}

جوائز "البافتا" 2022.. زيادة المُرشحات وتنويع "التمثيل العرقي"

وائل سعيد 10 فبراير 2022
"إنها عن الأشخاص الذين يجب أن نعرفهم، عوضًا عن الأشخاص الذين نعرفهم بالفعل"- بهذه الكلمات حددت اللجنة المانحة لجوائز "البافتا" (جوائز الأكاديمية البريطانية للأفلام) الآلية التي اتبعتها في اختيارها هذا العام، معربة عن حماسها بالتنوع في إعلانها عن القوائم المرشحة لـ 2022. كما أعرب كريشنيندو ماجومدار، رئيس اللجنة، عن سعادته "بتسليط الضوء على هذا العدد الهائل من العروض والقصص المتنوعة" مشيرًا إلى "أن عملية صنُع القرار قد تمت بالفعل قبل فضيحة نويل كلارك" ومؤكدًا على تجميد عضويته، وهو مخرج بريطاني يبلغ من العمر 46 عامًا، اتهمته 20 امرأة بالتحرش الجنسي، وفق تقرير نشرته صحيفة "الغارديان" البريطانية.  

تضم "البافتا" في لجنتها 7000 عضو للتصويت، وتهدف إلى زيادتهم بألف عضو جديد بحلول عام 2023، وهو ما صرح به ماجومدار في حديث لمجلة "فاريتي" مشيرًا إلى حملة التوسع التي انتهجتها الجائزة على مدار العامين الماضيين.. فـ"الأمر لا يتعلق فقط بزيادة أعداد الناخبين بقدر ارتباطه بالرغبة في التعرف على المزيد من التنويعات الفنية المختلفة من الأفلام بعيدا عن فكرة المحاصصة التي قد تُتهم بها أكبر الجوائز". قدمت الأكاديمية أيضًا آليات جديدة لهيئة المحلفين تتيح لهم المرونة والحرية في عملية التصويت؛ وهو ما أسفر عن نتائج غير متوقعة بين المتنافسين في العامين الماضي والحالي، عززه إتاحة جميع الأفلام على منصة "بافتا" لاختيار جائزة النجم الصاعد، وهي الفئة الوحيدة المُعتمدة على تصويت الجمهور.

وكانت الأكاديمية البريطانية قد تعرضت لمجموعة من الانتقادات على خلفية قائمتي 20/21 والتي لم تتضمن في ترشيحاتها أيًا من المتنافسين من ذوات البشرة الملونة، واتسمت بهيمنة الرجال على ترشيحات الإخراج، لذلك حرصت على عدم تكرار الخطأ من جديد وهو ما يتضح في قوائم العام الجاري التي تضم أكبر عدد من المرشحات على الإطلاق خلال الخمسة أعوام السابقة، بجانب زيادة عدد المرشحين في فئتي الإخراج والتمثيل موزعة بالتساوي بين الرجال والنساء، كما تشمل التغييرات التمثيل العرقي أيضًا، ولم يمنع ذلك من حضور قوي للفيلم البريطاني.    

صراع الجولات

كان من الطبيعي أن تشهد الجولة الأولى تنافسًا قويًّا وبأعداد كبيرة، يتم تصفيته على عدة جولات متتالية خرج في إحداها الفنان الأسباني خافيير بارديم عن دوره في فيلم "ريكاردوس"، واستمر الفيلم في منافسته على جائزتي أفضل سيناريو أصلي وأفضل موسيقى تصويرية. استبعد كذلك الممثل الانكليزي دانيال كريج، آخر من جسد شخصية العميل السري "جيمس بوند" عن دوره في فيلم "لا وقت للموت"، فيما رشح الفيلم لأربع جوائز: أفضل تصوير، صوت، مؤثرات بصرية، وأفضل فيلم بريطاني. وبقيت ستة أسماء تتبارى على جائزة أفضل ممثل: عديل أختار عن دوره في "علي وأفا"، الفيلم الذي يتنافس على جائزة أفضل فيلم بريطاني، وماهرشالا على "أغنية البجعة"، وستيفن جراهام على "نقطة الغليان". وأعرب الفنان ويل سميث عن سعادته لأن أدائه "لاقى صدى لدى البافتا" وهو أول ترشح له بالجائزة عن "الملك ريتشارد". ترشح سميث من قبل أربع مرات لجوائز غولدن غلوب نالها عن دوره في نفس الفيلم في دورتها الأخيرة، بالإضافة لجائزتي أوسكار لتبلغ قائمة ترشيحاته ما يناهز الثمانين، فيما تتخطى قائمة الجوائز التي حصل عليها نصف الرقم. وصفته مجلة "نيوزويك" الأميركية بأنه أكثر الممثلين المعاصرين تأثيرًا في هوليوود. هناك أيضًا بنديكت كومبرباتش عن دوره المميز في "قوة الكلب"، وهو فيلم دراما إنتاج دولي مشترك عن رواية بنفس الاسم للكاتب الأميركي توماس سافاج. اعترف كومبرباتش بأن هذا الفيلم "يبدو كأنه العودة إلى البيت، فرحلة الشخصية أخذتني إلى طرق غير مألوفة بالنسبة لي من قبل". وتكتمل القائمة بليوناردو دي كابريو عن دوره المتواضع في فيلم "لا تنظر إلى السماء"، برغم ما أثاره الفيلم من زوبعة على مواقع التواصل والسوشيال ميديا بجانب تصدره الإيرادات لشباك التذاكر.

أعرب الفنان ويل سميث عن سعادته لأن أدائه "لاقى صدى لدى البافتا" وهو أول ترشح له بالجائزة عن "الملك ريتشارد"  



أما عن الجانب النسائي، فقد خرجت من التنافس أسماء مثل نيكول كيدمان وجينيفر لورانس وفرانسيس مكدورماند، ومن الواضح أن الأميرة ديانا أيضًا لم تؤثر على لجان التحكيم، فقد لحقت بهن الممثلة الشابة كريستين ستيوارت عن دورها في فيلم "سبنسر" الذي يروي الفترة الأخيرة من حياة "ساحرة القلوب". وتأتي الممثلة الشابة ريناتي رينزفي في مقدمة السباق على جائزة أفضل ممثلة عن دورها الرائع في الفيلم النرويجي "أسوأ شخص في العالم" والذي يكشف عن الرغبات الدفينة لإحدى الفتيات في البحث عن الآخر والتي تدفعها لتكوين علاقات متتالية مع العديد من الأشخاص، والموسيقية الأميركية الشابة ألانا حاييم عن فيلم "بيتزا عرق السوس"، إخراج بول توماس أندرسون والذي يترشح عنه كأفضل مخرج بجانب ثلاثة ترشيحات أخرى: أفضل مونتاج، أفضل فيلم، وأفضل سيناريو أصلي.

ليس من الغريب أن تترشح مغنية البوب الأميركية ليدي غاغا عن دورها في فيلم "بيت غوتشي" لأفضل ممثلة، فقد عرفت بأسلوبها الخارج عن المألوف في مجال الأزياء. أطلقت غاغا ألبومها الأول بعنوان "الشهرة" والذي حقق لها نجاحًا كاسحًا ترشحت بعده لعدة جوائز غرامي. يتناول الفيلم قصة حياة آل غوتشي، الماركة الشهيرة في عالم الأزياء والموضة، ويتنافس على جائزتي المكياج وتصفيف الشعر وأفضل فيلم بريطاني. كما تتنافس الممثلة إميليا جونز كأفضل ممثلة عن دورها في فيلم "كودا"، الدراما الإنسانية في طابعها الكوميدي، عن الفتاة روبي، الشخص الوحيد القادر على الاستماع وسط عائلتها الصماء وأزمتها في المفاضلة بين حبها للموسيقى وواجبها نحو العائلة.


ترشحت كذلك النجمة البريطانية جوانا سكانلان عن دورها في فيلم "بعد الحب" وهو الظهور الأول للمخرج البريطاني من أصل باكستاني عليم خان ويتنافس به كأفضل فيلم بريطاني وأفضل إخراج بجانب جائزة العمل الأول. يحكي الفيلم عن امرأة مسلمة تعاني من اتهامها بخيانة الزوج بعد وفاته، في الوقت الذي تكتشف فيه علاقته بامرأة أخرى من خلال رسائل المحمول. في حديث لـ BBC قالت جوانا: "أنا أرتجف، حرفيًا، تخبط ركبتاي في بعضهما، كنت محظوظة كوني امرأة في الستين تلعب دور امرأة من نفس العمر ومن الحياة الواقعية".  

في فيلم "اجتياز" ذهب التصويت لاسمين من النساء؛ تيسا طومسون لأفضل ممثلة وروث نيجا كأفضل ممثلة مساعدة بالإضافة إلى تنافسه على جائزتي العمل الأول وأفضل فيلم بريطاني. تدور الأحداث في عشرينيات القرن الماضي بمدينة نيويورك حيث ينقلب عالم امرأة سوداء البشرة رأسًا على عقب حين تتشابك حياتها الجديدة مع صديقة طفولة سابقة تتظاهر بأنها من البيض. لم تكن ريبيكا هول، كاتبة ومخرجة الفيلم، على دراية بمشكلة الهوية العرقية للفرد من أجل الاندماج وسط الأغلبية، إلا أن رواية نيلا لارسن -المأخوذ عنها سيناريو الفيلم- كشفت لها "قانون العبور العنصري وما يُصاحبه من تقلبات إذا تم اجتيازها تتضح لنا حقائق حاسمة تخفيها ذواتنا العامة".

 من الواضح أن الأميرة ديانا لم تؤثر على لجان التحكيم؛ فقد خرجت من التنافس الممثلة الشابة كريستين ستيوارت عن دورها في فيلم "سبنسر"  



من بين المرشحات أيضًا لجائزة أفضل ممثلة مساعدة الممثلة والمغنية الأيرلندية جيسي باكلي عن دورها في فيلم "الابنة المفقودة"، ويتنافس أيضًا على أفضل سيناريو مقتبس، وتقول باكلي: "المشاركة في فيلم كهذا وسط هؤلاء النساء الرائعات كانت هي الجائزة الأكبر بالنسبة لي".

تضم القائمة الجديدة ثلاث نساء يتنافسن على فئة أفضل إخراج ويمثلن ثلاثة أعمار مختلفة، "جين كامبيون- قوة الكلب" وهي مخرجة ومنتجة أفلام أسترالية فازت بالعديد من الجوائز من بينها الأوسكار، والفرنسية "أودري ديوان- الحدث" وهي من أصل لبناني، ومن فرنسا أيضًا رُشحت المخرجة الشابة "جوليا دوكورناو" عن فيلمها المثير للجدل "تيتان". 

عناصر أخرى

تبلغ الأفلام المشاركة حوالي 50 فيلمًا، تتنافس على جوائز تتخطى عشرين عنصرًا من العناصر المختلفة للعمل السينمائي. ويأتي في المركز الأول فيلم الخيال العلمي الأميركي "Dune" الذي يتشارك مع نظرائه للتنافس على أكثر من جائزة بلغت 11 ترشيحًا منها أفضل فيلم، أفضل مونتاج، أفضل سيناريو مقتبس، وأفضل تصميم أزياء. الفيلم من إخراج الكندي دينيس فيلنوف. بينما يحتل الفيلم الكوميدي "بلفاست" المركز الثالث من حيث عدد الترشيحات- 6- من ضمنها أفضل فيلم، أفضل سيناريو أصلي، أفضل ممثل مساعد. 

 

في فئة أفضل فيلم أجنبي يتنافس الفيلم الياباني "قودي سيارتي – ريوسوكي هاماجوتشي"، مع الفيلم الايطالي "يد الله" للمخرج المتميز باولو سورينتينو. ويترشح فيلم "الوفد الفرنسي- إخراج ويس أندرسون" لجائزة أفضل تصميم أزياء، مع أفلام مثل "زقاق كابوس- جييرمو ديل تورو" وفيلم الجريمة الكوميدي "كرويلا - كريغ غيليسبي". أما المخرج الأميركي ستيفن سبيلبيرغ فقد ترشح فيلمه الأخير "قصة الحي الغربي" لخمس جوائز على مستوى التمثيل والإنتاج والصوت، وهو دراما موسيقية في معالجة جديدة لمسرحية آرثر لوران الشهيرة.

وتتنوع قائمة أفضل المؤثرات البصرية الخاصة بين الفانتازي والخيال العلمي، "الرجل الحر- شون ليفي"، "صائدو الأشباح: الآخرة - جيسون رايتمان" والفيلم الرابع من سلسلة أفلام مارتيكس "القيامة ماتريكس- لانا واتشوسكي". ولا شك في أن المجموعة بكاملها لا تخرج عن تيمة أفلام الإثارة والتشويق.

ترشحت النجمة البريطانية جوانا سكانلان عن دورها في فيلم "بعد الحب"   



أفلام ترشحت لفئة واحدة

رغم أن غالبية قائمة "البافتا" لهذا العام تتنافس على أكثر من جائزة؛ إلا أن هناك بعض الأفلام لم تُرشح سوى لفئة واحدة، ويأتي في مقدمها أحدث أفلام المخرج الأسباني بيدرو ألمودوفار "أمهات متوازيات"، بطولة النجمة بينيلوبي كروز، ويتنافس على جائزة أفضل فيلم أجنبي. كما يتنافس الفيلم الأميركي "مأساة ماكبث" على جائزة أفضل تصوير، وهو من إخراج جويل كوين في تجربته الأولى بمعزل عن الثنائي الشهير الأخوين كوين.

"سقوطهم الأصعب" ‏فيلم غرب أميركي من إخراج المغني وكاتب الأغاني بوليتس، يتنافس مع الفيلم البريطاني "تخيلات لوحة المفاتيح" لبوسي ديكسون على جائزة العمل الأول. وفي قسم المكياج وتصفيف الشعر يتنافس فيلم السيرة الذاتية "عيون تامي فاي- مايكل شوالتر" والفيلم الموسيقي "سيرانو" إخراج جو رايت. أما الطفل الإنكليزي ودي نورمان فقد رشح لجائزة أفضل ممثل مساعد عن دوره في فيلم "هيا.. هيا" وتم استبعاد بطل الفيلم خواكين فينيكس.

في الثالث عشر من مارس/ آذار القادم تشهد قاعة رويال ألبرت هول في لندن العاصمة فعاليات حفل الدورة الجديدة وتسليم الجوائز، ومن المقرر أن تتم الفعاليات في صورة حية بعدما لجأت الأكاديمية في العام الماضي مثل كثير من المهرجانات الدولية إلى إطلاق دوراتها عبر بث افتراضي. إلا أن ثمة معضلة تواجه المرشحين هذا العام؛ حيث اختارت لجنة جمعية نقاد السينما الأميركية نفس اليوم لتوزيع جوائزها، وهناك عدد لا بأس به من الأفلام والأسماء المشتركة في القائمتين. ومن المعروف أن قوائم "البافتا" تمثل للنجوم وصناع السينما الخطوة السابقة لتنافس الأوسكار، وكثيرًا ما تكررت الأسماء بين القائمتين كما حدث في الدورة الفائتة- 93، لذلك لا يترقب العالم نتيجة "البافتا" لهذا العام فقط بل والدورة 94 لجوائز الأوسكار أيضًا.

 

الدخول

سجل عن طريق

هل نسيت كلمة المرور؟

أدخل عنوان بريدك الإلكتروني المستخدم للتسجيل معنا و سنقوم بإرسال بريد إلكتروني يحتوي على رابط لإعادة ضبط كلمة المرور.

شكرا

الرجاء مراجعة بريدك الالكتروني. تمّ إرسال بريد إلكتروني يوضّح الخطوات اللّازمة لإنشاء كلمة المرور الجديدة.