}

مهرجان "كان" الـ76: عودة مخرجين كبار ومشاركة عربية

عبد الكريم قادري 18 أبريل 2023
تغطيات مهرجان "كان" الـ76: عودة مخرجين كبار ومشاركة عربية
(من الندوة الصحافية لإعلان الأفلام المشاركة بدورة الـ76)


بمجرد إعلان تفاصيل الدورة الـ76 (16 ـ 27 أيار/ مايو 2023) لمهرجان "كان" السينمائي صباح يوم 13 نيسان/ أبريل، من قبل المدير الفني تيري فيرمو، خلال ندوة صحافية عقدها بباريس، ضجّت مواقع التواصل الاجتماعي وبعض المنابر الإعلامية العربية بخبر اختيار بعض الأفلام العربية للمشاركة في الدورة، احتفاء بهذه الاختيارات والمشاركات، إذ استحوذ هذا الخبر بشكل أساسي على اهتمام فئة واسعة من صنّاع السينما والمثقفين والإعلاميين، وحتى من قبل الجمهور العادي المحب للسينما وتفاصيلها، بالرغم من أنه حدث عادي جدًا، لا يستدعي كل هذا التركيز والاهتمام الكبيرين، لكن هذا الأمر يمكن أن يفرز العديد من الإشارات حول منطلقات العالم العربي الثقافية، خاصة في مجال صنّاعة السينما التي لا تزال مجرد "بريستيج" لدى العديد من تلك الدول، فيما لا تزال أخرى تنظر لها بريبة وتعتبرها مجرد عبث وعبء على الدولة، لا خير ثقافيًا يرجى منها، حيث لا يمكن أن تتجاوز معظم إنتاجات كل الدول العربية مجتمعة ما تنتجه دولة أوروبية واحدة كفرنسا مثلًا. ويرجع هذا للعديد من العوامل ليس هذا محل تشريحها وتحليلها وتعداد أسبابها، لهذا بقيت بعيدة كل البعد عن الصناعة السينمائية وما تحتويه من معان، إضافة إلى غياب شباك التذاكر الذي يشكل موردًا أساسيًا لتدوير عجلة هذا الاقتصاد المعرفي، ليتم فقط تسجيل بعض الفلتات السينمائية سنويًا، مسنودة بصناديق الدعم المشتركة التي تتعاون فيها العديد من الجهات، كحال الأفلام التي ستشارك في "كان" هذه السنة.

"جانّ دو باري" وغراميات لويس الخامس عشر

عدّد المدير الفني فيرمو الأفلام المشاركة في المسابقات الرسمية والبرامج الفرعية، باستثناء مسابقة الأفلام الروائية القصيرة، وقسم "أسبوع النقاد" الذي تنظمه جمعية نقاد السينما الفرنسيين مع اتحاد الصحافيين السينمائيين الدولي (فيبريسي)، إضافة إلى تظاهرة "نصف شهر المخرجين" التي تنظمها جمعية المخرجين الفرنسيين. كما ذكر عناوين الأفلام العربية المشاركة وجنسياتها.

ومن بين الأفلام المشاركة في هذه الطبعة، تم اختيار فيلم "جانّ دو باري" (Jeanne du Barry) (113 دقيقة، 2023)، ليفتتح التظاهرة، وهو سادس أعمال المخرجة والممثلة الفرنسية مايوين، ذات الـ46 عامًا، وسيتم عرض الفيلم مباشرة بعد انتهاء مراسم الافتتاح، على شاشة "غران تياتر لوميير". تدور أحداث هذا العمل التاريخي خلال سنة 1743، في فترة الملك الفرنسي لويس الخامس عشر، ومن المثير أن يلعب الممثل الأميركي المثير للجدل جوني ديب دور البطولة، فيما تشاركه الممثلة والمخرجة مايوين التي تلعب دور العشيقة الطموحة التي تستغل ثقافتها وجمالها لتجاوز العديد من العقبات، حتى تصل إلى قمة الهرم، بعد أن تدخل في علاقة حب جنونية مع الملك. وشاركت في هذا الفيلم مجموعة من الممثلين البارزين، أهمهم  نجامين لافيرن، وميلفيل بوبو، وبيار ريشار، وباسكال جريجوري، ونويمي لفوفسكي، وإينديا هير. والمثير للاهتمام في هذا الفيلم أن السعودية شاركت في إنتاجه، ممثلة في صندوق الدعم لمهرجان البحر الأحمر الدولي السينمائي.

لقطة من فيلم "جانّ دو باري" (Jeanne du Barry)  وقد تم اختياره ليفتتح التظاهرة


عودة مخرجين كبار بعد كساد الكوفيد

من المرتقب أن تكون هذه الدورة قوية ومختلفة، خاصة وأنها تعرف مشاركة العديد من الأفلام المهمة، لمخرجين عالميين تركوا بصمتهم البارزة في السينما وفي المهرجان نفسه، أبرزهم المخرج التركي نوري جيلان والذي سيشارك في المسابقة الرسمية بفيلمه المرتقب "عن الحشائش الجافة"، إضافة إلى مشاركة المخرج البريطاني كين لوتش بفيلمه "شجرة البلوط القديمة". كما سيشارك الفيلم الألماني "أيام مثالية" للمخرج فيم فيندرز. ومن المفاجآت السارة أيضًا مشاركة المخرج الياباني هيروكازو كوريدا بفيلم جديد تحت عنوان "الوحش"، وهو مخرج معروف سبق أن نال العديد من الجوائز المرموقة عن فيلمه "سارقو المتاجر" الذي حصل على السعفة الذهبية سنة 2018. كما تشارك المخرجة التونسية كوثر بن هنية في المسابقة الرسمية بفيلم تحت عنوان "بنات ألفة"، والمخرج الفنلندي الكبير أكي كوريسماكي بفيلم "أوراق الشجر المتساقطة". كما سيشارك المخرج الأميركي ويس أندرسون بفيلم تحت عنوان "مدينة أسترويد"، والمخرج تود هاينز بفيلم "مايو ديسمبر"، إضافة إلى عودة المخرج البرازيلي من أصول جزائرية كريم عينوز بفيلم تحت عنوان "Firebrand"، إضافة إلى العديد من الأفلام الأخرى، سواء في المسابقة الرسمية أو الأقسام الأخرى الموازية.

من المرتقب أن تكون هذه الدورة قوية ومختلفة، خاصة وأنها تعرف مشاركة العديد من الأفلام المهمة لمخرجين عالميين تركوا بصمتهم البارزة في السينما وفي المهرجان نفسه

كما سيتم عرض أربعة أفلام مهمة خارج المسابقة، من بينها فيلم "Cobweb" للمخرج جي وون كيم، إضافة إلى فيلم "إنديانا جونز" لجيمس مانغولد، وفيلم "الآيدول" لسام ليفنزون. أما الفيلم المنتظر والذي تم اختياره ليكون خارج المسابقة فهو للمخرج الكبير مارتن سكورسيزي الذي اختار له عنوان "قتلة زهرة القمر"، وقد شاركت فيه مجموعة من نجوم السينما الأميركية، أبرزهم ليوناردو دي كابريو وروبرت دي نيرو وغيرهما من النجوم، وتدور وقائع الفيلم المرتقب في الغرب الأميركي بما يعرف أفلام الوسترن، وقد تم اقتباسه من كتاب يحمل العنوان نفسه للصحافي ديفد غران.

كمال لزرق وملصق فيلمه "Les Meutes" ومحمد كردفاني وملصق فيلمه "وداعًا جوليا"


أفلام عربية

مفاجأة هذه الدورة عكستها عملية اختيار فيلم "وداعًا جوليا" لمحمد كردفاني، وهو أول فيلم سوداني يشارك في هذا المهرجان العريق بعد 75 دورة كاملة، وهو نصر سينمائي كبير، خاصة وأنه بدأت في السنوات الأخيرة تتشكل رؤى سينمائية ثاقبة، عكستها مجموعة من الشباب، يؤمنون بالسينما كفن يعكس ثقافة البلد ومقوماته. ومن بين هذه الأسماء التي حملت على عاتقها هذا التحدي أمجد أبو العلا الذي قدّم سنة 2019 فيلمًا روائيًا طويلًا بعنوان "ستموت في العشرين"، الذي صال وجال في العديد من مهرجانات العالم وقاعاته السينمائية، ومن المفيد الاشارة إلى هذا المخرج الذي يكون قد ساهم في إنتاج فيلم "وداعًا جوليا"، من هنا تظهر حلقات الصناعة السينمائية المتراصة والمتشابكة. ومن الصدف أن تكون نفس السنة التي انطلق فيها فيلم أبو العلا أخرج فيها صهيب قسم الباري فيلمه الوثائقي الجميل "الحديث عن الأشجار" الذي شارك في مهرجان برلين السينمائي سنة 2019، وهذا نفس الدور التثقيفي والتعريفي الذي تقوم به المخرجة السودانية مروى زين، لتكون هذه السلسلة السينمائية أكثر متانة وتشي بالكثير مستقبلا، وما فيلم "وداعًا جوليا" إلا ثمرة من هذا الزخم السينمائي. وينتمي الفيلم حسب بطاقته الفنية "إلى الدراما الاجتماعية، مع جانب تشويقي له طابع مستلهم من السينما الواقعية، ويبرز الجوانب المتعددة للثقافة السودانية التي لم يسبق لها العرض على شاشة السينما من قبل، وذلك من خلال جميع عناصر الفيلم سواء الموسيقى أو طاقم العمل أو أسلوب التصوير".

وتدور أحداثه في مدينة الخرطوم قبيل انفصال الجنوب، حيث تتسبب منى، المرأة الشمالية التي تعيش مع زوجها أكرم، بمقتل رجل جنوبي ثم تقوم بتعيين زوجته جوليا التي تبحث عنه كخادمة في منزلها ومساعدتها سعيًا للتطهر من الإحساس بالذنب.

شارك في بطولة العمل حسب البطاقة الفنية للفيلم، كل من الممثلة المسرحية والمغنية إيمان يوسف، وعارضة الأزياء الشهيرة وملكة جمال السودان السابقة سيران رياك، والممثل المخضرم نزار جمعة وقير دويني، وقد قامت بعملية المونتاج هبة عثمان، وقامت بهندسة الصوت رنا عيد. وقد صمم أزياء الفيلم محمد المر الذي ترك بصمته على مجال الأزياء السوداني وصناعة الأفلام من خلال المشاركة في فيلمين هما: "ستموت في العشرين" والفيلم القصير "الست".

أسماء المدير وملصق فيلمها "كذب أبيض" والمخرجة كوثر بن هنية وملصق فيلمها "بنات ألفة" 


وفي نفس مسابقة "نظرة ما" تشارك المخرجة المغربية أسماء المدير بفيلم وثائقي تحت عنوان "كذب أبيض"، وقد شاركت قناة الجزيرة الوثائقية القطرية في إنتاجه، ويحكي الفيلم حسب ما جاء في ملخصه: "عن رحلة عودة للمخرجة إلى منزل والديها بمدينة الدار البيضاء المغربية لمساعدتهما على الانتقال إلى منزل آخر، لتجد صورة أطفال يبتسمون في ساحة مدرسة، وعلى حافة إطار الصورة تشدها فتاة صغيرة تجلس على مقعد وتنظر إلى الكاميرا بخجل. إنها الصورة الوحيدة للمخرجة وهي طفلة، لكنها مقتنعة بأنها ليست الطفلة الموجودة في الصورة. وعلى أمل أن تجعل والديها يتحدثان، تستخدم المخرجة أسماء المدير كاميرتها وتنتقل من هذا الحدث الحميم لتفتح جراحا مرتبطة بانتفاضة الخبز سنة 1981 والتي بصمت التاريخ الدموي المعاصر للبلد".

كما يشارك ابن بلدها المخرج كمال لزرق في هذه المسابقة بفيلم تحت عنوان "Les Meutes" وهو أول الأفلام الطويلة للمخرج، بعد تجربة دامت سنوات في إخراج الأفلام القصيرة، أهمها فيلم "مول الكلب" الذي أخرجه سنة 2014.

أما في المسابقة الرسمية فقد تم اختيار الفيلم التونسي "بنات ألفة" للمخرجة كوثر بن هنية، وهو من بطولة ألفة الحمروني وآية الشّيخاوي وتيسير الشّيخاوي وهند صبري ونور القروي وإشراق مطر ومجد مستورة، وهو الفيلم الطّويل الخامس لكوثر بن هنيّة الّتي تمّ ترشيحها لمسابقة الأوسكار بفيلم "الرّجل الّذي باع ظهره"، وشاركت في قسم "نظرة ما" لمهرجان "كان" الدّولي بفيلم "على كف عفريت". وهو من إنتاج سيني تيلي فيلم وتانيت فيلم.
 

الدخول

سجل عن طريق

هل نسيت كلمة المرور؟

أدخل عنوان بريدك الإلكتروني المستخدم للتسجيل معنا و سنقوم بإرسال بريد إلكتروني يحتوي على رابط لإعادة ضبط كلمة المرور.

شكرا

الرجاء مراجعة بريدك الالكتروني. تمّ إرسال بريد إلكتروني يوضّح الخطوات اللّازمة لإنشاء كلمة المرور الجديدة.