}

متحف المرأة : ذاكرة كفاح نسوي طويل

ناصر السهلي ناصر السهلي 9 نوفمبر 2015
اجتماع متحف المرأة : ذاكرة كفاح نسوي طويل
متحف المرأة في الدنمارك
كان "متحف المرأة" حين تأسس في الدنمارك قبل أكثر من 30 عامًا، الأوّل من نوعه في العالم، إذ يهتم بتاريخ النساء وحاضرهن في الدنمارك، ويركز بشكل خاص على نضالهن التاريخي في سبيل المساواة والحرية. ففي عام 1892 تمّ تبني تسمية "الحركة النسائية" في مؤتمر عالمي في باريس، إلا أن نضال النساء لفرض معايير أخرى لمكانة المرأة في المجتمع بعيدًا من المعايير الأبوية، سبق ذلك بسنين، ولعله يعود إلى عصر التنوير ومشاركة النساء في الثورة الفرنسية.
وقبل تبني التسمية أعلاه، تأسست جمعية للنساء عام 1889، تطالب بحقهن في التصويت في الانتخابات البلدية، لكن جرى إغلاق الجمعية عام 1898، أي بعد أقل من عشر سنوات.
وقد توجه "ملحق الثقافة" إلى مديرة المتحف، ميريتا إيبسن، وسألها عن تاريخ نضال النساء في الدنمارك، فأجابت : "ليس كفاح النساء في الدنمارك جديدًا أيضًا، وعلى الرغم من أن قوانين رسمية كانت تمنحهن نظريًا منذ 1875 حق تبوأ مناصب وظيفية عالية ودخول الجامعات، إلا أن التمييز ضدّهن كان ينسف تلك القوانين. ورسميًا كان يحق للمرأة التصرف براتبها وتسيير أمورها الاقتصادية من دون تدخل محيطها الذكوري، منذ نهاية القرن التاسع عشر، لكن من دون حق التصرف بملكيتها إلا بوصاية ذكورية".

يضم "متحف المرأة" عروضًا متعددة عن ظروف النساء وحيواتهن وتطوّرها عبر الزمن، وخصوصًا تلك الظروف التي انتقلت فيها المرأة من وضع هامشي، ريفًا ومدينة، إلى فرض حقوق طبيعية بالمساواة مع الذكور اجتماعيًا وسياسيًا واقتصاديًا.

حركة الجوارب الحمراء

وعلى الرغم من حصول النساء على بعض الحقوق الأساسية في المساواة، عرفت الحركة النسوية الإسكندنافية، نقلة كبيرة في الستينيات والسبعينيات من القرن المنصرم، عبّرت عنها "حركة الجوارب الحمراء"، كحركة اشتراكية غربية عارضت الرأسمالية والعنصرية والإباحة الجنسية والحروب والنظرة الإثنية. ومع أن "حركة الجوارب الحمراء" عكست التوجه الاشتراكي، إلا أنه جرى ربطها فقط بمطالب نسوية. وقد تميّزت الحركة النسوية في الدول الإسكندنافية بطابع راديكالي، وإن كانت بحسب ميريتا إيبسن : "ضمّت أصواتًا ليبرالية فهمت المساواة بين الرجل والمرأة، باعتبار أن المواقف الاجتماعية والثقافية من الممكن أن تقيد تلك المساواة".

وتضيف ميريتا مفصلّة مطالب الحركة، إذ شاركت بها: "انتشرت "حركة الجوارب الحمراء" في الستينيات كاحتجاج على أن النساء لم يحققن المساواة المنشودة، وبقي دورهن منحصرًا في "تربية الأطفال، ورفعن مطالب بساعات عمل لا تتجاوز 30 ساعة لخمسة أيام وبشكل متساوٍ بين الجميع وإجازة أمومة نصف سنة للرجال والنساء، وكوتا 50 في المائة في كلّ ما يتعلق باتخاذ القرارات ومساواة في الأجور".

من هنا تبين مديرة المتحف العلاقة بين العمل النضالي ومآله في المتحف إذ تقول : "ما يجري عرضه في متحف المرأة يشتمل "بث وعي بتاريخ نسوي عريق لأجيال جديدة لا تدرك كيف وصلنا إلى ما وصلنا إليه اليوم من مساواة، وما زال أمامها كثيرٌ. ولهذا نقيم معارض خاصة بفئة الشباب، ويأتي عادة طلاب المدارس في مجموعات لزيارة المتحف، والمهتمون والباحثون للاطلاع على مسار تاريخي طويل حول كثيرٍ من تطورات مجتمعنا على صعد مختلفة تعليمية وثقافية واجتماعية وسياسية".

مساواة وتضامن... ومشاريع عربية

يشكل "متحف المرأة" نقطة التقاء كثير من النساء الدنماركيات والمهاجرات، حيث يساعدن بعضهن في زمن الأزمات الاقتصادية، لإيجاد عمل. وكان لهذا الملتقى النسوي أثرٌ طيبٌ، فمنذ عام 2012 يتعاون "متحف المرأة" مع المتاحف الفلسطينية من خلال مشاريع تطوير قدمتها "المبادرة العربية" في وزارة الخارجية الدنماركية، ويهدف هذا التعاون، بحسب ما تقول ميريتا: "إلى المساهمة في تعزيز الإرث الثقافي والحضاري للفلسطينيين، ولهذا كانت البداية من خلال زيارة إلى فلسطين والأردن لإطلاق مشروعنا".

وبالتعاون مع المكتبة الملكية الدنماركية والممثلية الدنماركية في رام الله، بدأ العمل على المحافظة على الصور التاريخية لفلسطين رقميًا، ولكل ما تملكه منظمة الأونروا عن حياة الفلسطينيين بمئات آلاف الصور والوثائق المهمة لتأمين التاريخ الفلسطيني.

توّسع التعاون بين المتحف وعدد من المؤسسات في الدنمارك والفلسطينية في فلسطين، كأوّل مشروع عربي يقوم به "متحف المرأة" في المنطقة، ليشمل، أيضًا، متاحف فلسطينية عدة في رام الله وطولكرم في الشمال، ومتحف دورا في جنوب الضفة الغربية، ومركز التراث والثقافة في بيت لحم.

وبسبب اهتمام الإثنوغرافية الدنماركية سيبا إينارسدوتير، بالتراث الفلسطيني، منذ سنوات عدة، فقد تمّ اختيارها لتقود ذلك المشروع المشترك كممثلة عن متحف المرأة.
ومن أجل مشروع الحفاظ على الثقافة والتراث الفلسطيني، كان لا بدّ من توفير دروات تخصصية داخل فلسطين وخارجها، كالأردن والدنمارك لعدد من النساء والرجال. وقد نتج عن ذلك التعاون إعادة ترميم وافتتاح متحف طولكرم في أبريل/ نيسان الماضي.

كما تعاون مشروع المتحف مع السيدة وداد قعوار، التي اهتمت على مدى 5 عقود بالمطرزات الفلسطينية والشرقية عمومًا. وقد أقام لها الدنماركيون معرضًا في عام 1991 في متحف مويسغوورد وسط البلاد، أشهر المتاحف وأقدمها، معرضًا بعنوان "ألفا عام من ثراء الألوان"، ضمّ أكثر من 3000 قطعة، بما فيها ثياب وأدوات ومجوهرات وعوائد شخصية. وساهم امتلاك قعوار لكل تلك القطع، في عملية تدريب موظفي المتاحف في فلسطين منذ 3 سنوات في دورات تخصصية مختلفة الأغراض. كما ساهم طلبة الجامعة الهاشمية في عمان، أيضًا، بتطوير إمكانيات الشباب الفلسطينيين في عمليات التسجيل والتصوير وإعادة ترميم القطع المختلفة من الفخاريات إلى المطرزات.

الدخول

سجل عن طريق

هل نسيت كلمة المرور؟

أدخل عنوان بريدك الإلكتروني المستخدم للتسجيل معنا و سنقوم بإرسال بريد إلكتروني يحتوي على رابط لإعادة ضبط كلمة المرور.

شكرا

الرجاء مراجعة بريدك الالكتروني. تمّ إرسال بريد إلكتروني يوضّح الخطوات اللّازمة لإنشاء كلمة المرور الجديدة.