}

معرض "أمير غزة الصغير": لزحزحة اللاعدالة الغربية من مكانها

دارين حوماني دارين حوماني 9 يناير 2024
تشكيل معرض "أمير غزة الصغير": لزحزحة اللاعدالة الغربية من مكانها
"طفل من غزة" ليوسف عبدلكي (من أعمال المعرض)
هل يمكن أن يفعل كل التضامن العالمي الشعبي الواسع مع غزة شيئًا لهذه المدينة؟ سؤال نفكر فيه ونحن ننظر إلى التظاهرات في شتى أنحاء العالم، وإلى اللقاءات الشعرية، وإلى عروض الأفلام على منصات متعددة، وإلى المعارض الفنية، عن فلسطين ولأجل فلسطين. ماذا يمكن أن يفعل حزننا لغزة ونحن نراها تُباد يومًا بعد آخر، وطفلٌ يخرج بلا رأسه أو أطرافه يومًا بعد آخر؟ ثمة في كل زاوية من بيروت تحديدًا شيءٌ لغزة كل يوم، وبيروت أخت غزة وأخت فلسطين وشريكتها في الحزن منذ أن رُفع العلم الإسرائيلي في يافا لأول مرة. ومن ضمن الفعاليات التي تُقام في بيروت المعرض الفني الجماعي "أمير غزة الصغير" الذي افتتحته "مؤسسة دلول للفنون" DAF (شارع الحمرا- بيروت) بالتعاون مع "المتحف الفلسطيني" في بير زيت (الضفة الغربية)، ويستمرّ حتى 15 شباط/ فبراير المقبل، ويضمّ عشرات اللوحات لفنانين من فلسطين والعالم العربي، ليلى الشوا، يوسف عبدلكي، ضياء العزاوي، إسماعيل شموط، نبيل عناني، سليمان منصور، عبد الرحمن المزين، نذير نبعة، هاني زعرب، عامر الشوملي، بشار الحروب، عماد أبو شتيه، أيمن بعلبكي، سميرة بدران، تيسير بركات، خليل رباح، جمانة الحسيني، عاصم أبو شقرا، بشير مخول، محمد أرجدال، سمير رافع، شادي الزقزوق، أيمن كنعان، عبد عابدي، فلاديمير تماري، ستيف سابيلا، إلى جانب عدد من الصور الأرشيفية عن فلسطين من القرن الماضي. تجسّد أعمال هؤلاء الفنانين منطق الذاكرة الجمعية المجروحة، ومن هذه الأعمال ما أصبح مع مرور الزمن أيقونات في تمثيل وتأريخ المكان الفلسطيني والزمن الفلسطيني في مواجهة السرديات الإسرائيلية، والأهم، السرديات الإعلامية الغربية المنحازة منذ نشوء الاحتلال.

"أمير غزة الصغير" مخصّص لأطفال غزة الأبرياء، ضحايا الصراع الإسرائيلي الفلسطيني المستمر الذي لا هوادة فيه، وهو ليس مجرد عرض فني؛ بل هو نصب تذكاري، وسرد، وإشادة مؤثرة لهؤلاء الأطفال، كما جاء في بيان المعرض بقلم بشرى بتلوني، "ويسلط الضوء على القضية الفلسطينية بشكل عام وأوضاع الأطفال الفلسطينيين بشكل خاص؛ على خلفية العدوان الإسرائيلي المستمر عام 2023 على حياة المدنيين الفلسطينيين الأبرياء. يوفّر المعرض منصة لتسليط الضوء على النضال الفلسطيني والأصوات التي غالبًا ما لا تُسمع في هذا الصراع- أصوات الأطفال".

منحوتة شوقي شوكيني "الأمير الصغير: طفل غزة" ومنحوتة "الهدف"  لضياء العزاوي


ويأتي عنوان المعرض بحسب القيّمين عليه من عنوان منحوتة الفنان اللبناني شوقي شوكيني البرونزية "الأمير الصغير: طفل غزة" (2010) الحاضرة في صدارة القاعة، ومستوحى من رواية "الأمير الصغير" للفرنسي أنطوان دو سانت إكزوبيري، وبحسب البيان: "يأتي سحر هذه الرواية من تجاور السذاجة الصادقة والبراءة وملاحظات شخصيته الرئيسية، الصبي الصغير، في تفاعلاته مع عبثية ووحدة البالغين الذين يلتقي بهم في مغامراته... وبالمثل، يخبرنا التمثال أنه بالنسبة لأطفال غزة، يجب أن يكون هناك مجال للنزوات والمغامرة، وللنمو الشخصي ليصبحوا بالغين؛ ومع ذلك، فإن حقيقة بنائه بالبرونز الصلب والتكعيبية المجزأة تشير إلى حقيقة أخرى أكثر قسوة".

ثمة "أمير" آخر هنا يتخذ وجهًا من وجوه العنوان: "الأمير" للإيطالي نيكولا ميكافيللي الذي يقدّم المشورة للحكام حول كيفية استخدام القوة والتلاعب والمكر لاكتساب السلطة والحفاظ عليها، وهنا بحسب بيان المعرض: "طفل غزة يقف في وجه هذه الروح المكيافيلية المشوّهة ومبرّر الحكام لتنحية الاعتبارات الأخلاقية إذا كانت تخدم مصالحهم الشخصية بدلًا من مصالح الدولة. ويؤكد التمثال أن تجاهل الاعتبار الأخلاقي له نتيجة ملموسة وغير مجرّدة يتردّد صداها عبر الأجيال. فهو يربط جذور ‘الأضرار الجانبية‘ بقوة بالأشخاص الذين يتم ‘سحقهم‘ عمدًا، والذين يُنظر إليهم على أنهم لا يستحقون الكثير من الاهتمام. يمثل ‘أمير غزة الصغير‘ تجاورًا صارخًا للسياسة الواقعية الباردة في كتاب ‘الأمير‘ لميكيافيللي... يواجه هذا المعرض الجمهور بالحقائق القاسية التي يواجهها الشعب الفلسطيني في غزة. إنه يتحدى المشاهد ليرى ما هو أبعد من الخطاب غير الملهم للواقعية السياسية، ويفحص تعدد التعبيرات المتعلقة بفلسطين".

يحمل ملصق المعرض صورة منحوتة شوقي شوكيني "الأمير الصغير: طفل غزة" (2010)، منحوتة من البرونز وبأسلوبها التكعيبي تجسّد طفلًا مصدومًا من الوجود، عينه الواسعة المكعّبة المنفصلة عن الرأس مفتوحة على الصدمة، وحيث يرى طفل غزة العالم أوسع ممّا يراه الكبار. صغر حجم الفم يوحي بالصوت الذي لا يُسمع، القلب مشدود للحياة بحزام، القدمان أكبر من الجسد في صورة ثابتة إلى الأرض. أطرافه منفصلة مركّبة في انعكاس لتفكّك حياة الأطفال الفلسطينيين، ومحاولة تجميعها بالقوة والصمود. إنه طفل بلا أطراف في انعكاس لوحشية الاحتلال التي لا تُغتفر ولن ينساها طفل غزة.

تصوّر لوحة "العفو" لشادي الزقزوق التحيّز الأميركي الذي يصنع بنفسه التحيّز الغربي كله على صورته والممارسات الانتقائية في حجم التعاطف ووجهة التعاطف

يشارك الفنان العراقي ضياء العزاوي بعدد من الأعمال في هذا المعرض، منها أعمال مشبوكة بألوان الحزن والموت، الأسود والأبيض والأحمر، جاءت كلها تحت عنوان "مقدمة النشيد الجسدي" (1979)، ومنحوتة "توقيع الشهيد" البرونزية التي تستدعي حنظلة ناجي العلي بوقفته المتسائلة عن شرور العالم وصمت العالم الآخر. وضياء العزاوي كان أول من صوّر مذبحة صبرا وشاتيلا في عدد من الأعمال المستوحاة من "أربع ساعات في شاتيلا" لجان جينيه، وكان أبرزها لوحة "مذبحة صبرا وشاتيلا". ومن أبرز أعماله في هذا المعرض منحوتة "الهدف" (2012) من البرونز، هنا جسد متسّق مع الواقع، يحمل شكلًا مستطيلًا لحمايته من العالم. هذا الشكل المستطيل مثقوب بالرصاص في أكثر من مكان، امتداد الشكل بشكل غير متوازٍ بين الجهتين يعكس اللاتوازن أمام صدمة الواقع. القدمان رفيعتان بشكل لا يتفق مع باقي الجسد في انعكاس لقوة ما يواجهه هذا الجسد من محاولة احتلاله وعنف الآخر، ورغم ذلك، فإنهما تؤكدان ثقافة الغرس في الأرض، لا انزياح عن المكان رغم الرصاص وشرور الواقع.

وليوسف عبدلكي حكاية أخرى مع الألم والزمن وعنف الواقع، عمله في هذا المعرض "طفل من غزة" (2023) مشبوك بثلاثيته اللونية التي أصبحت شبه ثابتة في مجمل أعماله، الأسود، الأبيض، والرمادي، منذ مشروع تخرّجه الجامعي عام 1976 بـ"ثلاثية أيلول الأسود" التي رسمها بقلم الرصاص، ما يؤكد ترابطه بقضية فلسطين منذ أن تمسّك بإبداعه ليصبّ فوق ذاكرتنا صورًا حية شاهدة على كل تاريخ أسود، صورًا تمتد بين فلسطين وسورية وحيث ما يكون الإنسان المقهور، هي شواهد تتألف من جسد مسطّح، جسد مصلوب، طائر ميت، سكين، جمجمة، مسمار، سمكة، صرخة، حتى الدم يستحيل سوادًا في لوحة عبدلكي، إنها أدوات العنف والقهر، وهو يضيف السواد إلى العمل كما يضيف القسوة، وكما يضيف التوثيق الحيّ للحدث وسط فراغ لامتناهٍ يشبه صمت العالم أمام حجم الموت الكثيف، وهكذا تبدو لوحته "طفل من غزة" بوحشية الذئب فوق طفل وسط فراغ مخيف. لوحة مرعبة بقسوتها، الطفل عارٍ مدهوشًا من رغبة القتل البارزة من أنياب الذئب والدم يسيل منها، جسد الذئب كله قنابل موجهة، ثمة ثقوب رصاص فوق الجسد لكنها لا تردع الذئب عن وحشيته. عمل مشغول بالفحم والرصاص وبالتضادّ اللوني بين الألوان الثلاثة، كما هو التضادّ الواضح بين جثث لوحاته التي تبدو جثثًا ناطقة وسط فراغ صامت، وكما هي معظم أعمال عبدلكي التي تؤكد انزياحه للأشياء وليس للألوان.

من أعمال ليلى الشوا في المعرض "سماء غزة"، "الهدف" و"عارضة أزياء إرهابية"


"أم الفن الثوري العربي" هنا أيضًا، الفنانة الفلسطينية ليلى الشوّا، مع "صرخات" (2011) و"سماء غزة" (2012) و"أطفال الحرب، أطفال السلام" (2013) و"الهدف" (2013) وأربعة أعمال تحت عنوان "عارضة أزياء إرهابية" (2010). أعمالها "عارضة أزياء إرهابية" مشغولة من وسائط مختلطة، ومن التصوير الفوتوغرافي، وكريستال سواروفسكي على القماش، تصوّر امرأة ملثمة بالشال الفلسطيني ترتدي ثوبًا مطبوعًا عليه "تفاحة نيويورك" وسط كادر من الرصاص مع ألوان متعدّدة. تستخدم الشوّا الألوان القوية والجريئة في انعكاس لأفكارها الثورية والتزامها بالفن السياسي وفق ابتكارات غير مألوفة وعبر انتقالها السهل بين الوسائط. وفي عملها "سماء غزة" نشهد على طائرات بدون طيار بألوان مختلفة، لكن السماء زرقاء، وقد كُتب بين الطائرات Whamm كصدى لقصف الطائرات على المدينة، واستخدمت الشوّا هذه الكلمة في إشارة إلى عمل الفنان روي ليشتنشتاين بنفس الاسم. تعمل الطائرات بدون طيار على تعطيل رموز الحياة كلها.

والشوّا، التي توفيت عام 2022 قبل أن تشهد على فيلم "الإبادة الأميركي- الإسرائيلي" الجديد في غزة، وهو فيلم بمؤثّرات بصرية وحشية، ابتكارية وغير مألوفة أيضًا، تؤمن بنهاية الاحتلال فتقول في مقابلة تلفزيونية مع الصحافية البريطانية لورين بوث: "هتلر سقط، الاتحاد السوفياتي سقط، والإمبراطورية الرومانية سقطت. إمبراطورية الولايات المتحدة الأميركية ستسقط أيضًا، أنا أؤمن بالوقت، قد لا يحدث هذا وأنا على قيد الحياة، لكن ليس ثمة شك نهائيًا في رأسي حول انتهاء الاحتلال الإسرائيلي لفلسطين". يُذكر أن أعمال الشوّا موجودة في عدد من متاحف بريطانيا والعالم.

"توهج الانتفاضة" لإسماعيل شمّوط


من الفنانين الذين التزموا بالفن السياسي أيضًا إسماعيل شموط، ثمة عدد من اللوحات له في هذا المعرض، منها "هنا كان أبي" (1957)، "معركة الكرامة" (1969)، "في العين" (1976) من سلسلة لوحات "تل الزعتر"، و"توهج الانتفاضة" (2001) التي تصوّر الانتفاضة الثانية، لوحة ممتلئة بالشخوص المنتفضة، هنا ثائرون، وأطفال يرمون الحجارة، وحرائق، والعلم الفلسطيني مرتفعًا بأيدي شباب مناضلين، وجنود إسرائيليون يتقدمون مع دفاعات تحميهم، وجوههم غير واضحة لكنها يتقدمون بكثافة وبخوف. هنا مكان واسع للسرد البصري، حكاية الانتفاضة بتفصيلاتها الحية مع تفاؤل وحماسة واضحين في وجوه الفلسطينيين المتحدّين في اللوحة على رؤية واحدة تجاه المحتلّ.

من أعمال الفنان التشكيلي الفلسطيني سليمان منصور في المعرض، "ابنة القدس" (1978)، "جمل المحامل" (2005)، "عند نقطة التفتيش" (2009)، "الوطن" (2010)، وغيرها. "الوطن" لوحة مشغولة بالفحم والأكريليك، لوحة أشدّ حزنًا من الحزن نفسه، يقف الفلسطينيون من أعمار مختلفة في طوابير مقسّمة داخل سجون ضيقة مفتوحة على خطوط وتدرجات لونية من الأسود للرمادي، والكل يقف خلف الحدّ الفاصل بين الوطن والسجن. ثمة اقتناص للضوء في السماء لكنها أيضًا رمادية، لوحة مفتوحة على كل أشكال التعبير عن الفلسطيني في منافيه المقسّمة والمتعدّدة. أما في "جمل المحامل" فنرى العجوز المرهق الذي خرج طفلًا من فلسطين قبل 75 عامًا يحمل القدس على ظهره واقفًا في فراغ لا متناه كأنه يقف على سطح العالم، لا يهمّنا ألوان اللوحة أولًا بقدر ما يهمّنا قدمي هذا العجوز الضخمتين، ثمة ما يذّكرنا بدييغو ريفييرا وتضخيمه لتلك الأجساد التي تحب أرضها. عجوز منصور مشحون بالمعاناة والصبر، قدماه، ذراعاه، يداه في مقابل عينيه الغائرتين بالتعب. مستوى اللون هنا يأتي تاليًا لكن أهميته في إشراقة السماء الزرقاء أمام شال العجوز الأحمر الذي يشي بالدم على طريق القدس. والقدس هنا عربية تمامًا، لا بل تبدو كمدينة طوباوية مضيئة.

من أعمال سليمان منصور في المعرض "الوطن" و"جمل المحامل" 


يشير موقع المعرض إلى أنه قد تم إعادة إنتاج لوحات منصور على هيئة ملصقات أو بطاقات بريدية لتسهيل الحصول عليها وتداولها، ولخدمة القضية والحفاظ على التاريخ البصري، وكانت إعادة إنتاج هذه الأعمال الفنية المطبوعة أمرًا بالغ الأهمية بشكل خاص للفنانين الفلسطينيين في ذلك الوقت لأنه لم تكن هناك تقريبًا صالات عرض دائمة أو مراكز فنية في فلسطين المحتلة حتى منتصف التسعينيات.

من أعمال ابن حي السكاكيني القاهري سمير رافع في المعرض "مشهد فلسطيني" (1960) الذي يصوّر عائلة فلسطينية كاملة تقف بائسة أمام جنود إسرائيليين يوجّهون البنادق إليهم. وجوه الإسرائيليين ليست وجوهًا إنسانية بل جماجم تدلّ على التهديد والموت. وكما عادة سمير رافع فإن الحيوانات لا تغادر لوحاته، كلب وحمامة يقفان جنب العائلة. يركّز رافع على يديّ الرجل الضخمتين، وعلى يدي المرأة الرافعة يديها في اعتراض على الهجوم وليس على الاستسلام.

سفينة تحاكي السفن الفينيقية محمّلة بمفاتيح العودة هي عمل من أعمال أحمد كنعان في المعرض، بعنوان "قارب اللجوء" (د. ت.)، وهي منحوتة من قاعدة حجرية تحمل عشرين مفتاحًا من البرونز موضوعين بعشوائية فوق بعضهم، عشوائية تشير إلى سرعة التهجير القسري وحزنه، حيث حملوا مفاتيحهم بسرعة من ملجأ لآخر، وبقيت في أياديهم كشاهد على الحق في الأرض، ولا يزال جميعهم يحتفظون بها من جيل لجيل.

"العفو" (2017) للفنان الفلسطيني شادي زقزوق، لوحة مؤثرة عن أم تحمل ابنها شهيدًا مصابًا بطلقة نارية، قنينة طفل وكتاب على الحجارة المتوزعة على الأرض. المرأة وابنها يستدعيان "مادونا ديلا بيتتا" لمايكل أنجلو التي تجسّد تصويرًا للسيد المسيح في حضن السيدة مريم العذراء بُعيد إنزاله عن الصليب، وكأن التاريخ يعيد نفسه. خلف امرأة الزقزوق هناك امرأتان ترتديان ألوان العلم الوطني الأميركي تقفان في عمل استعراضي تشجيعي وتحملان إطارًا ذهبيًا لصورة بالأبيض والأسود لمعسكر اعتقال بوخنفالد أثناء الهولوكوست. تصوّر لوحة الزقزوق التحيّز الأميركي الذي يصنع بنفسه التحيّز الغربي كله على صورته والممارسات الانتقائية في حجم التعاطف ووجهة التعاطف. لكن اللوحة ليست ما ذكرناه فقط، ثمة لوحة أخرى تأتي كخلفية لهذه اللوحة، جدار الفصل العنصري أمامه جسد ممدّد على الأرض، الجسد مثقوب على طوله برصاص وأمامه يمتد شريط مكتوب عليه بالإنكليزية "عدالة". السماء غارقة في زرقتها تخترقها ألوان الغروب، وكأن الجدار مع السماء يمثلان سجنًا في الهواء الطلق. 

"قاموس أكسفورد، قاموس ومسامير" لخليل رباح


عمل الفنان التشكيلي الفلسطيني خليل رباح "قاموس أكسفورد، قاموس ومسامير" (1997) يعرّفنا على "الفلسطيني" في الأدبيات الغربية. ففي الصفحتين 592-593 من طبعة قاموس أوكسفورد لعام 1997 سنقرأ أن الفلسطيني Philistine فرد من الشعب المعارض لبني إسرائيل في فلسطين القديمة، الفلسطينيون هم أعداء الشعب المختار في الكتب المقدّسة العبرية، والفلسطيني شخص معادٍ وغير مبالٍ للثقافة، غير مهتم عن جهل بالثقافة والأفكار. وهذا التعريف تبنّاه الأوروبيون والأميركيون لتكريس الأيديولوجيا الاستعمارية بأن الفلسطينيين هم غرباء عن الأرض وهم غير مبالين بالثقافة وغير مستنيرين. وبالتالي فإن قاموس أكسفورد يجرّد الفلسطينيين من حقهم بأرض فلسطين باعتبارها أرض إسرائيل القديمة. يضع خليل رباح فوق الصفحتين مسامير مطروقة فوق النص كرمز للعنف الذي تم استخدامه طوال قرن من الزمن لتثبيت هذه السردية العنصرية عن الفلسطيني. 

ثمة أعمال أخرى عديدة رائعة لا يتّسع المجال لذكرها لكن لا يمكن المرور أمامها من دون الشعور بالحزن والغضب والاحتجاج على كل أشكال الظلم والألم والعنف التي لحقت بالفلسطينيين ولا تزال تتكرر إلى الآن، أعمال لها أصوات أطفال فلسطين "التي عادة ما لا تُسمع"، أعمال يمكن القول إن لها المقدرة على زحزحة اللاعدالة الغربية من مكانها علّها تقترب قليلًا من الإنسانية. 

 "مشهد فلسطيني" لسمير رافع و"قارب اللجوء" لأحمد كنعان

  • للاطلاع على كل الأعمال الفنية في المعرض وللقيام بزيارة افتراضية للمعرض، يمكن الدخول بواسطة هذا الرابط:

https://dafbeirut.org/en/events/Little-Prince-of-Gaza

  

الدخول

سجل عن طريق

هل نسيت كلمة المرور؟

أدخل عنوان بريدك الإلكتروني المستخدم للتسجيل معنا و سنقوم بإرسال بريد إلكتروني يحتوي على رابط لإعادة ضبط كلمة المرور.

شكرا

الرجاء مراجعة بريدك الالكتروني. تمّ إرسال بريد إلكتروني يوضّح الخطوات اللّازمة لإنشاء كلمة المرور الجديدة.