}

"دوكين" مكتبة التمايز في عاصمة الدنمارك الثقافية آرهوس

ناصر السهلي ناصر السهلي 29 فبراير 2016
تغطيات "دوكين" مكتبة التمايز في عاصمة الدنمارك الثقافية آرهوس
جانب من المكتبة (العربي الجديد)
على حافة ميناء آرهوس، عاصمة الدنمارك الثقافية وعاصمة الثقافة الأوروبية للعام 2017، تنتصب تحفة معمارية بفضاء مفتوح على 360 درجة وإطلالة تشمل الماء والمدينة القديمة وفي الطريق نحو مجمعها الصناعي. وتحت مسمى "دوكين"، في تلاعب واضح بالاسم الذي يغري في ترجمته لأكثر من معنى واتجاه. ولاختصار المسألة على الجمهور، يقول لـ"ملحق الثقافة"، القائمون على المبنى الذي يشمل المكتبة الرئيسية في المدينة، بأنه "اختيار بين الماضي والحاضر والمستقبل". 

جاء الاسم DOKK1 بعد 1250 اقتراحًا من مواطنين وموظفين رسميين اختارت لجنة التحكيم منها ما أصبحت عليه، ليعرف بعدد واحد في آخر التسمية لفظا كـ"الـ" التعريف لدينا في نهاية كل مفردة بلغة هذه البلاد "إين" لنصبح أمام دوكين، أو الحوض المخصص لإصلاح السفن بعد سحب المياه. ويقول مخططو المشروع بأن الهدف لم يكن تشويش الناس بالتعريف بل "دمقرطة" اللفظ كجزء من الرؤيا الخاصة بهذه التحفة المعمارية في مدينة خليجها متسع بقوس في أفقه جزر ومدن شمالية.

مكتبة دوكين 


إنها ليست عمارة صمّاء على خليج مدينة تضم أقدم جامعات ومكتبات البلاد وعموم الشمال الإسكندنافي، بل ووفق جولة مع موظفين مختصين لإطلاع "ملحق الثقافة" عليها: "بناء تفاعلي ومعرفي في مجالات عدة لا تقف عند الثقافة فحسب، وإن كانت ملتقاه، بل هي ربط بين الحضري والتاريخي. وبوعي تام لأهمية الحداثة الطارقة لأبواب مدينتنا أردنا من عمارة مفتوحة على 360 درجة الربط أيضًا بين التاريخ المنبسط أمامها والجديد في تطور التقنيات والعمارة".

تلك الذائقة التي يمكن لزائر التحفة المعمارية التي صممها schmidt hammer lassen ليست فقط مقتصرة على دوكين، بل تتعدى تصميماتهم إلى مكتبات ومبان خارج إسكندنافيا حول العالم، ومن بينها المكتبة الرئيسية في نيوزلندا ومبان في كندا والصين وبلجيكا، وغيرها من الدول التي تحمل في طابعها ذائقة ما بعد الحداثة بالاستناد إلى إضاءة الطبيعة أيضًا.

مكتبة دوكين 


نحن أمام معمار بمساحة 28 ألف متر مربع، يشمل المكتبة ومكتب خدمة الجمهور. لكن المذهل أنك في المدخل، وبعد صعود ذلك الدرج المتميّز، ستكون في مساحة ضخمة لأكثر من 500 متر مربع في مدخل يأخذك لاتجاهات مختلفة مفتوحة من كل الجوانب بزجاج يسمح لك بالإطلالة على الماء والأبنية القديمة في المدينة. 10.500 متر مربع مساحة رفوف الكتب المتاحة لاستعارة مجانية من قبل المواطنين. 4 آلاف متر مربع هي المساحة المخصصة لصف سيارات بشكل آلي لأكثر من ألف سيارة يجري إنزالها وصفها بدون تدخل بشري ويعتبر الأكبر والأحدث في أوروبا، عدا عن ألف متر مربع لمواقف الدراجات الهوائية حيث تتسع لأكثر من 500 دراجة.

هذه المكتبة التي افتتحت في العام الماضي تجيء ضمن مشروع نقل المكتبة الشعبية القديمة بعد مئة عام تقريبًا على استخدامها بفكرة رئيسية وراء هذا المشروع العمراني "فضاء آرهوس" للتواصل الإعلامي وتحويل منطقة الميناء إلى فضاء حضري جاذب برصيفين جديدين يصلان بينها وبين مياه الخليج المحيط بها. زوار المكتبة، وهي قريبة في التصاقها بالماء من المتحف الإسلامي في الدوحة، ستتاح أمامهم ممارسة كافة النشطات الثقافية وبيئة متنوعة لتعزيز مشاركة المواطنين الديمقراطية بابتكارات بصرية تميّزها عن غيرها من المكتبات الشعبية المنتشرة في طول البلاد وعرضها. ستتصل في نهاية هذا العام مكتبة دوكين بحافلات السكك الخفيفة التي ستسير بمحاذاة مياه خليج المدينة تمامًا والتي تشبه "التروماي" بحيث تصبح ديناميكية المنطقة جذابة للمواطنين والسائحين، وخصوصا في ما يخص الأنشطة الثقافية والخدمية المتاحة في جزء منها متخصص بشتى مصالح الناس.

مكتبة دوكين 


عند مرسى الميناء يمكن للعائلات أن تجد ملاعب وأنشطة للصغار وفي محيط هذه المكتبة الضخمة. وهي في أنشطتها الثقافية، كما يقول القائمون عليها تهدف أيضًا لتعزيز التعددية والتنوع الثقافي ومنح الاستلهام لمرتاديها، وخصوصًا في قاعاتها التي تتسع لجمهور كبير، كانت الموسيقى الفلسطينية أوّل من افتتحته في أيام الثقافة الفلسطينية عبر فرق مدعوة من حيفا والناصرة ولبنان ومحليًا بفرقة جفرا للفنون الشعبية. وعلى الرغم من أن الافتتاح تم في صيف العام الماضي، إلا أن الانتهاء من إنجاز المعمار المحيط سيستمر حتى بداية العام القادم قبل أن تصبح آرهوس عاصمة الثقافة الأوروبية، وهي مكتبة تقع في ساحة تسمى تاريخيًا "ساحة أوروبا".

المكتبة التي جرى تصميمها بهذا الشكل ليست مجرد مكتبة تقليدية، بل بات مواطنو وصحافة البلد يطلقون عليها بيت الثقافة، فهي لا تقتصر على إعارة الكتب والمخطوطات والأسطوانات إلكترونيًا وذاتيًا بطريقة مذهلة، بل تحتوي الكثير من النشاطات الثقافية الدائمة، كندوات أدبية وثقافية لمشاهير ومؤلفين يعرضون أمام الجمهور في القاعات إصداراتهم مع حلقات نقاش أدبي دائم. وهي في الوقت ذاته تقدم للطلبة خدمات كثيرة في إيجاد المراجع التي يحتاجونها، مع خدمات في زوايا الدراسة وأداء الواجبات والفروض في قاعاتها الصامتة.

أما الجمهور العادي فيمكنه الاستمتاع في مقهى المكتبة بإطلالة جميلة لتصميم أخذ بعين الاعتبار حاجة البشر للتمتع بما يرونه من حولهم وهم ينظرون إلى الخارج بدون معيقات أو ملوثات بصرية.


الدخول

سجل عن طريق

هل نسيت كلمة المرور؟

أدخل عنوان بريدك الإلكتروني المستخدم للتسجيل معنا و سنقوم بإرسال بريد إلكتروني يحتوي على رابط لإعادة ضبط كلمة المرور.

شكرا

الرجاء مراجعة بريدك الالكتروني. تمّ إرسال بريد إلكتروني يوضّح الخطوات اللّازمة لإنشاء كلمة المرور الجديدة.