}

بروميثيوس وقصائد أخرى

ثيرثيه مايا 13 أبريل 2020
ترجمات بروميثيوس وقصائد أخرى
لوحة "بروميثيوس" للرسام الألماني Christian Griepenkerl

ثيرثيه مايا: شاعرة، وكاتبة مقالات، ومترجمة، ومعلّمة فلسفة. أصدرت إحدى عشرة مجموعة شعرية. ولدت في مونتيفيديو، الأورغواي، عام 1932. مُنحت ميدالية ديلميرا أوغسطينا للآداب عام 2013، وجائزة بريميو بارتولومو هيدالغو عام 2010، والجائزة الوطنية للأورغواي عام 2007، والجائزة الوطنية الكبرى للإبداع عام 2015، وقد سلّمها لها وزير الثقافة والتعليم. وكان أن اختيرت مجموعة من قصائدها ذات المنحى الفلسفي العميق وتُرجمت للغة الإنكليزية لتنشر في كتاب بعنوان "الجسر غير المرئي".
تعتبر ثيرثيه مايا إحدى الشخصيات الأدبية الأساسية في أميركا اللاتينية، ومن الشعراء القلائل الباقين لجيلٍ أظهرَ للعالم إبداعات القارة المميزة.
لم يُنقل من كتاباتها للغة العربية سوى "رحلة إلى سالتو"، وقامت بترجمته العراقية سحر أحمد، وهو نصّ سردي روائي يدور عن الفترة التي عاشتها الأورغواي تحت الحكم الدكتاتوري إثر انقلاب عسكري في سبعينيات القرن الماضي.


ثيرثيه مايا 


1
. قصر اليَشْب الأخضر

المسافر إلى المستقبل يلتقي

بكائناتٍ رقيقة وهَشَّة، كائنات كالأطفال.

رجال المستقبل واهنون،

بلا قدرة على التركيز طويلاً

لا على النشوء أو التذكُّر، مثل النباتات أو الطيور

عند نقطة الانقراض.

في المدينة المُدمَّرة يرى المسافرُ قصراً

من اليَشْب الأخضر: متحفٌ مُغْبَرّ

من نقوش كتابةٍ ملَطَّخَة.

الكتبُ، كالخِرَق، لا يمكن أن تُقرأ بعد.

إنه من جنسٍ واهٍ، هذا هو مستقبلنا،

وها قد مضى.

من خلال النوافذ المهشمة، تهبُّ الريح.

وهذه الصورة الغريبة وحدها التي تتمهَّل،

طافيةً، متقطّعةً.

يا للأسف، ماذا يمكن أن يكون أكثر مدعاةً للحزن

من الريح في ذاك القصر؟

 

2. بروميثيوس

ثمّة احتمالاتٌ أخرى لبروميثيوس

لم يرها الإغريق:

النسيان، الإجهاد،

الخيانةُ العظمى نُسِيَت عبر القرون.

الآلهة نست. العقبان نست.

بروميثيوس نفسه، بعد كلّ هذا الزمن الطويل،

نسيَ سببَ العقاب الفظيع الذي لحق به.

وكذلك ثمّة الإرهاق:

لقد شاخت الآلهة وتعبت. العقبان شاخت وتعبت.

وأخيراً التأمَت الجروحُ جرّاء الإنهاك.

كان كلُّ هذا، سوى الصخرة المتعذر تفسيرها

في مواجهة بحرٍ عنيفٍ غير مفهوم.

 

 

3. امتــلاك

كانَ أن رأى أشجارَ نخيلِ ساحته العامّة

عند الغروبِ تقريباً أو حين سقوط

الظِّل، ويكون هو قد اجتازَها

- دائماً عند المنحنى- في المساء.

أشجارُ النخيل تلك، الشوارعُ العريضة تلك –

حيث أنّ خطوة الكعب

وحيث تُحاكُ غرزاته سريعةً –

ليست هي، ربما، خطوته؟

الأفضل أن نعود للوراء: إنه ذلك كلّه

وها الآن قد اكتشفَ الأمر.

هُما: إنه واحدٌ منهما

المتجوِّلُ والطريق.

 

 

4. التمهيد، ثم يتلوه السؤال؟

ثمّة شبكة قوية جداً، من خيوطٍ فولاذيّة.

تتضافرُ من الإثبات والإنكار،

تتوالى وراء بعضها بعضاً، تفترقُ كقطرات

من رصاصٍ مصهور، قطرات تنجو

من البنيان، كما من الأفران الصاهرة.

لا أحد يقطعُ تلك الخيوط.

لا أحد يقرصُ جِلْدَ المنطق.

الأصابعُ الأنقى تُلقي

شبكتها على الأشياء.

مع ذلك

فإنّ الشبكة تُسْحَبُ فارغةَ.

 

 

5. اعتراض سيمياس (*)

ماذا لو كانت الروح مثل الموسيقى

والجسد مثل القيثارة؟

الأولى حُطمت، والآخر لا وجود له،

هكذا يقول سيمياس.

ثمّة صمتٌ في الصومعة

المُريدون صامتون، متلهفون.

منذ ذاك الصمت الطويل ما تزال الأمواجُ تتناثرُ حتّى الآن.

(*) Simias: فصيلة من القردة تعود إلى العالم القديم، موجودة في عدة جُزُر صغيرة على سواحل سومطرة في إندونيسيا. وجه القرد منها أسود، وفِراؤه بني مائل للسواد، وله ذيلٌ قصير. يعتبر من المخلوقات المهددة بالانقراض.




6. بُنية الموجودات

إنها مصنوعةٌ عبر الزمن

وإنها مصنوعةٌ من الزمن.

صُنِعَت شيئاً فشيئاً، مثل ضربات صغيرة

من إزميلٍ ينحتُ تمثالاً.

مثل ملاءة، نُسِجَت غرزةً غرزة،

يوماً إثر يوم.

لكن بعد ذلك، ها هي موجودة. إنها مثل طاولة

مستقرّة على الأرض: هذه الطريقة بالكلام، على سبيل المثال

هذه الإيماءات

هذه الدائرة من الأفعال الروتينية الرتيبة

كهذه الموجودات

كهذه الأشياء

لا يمحي وجودها سوى الموت.

 

ترجمة: إلياس فركوح

 

مقالات اخرى للكاتب

ترجمات
13 أبريل 2020

الدخول

سجل عن طريق

هل نسيت كلمة المرور؟

أدخل عنوان بريدك الإلكتروني المستخدم للتسجيل معنا و سنقوم بإرسال بريد إلكتروني يحتوي على رابط لإعادة ضبط كلمة المرور.

شكرا

الرجاء مراجعة بريدك الالكتروني. تمّ إرسال بريد إلكتروني يوضّح الخطوات اللّازمة لإنشاء كلمة المرور الجديدة.