}

حظ كبير للرواية الأولى بالقائمة الطويلة لـ"جائزة المرأة للرواية"

سناء عبد العزيز 21 مارس 2023
تغطيات حظ كبير للرواية الأولى بالقائمة الطويلة لـ"جائزة المرأة للرواية"
روايات القائمة الطويلة لـ"جائزة المرأة للرواية"

انطلقت "جائزة المرأة للرواية" Women's Prize for Fiction عام 1996 كنوع من التعويض عن إغفال الجوائز المرموقة لأعمال المرأة ورؤيتها شديدة الخصوصية لفن الحكي من رحم الحياة. وكان من الطبيعي جدًا أن تستثمر الهيئة المانحة اليوم العالمي للمرأة في الإعلان عن قائمتها الطويلة المؤلفة من 16 عملًا لتعكس النتاج البارز للكاتبات على مستوى العالم اللاتي يكتبن بالإنكليزية والترويج لهن على أوسع نطاق ممكن. وفي هذا العام بينما تحتفي الجائزة بعامها الـ 28، أعلنت عن توسيع نطاقها لتشمل الكتب غير الخيالية بأقلام النساء، وجاءت قائمتها الطويلة في عيد المرأة لتتضمن سبع كاتبات من بريطانيا وخمس كاتبات من أميركا وكاتبة واحدة من كل من أيرلندا وكندا وزيمبابوي وفرنسا.  

تصف لويز مينشين، رئيسة لجنة التحكيم، الكتب المختارة هذا العام بأنها: "احتفال مجيد بالخيال اللامحدود والطموح الإبداعي للكاتبات خلال العام الماضي. كل كتاب من هذه الكتب الستة عشر يتسم بالأصالة والموهبة ويحمل رؤية عن التاريخ والإنسانية، ويستكشف الحقائق الصعبة بتعاطف وحساسية ومباشرة وأحيانًا بدعابة سوداء. يوجد شيء هنا لجميع القراء على اختلاف مشاربهم!".

امتداد جغرافي وتجوال حرّ في أروقة التاريخ

يمتد نطاق الكتب الستة عشر إلى فضاءات متعددة وأزمنة تتراوح بين الماضي والحاضر والمستقبل، بدءا من عصر النهضة بإيطاليا، وريف الهند، وحصار سراييفو، وأيرلندا الشمالية خلال فترة الاضطرابات المشؤومة، وأحوال ولاية فيرجينيا تحت وطأة الفقر والمخدرات، وسينما قديمة ترفل بالهلاوس والخزعبلات إلى مملكة خيالية تحكمها الحيوانات، وعالم رائع تحت الماء يزخر بكائنات غير عادية مثيرة للاهتمام وهو ما نستكشفه ببراعة في رواية "القرنة/ Pod" للكاتبة البريطانية لالين بول والتي غامرت بالغوص في أعماق البحار بحثًا عن المعنى الحقيقي للأسرة والانتماء والتضحية من خلال عينيّ دولفين، وهي أنثى تدعى "إيا" تضطر إلى مغادرة سربها لأنها تعاني من نوع من الصمم يتسبب في حرمانها من إتقان طقوس الغزل التي توحد مجموعتها من الدلافين الدوارة، ويجلب المآسي لأسرتها. لكن مغادرة الجماعة ليست بالأمر السهل فإذا بالمخاطر تحيق بها في كل مكان، من الحيوانات المفترسة الكامنة إلى الأجسام الغريبة التي تطفو في الماء، ومع تأزم الصراع تكتسب إيا نوعًا من الخبرة والتجربة التي يحتاجها كل كائن حي لينمو ويتطور وعيه ويحقق لنفسه الاستقلال التام. في هذا الصدد تقول الروائية وكاتبة القصة إيرينوسن أوكوجي، عضو لجنة التحكيم: "إن ’القرنة’ استكشاف رائع لدولفين ومحيطه، يبحر في الحياة البحرية الغادرة. إنه يتعامل مع الفصل بين البشر والحيوانات، ويسمح لنا برؤية أن هذه المخلوقات غنية بحياتها الداخلية، فيا لها من قراءة ممتعة".

على نحو مشابه، تستنطق نوفيوليت بولاوايو في "المجد/ Glory" مجموعة من الحيوانات لوصف الحياة السياسية وتأزمها في زيمبابوي في أثناء فترة انقلابية فنتعرف على شخصيات استثنائية وغرائبية، ونصل من خلالها إلى حقائق مهمة لمسيرة الجنس البشري التي دائمًا ما تعرقلها جحافل الطغاة وصمت الضحايا. لهذا تعتقد مينشين أن جميع الكتب المدرجة في القائمة "رائعة ومميزة بطريقتها الفردية. معظمها زودنا برؤية جديدة عن أشياء مختلفة: حول التاريخ والإنسانية. إنها تتعامل مع بعض الموضوعات الصعبة للغاية، والحقائق الشائكة، وبعضها يتمتع بروح الدعابة السوداء الرائعة".

في "الحنين إلى الوطن/ Homesick" نتعلم مع المؤلفة والناقدة والمترجمة الأميركية جنيفر كروفت طريقة جديدة للاستشفاء بالكلمات من خلال قصة الأختين إيمي وزوي حيث تقضي إحداهما طفولتها في المستشفيات والأمراض، بينما يزدهر وعي الأخرى وتظهر قدرة فطرية على اكتشاف عالم يتجاوز المشاكل في حياتها المنزلية من خلال اللغة وسحر الكلمات. وكروفت هي مترجمة رواية "الرحلات الجوية"، للكاتبة النوبلية أولغا توكارتشوك، فازت عنها بالبوكر الدولية مناصفة مع أولغا، وغطتها "ضفة ثالثة" آنذاك.

لجنة التحكيم لا تطيق صبرًا من فرط الانفعال...

أكثر من نصف القائمة الطويلة لهذا العام هي الروايات الأولى بالنسبة لصاحباتها، وتبلغ تسع روايات، منها "اندفاع النار / Fire Rush" لجاكلين كروكس، والتي ترسم صورة لا تُنسى للأنوثة السوداء. تقول عنها مينشين: "تعلقت بهذه الحكاية. إنها قصة حب يتم سردها من وجهة نظر امرأة شابة بريطانية سوداء نشأت في السبعينيات في لندن. لم أستطع تركها، ولا أطيق الانتظار حتى يقرأها الناس". كروكس المولودة في جامايكا تكتب عن الهجرة الكاريبية والثقافات الفرعية، ولا سيما القصص الخارقة للطبيعة، بينما تتقاطع معها "ممفيس/ Memphis" للكاتبة تارا إم سترينغفيلو بسرد ثلاثة أجيال من النساء السود في الخلفية المتطورة لأميركا الجنوبية.

"التعديات/ Tresspasses" هي الرواية الأولى للإيرلندية لويز كينيدي وبالرغم من أنها تقدم صورة حية لفترة الاضطرابات في أيرلندا الشمالية، فهي عن الناس العاديين الذين تغزو السياسة حياتهم، ويتلون الحب لديهم بالعنف وتنتشر عبارات مثل "القنبلة الحارقة" و"الرصاص المطاطي" في المقررات الدراسية لأطفال لا تتعدى أعمارهم السنوات السبع. كينيدي هي مؤلفة المجموعة القصصية الشهيرة "نهاية العالم هي طريق مسدود/ The End of the World is a Cul de Sac"، وقد قضت ما يقرب من 30 عامًا تعمل طاهية، واكتسبت القدرة على صنع قصة شهية من حياة الناس العاديين الذين يعيشون أوقاتًا غير عادية.

أعضاء لجنة التحكيم: من اليمين: راشيل جويس، إيرينوسن أوكوجي، لويز مينشين، توليب صدّيق، وبيلا ماكي


تصف الكاتبة والصحافية بيلا ماكي، عضو لجنة التحكيم، "كلب الشمال/ The Dog of the North" للأميركية إليزابيث ماكنزي بأنها "قصة غريبة عن امرأة تسافر في جميع أنحاء البلاد في شاحنة. لقد وجدتها مضحكة للغاية ومؤثرة للغاية". وهي رواية من نوع الكوميديا السوداء عن امرأة خرجت في رحلة طويلة وجابت الآفاق بحثا عن نفسها. كذلك "ملكات الإجرام/ The Bandit Queens" نوع من الكوميديا السوداء، وهي الرواية الأولى للكاتبة الأميركية من أصل هندي باريني شروف، ولكنها ليست الأولى التي تصف حال المرأة في الهند ووتيرة العنف المتزايدة يومًا عن يوم، وشراسة الانتقام النسوي. وتدور حول امرأة منعزلة تدعى جيتا أشيع أنها قتلت زوجها المختفي، ولا تفكر حتى في دفع التهمة عن نفسها مستفيدة مما ستوفره لها الإشاعة من حماية باعتبارها امرأة شرسة وهي أمس ما تحتاجه امرأة عزباء في ريف الهند غير الآمن. غير أن الموقف يتصاعد حين يطلب منها المساعدة في تخليص زوجة أخرى من زوجها الذي يسيء معاملتها، ما يفضي إلى سلسلة من الأحداث تغير حياة جميع النساء في القرية، وهذا هو المتوقع بعد تاريخ لا يغتفر من التجاوزات. تقول مينشين: "’ملكات الإجرام’ رواية غير عادية بالنسبة للرواية. لم أقابل أبدًا شخصية مثل جيتا. إنها تلهم النساء الأخريات في قريتها في الهند لقتل أزواجهن. تبدو الرواية سوداوية لكنها أيضًا مقنعة تمامًا ومضحكة للغاية".

"أنا معجب/ I'am a fan" هي أول رواية للكاتبة البريطانية شينا باتيل وتحكي قصة تورط راو لم يذكر اسمه في علاقة رومانسية تبدو غير متكافئة. كما تقدم نقدًا مدمرًا لوسائل التواصل الاجتماعي والأنظمة الأبوية. وفي "تجول الأرواح/ Wandering Souls"، الرواية الأولى والمفجعة للكاتبة سيسيل بين، نستكشف الروابط التي تربطنا ببعض، حتى عندما تفرقنا البحار أو الموت نفسه. أبطالها ثلاثة أشقاء يفرون بالقارب بعد رحيل آخر جندي أميركي من فيتنام، إلى هونغ كونغ. بينما يخوض آباؤهم وأربعة أشقاء أصغر رحلة الهروب في قارب آخر، لكن قاربًا واحدًا يكتب له النجاة، ليصحبهم دائمًا صوت الموتى من مكان غامض.


أساطير لا تخص المرأة وحدها

تبث "حجر الأعمى/ Stone Blind" للكاتبة والممثلة البريطانية ناتالي هاينز الحياة في أسطورة ميدوسا المخيفة، الكائن الفاني الوحيد في عائلة من الآلهة ومن ثم فهو الوحيد الذي يختبر التغيير، والإلحاح المرتبط بقصر الحياة الذي لا تعرفه أسرتها أبدًا وعندما يرتكب إله البحر بوسيدون عملًا لا يُغتفر في معبد أثينا، تنتقم الإلهة وتتغير ميدوسا إلى الأبد؛ تحل الثعابين المتلألئة محل شعرها، وتحول نظرتها أي كائن حي إلى حجر، لا شيء تنظر إليه ميدوسا دون أن تلحق به الدمار. تقول بيلا ماكي عضو لجنة التحكيم: "’حجر الأعمى’ هي إعادة سرد لقصة ميدوسا، وهي مضحكة للغاية. إنها ذكية للغاية، وتكسر الجدار الرابع وهذا ما أحببته".

في "خبز ملعون" للبريطانية صوفي ماكينتوش تقع زوجة خباز بسيطة تحت تأثير تعويذة ما وتحت السطح الهادئ للحياة اليومية، تحدث أشياء غريبة. كأن يعثروا على ستة خيول ميتة في حقل مشمس. وترى الأرامل أطياف أزواجهن تمشي فوق النهر المقمر، ويلقي صبي مراهق بنفسه في النار في وليمة. وينتشر الجنون في جميع أنحاء المدينة، وعندما تفهم زوجة الخباز سر ما يحدث وطبيعة دورها فيه، يكون الأوان قد فات.

"أطفال باراديس/ Children of Paradise" رواية سوريالية للكاتبة الكندية كاميلا غرودوفا، وهي قصة امرأة تتقدم للحصول على وظيفة في واحدة من أقدم دور السينما تدعى باراديس محشورة في الطابق الأرضي من مبنى سكني وتعتقد أنها ستكون مثل أي وردية في عمل آخر. لكن العيش وسط هذه الهلاوس يحولها من الكدح الصامت إلى المتمردة وتصبح جزءًا من الباراديس تدريجيًا تسرد تاريخها واستحواذ الشركات عليها ويصطدم الواقعي والمتخيل بأسلوب جذاب.

منافسة شرسة

تواجه الروائيات الجدد المبدعات الحائزات على جائزة المرأة سابقًا مثل الكاتبة والشاعرة الأميركية باربرا كينجسولفر، التي فازت في عام 2010 عن روايتها "الثغرة/ The Lacuna"، وتم اختيارها هذا العام عن "ديمون كوبرهيد/ Demon Copperhead". وتعتبر إعادة تصور لرواية "ديفيد كوبرفيلد" لديكنز في العصر الحديث. تبدأ مع ولادة ديمون البائسة لأم عزباء، لتنتظره حياة تحتاج إلى روح قتالية وسرعة بديهة ومواهب خاصة في جبال الأبلاش الجنوبية بولاية فرجينيا التي ينخرها الفقر والإدمان. تصفها راشيل جويس، عضو لجنة التحكيم: "إنها قصة عن صبي صغير لا يريده أحد، ومع ذلك يتمتع بهذه الروح التي لا تقهر. ويستمر في الظهور مثل الفلين".

أيضًا ماغي أوفاريل، التي فازت عام 2020 عن "هامنت"، أدرجت روايتها التاريخية "بورتريه الزواج/ Portrait The Marriage" في قائمة المرأة هذا العام وتدور أحداثها في شتاء 1561م عن عروس شابة تدعى لوكريزيا، دوقة فيرارا، تموت صغيرة بعد أن يستدرجها زوجها إلى فيللا ريفية نائية ويخطر ببالها أنه ينوي قتلها وتظهر عواقب قربها من السلطة وتزوجها من الدوق. تصفها توليب صدِّيق، المحكم وعضو مجلس النواب: "إنها قصة بطلة قوية، مكتوبة بشكل جميل، وهي معقدة، وتأتي النهاية على غير ما تتوقعه".

تكتمل القائمة الطويلة بـ "الفراشات السوداء/ Black Butterflies" لبريسيلا موريس في الذكرى الثلاثين لحصار سراييفو، وهي مستوحاة من حكايات واقعية لأطول حصار في الحرب الحديثة، حيث تقيم العصابات القومية حواجز تقسم المدينة المتنوعة إلى جيوب عرقية. وكل صباح، يدفع السكان - سواء أكانوا مسلمين أو كرواتيين أو صربا - الحواجز جانبًا بشكل مؤقت.

سوف يعلن عن القائمة القصيرة المكونة من ستة كتب يوم 26 أبريل/ نيسان، وعن الفائزة النهائية يوم 14 يونيو/ حزيران. ومع حلول العام القادم سيتم منح الجائزة الجديدة لأول فائزة من المبدعات في مجال الكتب غير الخيالية.

الدخول

سجل عن طريق

هل نسيت كلمة المرور؟

أدخل عنوان بريدك الإلكتروني المستخدم للتسجيل معنا و سنقوم بإرسال بريد إلكتروني يحتوي على رابط لإعادة ضبط كلمة المرور.

شكرا

الرجاء مراجعة بريدك الالكتروني. تمّ إرسال بريد إلكتروني يوضّح الخطوات اللّازمة لإنشاء كلمة المرور الجديدة.