}

جائزة مخترع الديناميت تأخرت هذا العام:أسماء معمِّرة على اللائحة

ناصر السهلي ناصر السهلي 7 أكتوبر 2016

ككلّ عام يندلع جدل حول مرشحي "جائزة نوبل"، بفروعها المختلفة، ويطاول، كذلك، معايير الجائزة وتوجهاتها، بل وتماشيها مع ما يعرفه العالم من أحداث وتطورات يكون الغرب في قلبها. وتتجاوز قسوة النقد الواقع بالذهاب إلى الماضي والتذكير بما أراده ألفرد بيرنارد نوبل في وصيته التي تركها في باريس 1895، وما لم يحدث على هذا الصعيد.

بدت جائزة نوبل للسلام في نسختها الأولى متوافقة مع "وصية" الرجل. فمنحت عام 1901 لكل من السويسري هنري دونان، مؤسس الصليب الأحمر الدولي، وصاحب مبادرة معاهدة جنيف، والفرنسي فريدريك باسي، مؤسس "الجمعية الفرنسية للتحكيم بين الأمم".

وفي السنوات الماضية كشفت تقارير أن "الفوهرر"، أدولف هتلر، كان على قائمة مرشحي نوبل للسلام في عام 1939. لكن يبدو أن الأمر لم يكن جدياً، فما أراده الذي أثار القضية، وهو السياسي السويدي إيه جي سي برانت، وهو معارض شرس للفاشية، لفت الانتباه لما عاشه بلده. ولم يكن هتلر وحيداً في الترشح لجائزة "السلام" فكان هناك ترشيح لحليفه بينيتو موسيليني، ورشِّح، من الجهة الأخرى، جوزيف ستالين لدوره في إنهاء الحرب العالمية الثانية.

لم يفز المهماتا غاندي بالجائزة، فقد كُشف أنه كان مرشحاً لجائزة ألفرد نوبل سنين متتالية، آخرها قبل عام من مقتله (1948). في ذلك العام لم تمنح جائزة نوبل لأحد بسبب عدم "وجود مرشحين مناسبين على قيد الحياة"، وفق تعليل لجنة نوبل.

جدل متكرر

أما الجدل الحالي في صحف الشمال، السويد والنرويج على وجه الخصوص، وبصورة أقل في كوبنهاغن، فهو حول جائزة باراك أوباما للسلام التي "ما كان يجب أن يفوز بها". أكثر الأصوات رزانة في نقد "الأكاديمية السويدية" على اختيارها هو مدير معهد أبحاث السلام في النرويج كريستيان بيرغ هاربفيكين. فبالنسبة له ثمة خلل في خيارات الهيئة القائمة على الجائزة:"إذ إن 13 إلى 14 فائزاً بالجائزة، في نصف القرن الأخير، هم قادة حروب". يستشهد هاربفيكين بـ "شيمون بيريز واسحاق رابين رغم أنهما قادا حروباً، واستمر بيريز بعد نيل الجائزة في سياسة العنف".

ولا يمثل باراك أوباما، بالنسبة لهاربفيكين، اختياراً موفقاً. فهو أيضاً من الذين قادوا حروباً: "استمر في حرب أفغانستان والعراق، وجاءت اعترافات قصف قواته لمشفى أطباء بلا حدود في قندوز لتؤكد خطأ الاختيار". نقد الباحث لجائزة أوباما لا يقوده إلى الطلب من نوبل سحبها من الرئيس الأميركي، مع انه أمر طالب به أعضاء في منظمة أطباء بلا حدود والآلاف على وسائل التواصل الاجتماعي في الشمال. هؤلاء، وبينهم مثقفون وصحافيون، يساريون وليبراليون على السواء، يرون في "حمى نوبل" ما يشبه " محاولة نشر تفاؤل مخادع عن السلام". آخرون ينتقدون "غياب العدالة لضحايا عنف داخلي، شرطي بوجه السود، في المجتمع الأميركي، وذلك البرود مع كارثة السوريين في ظل حكم أوباما".

ليس ثمة جدل أكبر من الذي أثاره عضو مؤسسة نوبل السابق غيري لوندستاد (25 سنة في المنصب حتى 2014) في التعبير عن "الندم لاختيار أوباما لتلك الجائزة". بل يذهب هذا الرجل بعيداً في كتابه "سكرتير السلام" فكشف عما كان يدور في كواليس اختيار المرشحين للجائزة. كتابه هذا فتح عليه باب انتقادات لم يغلق حتى اللحظة، حيث يُنتظر الإعلان عن الفائز/الفائزين لهذا العام، باعتباره نكث بعهده في الحفاظ على سرية المناقشات داخل لجنة نوبل.

حديث عن التسييس

نحن الآن أمام مئات المرشحين لجائزة نوبل للسلام، فحتى مارس/آذار كان الرقم 376 ومن بينهم 228 شخصاً و148 منظمة. أفردت بعض الصحف حيزاً واسعاً لتقديم "ذوي الخوذات البيضاء"، الدفاع المدني في حلب ومناطق سيطرة المعارضة السورية، كواحدة من المنظمات القوية المرشحة لنيل الجائزة هذا العام. القناة الرسمية الدنماركية، وفي السابع عشر من الشهر الماضي سبتمبر/أيلول أفردت حيزاً كبيراً لعرض جهود هؤلاء في انقاذ الاحياء تحت ردم القصف الروسي وانتشال الضحايا.

لكن في المقابل ثمة من يشمُّ رائحة تسييس في اختيارات هذا العام، فقد هاجمت  مواقع اللوبي الصهيوني في اسكندنافيا، بعنف، بعض الترشيحات مثل ترشيح الأسقف ديزموند توتو لمروان البرغوثي، واتهام رجل الدين الجنوب أفريقي بـ"معاداة اليهود بانتقاده الدائم لإسرائيل وفوق ذلك ترشيحه مهندس عمليات إرهابية وحشية ضد المدنيين في الانتفاضة الثانية".

أحداث هذا العام المأساوية حاضرة، بوضوح، في حملات دعائية، لأشهر قبل إعلان النتيجة، من ذلك الالتفات "بشكل رمزي على داعش وضحاياه"، فناديا مراد العراقية اليزيدية (22 سنة)، التي أفردت لها جولة في الدول الاسكندنافية، على قائمة المرشحين للجائزة مع ضحية أخرى لـ بوكو حرام في نيجيريا، هي عائشة. الموقف من اللاجئين حاضر في ترشيح الجزر اليونانية، وبالأخص ليسبوس، نظير ما قدمته من مساعدات في استضافة آلاف اللاجئين، إضافة الى عدد من المنظمات التطوعية العاملة في المجال. كما أن المستشارة الألمانية أنغيلا ميركل والبابا فرانسيس ترشحهما التسريبات للجائزة.


ترويج أدونيس

 أما في في مجال الأدب، فيبدو أن محاولات الربط بين "التطرف" والإصدارات الأدبية تشق طريقها هذا العام إلى رحاب الجائزة. ففي مسعى واضح، على هذا الصعيد، تدأب الصفحات الثقافية في صحف النرويج إلى تقديم قراءات لإصدارات "أدونيس"، فضلا عن لقاءات معه باعتباره "شخصاً مهدداً بالموت لأنه ينتقد الإسلام". ويرى الروائي النرويجي جون ميشليت أن جائزة نوبل للآداب "باتت تحاول الخروج، أكثر، من النخبوية إلى مساحات أكثر شعبية".

ويتفق مدير معهد أبحاث السلام في أوسلو كريستيان بيرغ هاربفيكين مع الرأي الداعي إلى أن "تصبح جائزة نوبل للآداب أكثر عالمية، وتحمل رسالة للبشرية". وعلى الرغم من أن "الأكاديمية السويدية" وعدت، مبكراً، بالأخذ "بآراء المثقفين والأدباء"، إلا أن بعض أوساط الأخيرين يحذر من "الوقوع في فخ التسييس، كما حدث في اختيارات سابقة للجائزة، من باب مناكفة أنظمة كالصين وتركيا وغيرهما". ويرى آخرون، ومنهم البروفسور في الحضارة الأوروبية أوفه أوسترغوورد، بأنه "لا يمكن استبعاد الأبعاد السياسية في اختيار الفائز. فقد فاز  أورهان باموك على خلفية موقفه من القضية الكردية والأرمن. الأتراك جميعهم افتخروا به رغم كل شيء".
ووفقا لما يرشح عن الأكاديمية في استوكهولم ففي هذا العام هناك 198 مرشحاً للجائزة، 36 منهم مرشحون للمرة الأولى. وجائزة نوبل لا تعلن، كما هو معروف، أسماء المرشحين لها ولكن تثار تكهنات ومراهنات مع اقتراب موعد الجائزة كل عام.. وفي الأدب، سجلت التكهنات أسماء تتكرر باستمرار، من بينها الكاتب الياباني هاروكي موراكامي، والكاتب التشيكي الفرنسي ميلان كونديرا، والكاتبة الأميركية جويس كارول أوتس، والكاتب الأميركي فيليب روث، والأميركي دان ديليلو، والشاعر الكوري كو أون، وأدونيس، الكاتب الكيني نجوجي واثينجو، الكاتب النرويجي والمسرحي جون فوس، والكاتب المسرحي المجري بيتر ناداس، والكاتب البريطاني سلمان رشدي والألباني اسماعيل كاداري والإسرائيلي ديفيد غروسمان.


(الصورة للكاتب الاميركي دان ديليلو- غيتي)

الدخول

سجل عن طريق

هل نسيت كلمة المرور؟

أدخل عنوان بريدك الإلكتروني المستخدم للتسجيل معنا و سنقوم بإرسال بريد إلكتروني يحتوي على رابط لإعادة ضبط كلمة المرور.

شكرا

الرجاء مراجعة بريدك الالكتروني. تمّ إرسال بريد إلكتروني يوضّح الخطوات اللّازمة لإنشاء كلمة المرور الجديدة.