}

عن اتحاد الكتاب العرب و"جائزة سليماني"

هيفاء بيطار هيفاء بيطار 18 أبريل 2023
آراء عن اتحاد الكتاب العرب و"جائزة سليماني"
(لؤي كيالي)

وصلني الخبر في أواخر الشهر الفائت عن طريق الواتس الخاص باتحاد الكتاب العرب في اللاذقية كما يلي: تُعلن "جمعية أسفار للثقافة والفنون والإعلام" عن إطلاق (جائزة سليماني) العالمية للأدب المقاوم وللقصة القصيرة وللقصيدة العمودية وأيضًا لسيناريو فيلم قصير. في الواقع لم أعرف من تكون (جمعية أسفار) من أصحابها، ما عرفته أن قيمة المرتبة الأولى للجائزة العالمية لجائزة سليماني هي ستون ليرة ذهب!

كان سبق لي أن تلقيت على واتس اتحاد الكتاب العرب في اللاذقية إعلانات عن مسابقات مهمة في الأدب الإيراني وفي علم اللسانيات الإيراني، وفي الشعر الإيراني، وفي الرواية الإيرانية... إلخ، ولم ينسوا وضع العنوان الذي يجب أن تُرسل له الأعمال المشاركة في الجائزة (طهران، شارع كذا... إلخ). يومها أحسست بصدمة، فعلم اللسانيات من أهم وأصعب العلوم، فلماذا لا تكون هناك جائزة لعلم اللسانيات للغة العربية، لدول العالم العربي من المحيط إلى الخليج؟! لماذا الجائزة الدسمة لعلم اللسانيات الإيراني!! أؤمن أنه من الرائع تلاقح الثقافات، وانفتاح ثقافة الدول على بعضها، ولكن لا يُمكن فصل المأساة السورية عن الواقع الحالي حيث أن أكثر من 80 بالمئة من الشعب السوري يعيش على رغيف الخبز، والثقافة وحيازة الكتب ليست فقط رفاهية بل شبه مستحيلة، حيث الهدر الوجودي في أوجه لتأمين الخبز وبعض مستلزمات الحياة التي تستنفد كل وقت المواطن السوري.

طبعًا معظم النشاطات الثقافية في سورية شارك فيها كتاب وشعراء من إيران، لدرجة أحسست أن عبارة "سوا ربينا" التي كنا نقولها عن علاقة الشعب السوري بالشعب اللبناني، أصبحت تنطبق على علاقة سورية بإيران؛ إيران التي اشترت محطة الحجاز والتي امتلكت عقارات كثيرة هامة في سورية (خاصة في العاصمة دمشق) والتي تطلق مسابقات أدبية دسمة جدًا عن الأدب الإيراني والشعر الإيراني، ويتكفل اتحاد الكتاب العرب بالترويج لتلك المسابقات. أفلا يشعر هذا المواطن السوري بأنه يذوب في الثقافة الإيرانية، وأن الثقافة الإيرانية أهم بكثير من ثقافته؟

في هذه الظروف المأساوية التي يعيشها الشعب السوري والتي عانى منها منذ عقود، فإن من أبسط قواعد المنطق والحق إطلاق جائزة عن (المقاومة والأدب المقاوم) مثل جائزة الفلسطيني الأديب والمقاوم غسان كنفاني، خاصة أن سورية تعشق فلسطين وتفخر كم هي وفيه للقضية الفلسطينية، ومؤخرًا حصل تقارب كبير ومودة بين سورية وقيادات فلسطينية. ولا يخفى على أحد ارتفاع نسبة الأمية في عالمنا العربي، حتى أن هناك ما يُمكن تسميته (الأمية الجامعية)، فالكثير من خريجي الجامعات بالكاد يهتمون بتطوير اختصاصهم في كل المجالات، ولأجل تحفيزهم (خاصة طلاب الأدب والفلسفة) على الاطلاع والبحث وقراءة علم اللسانيات العربي، وعلم التصوف العربي، والأدب المُقارن العربي والشعر العربي – القديم والحديث – إلخ، سيكون رائعًا ومُهمًا ووطنيًا وأخلاقيًا طرح مسابقات سورية عربية في كل تلك الثقافات التي ذكرتها. من المهم جدًا طرح مسابقات دسمة لمن يكتب في تاريخ الأدب السوري (بكل تنوعاته من رواية وقصة وشعر وعلم اللسانيات) خاصة أن الحرب طوال 12 سنة خلقت شروخًا خطيرة بين السوريين، ولذا فإن تحفيز الشباب خاصة وطلاب الجامعة ليشاركوا في مسابقات عن الأدب السوري بكل فروعه سيزيد من الشعور الوطني، وسيخلق حماسة عند الشباب للبحث في تاريخ أدبهم وأدبائهم السوريين العظماء، ستكون فرصة ذهبية لأن نحفز الشباب السوري على أن يبحث في معنى علم اللسانيات العربي.

لا يجوز أن نقرأ كل فترة على موقع اتحاد الكتاب العرب عن مسابقات دسمة متنوعة كثيرًا عن الأدب الإيراني، فيما سورية جريحة وتحتاج إلى الأدب السوري مثلما تحتاج كتب كتابها وشعرائها لأن تُقرأ من جديد

برأيي لا يجوز أن نقرأ كل فترة على موقع اتحاد الكتاب العرب عن مسابقات دسمة متنوعة كثيرًا عن الأدب الإيراني، فيما سورية جريحة وتحتاج إلى الأدب السوري مثلما تحتاج كتب كتابها وشعرائها لأن تُقرأ من جديد. سورية الجريحة بحاجة لجرعة ثقافية وطنية من قلب البلد تكون قادرة على بلسمة جراح نفوس السوريين.

أحب أن أختم بقصة قصيرة لزكريا تامر، وهي قصة عن طفل يسأل أمه ما وظيفة العين؟ فتقول الأم: الرؤية، ثم يسأل عن وظيفة الأنف وعن وظيفة الأذن والأم ترد بفرح وبساطة، ولكن حين سألها الطفل عن وظيفة اللسان ارتعبت وأصابها الذعر وقالت لابنها: أن يخرس.

لا شك في أن الشعب السوري يستحق الحياة الكريمة، وهذه الحياة ستكون ناقصة ومبتورة بدون حرية. ولا شك أيضًا في أن الأولوية من اهتمام ومسابقات وجوائز يجب أن تكون للأدب السوري لأن الثقافة والأدب يولدان الوعي والمعرفة.

مقالات اخرى للكاتب

الدخول

سجل عن طريق

هل نسيت كلمة المرور؟

أدخل عنوان بريدك الإلكتروني المستخدم للتسجيل معنا و سنقوم بإرسال بريد إلكتروني يحتوي على رابط لإعادة ضبط كلمة المرور.

شكرا

الرجاء مراجعة بريدك الالكتروني. تمّ إرسال بريد إلكتروني يوضّح الخطوات اللّازمة لإنشاء كلمة المرور الجديدة.