}

نتنياهو- نوسفنياهو: الحرب على غزة في رسوم كاريكاتيرية غربية

دارين حوماني دارين حوماني 26 مارس 2024
هنا/الآن نتنياهو- نوسفنياهو: الحرب على غزة في رسوم كاريكاتيرية غربية
نتنياهو في رسم كاريكاتيري للرسام سيرج شابلو (cbc.ca)
"فقط للتوضيح، لقد قمت بتقديم هذا الرسم الكاريكاتيري حوالي الساعة 11 صباحًا، وربما هو أقدم رسم كاريكاتيري على الإطلاق. وبعد أربع ساعات، في القطار المتجه إلى ليفربول، تلقيت مكالمة هاتفية مشؤومة من المكتب (صحيفة الغارديان) تحتوي على رسالة غامضة بشكل غريب ‘رطل من اللحم‘..."- كتب الرسام الكاريكاتيري البريطاني ستيف بيل Steve Bell هذه الكلمات على صفحته على منصة إكس مباشرة إثر فصله من الصحيفة بسبب كاريكاتير نشره يصوّر بنيامين نتنياهو وهو يستعد لقصّ بطنه وقد رُسمت عليها خريطة غزة (في إشارة إلى كاريكاتير رسمه ديفيد ليفين عام 1966 يصور الرئيس الأميركي ليندون جونسون، 1963-1969، وندبة على بطنه على شكل خريطة فيتنام). وعبّرت الصحيفة عن عدم رغبتها بقبول أي رسوم أخرى من ستيف بيل. وعبارة "رطل من اللحم" التي تلقاها بيل، مأخوذة من مسرحية لشكسبير بعنوان "تاجر البندقية"، ويُنظر إليها على أنها معادية للسامية.

رسم ديفيد ليفين (إلى اليمين) ورسم ستيف بيل 


وستيف بيل ليس الوحيد الذي رأى في عمل نتنياهو جريمة عصر أخرى، ففي بحثنا عمّا عبّر عنه رسامو الكاريكاتير حول العالم طالعتنا عشرات الرسومات التي تفضح البروباغندا الإعلامية الإسرائيلية والغربية بكون إسرائيل ضحية مظلومة أمام تهديد "الإرهاب الحماسي/ الداعشي". ولا شك أنه طالعتنا رسوم أخرى تصوّر المقاومة الفلسطينية كمنظمة إرهابية وتركّز على معاناة الإسرائيليين، لكننا بلا شك بحاجة إلى الشعور أن هناك في بلاد الأيديولوجيات الرأسمالية، حيث لا ضير من أن تُسحق أرواح من الشرق العربي وتُدفن حيّة في مقابل تدعيم الاقتصاد الغربي، أصواتًا تمتلك الوعي والحرية لقول الحقيقة في ظاهرة تنتشر يومًا بعد آخر، على الرغم من كل محاولات تعزيز الإسلاموفوبيا والأخطر تعزيز فكرة إسرائيل "الضحية" على نطاق واسع ومؤلم بشدة حضوره وتأثيره في المجتمعات الغربية. 

صديق لستيف بيل من أميركا وينشر رسوماته على صفحته، هو الرسام الكاريكاتيري إيلي فالي Eli Valley، لا يتردد في عرض أعماله الكاريكاتيرية، رسمًا بعد آخر، كاشفًا التوحش الإسرائيلي، نعرض منها هنا رسمين: الرسم الأول يصوّر وجه نتنياهو ووجه بايدن كوجهين مأخوذين من وجوه أشباح أفلام الرعب وهما يقفان فوق أعداد لامتناهية من الجثث الغزّاوية الملفوفة بالأبيض على أرض غزة "الخضراء"، وقد حمل نتنياهو رفشًا في يده وهو يوسّع الحفرة لمزيد من الجثث قائلًا: "لاهاي لن توقفنا"، فيما يرفع بايدن إشارة النصر قائلًا: "أيها الناس، الديمقراطية على ورقة الاقتراع، الحرية على ورقة الاقتراع".

من رسومات إيلي فالي 


الرسم الثاني لإيلي فالي ليس أقل قوة وتأثيرًا من الأول، لا بل هو عمل مكثّف يحتشد بصور متعددة وبمعانٍ مؤلمة، فقد صوّر فيه عشرات الفلسطينيين المدنيين الذين تم أسرهم من مستشفى كمال عدوان في 14 كانون الأول/ ديسمبر الفائت، وكان منهم أطباء من المستشفى، وقد انتشرت صورهم شبه عراة وأُجبروا على خلع ملابسهم، وصوّرهم الإعلام الإسرائيلي على أنه استسلام لمسلحين من حماس. يصوّر فالي في رسمه هنا عشرات الرجال بتدرّجات من اللون الأحمر حيث يرتدون فقط سراويلهم، منهم المربوطون بسلاسل معصوبي الأعين، ومنهم من أجبروا على الجلوس مقرفصين على الأرض فيما جثث أخرى على الأرض ودمار كثيف تعلوه أعلام إسرائيلية، وفيما عناصر القوات الإسرائيلية يحملون هواتفهم ويصوّرون وحشيتهم لنشرها على مواقع التواصل، وتظهر عبارة يقولها أحد الجنود: "إنه تشهير دموي بنجاح غير مسبوق لمسرحيتنا عن الإبادة الجماعية على تيك توك!". واختار فالي للجنود اللون الرمادي الذي يشير هنا إلى بث الرعب والموت. في الرسم أيضًا دبابة إسرائيلية تحاول سحق خيم نازحين فيها نساء وأطفال، وهو ما ارتكبته الدبابات الإسرائيلية أكثر من مرة خلال توغلها. وفي السماء، طائرات إسرائيلية في مساحة رمادية تشير إلى لون الدخان بفعل القصف التكنولوجي الذكي والتدمير المكثّف لمباني غزة. والأهم في هذا الرسم، هو أنه يتوسطه الشمعدان اليهودي، وهو رمز عيد "حانوكا" أو عيد الأنوار عند اليهود، وباللون الرمادي أيضًا، ويحتفل اليهود في هذا العيد بالقيام بطقوس دينية، في إشارة ساخرة من الرسام إلى أن ما ترتكبه إسرائيل من مجازر يبدو كما لو أنه جزء من الطقوس الدينية التي يؤمنون بها.

وفي كندا، أثار رسم كاريكاتيري سياسي نشرته صحيفة لابريس La Press الكندية للرسام الكندي سيرج شابلو Serge Chapleau والذي يصوّر نتنياهو على أنه مصاص دماء، اتهامات بمعاداة السامية. ويظهر نتنياهو بمخالب طويلة وأذنين مدبّبتين ويرتدي معطفًا أسود، وهي صورة تذكّرنا بالكونت أورلوك، مصاص دماء في الفيلم الصامت "نوسفيراتو" Nosferatu عام 1922. وفي الرسم الكاريكاتيري يقف نتنياهو على متن سفينة وأمامه عبارة بالفرنسية تقول "نوسفنياهو- في الطريق إلى رفح" باللون الأحمر ويتساقط منها الدم، في ربط بين نتنياهو والفيلم المذكور. وقد رفض سيرج شابلو الاتهامات الموجّهة له في مقابلة مع شبكة سي بي سي CBC الكندية، وقال إنه لا يرى في رسمه معاداة للسامية. ومع ذلك، بحلول وقت متأخر من الصباح، لم يعد الرسم يظهر على موقع الصحيفة وأصدرت الصحيفة اعتذارًا (1).

من رسومات تجيرد روياردز  


تجيرد روياردز  Tjeerd Royaards رسام كاريكاتير ألماني له العديد من الرسومات التي تُخبر المجتمع الغربي الحكاية الحقيقية على طريقة التعبير الإنكليزي "استخدم الصورة فإنها تساوي ألف كلمة" التي نُشرت لأول مرة للصحافي آرثر بريسبان في جريدة Post Standard في شهر آذار/ مارس 1911. في أحد رسوماته بعنوان "ويستمر القتل 2024" يرسم روياردز نتنياهو على شكل سياسي متربّع على كرسي رئاسي فوق "محدلة" يسيّرها جنود إسرائيليون يدهسون مدنيين فلسطينيين يرفعون العلم الفلسطيني فيما آخرون تم سحقهم تحت "المحدلة" وقد غطت عجلاتها العريضة الدماء، ويرفع نتنياهو يده إلى سياسي آخر، قاصدًا به الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، وهو يجلس أيضًا على كرسي رئاسي فوق محدلة أخرى يدهس فيها المدنيين الأوكرانيين.

رسم آخر لروياردز بعنوان "مشاهدة معالم غزة"، وفيه يمرّ باص سياحي وقد كُتب عليه "جولة رسمية" و"30000X" في إشارة إلى أعداد الشهداء الفلسطينيين، مع رموز لجماجم وقنابل، فيما يقف على سقف الباص رمزان من رموز الأشباح، أحدهما يحمل فأسًا والآخر يحمل كاميرا يلتقط صورًا للضحايا على الأرض والعالقين تحت الدمار بينما أحد العالقين يطلب النجدة رافعًا يده، فيما ذلك الرمز الشيطاني يبتسم وهو يلتقط صورًا له. رسم ثالث لروياردز بعنوان "البوصلة الأخلاقية" نشره في موقع صحيفة Trouw الألمانية، يصّور فيه شاحنة طعام تحاول دخول معبر رفح وقد ظهر على باب المعبر رسم لبوصلة وفوقه عبارة "البوصلة الأخلاقية"، في إشارة إلى أن هذا المعبر يشكّل المعيار الأخلاقي الذي يحدّد إنسانية أولئك الذين يقفون عائقًا أمام دخول المساعدات، وهو بالتالي ردّ على البروباغندا الإسرائيلية وإسقاط لها بأن "الجيش الإسرائيلي هو الجيش الأكثر أخلاقية في العالم". أمام المعبر يقف جنود إسرائيليون يوجّهون السلاح للشاحنة، وخلف المعبر أطفالٌ ونساء يقفون بنظرات رجاء وجوع وهم يحملون صحونًا فارغة في أيديهم.

من رسومات فاسكو غارغالو  


فاسكو غارغالو  Vasco Gargalo رسام برتغالي له أيضًا العديد من الرسوم، منها رسم بعنوان "حاضن أطفال" Babysitter يصوّر فيه نتنياهو برأس ضخم ويدين كبيرتين في إشارة إلى نفوذه القوي وقدراته الفائقة على القتل، ويرتدي نتنياهو لباسًا أسود كاللباس الذي تمثّل فيه الشياطين وهو يحمل رضيعًا فلسطينيًا ويُطعمه من صاروخ على شكل قنينة الرضاعة للأطفال فيما تسيل الدماء من القنينة ومن الطفل. رسم آخر لفاسكو بعنوان "جرائم الحرب" يحمل الثيمة نفسها، حيث نعثر على صاروخ موجّه برأس نتنياهو نحو امرأة فلسطينية تحمل طفلًا وهما يصرخان من الرعب، فيما تتساقط الصواريخ على الأبنية في خلفية الصورة وقد علا دخان الأبنية المدمّرة. رسم ثالث لفاسكو بعنوان "فيتو الأمم المتحدة"، يصوّر رجلًا مرتديًا زيَّ العلم الأميركي وهو يُسقط صاروخًا إسرائيليًا في صندوق هيئة الأمم المتحدة وقد تصاعد الدخان منه، وقد أغمض عينيه في التأكيد على التعامي الأميركي عن المجازر الإسرائيلية.

وفي هولندا، نصادف رأس نتنياهو ضخمًا وفارغًا مع قنبلة تميل يمينًا وشمالًا بعنوان "موجات الدماغ" للرسام الهولندي جويب بيرترامز Joep Bertrams ، ويظهر الرأس فوق مدينة مدمرة بالكامل هي غزة.
و"نتنياهو عازم على غزة" Netanyahu hell-bent in Gaza عنوان رسم كاريكاتيري للرسام الجنوب أفريقي براندن رينولدز Brandan Rynolds يصوّر فيه نتنياهو مرتديًا لباسًا أسود في زيّ تنكري للموت يرتبط في هذا العصر بعيد الهالوين. ويسير نتنياهو على طريق سوداء ما يدّل على ما ارتكبه من موت في طريقه للاستيلاء على غزة فيما يحمل فأسًا وعلى كتفه كيسٌ ممتلئ بإشارات الوقوف Stop، في إشارة إلى عدم اكتراثه بكل نداءات وقف الحرب على غزة وحيث يقطع بفأسه كل إشارات الوقوف التي تظهر أمامه. ونرى في خلفية الرسم الدخان المتصاعد جراء القصف المتواصل على كل معالم غزة.

من اليمين، رسومات براندن رينولدز، جويب بيرترامز وأندريا أرويو  


الرسامة الأميركية أندريا أرويو، الحائزة على عدد من الجوائز العالمية، نشرت رسمًا في موقع The Nation الأميركي بعنوان "غزة"، وكتبت فوق الرسم: "أدى قصف غزة إلى مقتل ما لا يقل عن 21 ألف شخص، معظمهم من المدنيين والنساء والأطفال". وفي رسم أندريا أرويو نرى طفلة على شكل ملاك أبيض نائم في السماء فوق كلمة "غزة" بالإنكليزية المرسومة بألوان النار، ويرتفع فوق كلمة "غزة" دخان تتشكّل منه مبانٍ تذكّرنا بنيويورك، ما يشير إلى توّرط أميركا في الحرب وإلى الرغبة في الاستيلاء على غزة وتحويلها إلى مدينة إسرائيلية على نسق النمط الرأسمالي.

إنها نبذة عن رسوم كاريكاتيرية تتسرّب في فضاءات المجتمع الغربي، ثمة رسامون آخرون من الغرب ومن البرازيل وتنزانيا والصين وتركيا والمكسيك وغيرها ينشرون الحقيقة عن النكبة الفلسطينية بنسختها الجديدة. في رسوماتهم أطفال ضحايا خسروا الكثير في طريق الإبادة، وصحافيون استشهدوا، الرئيس الأميركي بايدن وانتخاباته، والحجر على المساعدات الغذائية، وجنود إسرائيليون يقتلون بفرح، أما مستشفى الشفاء فقد أصبح عنوانه "منزل الذبح" في أحد الرسومات.

وفي مقابل ذلك، ثمة وسائل إعلام ومواقع غربية تلاحق الرسوم الكاريكاتيرية العربية لقراءة مواقفنا وأفكارنا عبر الفن، ومن ضمن هذه المواقع، الموقع الأميركي ADL أو "رابطة مكافحة التشهير"، وقد نشر مقالًا بتاريخ 21-12-2023 بعنوان: "معاداة السامية في الرسوم الكاريكاتيرية العربية خلال الحرب بين إسرائيل وحماس: تسلسل زمني لتجريد اليهود من إنسانيتهم وشيطنة الصهيونية وإسرائيل"، واعتبر المقال أن "مذبحة" 7 أكتوبر هي الهجوم الأكثر دموية ضد اليهود منذ المحرقة، وأنه عبر هذه الرسومات تعود تهمة التشهير ضد إسرائيل القديمة بالظهور مجددًا. ويتضمن المقال 78 رسمًا كاريكاتيريًا نُشرت في مواقع وصحف عربية، وهي: العربي الجديد، القدس العربي، Hespress، القدس، المصري اليوم، البلاد، أخبار العرب، الرأي، الوطن، الشرق، الشرق الأوسط، عمان، الغد، الاقتصادية، الوسط، أخبار اليوم، والجريدة (2). 

إحالات:

(1) https://www.cbc.ca/news/canada/montreal/cartoon-nosferatu-netanyahu-la-presse-antisemitism-1.7149735

(2)https://www.adl.org/resources/report/antisemitism-arab-cartoons-during-israel-hamas-war-chronology-dehumanization-jews

 

 

الدخول

سجل عن طريق

هل نسيت كلمة المرور؟

أدخل عنوان بريدك الإلكتروني المستخدم للتسجيل معنا و سنقوم بإرسال بريد إلكتروني يحتوي على رابط لإعادة ضبط كلمة المرور.

شكرا

الرجاء مراجعة بريدك الالكتروني. تمّ إرسال بريد إلكتروني يوضّح الخطوات اللّازمة لإنشاء كلمة المرور الجديدة.