}

تاريخ النُّصيريين العلويين: الهوية والمعتقدات

عمر كوش 3 أغسطس 2023

 

ازدادت وتيرة المؤلفات والدراسات التي تتناول الطائفة النصيرية العلوية في السنوات القليلة الماضية، بالنظر إلى الأدوار التي لعبها نظام حافظ الأسد الاستبدادي العلوي الطابع، والذي أسسه في سورية منذ قيامه بانقلاب عام 1970، وورثه عنه ابنه بشار، الذي قام بتحشيد أبناء الطائفة العلوية خلفه في سعيه للبقاء في السلطة، وإلى أن الحرب التي شنها ضد غالبية السوريين، بعد اندلاع ثورتهم في سورية منتصف آذار/ مارس 2011، أصبحت تعبّر عن حالة نموذجية لتفعيل الحدود الطائفية والمذهبية. وفي هذا السياق، يأتي كتاب يارون فريدمان، "العلويون النُّصيريون: الهوية والمعتقدات... مدخل في تاريخ أقلية رائدة" (ترجمة إبراهيم قيس جركس، سطور للنشر والتوزيع، بغداد، 2023)، كي يقدم بحثًا جديدًا عن طائفة النصيريين العلوية، يغطي فيه مجموعة متنوعة من الجوانب، من خلال التركيز على نشأة الطائفة وتطورها خلال العصور الوسطى، واستعراض تاريخها ومعتقداتها، ودراسة السؤال المتعمق عن هوية الطائفة من خلال علاقتها بالسنّة والشيعة، وذلك في ضوء الوثائق والمؤلفات القديمة، التي استخدمها المستشرقون في القرن التاسع عشر، وتلك التي أصبحت متوفرة في القرن العشرين المنصرم، وبالاستناد إلى مراجع ومصادر متخصصة عديدة، عربية وأجنبية.

ينطلق المؤلف من أن فرقة النصيرية سُميت نسبة إلى مؤسسها أبي شُعيب، محمد بن نُصير العبدي البكري النُّميري، المنحدر من قبائل بني نُمير العربية الشمالية، التابعة لمجموعة قبائل عامر بن صعصعة (ابن بكر)، الذين سكنوا في العراق على طول ضفاف نهر الفرات، وكانوا حلفاء رئيسيين لبني تغلب (الحمدانيون في القرن العاشر). لكنه يعترف بأنه لا توجد أية معلومات عن تاريخ ولادته أو حتى وفاته، وأن بعض المصادر سمّته ابن نصير البصري، نسبة إلى مكان إقامته في البصرة، ومع ذلك من الممكن رسم ملامح شخصيتين متناقضتين لابن نصير، وفقًا للمصادر المتوفرة، حيث مثّل بالنسبة إلى أتباعه ومريديه قائدًا وزعيمًا تمتع بقدرات خارقة، في حين أن مناوئيه وصفوه بالدجال والزنديق. وقد زعم ابن نصير أنه عاصر الإمامين العاشر والحادي عشر وتواصل معهما، وهما علي الهادي المتوفى سنة 868 ميلادي، وحسن العسكري المتوفى سنة 873 م، لكنه لُعن وطرد مرتين، الأولى عندما زعم أنه "باب" الإمام، أي رسول مرسل من الإمام الهادي، الذي نُسب إليه الألوهية، إضافة إلى أنه روّج لمذهب التقمص وتناسخ الأرواح، والثانية بعد وفاة الحسن العسكري، عندما زعم ابن نصير أنه الرسول المقرب من الإمام، وأنه كان ممثل الإمام الغائب الثاني عشر، المهدي، الذي يعدّ بمثابة مسيح الشيعة ومخلصهم، وغاب منذ 873 م. وقد قادت مطامح ابن نصير وتصرفاته المتهورة إلى أن وكيل الإمام أبو جعفر محمد بن عثمان لعنه على الملأ، وبعدها حاول ابن نصير التراجع والاعتذار، لكن الأخير رفض اعتذاره، وقضى بقية حياته مطرودًا من الفرق الشيعية، واعتبرته معظم المصادر الشيعية زنديقًا.

ترسم المصادر النصيرية صورًا مختلفة للعلاقة التي كانت تربط ابن نصير بالأئمة، ويتحدث بعضها عن حدوث لقاء بين ابن نصير وتلامذته والإمام العسكري في سامراء، ثم حدثت لقاءات أخرى، لكن هذه المصادر تورد حكايات وروايات أسطورية، تتعلق بمنح الإمام العسكري بابه ابن نصير قوى وقدرات خارقة للطبيعة. وكانت جماعته أو فرقته تسمى "النُميرية" نسبة إلى بني نمير، فيما كان يطلق أعضاء هذه الجماعة على أنفسهم لقب "الموحدون" أو "أهل التوحيد"، لأنهم كانوا يؤمنون بأنه لا يمكن بلوغ التوحيد الحقيقي إلا بالجمع ما بين المعرفة الظاهرية والباطنية. وشرع ابن نصير بممارسة طقس "النداء"، وهو مصطلح نُصيري، يعني إعلانًا صريحًا أمام الملأ بألوهية الإمام. وكان هذا الطقس في المراحل المبكرة، يمارس من طرف غلاة آمنوا أنهم كانوا أبوابًا للأئمة. وكانت عاقبته اللعن والعزل والطرد، وعليه، قضى ابن نصير أيامه الأخيرة مريضًا ومطرودًا، لكن لعنة الإمام بالنسبة إلى الفرقة النصيرية تعتبر بركة ونعمة.

لا يتردد المؤلف في القول إن الُنميريين أو بالأحرى النصيريين عاشوا تحت غطاء مبدأ التقية، الذي ينص على أن على المؤمن الالتزام بسرية معتقداته وإبقائها طي الكتمان، بينما ظاهريًا، أو في العلن، عليه أن يتصرف وكأنه واحد من الأعداء، لذلك بقيت معتقداتهم سرية وخفية. ويعزو المؤلف السبب إلى الأوضاع الخطرة التي فرضتها عليهم الخلافة العباسية في العراق، خاصة في القرن التاسع والنصف الأول من القرن العاشر.

اتسمت الفترة التي أعقبت ابن نصير بزعامة قائدين للجماعة، هما محمد بن جندب، وخلفه عبد الله الجنان الجنبلاني. وخلال هذه الفترة فقدت الجماعة الكثير من أتباعها، ثم تولى قيادتها عبد الله الحسين بن حمدان الخصيبي، المولود في مدينة جنبلاء، التي تقع بين الكوفة وواسط، وكانت عائلته على علاقة وطيدة بالإمام الشيعي في ذلك الوقت. لكن بعد قيادته الفرقة النصيرية، قرر الشروع بأداء طقس "النداء"، والتضحية بنفسه في سبيل الكشف عن الأسرار الباطنة المقدسة، الأمر الذي أدى إلى سجنه، ثم هروبه إلى سورية، حيث تمكن من تأسيس حلقة نصيرية صغيرة في مدينة حران. ومع تغير الظروف في بغداد، بعد سيطرة البويهيين عليها، سُمح للخصيبي بالعودة إلى العراق، حيث لجأ إلى استخدام هويته الشيعية كغطاء لنشاطاته الباطنية الأخرى بين الموحدين، وتوطدّت العلاقة بين السلطة البويهية والنصيرية عبر الخصيبي، حيث تلقت الفرقة دعمًا كبيرًا من قبل حاكم العراق في ذلك الوقت، عز الدولة باختيار البويهي، ونشأت بينهما علاقة وثيقة، يرجعها المؤلف إلى أسباب دينية واقتصادية أكثر من كونها علاقة سياسية، وينسحب الأمر نفسه على علاقة النصيرية بحاكم آخر هو سيف الدولة الحمداني، حيث غادر الخصيبي، في سنواته الأخيرة، العراق واتجه إلى سورية، ليستقر في مدينة حلب بوصفها مقرًا نهائيًا له في رعاية بني حمدان. وعمل النصيريون في سورية على نشر عقيدتهم في المناطق غير السُّنية، وخاصة المسيحية، وركزوا أيضًا على المناطق الساحلية.

لعب الخصيبي دورًا مركزيًا في تأسيس الطائفة النصيرية، إذ من دونه كان مصير حلقة ابن نصير الباطنية السرية الاختفاء والاندثار، كما هي حال أغلب فرق الغلاة، حيث عمل على تأسيس شبكة من الخلايا النصيرية على كلا جانبي نهر الفرات، ففي العراق أسس خلايا نصيرية في كل من بغداد والكوفة وبلدة التربة، أما في سورية فأسس مركزين، واحد في حران والآخر في حلب، لذلك يعتبر الخصيبي من أهم قادة النصيرية، ومؤسسها الأساسي. وبعد وفاته، تولى أبو الحسن محمد بن علي الجلّي قيادة النصيرية، الذي يرجع أصله إلى قرية الجلّة القريبة من أنطاكيا. ثم تولاها ميمون بن قاسم الطبراني مع بداية القرن الحادي عشر، الذي تطلق عليه المصادر النُّصيرية لقب "الشاب الثقة"، ربما لأنه أصبح مرجعًا بمجاله في سن مبكرة. ويعتبر كتابه "مجموع الأعياد" من أهم المصادر النصيرية بخصوص أعياد الفرقة ومناسباتها، كما تعكس كتاباته معرفة وثقافة واسعتين بالفرق الشيعية بوجهيها الباطني والظاهري، وبالديانة المسيحية، والغنوصية العرفانية، والفلسفة اليونانية، والديانات الفارسية.

يارون فريدمان والكتاب بالنسخة الأصلية


يعتبر المؤلف أنه بعد مرحلة الطبراني، انتهت مرحلة الآباء المؤسسين للفرقة، وبعدها مرّ أعضاؤها بأوقات عصيبة، حيث افتقروا إلى القادة والزعماء، وانقسمت المشايخ في كل قرية ومنطقة، ودخلت الفرقة في مرحلة الانقسام والتشرذم بسبب كثرة الجدالات اللاهوتية. ومع سقوط حكم بني حمدان في حلب، تولت السلالة المرداسية الحكم فيها منذ عام 1025، الأمر الذي دفع النصيريين إلى العمل بالتقية وخروج بعضهم من حلب. وقد تلقت الفرقة في تلك الفترة دعمًا من ثلاث عائلات محلية، هي: بنو محرز، بنو الأحمر، بنو العريض، مقابل خضوعهم لسلطة المشايخ الثلاثة، وهم عصمة الدولة، وخلفه صدق العالم، والأمير علي علم الدولة. وكانت هذه العائلات تملك حصونًا في الجبل حلال القرن الحادي عشر، فكان بنو الأحمر يملكون حصن بلاطنس (قلعة المهالبة)، الواقع في ريف مدينة اللاذقية، وبنو محرز مالكي قلعة المرقب جنوب طرابلس، إلا أنه مع سيطرة البيزنطيين على هذه القلاع وغيرها خلال القرن الحادي عشر، فقدت الطائفة الدعم الذي كانت تتلقاه من العائلات المحلية. ثم ظهر في القرن الثاني عشر، زعيم نُصيري بارز اسمه "المكزون السنجاري"، المنحدر من جبال سنجار شمال غربيّ العراق، وكان له دور في إنقاذ الطائفة من أعدائها، حيث تسلّم إمارة سنجار بعد وفاة والده عام 1205، وانطلقت في عهده أول موجة هجرة من سنجار نحو قلاع اللاذقية وحصونها. أما في عام 1218، فقد استنجد النصيريون في اللاذقية وبانياس به لمواجهة الحملة العدوانية التي قام بها الكرد الأيوبيون والإسماعيليون ضدهم. وبالفعل، ترأس المكزون حملة عسكرية مكونة من خمسين ألف مقاتل، فسيطر على حصون منطقة حماة (أبو قبيس) وطبرية (المرقب، وعليقة). واستفاد المكزون في تلك الفترة من الأوضاع التي كانت سائدة في سورية، وخاصة حالة الحرب الدائمة بين الأيوبيين والصليبيين، والخوف المتزايد من الإسماعيليين النزاريين. ومع ضعف هؤلاء الثلاثة، استغل المكزون الأوضاع لإقامة ما يشبه الحكم الذاتي للنصيريين في سورية. لكن الأمر اختلف تمامًا في القرن الثالث عشر مع سيطرة المماليك على سورية، وتصدّيهم للغزو المغولي في معركة عين جالوت عام 1260، ثم وضع الظاهر بيبرس حدًّا للوجود الإسماعيلي النزاري في سورية، لكن المماليك لم يذهبوا إلى حدّ اجتثاث الطائفة، بل اكتفوا بفرض ضرائب عليهم، ومنع خطبهم الدينية وطقوسهم العلنية، على الرغم من فتوى ابن تيمية التكفيرية.

ينتقل المؤلف من الجانب التاريخي، إلى الجانب العقائدي، حيث يعتبر أن النظام العقائدي النصيري توفيقي، يقوم على مزيج من الأفكار التي جرى تطويرها خلال عقدين من الزمن داخل الدوائر الباطنية الشيعية. وظهر هذا النظام في منطقة تلاقت فيها تيارات فكرية مختلفة، مثل الإسلام والحضارتين الهللينية والفارسية. وبناء عليه، يعرّف النصيرية بأنها نسخة صوفية من المذهب الشيعي، أسسها وطورها محمد بن نصير النميري في القرن التاسع، وجرى تجديدها من طرف الخصيبي في القرن العاشر، وظهرت الفرقة في مدن البصرة والكوفة وبغداد، التي كانت تسودها بيئة خاضعة للتأثيرات الفارسية. ثم يرجع المؤلف النزعة التوفيقية في النصيرية إلى عاملين رئيسيين، أولهما الداخلون الجدد الذي ينقلون أفكرهم ومعتقداتهم ويدمجونها مع النصيرية، وثانيهما تأثر الفرقة بالمعتقدات والأفكار المحيطة بها، وقد استتبعت عملية الانتقال من العراق إلى سورية تغييرًا في هذين العاملين، فكان الانتقال من وسط زرادشتي فارسي إلى وسط مسيحي بيزنطي.

يرى المؤلف أن مفهوم اللاهوت النصيري ما هو إلا انعكاس لصورة الفكر الأفلاطوني المُحدث، والأمر ذاته ينطبق على اللاهوت الإسماعيلي، الذي ينهض أيضًا على أساس الفلسفة الأفلاطونية المحدثة، حيث الإله هنا إله مجرّد، فاضت عنه المخلوقات كافة، كما يشع النور من قرص الشمس. وتمّ تمثيل هذه الفيوضات بسلسلة من التدرجات للكائنات المخلوقة، من الأسمى والأرفع إلى الأدنى والأخفض. وتبنى النصيريون تفسيرًا أفلاطونيًا محدثًا للخالق الذي لم يخلق، ومن هنا جاء تشبيهه بقرص الشمس الذي يشع نورًا لا نهائيًا دون نقاص من ذاته. أما مفهوم الألوهية، فيقوم على مبدأ الفيض، حيث الفيوضات الأولى التي فاضت عن الخالق كانت قريبة من مصدر الخلق، ومن أسمى المخلوقات الروحانية وأقواها، إذ أوكلت إليها مهمة خلق كيانات أخرى، واختبار إيمان المخلوقات. في حين أن الفيضين الأول والثاني اللذان فاضا عن اللاهوت لم يكونا بكمال مصدر الخلق، لكنهما كانا محتفظين بنقائهما ومجردين بما يكفي لاعتبارهما عنصرين أساسيين من اللاهوت نفسه. أما الفيوضات التي فاضت عنهما، فكانت أكثر بعدًا عن مصدر الخلق، لكنها احتفظت بقدرتها الخَلقية التي انتقلت إليها من مصدر الخلق عبر النور الإلهي، وكانت أدنى من الفيوضات أو الأقانيم الثلاثة السابقة.    

يميز المؤلف ما بين الثالوث المقدس النُّصيري، والثالوث المقدّس المسيحي، من جهة أن صياغته جرت في داخل المعتقد النُّصيري العلوي، حيث سمّت المصادر النُّصيرية جميعها العناصر الثلاثة لهذا اللاهوت في: المعنى، والاسم أو الحجاب، والباب. فالمعنى، هو ذات اللاهوت، ومصدر جميع الفيوضات، ويحتل أسمى وأرفع مرتبة، وهو الجزء الأكثر تجريدًا في الثالوث. أما الاسم، فهو أول كيان فاض عن اللاهوت، اخترعه المعنى من نور ذاته. والباب هو الموجود الثاني الذي فاض عن المعنى بعد الاسم، وخُلق من نور اللاهوت الذي فاض من الاسم. أما العالم النصيري فيتكون من العالم السماوي النوراني المثالي، والعالم المادي المتغير الناقص، لذلك يرفض النصيريون، خلافًا لأغلب غلاة الشيعة، مبدأ الحلول، أي حلول الخالق في جسد بشري، ويعتبرونه مجرد هرطقة وكفر. بالمقابل، استبدلوا مبدأ الظهور محل مبدأ الحلول، ووفقه، فإن الأئمة الاثني عشر جميعهم كانوا تجسيدًا للإله، وبالتالي لم يقتلوا، بل شُبِّه لهم، فالحسين لم يقتل في كربلاء، بل استبدل بأحد أتباعه حنظلة الشيباني.

الحاصل، هو أن تسمية "نصيرية" اشتقت في البداية من اسم مؤسسها "ابن نصير"، وقامت العقيدة النصيرية على التأويل، وعلى الباطنية والتفاسير العرفانية أو الغنوصية لكلام الله في القرآن، ونهضت على فكرة محورية، تعتبر أن علي ابن أبي طالب ظهر في العالم لإنقاذ البشرية وهدايتهم إلى الطريق القويم، وهو بمثابة سفينة النجاة، أي سفينة نوح. ويكمن غلو النصيرية ومعها الشيعة الإمامية في قلب النظرة إلى علي، ليس بوصفه كائنًا بشريًا، بل بوصفه صورة ظهر بها اللاهوت، لذلك يمكن تعريف النصيرية بأنهم "شيعة علي"، غير أن الأمور تغيرت مع الزمن، حيث تغير اسم الفرقة النصيرية في بدايات القرن العشرين المنصرم ليصبح "علوية"، أي أتباع علي، وهي مرادف للشيعة، وترافق ذلك مع إنكار تدريجي للهوية  النصيرية القديمة.

يتوقف المؤلف عند موقع الهوية النصيرية بين السنّة والشيعة، ليعبّر عن شكواه من عدم القيام بدراسة لموقف السنّة والشيعة تجاه الهوية النصيرية، خلال العصور الوسطى، ضمن إطار تاريخي، معتبرًا أن ذلك يمتلك أهمية بالغة من أجل فهم أفضل للخلاف المذهبي السني الشيعي، وكذلك من أجل فهم الاهتمام المتزايد بالسياسات الشرق أوسطية الحديثة. ولعله يشكل المنطلق الذي يحيل إلى تفسير ما يجري في المنطقة من صراعات على أسس مذهبية دينية، وليس عل أسس سياسية واقتصادية واجتماعية، التي تشكل دوافع كل صراعات المنطقة. وبعكس ما يذهب إليه المؤلف في القول إن العلويين باتوا أقلية حاكمة في سورية، وإن مثلثًا شيعيًا علويًا سنيًّا تشكل سياسيًا بين عدة دول في الشرق الأوسط، ذلك أن الناس فيه ليسوا كائنات دينية، تحركهم النعرات الطائفية والمذهبية، فضلًا عن أن نظام الأسد في سورية هو نظام استبدادي شمولي في الدرجة الأولى، على الرغم من أنه ذو طابع طائفي علوي. إضافة إلى أن جميع الطوائف الدينية، الإسلامية والمسيحية وسواهما، لها نظرات متباينة ومواقف سلبية في معظم الأوقات حيال بعضها البعض، تصل إلى حدّ التكفير أحيانًا، لكنها ليست متجانسة ولا تتحرك ككتلة موحدة، بينما توظف الخلافات بينها سياسيًا من أجل الهيمنة والسيطرة وتأمين مصالح الحكام، وليس من أجل الدين، حيث الحكام وأنظمتهم المستبدة لا يهمهم من الدين سوى استثماره من أجل بقائهم في السلطة إلى الأبد. 

الدخول

سجل عن طريق

هل نسيت كلمة المرور؟

أدخل عنوان بريدك الإلكتروني المستخدم للتسجيل معنا و سنقوم بإرسال بريد إلكتروني يحتوي على رابط لإعادة ضبط كلمة المرور.

شكرا

الرجاء مراجعة بريدك الالكتروني. تمّ إرسال بريد إلكتروني يوضّح الخطوات اللّازمة لإنشاء كلمة المرور الجديدة.