}

الرواية الفلسطينية والعربية والمجازر: وثيقة للتاريخ والناس

سمر شمة 9 نوفمبر 2024
عرَّف بعض النقاد الرواية بأنها فنّ المجتمع، وقالت الروائية اليابانية يوكو أوغاوا ذات يوم بأنّ "الأدب هو ملجؤنا عندما نضطر إلى مواجهة التناقضات التي تتجاوز العقل"، وذلك في أثناء حديثها عن الحروب والمجازر. وقد استطاعت الرواية الفلسطينية أن تقوم بهذا الدور المهم إذ رافقت الأحداث في فلسطين منذ النكبة حتى الآن. وعبَّرت عن رسالة الفلسطينيين الحضارية ودورهم في الحياة وعن آلامهم ومقاومتهم الباسلة وماضيهم وحاضرهم وموتهم المتواصل ومستقبلهم، وكانت وما زالت وثيقةً للتاريخ والناس. رصدت المؤامرات التي تعرَّض لها هذا البلد، والحروب الطاحنة، وجرائم الحرب المُعفاة من المحاسبة والعقاب، وكانت نوعًا من أنواع أدب الحرب الإنساني – إن جاز التعبير – الذي يدافع عن الحياة والعدالة ويرفض القتل والتدمير.
واليوم تُعيدنا حرب الإبادة التي يرتكبها الاحتلال يوميًّا في قطاع غزة إلى التفكير في الرواية العربية عمومًا والفلسطينية خصوصًا ومدى تأثُّرها بالمذابح التي تمَّت بحق الشعب الفلسطيني على مرّ التاريخ، ومدى تعبيرها عن الحقائق المروِّعة أو بعض وجوهها.
والحقيقة أنّ هناك أعمالًا روائية مهمة تحدَّثت عن ذلك كله، وعن غزة تحديدًا قبل معركة "طوفان الأقصى" وبعدها، وكانت المجازر الصهيونية حدثًا مهمًّا فيها أو منطلقًا أساسيًّا لها، ولا تكاد تخلو رواية فلسطينية من التطرُّق للانتهاكات الجسيمة للاحتلال والتي تصل إلى مرحلة المجازر الجماعية والجرائم ضد الإنسانية، وذلك لأن هذه المذابح متواصلة ومستمرة وبمنهجية وعن سبق الإصرار والترصُّد.
من الروايات التي كُتبت عن القطاع رواية "غزة 87" للروائي والقاص الفلسطيني يسري الغول ابن مخيم الشاطئ غرب مدينة غزة الذي شهد انتهاكات جسيمة ودمارًا وحصارًا وقصفًا ومجازر يندى لها الجبين على يد الاحتلال في حربه الحالية وحروبه السابقة، والذي دمَّر الجيش الإسرائيلي منزله في المخيم بعد مغادرته له وعائلته بفترة وجيزة خلال الحرب المسعورة المتواصلة الآن. وبهذه الرواية تحدَّث الكاتب عن المسكوت عنه في الأدب الفلسطيني، وعن الجانب المظلم للقطاع، والظلم والخوف والفقر داخل أزقة المخيم، وشرح كيف اغتُصبت غزة كما اغتُصبت فلسطين، وكيف قضى الاحتلال على أحلام الشباب وارتكب مذابح دامية بحق الشعب الفلسطيني الذي قدَّم التضحيات على مرّ عقود.



وكتب روايات أخرى أيضًا منها "ملابس تنجو بأعجوبة" 2017، وفيها انتقد التشرذم الفلسطيني وتحدَّث عن الإبادة والمجازر والتدمير أثناء الحرب على غزة 2014. وفي روايته "مشانق العتمة" التي كتبها بين عامي 2021-2023 وعدَّل ببعض أحداثها بعد معركة "الطوفان"، تحدَّث أيضًا عن ضحايا الحرب المتواصلة على مدينته (أم الأجيال) وما ارتُكب فيها من جرائم منتقدًا أيضًا الانقسامات الفلسطينية ومخاطرها.
وهناك على سبيل المثال لا الحصر رواية "بين الحب والوطن" لصلاح عبد العاطي، الكاتب الفلسطيني الذي أشار فيها إلى جميع مكوِّنات الوطن، وإلى الشهيد والأسير المُبعد عن القدس وغزة، وإلى المصالحة الفلسطينية والحصار وجرائم الاحتلال في فترات زمنية مختلفة.
ورواية "أسميتها غزة" للكاتبة الفلسطينية هبة عامر قريصيعة والتي صدرت 1970 وتحدَّثت عن غزة وفلسطين، وأبطال خاضوا صراعًا مريرًا مع العدو تخلَّله عمليات قتل ومذابح، وحاربوا للبقاء في أرضهم، بطلتها "فرح" التي عاشت حياتها بلا فرح في أرض امتلأت بدماء أهلها، والتي فقدت عائلتها في إحدى حروب غزة وقُتل والدها أمام عينيها.
ورواية "الحاجة كريستينا" للأديب عاطف أبو سيف المولود في مخيم جباليا، وتحدَّثت قصتها عن الطفلة التي غادرت يافا للعلاج في بريطانيا 1947، وعادت إلى غزة بعد سنوات طويلة لتنقلها سيارة الصليب الأحمر إلى لندن خلال العدوان الإسرائيلي على المدينة، الرواية نبشت الذاكرة من خلال الحديث عن صراع الهوية وعن الوطنية والغربة والتشرُّد والألم والمجازر المتكرِّرة والموت.





هناك أيضًا رواية "لم يكن موتًا" للكاتبة الفلسطينية نعمة حسن وصدرت في غزة 2022 وفيها رصد للحياة داخل المخيم المحاصر (القفص)، واغتراب المرأة في المجتمع الذكوري وأحداث الانتفاضة الأولى 1987 وما جرى خلالها من مذابح وقتل ودمار.
بعد عملية "طوفان الأقصى" صدرت أيضًا العديد من الروايات العربية منها: "مجزرة المعمداني" للكاتب التونسي ناجي بن جنات، وهي قصة غزة من الجذور إلى الطوفان. رواية وثائقية انطلقت من بنية تاريخية حقيقية كما صرَّح كاتبها. أبطالها من الواقع الذي شهد قصفًا متواصلًا لمشفى المعمداني في غزة، ومجازر نفَّذها الاحتلال هناك بعد السابع من أكتوبر العام الماضي بأيام قليلة، وفيها تركيز على الخسائر البشرية من شهداء وجرحى ومفقودين من المدنيين والمرضى والكوادر الطبية، وقد انطلقت من حدثين رئيسيين "عملية طوفان الأقصى" وقصف المشفى واستباحته وارتكاب المجازر والجرائم فيه وحوله، في واحدة من أبشع المذابح في القطاع المحاصر.
ورواية للكاتب الأردني أيمن العتوم "الرعب: حكاية الحرب في غزة" وهي أيضًا عن حرب الإبادة التي يرتكبها الاحتلال هناك ونضال أهل القطاع رجالًا ونساءً وصراعهم مع العدو والجوع والعطش وغياب المستلزمات الطبية والموت.
ورواية للكاتب السوري هيثم شبلخ "طوفان القلوب" رصدت الأحداث في غزة وأسبابها وتداعياتها ونضالات الشعب الفلسطيني وجرائم الحرب التي مورست بحقه.
تجدر الإشارة إلى أنّ تاريخ الاحتلال الإسرائيلي لفلسطين ترافق دائمًا مع القتل الجماعي والمذابح التي لا تُعدّ ولا تُحصى، ولعلّ مجزرة دير ياسين 1948 والتي كانت أكبر المجازر التي ارتكبتها العصابات الصهيونية في ذلك العام هي الدليل على ذلك إذ كانت عملية إبادة وطرد جماعي نفَّذتها مجموعات صهيونية في القرية غربي القدس وكان معظم ضحاياها وأعدادهم بالمئات من المدنيين، وقد كُتبت عنها أعمال أدبية مختلفة منها رواية "يس" للروائي الفلسطيني الأردني أحمد أبو سليم، والذي استعاد فيها بطريقة مؤثِّرة هذه الجريمة وطرح أسئلة وتأمُّلات حولها وحول معنى النكبة وآثارها، وفيها شخصية (ياسين) بطل الرواية الذي فقد عائلته وبقيت أمه فقط بساق خشبية على قيد الحياة إضافة إلى جدّه وخاله الذي شوَّهته المجزرة بعد أن قطع أفراد العصابات لسانه ولكنه بقي يحتفظ بكل الوثائق التي تُدين الاحتلال وتدل على ارتكابه للمذبحة التي هي مفتاح الحدث في الرواية. تابع الكاتب في هذه الرواية مصير العائلة من 1948-1982 وعاد لزمن الانتداب البريطاني وثورة 1936 ووثَّق تفاصيل المجزرة وأشار في نهايتها إلى مذبحة صبرا وشاتيلا المروِّعة ودعا إلى التمرُّد على المذبحتين والإصرار على العودة وتجاوز الألم والخسارات الجسيمة.
ورواية "دير ياسين" للكاتب المصري وليد حسن المدني، وهي عن هذه القرية التي قاتلت حتى نفاد الذخيرة، فيها تجسيد مؤثِّر لآلام المجزرة المفجعة، وللحب والفراق والكرامة وفيها البطل ياسين الذي كبر في هذا المكان وقاتل عصابتي الإرغون وشتيرن الصهيونيتين المهاجمتين لقرية دير ياسين التي شهدت مذابح بشعة راح ضحيتها الأطفال والنساء والرجال دون تمييز.
بعد المجزرة بشهر حدثت مذبحة أخرى في بلدة الطنطورة جنوبي حيفا وهي إحدى مجازر التطهير العرقي التي نفَّذتها عصابات الهاغانا في فلسطين بقوة السلاح والترهيب لتهجير أهلها من أرضهم وراح ضحيتها المئات. وقد كتبت عنها الروائية المصرية رضوى عاشور رواية "الطنطورية" وفيها سردت سيرة عائلة فلسطينية تمّ اقتلاعها من أرضها في هذه البلدة، وعاشت كغيرها العذابات والقهر والنزوح، وتحدَّثت فيها أيضًا عن سيرورة حياة ثلاثة أجيال وعن بطولات الشعب الفلسطيني واستسلام أقلية منه لليأس وفقدان الأمل. في الرواية اقتاد الصهاينة النساء والشيوخ والأطفال إلى البحر، وقسَّموهم إلى مجموعات، وبدأت بطلة الأحداث "رقيَّة" ترى أكوامًا من الجثث المحمَّلة بعضها فوق بعض وبينهم ابن خالتها ثم تبدأ رحلة التهجير لتصل إلى مجازر صبرا وشاتيلا التي استُشهد فيها زوج رقيَّة فيما بعد. الرواية استوحت شخصياتها من الواقع والخيال وقامت على قراءة التاريخ بأسلوب أدبي روائي، بدأت بالبحر وانتهت بتحرير الجنوب وذهاب رقيَّة إلى مخيم عين الحلوة للبحث عن فتى رسَّام اسمه ناجي في إشارة لرسَّام الكاريكاتير ناجي العلي الذي جسَّد بحرفية ومهارة عالية وجرأة أوجاع فلسطين وأهلها.



أما مذبحة كفر قاسم 1956 التي نفَّذها حرس الحدود الإسرائيلي ضد مواطنين عُزَّل في القرية والتي راح ضحيتها أعداد كبيرة من المدنيين العرب فقد كُتب عنها الكثير من الأعمال الأدبية منها رواية "طيور المساء" للكاتبة الفلسطينية أسمهان خلايلة من مجد الكروم في الجليل الفلسطيني، وفيها تحدَّثت بألم ومرارة عن المجزرة التي وقعت غداة العدوان الثلاثي على مصر، لإجبار من تبقَّى من الفلسطينيين داخل مدينة كفر قاسم على النزوح والهرب إلى المناطق العربية المجاورة كالضفة الغربية مثلًا. كانت هذه الجريمة الحدث الرئيس في الرواية ومهَّدت لها الكاتبة في عدة فصول بالحديث عن معاناة الفلسطينيين الذين أصبحوا أقلية في وطنهم، وسرد أحداث الرواية من عاشوها وذاقوا ويلاتها، وفيها تمّ التذكير أيضًا بمجازر دير ياسين والطنطورة والدوايمة وبهدفها الرامي لتشريد من تبقَّى من شعب فلسطين في أرضه.
وجاءت بعد ذلك بسنوات طويلة مجزرة صبرا وشاتيلا 1982 والتي شهد خلالها مخيمان للاجئين الفلسطينيين أعمال قتل جماعية استمرت لثلاثة أيام على أيدٍ عربية وإسرائيلية وراح ضحيتها الآلاف من الفلسطينيين واللبنانيين أثناء محاصرة الجيش الإسرائيلي لبيروت بعد اجتياحها لتشكِّل صدمة جماعية لا تزال آثارها محفورة في ذاكرة اللبنانيين والفلسطينيين حتى الآن ولتدفع الأدباء والكتّاب للحديث عن هذا الحدث المروِّع والمفجع، ومما كُتب عنها رواية "بنت من شاتيلا" للكاتب الفلسطيني أكرم مسلم المولود في نابلس والذي قال النقاد عنه إنه من أبرز من كتب في "أدب المجازر" وهذه الرواية توغَّلت في التاريخ الفلسطيني بدءًا من النكبة ومعركة الكرامة واجتياح لبنان وصولًا إلى المجزرة المذكورة وخروج المقاومة الفلسطينية إلى تونس، والرجوع إلى فلسطين فيما بعد وتأسيس السلطة الفلسطينية عام 1994، وركَّزت أيضًا على معاناة الفلسطينيين في الشتات وخذلانهم من الأنظمة العربية والدول الأجنبية. تبدأ الرواية بقصة الناجية الوحيدة من عائلتها من هذه المذبحة والتي ينتهي بها المطاف كلاجئة في ألمانيا وعدد من الدول الأوروبية، وتطرح أسئلة الناجين وهواجسهم العالقة والمفارقات التراجيدية بلغة محمَّلة بالرموز والسخرية السوداء.
ورواية "حب في المنفى" للكاتب المصري بهاء طاهر الذي رسم فيها الأبعاد الحقيقية العميقة لهذه المجزرة، وعرَّى الوضع الفلسطيني المزري، والعجز العربي آنذاك.
ورواية الإعلامية والكاتبة الفلسطينية رائدة الشلالفة "بعد بيروت" والتي كشفت خلالها تفاصيل المذبحة وخروج المقاومة من بيروت، وعرَّت الأدوار القذرة للميليشيات اللبنانية التي شاركت في القتل والانتهاكات، والموقف العربي الرسمي المخزي، وركَّزت على الألم والاغتراب والصدمة التي لا تُنسى من هول ما حدث.
وكتبت الكاتبة اللبنانية جنى فواز الحسن رواية "طابق 99" وتدور أحداثها حول الشاب مجد الناجي من مجزرة صبرا وشاتيلا وهيلدا المنحدرة من عائلة لبنانية شاركت في تنفيذها. وقد امتدَّت أحداث الرواية ما بين لحظة مفصلية هي تاريخ المذبحة وبين عام 2000، وكان بطل العمل يستعيد خلال هذه الفترة دائمًا أحداثًا مؤلمة عاشها وأودت بحياة والدته وشقيقه الجنين في مخيم صبرا وشاتيلا، وحوَّلت والده من معلم ومربٍّ إلى بائع ورود في أميركا، ووضعت الرواية أيضًا جيل ما بعد الحرب في مواجهة مع أسلافه وطرحت أسئلة كبرى حول جدوى الحروب وقدرة الحب على إزالة الأحقاد والعداوات.




وهناك أيضًا رواية "باب الشمس" للأديب اللبناني إلياس خوري، وقد قال النقاد عنها: إنها من أجمل الروايات عن القضية الفلسطينية، تحكي عن يونس الأسدي المناضل الفلسطيني الذي لجأ إلى لبنان ولم يستطع أن ينسى أبدًا وطنه وعائلته. كانت الرواية حكاية عن الرحيل والعودة، وعن أهالي مخيم صبرا وشاتيلا وأوضاعهم الاقتصادية والمعيشية المأساوية والمجزرة المروِّعة التي تعرَّضوا لها وآثارها المدمِّرة، وكانت عودة إلى أحداث عام 1948 عام النكبة وما حدث فيه من أوجاع وهزائم أمام التاريخ والإنسان.
وثمة أعمال أدبية عديدة تحدَّثت أيضًا عن مجازر تل الزعتر في لبنان التي هزَّت العالم وراح ضحيتها آلاف الفلسطينيين بأيدٍ وأسلحة عربية وإسرائيلية وذلك في ذروة الحرب الأهلية اللبنانية، وهي كما وصفها البعض أكبر مجزرة ارتُكبت بحق الشعب الفلسطيني شرقي بيروت.
وروايات تحدَّثت فيما بعد عن مجزرة جنين شمال الضفة الغربية مثل رواية "بينما ينام العالم"، وهي أول عمل للكاتبة الفلسطينية الأميركية الجنسية سوزان أبو الهوى، وفيها سلَّطت الضوء على قضية فلسطين ومأساة اللجوء منذ النكبة حتى تاريخ حدوث المجزرة بأسلوب إنساني مؤثِّر، وعزَّزت ما كتبته بالوثائق التاريخية الممزوجة بالفن الروائي، متحدِّثة عن مجزرة جنين ومتتبِّعة أربعة أجيال كانوا يعيشون في قرية هادئة يزرعون الزيتون ثم تحوَّلت حياتهم إلى مأساة بعد ترحيلهم قسرًا عن بلدهم. ومجزرة جنين كما هو معروف عملية توغُّل نفَّذها جيش الاحتلال في نيسان/ أبريل 2002 وقتل خلالها بشكل عشوائي أعدادًا كبيرة من المدنيين واعتقل وشرَّد الأهالي ومنع المساعدات الطبية ضمن اجتياح شامل لمخيم جنين والضفة الغربية.
وروايات تحدَّثت عن المجازر في نابلس 2002 ومنها رواية "ربيع حار" للروائية الفلسطينية سحر خليفة والتي رصدت فيها المذبحة الدموية فترة الانتفاضة الثانية والواقع الفلسطيني والمشهد النضالي بعد مرحلة أوسلو وما تبع ذلك من حصار واجتياح للمدن والقرى التابعة للسلطة الفلسطينية وحصار مقر الرئيس عرفات في رام الله، إضافة إلى ممارسات الصهاينة من اعتقالات وإهانات على الحواجز ومداخل المدن وصولًا إلى المذابح الجماعية، والرواية في جزأين الأول "ربيع حار" والثاني "رحلة الصبر والصبار".
تجدر الإشارة إلى وجود أعمال روائية مهمة أخرى رصدت المجازر والمذابح بحق الفلسطينيين ضمن سياق الرواية وكان ذلك أحد عناصر موضوعاتها الرئيسية، وأبرز من كتب بهذا الخصوص الروائي والشاعر الفلسطيني إبراهيم نصر الله الذي غطَّى في ملحمته الروائية التاريخية "الملهاة الفلسطينية" مئتين وخمسين عامًا من تاريخ فلسطين الحديث وأصدر أعمالًا روائية عن القضية الفلسطينية بتفاصيلها وأبعادها مثل رواية "طفل الممحاة" وهي أحد الأجزاء الستة للملهاة والتي أعادت تشكيل نبض الحياة الفلسطينية لتخلِّدها وتبقيها في الذاكرة حيَّة وذلك عن طريق السرد القصصي والسخرية أحيانًا في محاولة لتأريخ ما حدث للإنسان الفلسطيني منذ النكبة. ورواية "ظلال المفاتيح" وهي عن التشبُّث بالأرض والإصرار على العودة بعد كل ما جرى من جرائم وتدمير للبلدات والقرى. ورواية "دبابة تحت شجرة الميلاد" وهي بث الروح كما قيل عنها وحاولت أن تقول إن الاحتلال يقضي على الحياة والجمال بكافة أشكاله، وصوَّرت صمود الشعب الفلسطيني وبطولاته وهو الشعب الأعزل الذي يقاتل باللحم الحي عدوًّا بأسلحته العسكرية والبشرية العاتية، واعتمد إبراهيم نصر الله الذي وصفه النقاد بأنه أهم من كتب في (أدب المجازر) أسلوب الحكاية في استعادة أخبار مأساة فلسطين ووقائع المجازر التي ارتُكبت فيها في بعض نتاجاته الأدبية.
لا يمكن أن نغفل أيضًا وجود أعمال روائية خالدة عن القضية الفلسطينية وجرائم الاحتلال مثل "عائد إلى حيفا" لغسان كنفاني وفيها عبارته الشهيرة: "كل دموع الأرض لا تستطيع أن تحمل زورقًا صغيرًا يتَّسع لأبوين يبحثان عن طفلهما المفقود". ورواية "أم سعد" ورواية "رجال في الشمس" وغيرها. و"التغريبة الفلسطينية" للكاتب الفلسطيني الدكتور وليد سيف والتي رصدت مرحلة تاريخية مهمة ما بين 1933-1967 وهي أعوام شهدت أحداثًا وتحوُّلات كبرى في التاريخ الفلسطيني ورافقت الرواية أربعة أجيال في تفاصيل حياتهم وتطوُّرهم وآلامهم وأحزانهم وإحباطاتهم وانتصاراتهم والمذابح التي عاشوها أو سمعوا بها والمؤامرات على فلسطين وشعبها.
واليوم ونحن نتابع جميعًا حرب الإبادة في غزة وصمت العالم وتواطؤ الأنظمة والدول والمنظمات يحقّ لنا أن نسأل عمّا سيكتبه الأدباء عن القطاع والغزو البربري المتواصل عليه، فكم هو ثقيل على النفس "أن نصف الجرائم ضد الإنسانية في غزة بلغة الأرقام، فكل رقم هو حياة سُلبت وأحلام وأدتها حرب الإبادة".

مراجع:
- بوابة روايات.
- بوابة كتب.
- بوابة فلسطين.

الدخول

سجل عن طريق

هل نسيت كلمة المرور؟

أدخل عنوان بريدك الإلكتروني المستخدم للتسجيل معنا و سنقوم بإرسال بريد إلكتروني يحتوي على رابط لإعادة ضبط كلمة المرور.

شكرا

الرجاء مراجعة بريدك الالكتروني. تمّ إرسال بريد إلكتروني يوضّح الخطوات اللّازمة لإنشاء كلمة المرور الجديدة.