}

يوسا يكشف أسرارًا جديدة عن ماركيز.. الكاتب وأزمات مجتمعه

تغطيات يوسا يكشف أسرارًا جديدة عن ماركيز.. الكاتب وأزمات مجتمعه
غابرييل غارثيا ماركيز وماريو فارغاس يوسا
في السابع عشر من نيسان/ أبريل الجاري، يصادف مرور سبع سنوات على رحيل واحد من أشهر الكتاب الحاصلين على نوبل: الكولومبي غابرييل غارثيا ماركيز. وفي التاسع عشر من الشهر نفسه، يصدر عن دار ألفاجوارا أحد أكثر الكتب التي انتظرها القارئ من الكاتب البيروفي ماريو فارغاس يوسا: شهادته المكتوبة عن علاقة الصداقة التي جمعته بماركيز، وانتهت عام 1976. الكتاب المعنون بـ"عزلتان" يضم الحوار الذي دار بين الكاتبين الحائزين على نوبل، في كلية العمارة والفنون في الجامعة الوطنية للهندسة، في العاصمة ليما، على مدار يوميّ 5 و6 أيلول/ سبتمبر عام 1967. وهو لقاء حضره 250 شخصًا فاضت بهم القاعة، بالإضافة إلى عدة مئات تابعوا اللقاء عبر مكبرات الصوت المرشوقة في كل الممرات. كان الكاتب الكولومبي في الأربعين حينها، وكانت مبيعات "مئة عام من العزلة" ظاهرة، فيما كان الكاتب البيروفي في الواحدة والثلاثين، وفائز حديثًا بجائزة رومولو جاييجوس المرموقة عن روايته "البيت الأخضر". هذا اللقاء يُنشر للمرة الأولى، ويعكس آراء ماركيز الهامة في الأدب الأميركي اللاتيني، وبعض كُتّابه الأكثر شهرة.



ماركيز.. 1967
في الحوار، يؤكد غارثيا ماركيز: "في الحقيقة، لا أعرف أحدًا إلا ويشعر بالوحدة بنسبة ما. هذا معنى العزلة الذي يهمني. أخشى أن أكون ميتافيزيقيًا، وأن أكون رجعيًا، وأن أبدو على عكس ما أنا عليه، وما أريد أن أكونه في الواقع، لكني أعتقد أن الإنسان كائن وحيد تمامًا".

يقوم فارغاس يوسا بدور المحاوِر لماركيز، لكن الكاتب الكولومبي يطلب منه، في لحظة محدّدة، أن يطوّر فكرته حول أن الوضع الاجتماعي السيئ لدول أميركا اللاتينية تمخض عن أدب عظيم، فيرد الكاتب البيروفي: "كان ضربة تحت الحزام، لكن... نعم، أنا فكرت أن ثمة علاقة مثيرة بين ازدهار الروائيين وطموحهم وجرأتهم والوضع المأزوم في مجتمعاتهم. أعتقد أن مجتمعًا مستقرًا، مجتمعًا يتمتّع بحراك، ويتجاوز فترة الاضطراب، مجتمعًا ينعم بالراحة الداخلية، هو مجتمع قليلًا ما يثير الكاتب، في مقابل مجتمع مثل مجتمعات أميركا اللاتينية الحديثة، حيث الأزمات الداخلية معتادة، وحيث الأبوكاليبسيس هو المحيط بها، بمعنى أننا غارقون في عملية تحول وتغيير، ولا أحد فينا يعرف إلى أين ستقودنا. أعتقد أن هذه المجتمعات، التي تشبه الجثث قليلًا، هي التي تحفز الكتاب على الكتابة، وتزوّدهم بموضوعات فاتنة".

غابرييل غارثيا ماركيز خلال عيد ميلاده السابع والثمانين/ المكسيك (Getty /6/3/2014)


يوسا.. 1967
يؤكد يوسا، في إشارة إلى "جيل الانفجار"، أنه "قد حدث في العشر، أو الخمس عشرة، سنة الأخيرة، شيء لافت. أعتقد أن القارئ الأميركي اللاتيني كان لديه حكم متعسف حول أي كاتب من هذه القارة. كان يفكر أن الكاتب الأميركي اللاتيني بالضرورة كاتب سيئ، حتى يثبت العكس. وفي المقابل، الكاتب الأوروبي كاتب جيد بالضرورة ما لم يثبت العكس. الآن يحدث العكس تمامًا. جمهور المؤلف الأميركي اللاتيني زاد بشكل كبير، هناك جمهور مدهش لروائيي هذه القارة، ليس فقط في أميركا اللاتينية، وإنما أيضًا في أوروبا والولايات المتحدة".



بورخس وكورتاثر
في الكتاب نفسه، يشير ماركيز إلى خوليو كورتاثر، كنموذج للكاتب الأميركي اللاتيني، ويضعه في مقارنة مع خورخي لويس بورخس، الذي يراه "مجرد كاتب أرجنتيني". ويضيف: "أعتقد أن أدب بورخس هو أدب الهروب. مع بورخس ثمة شيء يحدث لي: هو أكثر المؤلفين الذين أقرأ لهم، وأقل المؤلفين الذين يعجبوني. أقرأ بورخس لقدرته الفائقة في التعبير اللفظي، إنه رجل يعلّم الكتابة، بمعنى، يعلّم صنفرة اللغة من أجل قول الأشياء. من وجهة النظر هذه، نعم، هو مميز. أعتقد أن بورخس يعمل على الواقع الذهني، وهذا هروب صرف، في المقابل، كورتاثر ليس كذلك".

ماريو فارغاس يوسا/ إسبانيا (Getty /7/9/2016)


إعادة نشر "تاريخ قتل الإله"
في إطار آخر، كان كتاب "تاريخ قتل الإله" قد اختفى من المكتبات منذ السبعينيات، بسبب الخلاف الشهير بين ماركيز ويوسا، ما دفع الكاتب البيروفي لوقف طبعه بعد نفاد طبعاته. الكتاب المؤسس على رسالة دكتوراة أعدها يوسا لجامعة كومبلوتنسي بإسبانيا حول رواية "مئة عام من العزلة"، كان أبلغ تعبير عن تقدير يوسا للكاتب الكولومبي. وبعد سنوات من اختفائه، يظهر الكتاب مجددًا في طبعة جديدة عن دار بارّال إديتورس.

وفي رأي النقاد، يعد كتاب يوسا عن "مئة عام" أفضل عمل نقدي كُتِب عن هذه الرواية، وأحد الأسباب الرئيسية للفت الانتباه للعمل وقراءته على ضوء جديد، قراءة من داخل منظور أميركا اللاتينية، ومن منظور ماركيز. ليس فقط لأن الصداقة التي جمعت بين الكاتبين الحائزين على نوبل أتاحت للكاتب البيروفي التعرف على مفاتيح النص ودلالاته، وإنما، أيضًا، لأن يوسا يتمتع بعقلية نقدية موسوعية وملم بتاريخ أميركا اللاتينية، كما أنه، قبل أي شيء، كاتب كبير.
في النهاية، من المتوقع أن يحدث كتاب "عزلتان" ضجة كبير في أوساط المهتمين بالأدب الأميركي اللاتيني، وخاصة داخل أروقة الجامعة الأوروبية، إذ نادرًا ما انتقد ماركيز كُتّاب هذه القارة، وفي هذا الكتاب يكشف عن وجه نقدي يختلف عن وجه الفنان المعروف به طوال هذه السنوات.
ويأتي ذلك على هامش الاحتفال بذكرى ميلاد الكاتب الكولومبي الرابعة والتسعين، في 6 آذار/ مارس، وذكرى رحيله السابعة، في 17 نيسان/ أبريل.

الدخول

سجل عن طريق

هل نسيت كلمة المرور؟

أدخل عنوان بريدك الإلكتروني المستخدم للتسجيل معنا و سنقوم بإرسال بريد إلكتروني يحتوي على رابط لإعادة ضبط كلمة المرور.

شكرا

الرجاء مراجعة بريدك الالكتروني. تمّ إرسال بريد إلكتروني يوضّح الخطوات اللّازمة لإنشاء كلمة المرور الجديدة.