}

"فلسطين... خيط الذاكرة": العدالة للفلسطينيين

ميسون شقير ميسون شقير 18 يونيو 2023
تغطيات "فلسطين... خيط الذاكرة": العدالة للفلسطينيين
غطت تيريزا أرانغورين معظم أماكن الصراع في الشرق الأوسط
على هامش معرض الكتاب الذي أقيم في منطقة قلعة دي إيناريس في مدريد، واحتفاء بيوم الكتاب العالمي (21 أبريل/ نيسان)، الذي يصادف يوم رحيل كل من وليم شكسبير، وميغيل سيرفانتس، الكاتبين اللذين يعدان من أبرز الذين أثروا في الأدب العالمي، أقيم حفل تقديم وتوقيع الطبعة الجديدة من كتاب "فلسطين... خيط الذاكرة"، للكاتبة والصحافية الإسبانية تيريزا أرانغورين، بإشراف كل من دار كانتا أرابيا للطباعة وللنشر، ومكتبة سين تاريما، علمًا أن الطبعة الأولى من هذا الكتاب نشرته دار باراتاريا عام 2004، وصدرت الطبعة الثانية منه عام 2012 عن دار بلباو.
الكتاب يمثل قصة مرتبطة بذاكرة الشعب الفلسطيني، وبذاكرة الكاتبة نفسها، الأمر الذي يدل، تبعًا لما صرحت به المستعربة والباحثة والمترجمة كارمن رويث برابو، على أن الكتاب "قد حظي بإقبال واضح من قبل القارئ الاسباني، الذي شدّه هذا التضافر بين الحقائق والوثائق التاريخية التي تخص التاريخ الفلسطيني المعاصر، وبين القصص القادمة من ذاكرة الجدّات والأمهات الفلسطينيات اللاتي التقتهن الصحافية في أثناء تغطيتها للغزو الاسرائيلي للبنان عام 1982، وهو الأمر الذي قدم إلى القارئ الإسباني المعرفة الحقيقية عن ظروف الاستعمار الصهيوني لشعب أعزل، حيث أضافت القصص المروية المروعة في الكتاب، لحمًا ودمًا للتاريخ الذي يحاول العالم تناسيه".
الجدير بالذكر أن تيريزا أرانغورين هي صحافية إسبانية غطت معظم أماكن الصراع في منطقة الشرق الأوسط، حيث شاركت في تغطية الحرب العراقية الإيرانية، كما غطت حرب الخليج الثانية عام 1991، وعملت مراسلة لقناة "تلي مدريد" التلفزيونية إلى منطقة الشرق الأوسط، لمدة خمسة عشر عامًا (منذ عام 1989).




تقول تيريزا في بداية الكتاب: "لقد كنت في بيروت عند الغزو الإسرائيلي عام 1982. غادرت المدينة عندما كانت محاطة بالدبابات الاسرائيلية، عندما ترك هناك الناس الذين كانوا جميعًا على وشك الموت. حينها طلبت مني صديقة فلسطينية أن أخبر العالم بما حدث ويحدث فعلًا للشعب الفلسطيني، وها أنا أخبركم".
تضيف تيريزا: "إن حقيقة فظيعة تحدث في تلك البقعة من الأرض التي تسمى فلسطين، وهي حقيقة معروفة للجميع، غير أنه لا أحد يحرّك ساكنًا في هذا العالم، أنا مدركة لحجم التضليل الاعلامي المرعب الموجود في ما يتعلق بهذا الموضوع، ذلك التضليل الذي لم يكن أكثر من استراتيجية للصهيونية والغرب لإخفاء حقيقة ما يحدث اليوم، أنا لا أريد أن أخفي أنني أؤيد حق الفلسطينيين في بلادهم كاملة غير منقوصة، لأنه لا ينبغي لنا الخلط بين الموضوعية وبين انحيازنا الإنساني، يجب أن يقودنا البحث عن الحقيقة إلى وضع أنفسنا، والانحياز إلى جانب المظلوم دائمًا".
يحتوي الكتاب على عمل توثيقي رائع، بالإضافة إلى ذكريات وخبرات تيريزا أرانغورين، والمقابلات التي أجرتها مع كبيرات السن الفلسطينيات اللاتي طردتهن الدولة الصهيونية من أرضهن في عام 1948: "إن كل شيء مكتوب وموثق، ابتداء من تواجد الدولة العثمانية في فلسطين في القرن التاسع عشر، ثم مجيء الاحتلال البريطاني حتى عام 1947؛ وصولًا إلى بدء الاحتلال الصهيوني المرعب، وبدء عملية الترحيل القسري لشعب أعزل بالكامل. كان من المدهش مدى سهولة تسرب الأكاذيب الهائلة حول حقيقة ما حصل في فلسطين، وفي الواقع، لقد كانت أكبر وأخطر هذه الأكاذيب التي أفسحت المجال لاستعمار فلسطين وسلبها هي مقولة: (أرض بلا شعب لشعب بلا أرض)".
ومن الصفحة الأولى في الكتاب، يطالع القارئ أربع خرائط صغيرة تظهر السلب المستمر، وسرقة الأرض، التي عانى منها الشعب الفلسطيني منذ عام 1948، وولادة دولة إسرائيل الصهيونية، أمام لامبالاة القوى الغربية. ثم تبدأ تيريزا بروي تفاصيل دخول الجيش الإسرائيلي إلى بيروت عام 1982، وحالة الرعب التي اجتاحت المدينة، وكل من فيها من لبنانيين وفلسطينيين، ثم تنتقل إلى قسم الشهادات الحية التي نقلتها من الحكايات والتفاصيل التي سردتها لها ذاكرة النساء الفلسطينيات اللاتي التقتهن تيرزا في مخيمات الفلسطينيين في العاصمة اللبنانية بيروت، ولعل ما يلفت النظر هو هذا التطابق بين ما تقوله وثائق التاريخ لما حصل في فلسطين في التاريخ المعاصر، وبين روايات النساء الشخصية التي عشنها بقلوبهن ودموعهن، في أثناء ترحيلهن وفقدهن.



كما تظهر الشهادات التي أوردها الكتاب قدرة المرأة الفلسطينية الفريدة على مواصلة المقاومة من أجل حماية من تبقى من أسرتها، وقدرتها على صنع الحياة من تحت ركام الحروب والاحتلالات المتوالية التي عاشتها المنطقة. كما تظهر أيضًا تمسك هذا الشعب البسيط الطيب بحقه في الوجود، وبانتمائه إلى منطقة هي من أقدم الحضارات على وجه الأرض.
وتؤكد الدكتورة والمستعربة كارمن رويث برافو: "هذا الكتاب هو وثيقة من لحم ودم، تدل على مدى سفك الدم الفلسطيني، وتدل على صمتنا جميعًا حيال ذلك".

الدخول

سجل عن طريق

هل نسيت كلمة المرور؟

أدخل عنوان بريدك الإلكتروني المستخدم للتسجيل معنا و سنقوم بإرسال بريد إلكتروني يحتوي على رابط لإعادة ضبط كلمة المرور.

شكرا

الرجاء مراجعة بريدك الالكتروني. تمّ إرسال بريد إلكتروني يوضّح الخطوات اللّازمة لإنشاء كلمة المرور الجديدة.