}

المواسم والأعياد في فلسطين التاريخية: الأرض والإنسان

محمد جميل خضر محمد جميل خضر 22 أبريل 2023
إناسة المواسم والأعياد في فلسطين التاريخية: الأرض والإنسان
موسم النبي روبين كان أكبر المواسم الفلسطينية حشدًا للناس

في فلسطين الكنعانية (وفلسطين لم تكن يومًا إلا كنعانية، وسوف تبقى)، فإن أعياد الناس قبل آلاف السنين ارتبطت، أساسًا، بأرضهم، وما تحمله داخل عروق رحمِها من وعودٍ ومواعيدَ وَمواقيت.
هذا ما كان يفعله الكنعانيون في أول معبد في أريحا قبل 7800 عام، وما كانوا يجتمعون له، ومن أجله، في: مجدو، وشكيم، وبيت شان، وبئر صفدي، وبئر السبع، وتل أبو مطر، وجادر، وأربع، وبيت جبرين، وأزور، وحاصور، ولاخيش، وعين جدي، وأور شالم (أو أورسالم)، وعكا، وحيفا، ويافا، وأسدود، وعسقلان، وعقرون، وبيت إيل، وبيت شمس، وبيت عناتا، وبيت لحم، وبيت ساحور، وبيت جالا، وبيت مرسيم، وبيت دجن، وبيت حورون، وعراد، وجنين، وكفر قدوم، وكفر الديم، وكفر سابا، وكفر دان، وكفر راعي، وكفر عانة، وعناتا، ولبنة، وغيرها، وغيرها، حيث كانت مواسم الأعياد الكنعانية تزهو، بدايةً، بعيد الربيع (عيد عليان بعل احتفالًا بعودة الخضرة إلى الأرض)، ومن ثم، لعلّه في الترتيب الثاني، عيد الداروم (معبود الجنوب، غزّة وما حولها)، وهو العيد الذي يطلق عليه شعبيًّا عيد أربعة أيوب. (الفنان التشكيلي الفلسطيني د. عبد الرحمن المزين، كتابه "الفكر الأسطوري الكنعاني وأثره في التراث الفلسطيني المعاصر"، الطبعة الأولى، دار فضاءات للنشر والتوزيع في عمّان، صفحة: 4 و5).
هذه الأعياد وهاتيك المواسم مثّلت، وما تزال تمثّل، جزءًا عضويًّا من الهويّة الكنعانية الفلسطينية، وصداها لا يزال يتردد حتى يومنا هذا عبر رقصات الدبكة وأهازيج وأغاني الدلعونة، وظريف الطول، والطيراوية، والطيارة، والسبعاوية، وحبل مودّع (شباب العائلة الواحدة وبناتها)، والدحيّة (الشعر البدويّ/ النبطيّ المعروف باسم الرزع والهجيني)، والسحجة، والمربّع، والمثنّى، والمقسوم، وغيرها.
أعياد تستعاد تجلياتها في مواسم الزيتون والبرتقال والعنب والبلح، وتجد لها أثرًا ودلالات، لا تزال حاضرة، في رقم ثلاثة، على سبيل المثال، وكذلك رقم سبعة. (المصدر السابق، ص 5).
حتى صلاح الدين لم يُنكر على أهل فلسطين أعيادهم ومواسم احتفالاتهم، لا بل أثنى عليها، مطالبًا أن تقام في كل مدينة فلسطينية، مترافقة مع مبارزاتٍ بين الفرسان الكنعانيين ومن انضمّ إليهم، والتحق بهم، من العرب والمسلمين، كي يوقعوا الرعب في قلوب من تسوّل له نفسه من أعدائهم إعادة الكرّة، والعبث بمنجز الفتح العظيم في بيت المقدس وغيرها من الحواضر التي طهّرها الناصر من غُزاتها.

موسم النبي موسى
يقع مقام النبي موسى، الذي أوجده صلاح الدين الأيوبي، وأنشأ عليه الظاهر بيبرس سنة 668هـ/ 1269م البناء، إلى الجنوب من أريحا بثمانية كيلومترات، ويبعد عن القدس 28 كيلومترًا في اتجاه الشرق، ويعد من أهم مقامات فلسطين؛ بسبب ضخامة أبنيته وتاريخه القديم، وشهرته الواسعة، ودوره في تاريخ فلسطين الحديث.

يبدأ التحضير لموسم النبي موسى قبل موعده المقرر بأسبوع  

يتجلى في المقام فن العمارة الإسلامية في أروع صورها؛ فهو بناء ضخم من طابقين تعلوه قِباب على النمط المملوكيّ، كما يحيط به سور له خمسة أبواب كلها مغلقة باستثناء الباب الغربي. وتبلغ مساحة سطح المقام داخل الأسوار حوالي أربعة دونمات ونصف الدونم (4500 متر مربع). يتوسط المقام فِناء مكشوف مكوّن من ساحات ثلاث، تبلغ مساحة أكبرها 330 مترًا مربعًا، وتوجد في وسطها بئر عميقة لجمع المياه، ولها بابان. يحيط عدد كبير من الغرف بالساحات، ويبلغ عددها حوالي 120 غرفة، إلى جانب مسجد صغير مساحته 250 مترًا مربعًا، تقابله مئذنة قصيرة من الشمال. والمسجد مقسوم إلى قسمين يفصل بينهما جدار عريض فيه شبّاك مفتوح، القسم الشرقي للرجال، والغربي للنساء، ويضم مسجد الرجال محرابًا مزججًا ومنبرًا أخضر اللون، وعلى يمين مدخله الرئيسي مباشرة باب يقود إلى غرفة صغيرة تعلوها قبّة في وسطها قبر مغطّى بالقماش الأخضر؛ وتوجد في الجهة الشمالية الشرقية خارج السور مقبرة، وبجوار المقام إلى الجنوب الشرقي يقع مقام صغير هو مقام الست عائشة، وإلى الجنوب الغربي يقع مقام الراعي.
لا يوجد للمقام أية علاقة تاريخية بالنبي موسى عليه السلام، إذ إن الثابت تاريخيًا أن النبي موسى قد توفي ودفن في التيه، ولم يحضر إلى فلسطين.
يبدأ التحضير لموسم النبي موسى قبل موعده المقرر (في الأسبوع الثالث من شهر نيسان/ أبريل) بأسبوع، وكانوا يسمونه "جُمعة المناداة"؛ أي يوم الجمعة الذي يُوجّه النداء فيه إلى المواطنين استعدادًا للنّزول إلى مقام النبي موسى بجوار أريحا، ويتم النداء في القدس مباشرة بعد صلاة الجمعة من شهر نيسان، من قاعة المحكمة الشرعية في باب السلسلة، بحضور قاضي أوقاف القدس الشريف ومأمورها والعلماء والوجهاء.




استعدادات... تجهيزات... طبول وكاسات (صحون مجوّرة من النحاس) تُدقّ مصدرةً نغمات موسيقية بهيجة، النساء يشاركن بموافقة، أو من دونها، يطلقن الزغاريد. وبعضهن يقوم برش حشود الموكب بماء الورد والملبّس، وعلى صوت أهازيج دينية ووطنية، تُرفع بيارق آل الحسيني والعلمي والقزّاز تتقدم الحشود.
يتوجّه الجميع نحو "دار البيرق" في البلدة القديمة في القدس؛ وفود من قرى القدس؛ من لفتا، المالحة، بيت صفافا، قالونيا، القرى الشمالية: عناتا، حزما، جبع، الرام، سلوان، أبو ديس، والعيزرية، تتوافد ببيارقها نحو محطة الانطلاق للمشاركة في الموسم.
على الدّلعونا، تهزُّ الدبكات الشعبية الأرض، وينفجر بركان الصحْجات. يصل موكب الخليل مرددًا: "نحنا الخلايليّة دوبنا لفينا، في صخرة الله والحرم صلّينا". في اليوم الثاني يصل وفد نابلس ليحظى بترحيبِ جماهير الموسم، فيرد وفد نابلس على الترحيب بما يُلهب الحماس: "نحنا ولاد جبل النار شوكة بحلق الاستعمار"، ثم تهلّ الوفود جميعها.
يقضي المحتفلون بموسم النبي موسى طوال النهار في ساحة الحرم القدسي، الطعام وفير: الكبّة، الفلافل، الجبنة، الكبدة، والليّة، وأطايب أرض كنعان وخيراتها. يوم الجمعة تكتمل الوفود، وتبدأ بالتوجّه نحو باب الأسباط للنزول إلى مقام النبي موسى.
يُحضِر آل الحسيني في جُمعة البداية (جُمعة النزلة) راية النبي موسى، ويسير الموكب بها في جمعٍ عظيمٍ من الناس يتقدمهم المفتي مع لفيف من العلماء والوجهاء، ويودّع الناس الموكب من على الشرفات والساحات والحدائق.
على الطريق إلى المقام، تَستقبلُ القرى الوفودَ بالتّرحاب والذبائح، وينضم بعض أهلها إلى زوار النبي موسى، تزداد الحماسة، ويتصاعد اللحنُ السعيدُ كلّما اقتربت الوفود من المقام المقدس... حلقات دبكةٍ وزغاريد وغناء ورقص بالسيوف والتروس، وربّما، في ظروف لم يكن فيها لا انتداب ولا احتلال، يلعلع صوت الرصاص تعبيرًا عن وصول المحتفلين ذروات عاليات.
كان الموسم منظمًا بدقّة وتراتبية وتوزيع مهام؛ عائلتا الحسيني ويونس تتوليان الطبخ للزوار مرّتين في اليوم؛ عائلة قليبو مكلفة بحمل الرايات؛ أما المؤذنون فمن عائلة بزبزة حيث كانوا يتولون، أيضًا، إضاءة المقام.
تذبح الذبائح وتقدّم النذور، يختن الصبية، وتؤدى المراسم الدينية على اختلافها من موالد وصلوات. سباق الخيل حاضر، وكذا صليل السيوف، أما الأولاد فها هم مجتمعون حول القراقوز (المهرّج) مستمتعين ببهلوانياته.
يُختم الموسم يوم "خميس الشيل"، حيث موكب العودة من المقام لا يقل ابتهاجًا وتفاصيل عن موكب الذهاب إليه.  يعاد عَلَم النبي موسى إلى آل الحسيني ليحتفظوا به حتى الموسم القادم، ويقضي الزوار العائدون ليلتهم في رحاب الأقصى، وبعد صلاة الجمعة في اليوم التالي يعودون إلى ديارهم.

موسم النبي الصالح
يختلف الآثاريون وعلماء الدين حول مكان مقام النبي صالح؛ هل هو في قرية النبي صالح في فلسطين؟ أو لعله في مدينة الرملة الفلسطينية؟ ولا ننسى وجود أكثر من مقام يحمل الاسم نفسه في المملكة العربية السعودية، وربما في بلدان عربية أُخرى.
في فلسطين، يوجد مقامان يحملان اسم النبي صالح؛ واحدٌ في مدينة رام الله (وتحديدًا في قرية النبي صالح)، وآخر في مدينة الرملة، وفي حين لا توجد تأكيدات أن مدينة رام الله، أو قرية النبي صالح، كانتا تقيمان موسمًا للمقام هناك، فإن المؤكد تاريخيًا، ومنذ أيام صلاح الدين، أن مدينة الرملة ظلّت تقيم هذا الموسم على امتداد 800 عام بالتمام والكمال (من عام 1187م، وحتى عام 1987م)، حيث تؤكد فيديوهات مسرّبة من داخل مدينة الرملة أن احتفال أهلها بموسمهم تواصل حتى بعد احتلال المدينة في عام 1948.

يوجد مقامان يحملان اسم النبي صالح: واحدٌ في مدينة رام الله وآخر في مدينة الرملة 


حدّثتني أمّي، رحمها الله، كثيرًا، عن مغامراتها في موسم النبي صالح، ومشاركتها السنوية الحتمية في احتفالاته، حيث كانت تذهب مشيًا (وأحيانًا حافية القدميْن) من قريتنا بئر ماعين في قضاء الرملة إلى داخل المدينة، حيث يُقام الموسم، علمًا أن مشاركاتها في الموسم بعد الثالثة عشرة من عمرها تحقّقت وهي على ذمّة والدي جميل، رحمه الله.
تقول أمّي إن أحدًا لم يكن يفكّر، ولو مجرّد تفكير، أن لا يشارك في الموسم، الذي كان يتضمّن كل شيء (ربما بالمعنى الحرفيّ للمفردة).
كان يأتي الناس من جميع أنحاء فلسطين إلى المقام في الرملة؛ قبل بزوغ الشمس يشدّون الرحال، مشيًا على الأقدام، أو ركوبًا على الحمير والجِمال، أو في عربات الخيول.
حلقات تعارفٍ وأكل جماعيّ، أصحاب طُرُقٍ صوفية يحملون الرايات والأعلام. أسواقٌ تُعقد، وخَفَقاتُ هوى تنبُض. كرامات... ضرب أجساد بالسيوف... أطفال يشترون الطبلات والألعاب والمزامير وقلائد الخرز وحلاوة القدوم وأكواب الخروب والسوس، وغيرها.
بعد صلاة "الجُمعة الحامية" يصطف الكشافة والشبّان يحملون الأعلام في موكب من الجامع الكبير إلى مقام النبي صالح؛ حيث تُلقى خطبٌ تتناسب مع الموقف. بانتهاء يوم الجمعة الحامية ينتهي الموسم الذي كانت تُقدّم في أثنائه (حلاوة النبي صالح).
كان الاحتفال يبدأ في يوم "خميس الأموات"، أو خميس البيض الذي يقع قبل عيد الفصح، ويُسمّى الأسبوع الذي يلي "سبت النور" من كل عام باسم "أسبوع النبي صالح".

موسم النّبي روبين
(يا بتروبنّي يا بطّلقني) مثلٌ سمعناه من آبائنا وأمهاتنا. وبحسب المتواتر أن نساء يافا كنّ يرفعن هذا التهديد في وجه رجالهنّ، فمدللات يافا ما كنّ يتخيلن أن تحتفل فلسطين (خصوصًا نساء الرملة واللد) بموسم النبي روبين وهنّ غائبات عن العرس الوطني السنويّ.
وبحسب المتواتِر، أيضًا، وأيضًا، أن موسم النبي روبين كان أكبر المواسم الفلسطينية حشدًا للناس، وأطولها مدّة.




عند الضفة الجنوبية لِنهر النبي روبين (نهر بعل أيام الكنعانيين)... ليس بعيدًا عن شاطئ البحر الأبيض المتوسط (أقل من ثلاثة كيلومترات)... في قلب قرية النبي روبين، على بُعد 14 كيلومترًا غربي الرملة، و15 كيلومترًا جنوبي يافا، حيث "وادي الصرار" و"سيل سوريك" يُنبتان الخصب، ويرْفلان بالخُضرة، وحيث مقامٌ يُعتقد أنه للنبي روبين ابن النبي يعقوب... أقيم الموسم أوّل مرّة سنة 1184 ميلادية بلمسات شامية لا تخفى على عين.
كان الموسم يبدأ عند ظهور أول هلال في شهر آب، ويستمر شهرًا كاملًا؛ وكانت تنصب الخيام في السهل المحيط بالمَقام، ولا سيما عند الجانب الشمالي الغربي... جِمال تحمل مع سنامها عائلاتِ بأكملها... وتحمل معها أوانيها ولوازمها الضرورية لِقضاء أيامِ أطول موسمٍ فلسطينيّ. وهل من شطحة (إجازة) أجمل وأبهج وأغنى بالمسرّات من هكذا شطحة؟
ومع الصلوات والمراسم الدينية، وفي قلبها، تنطلق فقرات الألعاب وركوب الأراجيح وذبح الذبائح في مهرجانٍ حافلٍ كان يشترك فيه الفلسطينيون من مختلف مِللهم ونِحلهم.
السقّائون يدُورون بالماء... الباعةُ يُنادون... (حلاوة صلبة) على (شَعر بنات) على (عنبر الشام) على (قرقوشة)، أو قراقشة فلسطينية... عرض مسرحيّ هُنا... وأرجوحة هناك... سباق الخيل لا يتوقّف... من دون أن يخلو الأمر من فعاليات أدبية وفنية عديدة... حلقات مصارعة تتحوّل تدريجيًا إلى تحدٍ بين فتوّة من قريةٍ ما، مع فتوّة من قرية أُخرى... وتستعرُ المراهنات.
وحين وصل عدد الراكضين نحو موسم النبي روبين إلى أكثر من ثلاثين ألف، أقلق "الكرنفال" السنوي الإنكليز، فمنعوا إقامته من سنة 1936 إلى سنة 1939، خوفًا من أن تتحوّل هذه الحشود إلى تجمعٍ مقاومٍ للانتداب.

موسم المنطار الغزّي
يقع "تل المنطار" إلى الشرق من مركز مدينة غزة التلِّية القديمة (فوق المدينة) بنحو كيلومترين ونصف كيلومتر تقريبًا، وهي عبارة عن أراضٍ سهليةٍ منخفضةٍ تبدو وكأنها وادٍ قديم هجرته المياه. يتميّز التل بخصوبته وكثرة بساتينه التابعة لحيّ الشجاعية.
يرتفع "تل المنطار" نحو تسعين مترًا فوق مستوى البحر، ليحتل المرتبة الأولى من حيث الارتفاع على سلسلة التلال التي تحفّ القطاع قاطبةً من جهة الشرق، ممتدةً من شماله حتى أقصى جنوبه، مكوّنة نقاطًا دفاعية صلبة أشبه بأبراج مراقبة طبيعية تُنذر بقدوم أي غازٍ قادمٍ من جهة الشرق لمدن القطاع عامة، ولمدينة غزة على وجه الخصوص.
طبيعة "تل المنطار" استحقّت، بالتالي، أن تكون موقع موسمٍ سنويٍّ يقيمه التركمان والأكراد والخوارزمية وأهل فلسطين منذ أيام صلاح الدين، ففي أعلى التل ضريح للشهيد علي المنطار أحد أبرز قادة حملة تحرير بيت المقدس (استُشهد فوق التل ودُفن فوقه). ومن ذلك الوقت، أصبح فلسطينيو غزّة، ومن بقي معهم من جنود صلاح الدين، يحتفلون كل عام بيوم استشهاد "المنطار"، ليحمل هذا الاحتفال لاحقًا اسم "موسم المنطار".
يبدأ الموسم من 15 أبريل/ نيسان من كل عام، وينتهي في العشرين منه، حيث تجتمع مناطق القطاع جميعه ومدنه وقراه فوق التل للاحتفال بالموسم الذي كان يسافر إليه تجار من مختلف البلدان العربية أملًا بما قد يجنونه خلال أيام الموسم من ربحٍ وخيرٍ وبركات.
مع السنوات، تحوّلت أيام الموسم بأجوائها وأسواقها إلى أيام عيدٍ يُحرَمُ منه الغزيون كلّما تكالبت الفتاوى عليهم... وسبق سيف التّحريم عَذَل التعقّل.
هناك، فوق التل الملحميّ، وحيث يمكن للغزيّ أن يشاهد أضواء مدينة القدس، ومدينتيّ الخليل وبيت لحم، وغيرهما من مدن الضفة الغربية، وفلوات بئر السبع، صار لموسم "تل المنطار" طعم الصمود.

الأرض والإنسان
إنها أعياد الأرض والإنسان ومواسم الحصاد والأنبياء والصالحين... حيث التقويم هو مُتوالية القحطِ والخصْب... والفرح هو عِشْقُ الفلسطينيين للحياة...
مواسم الفلسطينيين الكنعانيين لم تقتصر على ما ذكرناه أعلاه، فهناك مواسم أخرى للنبي يونس، وإلياس، وثاري، وغيرهم، وأولياء كثر منهم ماعين، والخضر، وميسر، وحمدان، وقائمة تطول وتطول.
تقول أمي إنهم كانوا يغنّون في موسم النبي صالح:
"يا نبي الله ما أبيض حجارك                            
ومحبة الله كل واحد زارك                      
يا نبي صالح يا أبو التابوت                    
تمنيت من الله بحدّك أموت".
فبأيّ حالٍ عدتَ يا عيدُ، بِما مَضى أَم لأَمرٍ فيكَ تَجديدُ؟
أعياد الكنعانيين ليست فقط: الأدونيات، الهفريس، ملكارت، رشف وياشمون؛ عندهم في ليالي السامر بعد مواسم الخير عيد، في البيادر وعلى سفوح الجبال عيد، في مواسم التين والصبر والعكّوب والتداوي بالبابونج والميرمية عيد، في وصف عنب الخليل وبرتقال يافا وبطيخ جنين عيد، عيد الربيع والأقحوان وشقائق النعمان، وحَرُّ الصيفِ عيد، تمامًا كما هي مواقيت التصليبِ في الخريف، مَكاثي الفقّوس عيد، وَكذا نوّار اللوز، وَرائحة المشمش، ونُضوج التّين.

الدخول

سجل عن طريق

هل نسيت كلمة المرور؟

أدخل عنوان بريدك الإلكتروني المستخدم للتسجيل معنا و سنقوم بإرسال بريد إلكتروني يحتوي على رابط لإعادة ضبط كلمة المرور.

شكرا

الرجاء مراجعة بريدك الالكتروني. تمّ إرسال بريد إلكتروني يوضّح الخطوات اللّازمة لإنشاء كلمة المرور الجديدة.