في كلّ ليلة
يمتطي جبالَ القوقاز
يخاصمُ الآلهةَ في الذود عن سارقِ النار
أحلامُه تتجاوزُ حدودَ المغفرة
جرحًا يحملُ همومَ البشريةِ على كتفِه
يهشُ الذئابَ من بوابةِ المدينة
كلّ ليلةٍ
يخرجُ إلى سفحِ الجبل
يعرّفَ المجانين بأسمائهم
يقرأُ عليهم أحاديثَ النُجومِ الخائفة
يُرافقُ النّملَ إلى مخابئها
يضعُ جثتهُ على هوةِ المسمى
يُهدهدُ الليلَ
كي ينامَ أصحابُه
تحتَ أشعةِ القمر
يختفي ظلُّه تمامًا
هو مَــنْ باركتْه النجومُ كلّ مساء
الآن
من يقنعُ أصحابَه؟
بأنّه لا ينتمي إلى هذه الأرض؟
هو مَنْ علّم العرافَة
أن تأكلَ الجَمْر
هُو مَن علّم أباه آدم
أن يَكتبَ اسمَهُ تحتَ الشجرة
هو من علّم فتاتَه الصغيرة
كيفَ تغزو القمر!
هو مَنْ علّم رفيقَهُ
إدمانَ الدخولِ في بطونِ الشجر!
كلُّ شيءٍ تجلّى
على مرآتِه
حينَ قبّله العراف
عليه أن يتذكّرَ إذًا
أن يُخبرَ أصحابَه
بالحدائقِ المعلقةِ فوقَ البحر
بالأقمارِ السبعة
التي شاهدَها في رحلتِه
بالطائرِ الأخضر
الذي دخلَ في صدره وهو في السابعةِ مِن عُمرِه
كم كانتْ أمُّه تَحتفي بقدومِه
فقد تنبأ بِه صاحبُه الخضر
حين شاهده في الرؤيا
وهو يجرّ وراءَه الكرةَ الأرضيّة
يعلّم العصافيرَ فنَّ الغناء
يجمَعُ أشياءَه تحتَ الشجر
ليـُقيّــدَ البَحرَ من هيَجانِه
الآن
هو يبحثُ عن تحقيقِ نبوءتِه
تاركًا فوضى الزحام
خلفَ الليل
ليعودَ من فضاءِ العزلة.
* شاعر يمني.