الآداب والعلوم الإنسانيّة في سوسة، عن بحثه: "الذّات في قصيدة النّثر العربيّة، الحياة قرب الأكروبول لسركون بولص أنموذجًا"، وهو حاليًا في صدد إعداد أطروحة الدكتوراة بعنوان: "سياسةُ الإيقاع في قصيدة النّثر العربيّة من خلال نماذج"، في الكلّيّة نفسها.




(*) لنبدأ الحديث معك من المشهد الثقافي الراهن في تونس (أحواله وهمومه)، وما الذي تنجزه قصيدة النثر التونسية؟
المشهد الثّقافيّ التّونسيّ ما زال يشهد حركيّة إلى حدّ مّا. ولكنّها ليست تلك التي ظهرتْ مع انتفاضة 2011. بالنّسبة إلى الأدب والشّعر خصوصًا، فإنّ أصوات جيل الألفيّة الثّالثة الذين ظهروا بعد "الثّورة" قد تفرّقتْ بعد التئامها في جماعات وحركات مختلفة. ومنها ما بدأ يذوي ويغيب أو ينغلق على نفسه، فيما تمكّنت بعضُ الأصوات الأخرى من التّقدُّم في تجربتها الأدبيّة والعمل على مراكمة أعمال فريدة ومميّزة. من بين هؤلاء، أذكر الشّعراء سفيان رجب، وأنور اليزيدي، ومحمّد العربي، وصبري الرّحموني، ومحمّد النّاصر المولهي، وناظم بن إبراهيم، وأمامة الزّاير، وفاطمة كرومة... إلخ.
معظم هؤلاء، أو الشّطر الوافر من تجاربهم الأدبيّة، ينتمي إلى قصيدة النّثر التي تعرف مجالًا من التّنوّع والتّجريب الطّريف في تونس. وعلى أيّة حال، هنالك أصوات كثيرة تراهن على شعريّة الحداثة في تونس، سواء أكانت هذه الحداثة متّخذة شكل قصيدة التفعيلة، أم قصيدة النّثر. وبالعودة إلى المشهد الثّقافيّ برمّته، فنحنُ للأسف نشهد حراكًا إبداعيّا فرديّا مقابل عطالة سياسيّة في إدارة الشّأن الثّقافيّ.

(*) ثلاث مجموعات شعرية هي: "صلاة شجرة قبل أن تقطع" (2022)، و"نشيد سيد السبت" (2020)، و"تقريبًا" (2017)، إضافة إلى مجموعة قصصية: "مسيحُ القمر الأزرق" (2022)، بين فضاءين يحلق أشرف القرقني.... ما هي أدوات ومتطلبات كل منهما؟ وإلى أيهما تميل؟
أعتقد أنّه في جوهر كلّ ما أنجزه ثمّة الشّعر، بمعناه الأوّل الذي جعلني أكتب قصائد في الطّفولة، وأؤسّس حياتي برمّتها على أفق تلك الكلمات، وكذلك بمعناه الذي يجعل من الشّعر ماهيّة كلّ كتابة حقيقيّة حيّة. بالإضافة إلى ما ذكرتَ من كتابة الشعر والقصّة، أكتب المقالة النّقديّة وأترجم الأدب. وفي كلّ هذه الأنشطة يسترسلُ الشّعر بوصفه تحويلَ نمط حياتي إلى شكل كتابة، وإقامةٍ في اللّغة، وتحويلَ لغتي إلى شكل إقامة في العالم. طبعًا، هنالك مقتضياتٌ لكلّ جنس من الكتابة. وفي تصوّري، ليست هذه المقتضيات ثابتة، أو صارمة. إنّما هي أفضية ذهنيّة ومفهوميّة إذا أصاب المرء قاعدتها أحسن كسْرها.

(*) إصدارك الأول ترجميّ: رواية "السّنة المفقودة" لبيدرو ميرال، (2016)، وقد صدرت لك مؤخرًا الترجمة الرابعة عشرة المتمثّلة في رواية: "فتاة، امرأة، إلخ..." لإيفاريستو برناردين (2022).. معظم ترجماتك في الرواية، لكنّك في المقابل، ترجمت كتابًا وحيدًا في الشعر، وهو ديوان "رجل وجمل"، للشّاعر الأميركيّ مارك ستراند (2018).. هل ترجمة الشعر أصعب من ترجمة الروايات فعلًا، أم إن الناشرين يفضّلون الرواية لأسباب تتعلق بالربح والتهافت على الرواية المترجمة؟
لا شكّ في أنّ سوق الكتاب يتيح مجالًا أوسع بكثير للإقبال على الرّواية المترجمة مقابل الكتب الشّعريّة. وأسباب ذلك كثيرة ومعقّدة يطول فيها الحديث. لكنّ الأمر يُساهم في أن نصدر نحن المترجمين كتبًا روائيّة أكثر. وأزعم أنّ أولئك المترجمين المنطلقين من رؤية فكريّة وفنّيّة ومن مشروع أدبيّ عامّ يعملون في صمت، خلف حجبهم البعيدة، على ترجمة نصوص مبتكرة وفريدة قد لا تحصّل قراءة شعبيّة عالية. ومن بين هذه النّصوص ـ بل لعلّه على رأسها ـ نصّ الشّعر. في واقع الأمر، أتعامل مع النّاشرين استنادًا إلى الاقتراح المتبادل لأعمال ينبغي أن تكون في نظري جديرة بالترجمة ومميّزة إبداعيًّا، ولديها ما تُضيفه إلى ثقافتنا العربيّة إذا ما نحن استضفناها في لساننا وأنحائه. بدأت الترجمة يافعًا من خلال عملي على ترجمات قصائد فرنسيّة مرجعيّة لبودلير، ورامبو، وغيرهما. وظللتُ وفيًّا لترجمة الشّعر. لكنّ إصداراتي فيه تتأخّر كثيرًا لأسباب عديدة من بين غيرها ما أشرتُ إليه سلفًا. الأهمّ عندي أن أشتغل دومًا على إعادة كتابة قصائد عظيمة، سواء أكانت روائيّة، أم شعريّة، أم غير ذلك.




وفي الأثناء، أحاول أن أنسّق مشاريع ثقافيّة تسمح لي بتقديم تجارب شعريّة هامّة للقارئ العربي. من ذلك المشروع الذي اقترحته على المجلس الثقافي البريطانيّ في تونس، وعلى صديقتي الشاعرة فاطمة كرومة، من أجل ترجمة مختارات للشّعر البريطاني المعاصر. وقد نشرت هذه المختارات مؤخّرًا في كتاب "تحلية المرارة" عن دار مسكيلياني للنّشر والتّوزيع. ومنذ سنوات بعيدة كذلك، سعيتُ إلى نشر مختارات شعريّة على نحو دوريّ لتجارب شعريّة غربيّة متنوّعة في مواقع وصحف عربيّة هامة.

(*) ما الذي يحدد مدة إنجاز أي عمل ترجمي؟
ثمّة بعدٌ احترافيّ في عمل الترجمة ينضاف إلى البعد الإبداعيّ الجوهريّ فيه. ولذلك يتمُّ تحديد الفترة الزّمنيّة بالاتّفاق مع النّاشر عادة. بعض النّاشرين ينصّون على هذه المدّة في العقد، ومنذ البداية، ولكن أغلب النّاشرين المبدعين الذين خبروا عوالم الكتابة يفعلون ذلك من أجل منع المسألة من الدّخول في الفوضى، إذ يمكن تعديل هذه المدّة، أو التّفاوض بشأنها، بحسب طبيعة النّصّ وتمنّعه في إعادة النّشوء داخل اللّسان العربيّ، والالتزامات الشّخصيّة للمترجم. هنالك دائمًا الأهمّ كما ذكرتُ سلفًا، ومن ثمّ يأتي المهمّ. والنّاشرون الذين أتعامل معهم، وعلى رأسهم مسكيلياني، يشرفُ عليها صديقٌ شاعر هو الأستاذ شوقي العنيزي، وبالتّالي، فإنّه لم يسبق لي، لحسن الحظّ، أن تلقّيتُ ضغوطًا لإنهاء أيّ ترجمة على حساب جودتها وإتقانها ومراجعتها وتدقيقها كما ينبغي لها قبل أن تصل إلى دفّتي الكتاب.

(*) اليوم، بسبب فضاء الإنترنت وخدماته، كيف نفرّق بين عمل ترجمي متقن (متعوب عليه) وبين عمل مُستسهل (تدميريّ) لا يراعي شروط الترجمة وأساسياتها وأخلاقياتها؟
للأسف الشّديد، يندُرُ أن يُضبط مترجم سيّء، أو منتحلٌ لصفته، بجُرمه ذاك. فالأمر يحتاجُ إلى نزاهة وابتعاد عن المماحكات الشّخصيّة من جهة، وإلى التّدقيق في قراءة الأصل والتّرجمة والاستناد إلى تصوّر فكريّ وإبداعيّ رصين في ما يخصّ التّرجمة من جهة أخرى. ولكي يتمّ ذلك، يحتاجُ الأمرُ إلى اجتماع عوامل عديدة قلّما تجتمع. أذكر في هذا السّياق أنّنا لا نتيح في جامعاتنا المجال لنقد الترجمات الأدبيّة ضمن أقسام الأدب، بل إنّنا لا نرى في ذلك عملًا نقديًّا، أو فكريًّا، هامًّا، يمكن أن يضيف إلى مسيرة باحث أو كاتب. وبالتالي، لا تستقدمُ مثل هذه المقاربات لا الصّحف الثّقافيّة ولا الأطروحات والمجلاّت الأكاديميّة إلاّ نادرًا جدًّا. وقد يكون في هذه النّدرة كثير من تصفية الحسابات وخوض الخصومات الشّخصيّة المقنّعة بأقنعة الفكر والثّقافة. معظم القرّاء والكتّاب يحكمون على ترجمة مّا انطلاقًا من صياغتها العربيّة السّليمة ولغتها السّلسة المفهومة التي تجعل النّص العربيّ جميلًا ومقروءًا بيسر. ولكن، كم من ترجمة أعجبك لسانها العربيُّ إنّما هي مسخٌ للنّصّ الأوّل على نحو يمنحه جسمًا عربيًّا متقنًا وجميلًا؟
ثمّة كثير من هذا في مجال الترجمات العربيّة اليوم. أضف إلى ذلك أنّ نجوم الغودريدزْ، ولايكات فيسبوك، ومتابعات يوتيوب، كفيلةٌ بتحويل مترجم يعيشُ على حساب السّيّد غوغل إلى مترجم كبير لا مثيل له، فيما يتوارى في الظّلّ أحيانًا أربابُ التّرجمة، لأنّهم لا ينخرطون في أمواج السّوق والميديا الجديدة ولا يبيعون أرواحهم لشياطين الإعجاب السّريع.

(*) في سنوات مضت، كتبت للصحافة الثقافية التونسية، وأيضًا لمنابر عربية أخرى، ثم تواريت لاحقًا... ما الأسباب؟
بدأت علاقتي مع الصّحافة الثّقافيّة باكرًا جدًّا، إذ شرعتُ في سنّ العشرين في الكتابة على نحو دوريّ لجريدة الصّحافة التّونسيّة. وهي الصّحيفة العموميّة التي يعسُر "اختراقها" من كاتب يافع لا أحد يعرفه آنذاك. ثمّ استرسلت التّجارب في كتابة المراجعة النّقديّة مع "صحيفة العرب" طيلة سنوات عديدة، ومع "ضفّة ثالثة"، وغيرهما من الصّحف والمجلاّت الكبرى. وفي كلّ مرّة كنتُ أجدُ ما يقرنُ هذه التجارب المهنيّة بشغفي الأدبيّ والفكريّ.




منحتني هذه التّجارب مجالًا للاطّلاع على كتب كثيرة، وامتحان قدرتي على نقدها في نصوص وجيزة مكثّفة ومقروءة على نحو واسع من المختصّين وغيرهم. منحتني كذلك فرصة التّعرفّ إلى كتّاب مهمّين ومحاورة مفكّرين متميّزين، وإعداد ملفّات حول قضايا أدبيّة وفكريّة بدت لي راهنيّة وهامّة. في الأثناء، أنا غارق في إتمام أطروحة الدكتوراة الموسومة: "سياسة الإيقاع في قصيدة النثر العربيّة". وأعمل على ترجمة كتب كثيرة، وتحبير مشاريع كتب أدبيّة وفكريّة، ممّا أبعدني عن الصّحافة الثّقافيّة التّونسيّة والعربيّة. قد أعود في وقت لاحق إذا وجدتُ المجال المناسب لطرح مشاريع جادّة ومختلفة.




(*) في العام الجامعي 2018/ 2019 درّست مادة الترجمة الأدبية في المعهد العالي للصّحافة وعلوم الإخبار بتونس، وهذا يقودنا إلى السؤال: ما مدى الاهتمام بتدريس الترجمة في تونس، وماذا ينتظر مخرجات هذه التخصصات؟
مثلما أشرت سلفًا لا شيء يحدثُ تقريبًا في أقسام الآداب في الجامعات التّونسيّة غير تدريس التّرجمة، أو التّدريب على مبادئها أساسًا. هنالك تخصّص التّرجمة، ولكنّني أرى أنّه ليس كافيًا. كما أنّه لا يمكن تدريس التّرجمة على نحو عامّ. فترجمة نصّ إخباريّ ليس ترجمة نصّ لهيغل، أو قصيدة لبودلير، أو مقالة فكريّة لهنري ميشونيك. ولهذا السّبب، اخترتُ أن يكون عنوان درسي في المعهد العالي للصّحافة وعلوم الإخبار "شعريّة التّرجمة". وانطلقتُ فيه من مراجع نقديّة وفكريّة بعينها. وعلى رأسها أعمال الشّاعر والمترجم والباحث الفرنسيّ الرّاحل هنري ميشونيك، الذي يملكُ مقاربة أصيلة وطريفة في شعريّة التّرجمة. أعتقدُ أنّنا في حاجة إلى تطوير الأمر على نحو نظاميّ، أي أن تُشجّع جامعاتنا عمليّة الترجمة هذه من خلال اعتبار ترجمة مقالات أو كتب علميّة في الاختصاص عملًا علميًّا يُقيّم ويناقش ويساهم في تطوير المسيرة البحثيّة. ثمّة إجراءات أخرى كثيرة نحتاجها، وعلى رأسها تقديم قراءات تحليليّة مقارنة بين ترجمات مختلفة لنصّ واحد، ضمن دروس جامعيّة منظّمة، البحث في صلة التّرجمة بالأدب وتحيين اللّسان والثّقافة. لا يمكنني أن أفهم هذه المساحة الهامشيّة التي تنالها التّرجمة في جامعاتنا فيما هي، وفق تصوّري، مخبرٌ لتأمّل خصوصيّة الأدب وكيفيّة اشتغاله وتأثيره في الألسن والثّقافات. وهي كذلك مخبرٌ للتّفكّر في اللّغة على نحو علم وبعد الإنسانيّ الأساسيّ، أي اللّغة بوصفها كاشفًا لما هو أنثروبولوجيّ عميق.

(*) وماذا عن ورش الكتابة، هل تصنع كُتّابًا... لك تجربة في التدريب ضمن ورش للكتابة في تونس؟
ليست هنالك أيّ وصفة محدّدة بإمكانها أن تصنع كاتبًا. ورشُ الكتابة إذا ما صيغت على نحو جيّد يمكنها أن تضيف وتثري وتساعد كتّابًا، أو مشاريع كتّاب، على تطوير مواهبهم. لكنّها غير كفيلة بمفردها على التّصدّي لهذه المهمّة الخطيرة التي تحتاجُ حياةً بأكملها من القراءة اللّطيفة والكتابة والتّفكير والمران المفتوح على التّجدّد دومًا. من يريدُ أن يصبح كاتبًا إنّما يرمي بنفسه إلى المجهول، حيث كلّ شيء ممكن. يمكنه أن يغرق في أيّ حين مثلما يمكنه أن ينجو. ولكنّ نجاته تظلّ دومًا في حدود نصّ معيّن، أو كتاب. لأنّه حتّى بالنّسبة إلى الكتّاب "الكبار" لا شيء يضمن أنّ نجاحهم السّابق يمكنه أن يعيد نفسه من جديد. أمّا إذا اطمأنّوا لذلك، فقد ختموا بأيديهم ختم النّهاية.

(*) عد بنا إلى البدايات: ذكريات الورقة الأولى/ النص الأول/ القراءات الأولى...؟
أحمل ذكرى عزيزة على قلبي تعود إلى سنوات مراهقتي. وقد خطرت فورًا ببالي وأنا أتلقى سؤالك هذا. كنتُ ممدّدًا عند عتبة بيتنا في ساعة متأخّرة من ليلة صيفيّة. فقد كنّا نعيش في حيّ شعبيّ، حيث لا مشكلة أن ينام النّاس في الأزقّة، وأمام بيوتهم، صيفًا، هربًا من الحرّ. الحيّ خطيرٌ، ولا أحد يجرؤ على أن يدخله بعد الغروب... على أيّة حال، كنت رافعًا بصري إلى السّماء متأمّلًا القمر والنّجوم. قد تكون هذه صورة كليشيه بالنّسبة إلى البعض، لكنّي أومن بها، وإليها أنتمي. فقد جئتُ من هناك، من تأمّل السّماء والنّجوم ليلًا، من التّوق إلى المجهول، حيث لا شيء كان واضحًا بالنّسبة إليّ سوى أنّني أصير شاعرًا. قد أكون شاعرًا لأنّني أردتُ يومًا مّا بإلحاح عظيم أن أكون كذلك. ولكن لا أعرف على وجه الدّقّة سوى أنّ الشّاعر في عيني الطّفوليّة تلك كان مُفكّرًا وفيلسوفًا في الآن ذاته، كان شخصًا له رهافة نسيم على رأس عصفور ونظرة صقر إلى فريسته. وكنتُ أقول لنفسي دومًا: سوف أكونك أيّها الشّاعر الذي هو أنا... سوف أكون في هذا العالم شاعرًا، أو لا شيء. ظللتُ أكتب من بداية عقدي الثّاني. ووجدتُ نفسي عاجزًا عن تصوّر حياتي دون كتابة. هكذا أخذتني الرّحلةُ من قصيدة إلى أخرى، ومن كتاب أقرؤه إلى آخر، مُحاولًا أن أغادر عالمي الأوّل ذاك. ولكنّني أستعير لسان سركون بولص لأقول لك ما اكتشفته لاحقًا: "معنى أن تغادر/ موضوع قد يستغرق الأبد".

الدخول

سجل عن طريق

هل نسيت كلمة المرور؟

أدخل عنوان بريدك الإلكتروني المستخدم للتسجيل معنا و سنقوم بإرسال بريد إلكتروني يحتوي على رابط لإعادة ضبط كلمة المرور.

شكرا

الرجاء مراجعة بريدك الالكتروني. تمّ إرسال بريد إلكتروني يوضّح الخطوات اللّازمة لإنشاء كلمة المرور الجديدة.