}

دور النشر في فرنسا بدون جدول زمني لإصداراتها

تغطيات دور النشر في فرنسا بدون جدول زمني لإصداراتها
أنطوان غاليمار
كما كان متوقعا، شلّ وباء كورونا قطاع النشر في فرنسا، وألحق بصناعة الكتاب خسائر مالية فادحة شأنها شأن كل المجالات الاقتصادية الأخرى.
وسيبقى فيديو بكاء بولين فوييه، صاحبة مكتبة "كتب وأنتم،" بحرقة طالبة المساعدة المطلوبة، من التواريخ القاسية في الحياة المهنية لعمال قطاع عانى في الأعوام الأخيرة أكثر من مرة، كما بينا ذلك في مقال سابق.
وعملا بإجراءات الحجر الصحي للحد من زحف وباء كورونا في مرحلة أولى، والقضاء عليه في مرحلة ثانية، أغلقت المكتبات أبوابها في وجه زبائنها بعد السادس عشر من الشهر الماضي، وتوقفت دور النشر عن العمل الأمر الذي تسبب في بطالة شبه كاملة لعمال لم يعد وجودهم مبرراً، واتخذت القضية بعدا كارثيا زاد من هلع أصحاب  دور النشر والمكتبات الصغيرة، بعد فشل وزير الاقتصاد والمالية برونو لومير المعروف ككاتب أيضاً، في محاولة إيجاد  طريقة تسمح بفتح المكتبات في ظل تطبيق حذر ومرن لإجراءات الحجر الصحي، وذلك من منطلق دفاعه عن فكرة اعتبار الكتاب حاجة تجارية ضرورية في زمن كورونا، ومني الوزير بفشل ذريع أمام إصرار النقابات المهنية الخاصة بقطاع النشر وأصحاب المكتبات على الغلق حرصا على صحة الفرنسيين أولا وأخيراً.
تجند نقابات النشر والمكتبات حسم الأمر في غير صالح وزير الاقتصاد والمالية، وانتصر دعاة غلق المكتبات "ديمقراطيا" على أنصار الوزير المعروف ككاتب وكقارئ نهم للكتب. وفي نهاية المطاف أغلقت المكتبات أبوابها.

وكما كان منتظرا، لم تتأخر النسب والأرقام المرعبة التي تؤكد شلل النشر في فرنسا، بعد مرور أسبوع فقط من تاريخ الشروع في تطبيق إجراءات الحجر الصحي. وانخفضت نسبة بيع الكتب أكثر من النصف خلال الأسبوع الأول من الحجر الصحي أما نجاة بعض الكتاب من المصير المأساوي فتعود إلى استمرار بعض أكشاك الصحف والمحلات التجارية العمومية وبعض مواقع البيع الإلكتروني، في تسويق الكتب الصغيرة الحجم التي عادة ما يعاد طبعها في شكل كتب جيب.
وأضحت الكارثة التي حلت بقطاع النشر بمختلف فروعه حقيقة مأساوية حينما نطقت الأرقام الباردة وسط نار حارقة بكل المقاييس والمعايير. وحسب هذه الأرقام فإن كل الناشرين المعروفين وغير المعروفين اضطروا إلى تعليق نشر حوالي 5236 إصداراً جديداً بين نهاية الشهر الجاري ونهاية شهر حزيران /يونيو .وعوض أن يصدر هذا الرقم بين الربيع وبداية الصيف تمت إعادة نظر جذرية في برنامج الإصدارات في سياق زمني مضطرب وغير محدد الأفق زمنيا في ظل استمرار وباء كورونا وعدم وضوح تاريخ الخروج من نفقه الذي ما زال مظلما حتى لحظة كتابة هذه السطور برغم حديث وسائل الإعلام الفرنسية عن بصيص أمل أضحى مصدر عراك سياسي بين الأغلبية الحاكمة التي يمثلها الرئيس إيمانويل ماكرون وقادة الأحزاب المعارضة يمينا ويسارا .


تواريخ
معلقة
تخبط دور النشر في ظل عدم وضوح الرؤية المستقبلية لم يمنعها من تحديد تواريخ جديدة لنشر نسب معينة من الكتب بعد إلغاء التواريخ المبرمجة الأولى، ولكن التذبذب الكبير الذي حصل لم يسمح لها بتحديد تواريخ نهائية للعدد المذكور من الكتب، وبقيت نسبة 52% من العناوين دون تحديد زمني لتواريخ صدورها فيما توزعت تواريخ نسبة 48% بين شهور فصلي الصيف والخريف.

كورونا الذي تسبب في انهيار وبالتالي تأزم النشر الفرنسي في ظل هشاشة تعصف بها منذ سنوات، لم يفرق بين دار كبيرة وأخرى صغيرة، وحرقت ناره برامج كل المؤسسات التي تنضوي تحت دور النشر الشهيرة وغير الشهيرة. وإذا كانت الكارثة قد ألمت بكل أصناف تخصصات النشر الموجهة للكبار والصغار، فإن دور النشر التي كانت تستعد لتسويق كتبها الخاصة بالشباب هي التي دفعت الثمن الأكبر استنادا للنسب والأرقام التي أعلن عنها.
ورغم أن دار "غاليمار" التاريخية والرمزية تعد من أغنى وأقوى دور النشر التي يمكن أن تواجه انعكاسات كورونا الكارثية على النشر بقدرة تفتقدها الكثير من الدور، رأى مديرها ورئيسها العام أنطوان غاليمار أن من واجبه إعلان حالة الطوارئ للحيلولة دون إفلاس دور نشر ومكتبات كثيرة. وفعل ذلك في حديث عاصف تناولته وسائل الإعلام. وأهم ما لفت الانتباه في حديثه تأكيده على ضرورة إسراع الحكومة في مساعدة دور النشر والمكتبات، وعلى حتمية تقليص وتعليق الكتب المبرمجة الصدور في الخريف بمناسبة الدخول الأدبي القادم وتأجيلها إلى العام المقبل. وهذا الرجل الذي يشرف على داري "فلاماريون" و"كاسترمان" وعلى أخرى كثيرة تابعة لمجمع "مادريغال"، لم يتردد في الإشارة إلى أن إعانة وزارة الثقافة المتمثلة في  22مليون يورو ناقصة جدا في تقديره نظرا للخطورة  الكارثية التي حلت بدور النشر وبالمكتبات بشكل غير مسبوق. في واقع الأمر لم يكن أمام غاليمار غير خيار الخضوع لضغط نقابة المكتبات الفرنسية التي سبقته إلى إعلان حالة الطوارئ ودعت في بيان لها في شكل نداء عاجل إلى مساعدة مالية كبيرة للمكتبات الصغيرة بوجه خاص تساهم فيها الدولة والمحافظات والمتعاملون الخواص.

الدخول

سجل عن طريق

هل نسيت كلمة المرور؟

أدخل عنوان بريدك الإلكتروني المستخدم للتسجيل معنا و سنقوم بإرسال بريد إلكتروني يحتوي على رابط لإعادة ضبط كلمة المرور.

شكرا

الرجاء مراجعة بريدك الالكتروني. تمّ إرسال بريد إلكتروني يوضّح الخطوات اللّازمة لإنشاء كلمة المرور الجديدة.