روجا جمنكار
بوشهر ١٩٨٠
شاعرة وسينمائية إيرانية، صدر لها : ذهبتَ لتجلب لي القليل من الجنوب، أحجار في الشهر التاسع من العمر، الموت بلغة الأم، ثمة أبواب مشرعة دائما على متاهتي. أنفاس مشقوقة (بالفرنسية).
ترجمة عن الفارسية : محمد الأمين الكرخي
دعاء الحصان في قعر الفنجان
وحدقتاه تضيقان
وتعصران حنجرتي.
مثل طرق الجنوب،
ظلي يتمطّى على الجدار المواجه لسرير رطب.
هطلت أمطار غزيرة على آثار قدميك
ولا أرض أغور في أعماقها.
بعد الظهيرة
بلا أمهات عاد الأطفال من المدرسة.
رائحة القهوة تلتف حول رقبتي
أتلوى ألما
ذلك أن الماء
أزال ذات يوم جميع التجاعيد من فستاني.
في جوار صبايا مرعوبات
مررت كوحش
بضفائري التي جرحت حوافر الطريق الأربعة
وفي جوار الرحم التي أفرغت أعماقهن
وذلك الشعور الثقيل الرازح في كف الرجل
يوماً اثر يوم
ينقص شيء ما من جسدي
لا قعر للفنجان
والحصان يأبى الهبوط.
تحت طاق البستان
يداي على شاكلة صليب
وتماثيل حجرية ذات تسعة أعوام صفقت لي
خرائب قبل التاريخ تنهار فوق رأسي وجسدي وذاتي
البحر يواصل الضغط على نفسه
والمرفأ نام على رائحة القهوة
أقسم بالملح وحبات الرمان الحامضة
لا حصان ولا جسر
مع ذلك فقد مر الرجل ليلاً
قولوا للأعمدة الحجرية ولتوأمي في بغداد
إن العروس نائمة على حرير أسود.
* * *
أحادث نفسي
أحادث نفسي
أحادث نفسي قطعةً قطعة
علاقة غامضة
وذراعي تطوق عنقك
لكنها رقصة لن تنتهي
أنا فاقعة اللون
وأنت غير مرئي
علاقة غامضة وأنفاسي تتزحلق فوق أنفاسك
ألمٌ ما يدغدغني
لذا أكرر أجزائي
لم يكن للغربة رائحة التوابل ولا مذاق التمر المضغوط في علب غريبة
الغربة تسوقني فقط نحو الليل
نحو ليل يخوض معاركه في الشرايين
ولن ينجو أثر الدم من كل هذه السموات والظلمات.
أتكلم بالأقساط
حينما تمزقت بيوت الورق المقوى في زاوية شارع بارد بطهران
سقط القمر في حضني
وعلا الماء رأسي.
* * *
الجحيم
النبي الذي خلقته بهاتين اليدين
صار الآن أحد كبار الشياطين
لا أحد يدخله الجنة
لا أنا
ولا القمر
ولا النافذة التي لوحت له فيما مضى.
* * *
غرامية
أضع الكحل
حول عيني الساذجتين
كي تتسعا
وتبتلعاك
* * *
نظرة العرافات
لا خطوط في راحة يدي
لا خط الطول الذي يكشف عن عمري
ولا خط يتنبأ بمستقبلي
لا خط يوصلني إلى أحد
خبأت جميع خطوط العالم في عيني
كي أتحرر من نظرات العرافات المندهشة
* * *
جنوب آخر
وإذ يحل الليل إثر غيابك
أجلس أنا والشاي الساخن جوار سمكة مكسورة الخصر
فليتهشم هذا الفنجان
كي يتموج على فستاني صوتٌ ما
وليبك الإله بصوت مرتفع.
من عيني وأذني
من رحمي أيضا يدوّي في الليالي عواء الذئاب
وإذ يحل الليل إثر غيابك
رأسٌ ما يتدلى على كتفي ويخاطبني أحبّكِ
وتر يبصق من حنجرته كي يدمي أنفاسي
من يدي ورموشي
يتعالى في الليالي رنين قطرات...
بصمت شبيه بخيبتي أصير عاشقة
ثم
أنت وحدك تعرف أن الأسماك اقتادت بحري معها
نحو جنوب آخر.