}

غزّة... إنّها حرب "إبادة ثقافية" أيضًا

أوس يعقوب 4 فبراير 2024
اجتماع غزّة... إنّها حرب "إبادة ثقافية" أيضًا
مبنى الجامعة الإسلامية بعد تدميره جراء القصف الإسرائيلي

ترافق القتل الجماعي للفلسطينيين منذ النكبة عام 1948، مع "الإبادة الثقافية" طوال تاريخ الصراع الفلسطيني الإسرائيلي، في عملية مُمنهجة للتطهير العرقي، وطمس الهوية الوطنية والثقافية ومحو الذاكرة الجمعية للشعب الفلسطيني، ومحاولة التخلّص من الآثار المادية التي تربط السكان الأصليين بوطنهم.
في حرب الإبادة الجماعية التي تشنّها إسرائيل على قطاع غزّة منذ السابع من تشرين الأوّل/ أكتوبر 2023، عمد جيش الاحتلال إلى جعل القطاع غير صالح للحياة من جهة، وإلى محو تاريخه الحضاري والثقافي من جهةٍ أخرى، حيث رافقت آلة القتل وفرق الموت فرق نهب وسلب، بعضها يتخصّص بتدمير المعالم الأثرية والتاريخية والمساجد والكنائس، وبعضها بسرقة محتوياتها، ومحتويات المتاحف والمجموعات الخاصّة، والكتب والمخطوطات والمشغولات المعدنية والحجرية واللوحات الفنية وغيرها من النفائس والقطع الأثرية، ومقتنيات الغزّيين النفيسة والنادرة ومكتباتهم الخاصّة، وبعضها يتخصّص بملاحقة المثقّفين والكتّاب والشعراء والعلماء من مختلف التخصّصات قتلًا وتشريدًا.

استبدال شعب بشعب وثقافة بثقافة وتاريخ بتاريخ
كل ما سبق ذكره أعلاه ليس إلّا وجهًا من وجوه "الإبادة الثقافية"، المتمثّل في محاولة محو ممنهج للذاكرة الفلسطينية التاريخية عن طريق تدمير الممتلكات الثقافية والتراث المادي وغير المادي، واستهداف الآثار الملموسة والوثائق والمخطوطات والكتب وجميع أشكال الإنتاج الثقافي، وقتل الكفاءات الأكاديمية والعلمية وذوي الخبرات الثقافية.
و"الإبادة الثقافية" أو "التطهير الثقافي" هو مفهوم ميّزه المحامي البولندي اليهودي رافائيل لمكين، عام 1944، على أنّه مكوّن من مكوّنات "الإبادة الجماعية". أُخذ المصطلح بعين الاعتبار في عام 2007 في إعلان الأمم المتحدة لحقوق الشعوب الأصلية؛ وتمّ وضعه جنبًا إلى جنب مع مصطلح "الإبادة الإثنية"، لكنه حُذف من الوثيقة النهائية، وتمّ استبداله بمصطلح "الإبادة الجماعية" فحسب.
و"الإبادة الجماعية"، بحسب لمكين، "تُنفّذ في مرحلتين: الأوّلى تدمير النمط الوطني أو القومي للجماعة المضطّهَدة؛ والأخرى فرض النمط الوطني للمضطّهِد. ويمكن أن يتعرّض السكان المضطّهَدون الذين يُسمَح لهم بالبقاء لهذا الإملاء أو الإرغام، كما يمكن أن يفرَض على الأرض وحدها بعد إبعاد السكان واستعمار المنطقة من المنتمين قوميًا إلى جماعة المضطّهِدين. ونزع الصفة القومية Denationalization هي الكلمة التي استُخدِمَت في الماضي لوصف تدمير النمط الوطني".
وتعليقًا على ما ذهب إليه هذا المحامي البولندي، رأى المفكر العربي الدكتور عزمي بشارة، المدير العام للمركز العربي للأبحاث ودراسات السياسات، في محاضرة أقيمت في مقر المركز في الدوحة، في 28 تشرين الثاني/ نوفمبر 2023، تحت عنوان: "الحرب على غزة: السياسة والأخلاق والقانون الدولي"، أنّ "المصطلح (الإبادة الجماعية) ينطبق تمامًا على نكبة الشعب الفلسطيني وكأنه صمّم خصيصًا للدلالة عليها". وبيّن بشارة أنّ "الصهيونية لا يمكن فهم مشروعها في فلسطين ووسائلها وبنيتها إلّا بوصفه استعمارًا استيطانيًا". والاستعمار الاستيطاني "يدمّر ليحلّ مكان" الأصل، على حدِّ تعبير المؤرّخ الأسترالي باتريك وولف. وطبعًا إسرائيل - الكيان الاستعماري الاستيطاني- لا تعترف بكل هذه الأدبيات القانونية والدولية، التي تدين أفعالها الوحشية تجاه الفلسطينيين، إنّما "تعمّدت هي وحلفاؤها صياغة لغة لا تبرّر أفعالهم فحسب، بل أيضًا لإقناع العامّة من دافعي الضرائب في الداخل والخارج بحسن مبرّراتهم الأخلاقية،" كما تشير كلٍ من المؤرّخة الكويتية الفلسطينية سحر الهنيدي، والكاتبة البريطانية الفلسطينية إيزابيلا حماد، في دراستهما "توظيف اللغة في حرب المصطلحات الإسرائيلية على الفلسطينيين" (المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات، 2 كانون الثاني/ يناير 2024). 

مركز رشاد الشوّا الثقافي بعد تدميره بغارة إسرائيلية 


الهنيدي وحماد تشيران إلى أنّه "دأبت المشروعات الاستعمارية كافّة على تحريف اللغة. فقد سارت العبارات الملطّفة المقصودة جنبًا إلى جنب مع الرغبة في السيطرة على السكان الأصليين، والاستيلاء على الأراضي والموارد، بداية من التوسّع الأميركي في "براري الغرب" وصولًا إلى الاستعمار الأوروبي للأفارقة "الهمج".
وعلى الرغم من أنّ مصطلح "الإبادة الجماعية" تعرِّفه بوضوح معاهدة دولية، إلّا أنّ التعريف المحدّد لـ "الإبادة الثقافية" لا يزال غير واضح حتّى الآن. إذ يستخدم الإثنولوجيون من أمثال روبرت جولن مصطلح "الإبادة الإثنية" كبديل عن "الإبادة الثقافية"، إلّا أنّ هذا الاستخدام تعرّض للنقد لأنّه يتسبب في المخاطرة بالخلط بين الإثنية والثقافة.
ومع ذلك يُمكننا تعريف "الإبادة الثقافية" بالقول: إنّها "الأفعال والتدابير المتّخذة لتدمير ثقافة الأمم أو المجموعات العرقية من خلال التدمير الروحي والقومي والثقافي".
وقد صدر القليل من الكتب باللغات العربية والأجنبية، التي تناولت موضوع "الإبادة الثقافية"، منها كتاب "أميركا والإبادات الثقافية" للمفكر والمؤرّخ الفلسطيني منير العكش (2009)، وكتاب "الإبادة الثقافية" للأكاديمي الأميركي لورنس دافيدسون (2012)، وكتاب "الإبادة الثقافية في مناهج تعليم السود والأفارقة" للكاتب والمؤرّخ الأميركي يوسف بن جوشانان (1972).
في كتابه "الإبادة الثقافية"، خصّص الأكاديمي الأميركي لورنس دافيدسون، فصلًا للتدمير الممنهج الذي اتبعه ويتبعه المحتلون الصهاينة للثقافة الفلسطينية، إما بالقضاء على شواهدها المعمارية والاستيلاء على مصادرها من كتب ووثائق، أو بانتحال منتجاتها، ففكرة إسرائيل التاريخية، فكرة احتلال أرض الغير، واستبدال شعب بشعب، وثقافة بثقافة وتاريخ بتاريخ، وفرض مناهج تعليم تلغي من ذهن الفلسطيني أي أثر لوطنه في الماضي والحاضر.

"إبادة ثقافية" ترتقي إلى "جريمة حرب"
في 20 تشرين الثاني/ نوفمبر الماضي، قال المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان (مقره الرئيسي في جنيف): "إنّ إسرائيل تتعمّد تدمير المعالم الأثرية الفلسطينية في قطاع غزّة في إطار حربها الدموية المستمرة منذ السابع من تشرين الأوّل/ أكتوبر الماضي في استهداف صريح للإرث الحضاري الإنساني". مؤكدًا أنّ "القانون الدولي الإنساني يحظر في كافة الظروف الاستهداف المتعمّد للمواقع الثقافية والدينية (التي لا تشكل أهدافًا عسكرية مشروعة ولا ضرورة عسكرية حتمية)، ولا سيما اتفاقية لاهاي لعام 1954 بشأن حماية الممتلكات الثقافية في حالة النزاع المسلح والبروتوكول الثاني للاتفاقية لعام 1999".
وشدّد على أنّ "تدمير واستهداف المواقع التاريخية والأثرية قد يرتقي إلى جريمة حرب بموجب ميثاق روما" المنشئ للمحكمة الجنائية الدولية، ويشكّل انتهاكًا صريحًا لمعاهدة لاهاي المتعلقة بحماية الإرث الثقافي أثناء الصراعات المسلحة".
ووثق "المرصد الأورومتوسطي" هجمات جوية ومدفعية شنّها جيش الاحتلال على مواقع تاريخية عديدة تشكّل الجزء الأبرز في التراث الثقافي في قطاع غزّة، بما في ذلك مواقع أثرية ومبان تاريخية ودور عبادة ومتاحف ما أدّى إلى دمار وأضرار كبيرة فيها.
وفي نهاية شهر كانون الأول/ ديسمبر الماضي، نبه بيان "حركة مقاطعة إسرائيل"  BDS (حركة فلسطينية ذات امتداد عالمي)، من "الإبادة الثقافية، المتمثّلة في الاستهداف المتعمّد للقطاع الثقافي والفني والأكاديميّ الفلسطيني"، والذي رأى فيها "فصلًا من فصول جريمة الإبادة الجماعية التي يرتكبها العدو في غزّة الآن"، مضيفًا: "يعمّد عدونا إلى محو ماضٍ عمرُه مئاتُ وفي بعض الحالات آلاف السنين، ظنًّا منه أنّه بذلك يُبيد المستقبل ويدمّر عزيمة شعبنا على مواصلة النضال والصمود في وجه الاستعمار. لكنّ غزّة، كما علّمتنا، تظلّ منارة للأمل ومصنعًا للصمود".

الشهداء الدكتور سعيد الدهشان، الدكتور سفيان تايه، رئيس الجامعة الإسلامية، والشاعر والأكاديمي رفعت العرعير


اعتداءات متلاحقة
لمحو إرث غزّة الثقافي
استهدف جيش الاحتلال دور العبادة من مساجد وكنائس وأديرة عريقة، ومواقع التراث الثقافي، فدمّرها كليًا أو جزئيًا أو طاولتها أضرار جانبية. ومن أبرز الأماكن والمواقع الثقافية والتراثية التي استهدفها الاحتلال لمحو تاريخ غزة الذي يزيد على أربعة آلاف سنة، المسجد العمري الكبير التاريخي وسط مدينة غزّة، وقام بتدمير مئذنته التي يعود تاريخ بنائها إلى 1400 عام، وهو المسجد الأكبر والأقدم في القطاع، بمساحة تبلغ نحو 4100 متر مربع فيما كانت تبلغ مساحة البناء 1800 متر مربع، وكان يحتوي على مكتبة تعدُّ إحدى أكبر المكتبات الفلسطينية للمخطوطات الإسلامية، ولا يعرف حتّى يومنا هذا مدى الضرر الذي لحق بالمكتبة ومخطوطاتها.
كذلك تعرّض مسجد السيد هاشم (نسبة إلى جد النبي)، وهو أحد المساجد التاريخية المهمة في مدينة غزّة، للدمار بشكل جزئي. ويقع في حيّ الدرج بمساحة تقدر بحوالي 2400 متر مربع. وهو يعتبر من أجمل وأقدم مساجد غزّة.
أيضًا، تعرّض مسجد الظفر دمري الأثري إلى تدمير كليّ نتيجة القصف الإسرائيلي، وهو يعود إلى الحقبة المملوكية، حيث أسسه الأمير المملوكي، شهاب الدين أحمد بن أزفير الظفر دمري، في القرن الثامن الهجري وتحديدًا سنة 762هـ. هذا المسجد الذي تبلغ مساحته 600 متر مربع، اشتهر باسم "القزدمري" لدى عامة الناس، ويوجد فيه قبر شهاب الظفر دمري.
كما استهدف جيش الاحتلال كنيستين تاريخيتين في القطاع، هما كنيسة القديس برفيريوس العريقة، وتُعرف أيضًا باسم "الكنيسة الأرثوذكسية" محليًا، وتعدُّ ثالث أقدم كنائس العالم، وأقدم كنسية في غزّة حيث يعود تاريخ البناء الأصلي للكنيسة إلى عام 407 ميلادي فوق معبد وثني خشبي يعود لحقبة سابقة. والكنيسة البيزنطية التي تقع في بلدة جباليا، شمالي القطاع، ويزيد عمرها عن 1600 عام، وتعود إلى عام 444 ميلادي، وهي من أبرز المعالم في بلاد الشام عامّة.
بموازاة ذلك تعرّضت معظم أجزاء البلدة القديمة لمدينة غزّة وفيها 146 بيتًا قديمًا إضافة إلى مساجد وكنائس وأسواق ومدارس قديمة وتاريخية، لتدمير شبه كلي في هجمات جوية ومدفعية إسرائيلية، بحسب المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان.





ومن أبرز معالم المدينة التي لحقها الدمار "قصر الباشا" (دار السعادة)، المعروف أيضًا باسم "قصر الرضوان" و"قلعة نابليون". وشكّل الموقع خلال العصرين المملوكي والعثماني قصرًا كبيرًا، وفي العصر البريطاني تمّ استخدامه كمركز للشرطة، وفي السنوات الأخيرة صار متحفًا؛ و"بيت السقا" الأثري في حيّ الشجاعيّة شرقي مدينة غزّة، والذي يعود تاريخ بنائه إلى 400 عام على مساحة كانت تبلغ 700 متر؛ و"بيت الغصين" وهو مبنى تاريخي يعود إلى أواخر الفترة العثمانية؛ و"حمام السمرة" العثماني الذي ظل يعاند الزمن بما يزيد عن 800 سنة؛ وغيرها الكثير من المباني في البلدة القديمة بمدينة غزّة.

كذلك لم تسلم المواقع الأثرية من الدمار جراء القصف الإسرائيلي، من ذلك قصف موقع البلاخية الأثري وميناء غزّة القديم (ميناء الأنثيدون الأثري) في شمال غرب مدينة غزّة، والذي يعود بناؤه إلى 800 عام قبل الميلاد، وكان يعتبر من أهم المعالم الأثرية في غزّة ومدرج على اللائحة التمهيدية للتراث العالمي ولائحة التراث الإسلامي، وموقع تل أم عامر (دير القديس هيلاريون) الذي يعود بنائه إلى أكثر من 1600 عام، والمدرج على لائحة منظمة اليونيسكو للحماية المعززة.
ولم يكتف الاحتلال الإسرائيلي باستهداف المباني التاريخية والمواقع الأثرية ودور العبادة في قطاع غزّة، فعمل ساعيًا لإبادة مقبرة دير البلح، التي تعرّضت للدمار الكلي، وتعتبر من أهم المقابر التاريخية والأثرية في غزّة، حيث تعكس تاريخ الشعب الفلسطيني على مدى عصور عديدة. وتُنسب هذه المقبرة إلى ما يسمى "ملوك الفلسطينيين" وتتكوّن من مجموعة بارزة من التوابيت الفخارية ذات الشكل البشري.
ومن المتاحف ومقار المراكز والمؤسسات والجمعيات الثقافية والفنية ودور النشر والمكتبات التي تعرّضت، وما تزال، للقصف والتدمير، المتحف الوطني، وكان يضمّ أكثر من ثلاثة آلاف قطعة أثرية نادرة، وقد سرق جنود الاحتلال تلك الآثار، ومتحف رفح، وقرارة الثقافي، والعقّاد بخانيونس، وشهوان، والخضري، وأبو شعر، والمكتبة العامة التابعة لبلدية غزّة، ومكتبة ديانا ماري صبّاغ التابعة لمركز رشاد الشوا الثقافي المُدمّر بدوره، والمركز الثقافي الاجتماعي الأرثوذكسي العربي بحيّ تل الهوا، وهيئة دار الشباب للثقافة والتنمية، وجمعية أبناؤنا للتنمية، وجمعية ميلاد، وجمعية حكاوي للمسرح، ومؤسسة السنونو للفنون والثقافة، ومركز غزّة للثقافة والفنون، ومكتبة مركز الثقافة والنور، وقرية الفنون والحرف، ومسرح الوداد، وغاليري التقاء للفنون البصرية المعاصرة، ومكتبة سمير منصور التي دُمّرت كذلك خلال عدوان 2021، ومكتبة ومعرض الشروق الدائم، ومكتبة انعيم، ومكتبة النهضة، ناهيك عن مئات المكتبات الخاصّة ومراسم الفنانين التشكيليين الذين خسروا معظم ما يملكونه من إنتاجاتهم وأعمالهم الفنية. هذا بالإضافة إلى استهداف نصب "الجندي المجهول" في حيّ الرمال، وتمثال العنقاء بميدان فلسطين، وصرح الشهداء الستة في مخيم جباليا.
وفي نهاية شهر كانون الأوّل/ ديسمبر الماضي، أفاد المكتب الإعلامي الحكومي في قطاع غزّة، بأنّ جيش الاحتلال استهدف ودمّر نحو 200 موقع ومعلم أثري وتاريخي، من أصل 325 موقعًا ومعلمًا في القطاع.
وكان المتحف الفلسطيني قد أصدر بيانًا، في الأيّام الأولى من العدوان الإسرائيلي الغاشم على القطاع، جاء فيه: "إن هذا القصف العشوائي لكلّ ما في غزّة لا يهدف إلى محو الفلسطينيين من الحاضر فقط، ومحو مدينة غزّة كي لا تعود مكانًا تُمكن العودة إليه في المستقبل، بل يهدف أيضًا إلى محو المنجز الفلسطيني الثقافي بالكامل، ومحو تاريخه، حتّى ليبدو كما لو أنّه لم يكُن هنا، وما هذا إلّا امتداد لنكبة عام 1948 وما تلاها من اعتداءات متلاحقة وحملات سرقة منظّمة للأرشيفات والمكتبات الشخصية والمجموعات الخاصّة على يد قوّة البطش الإسرائيلية، من أجل محو ذاكرة شعب بأكمله، وإغلاق ملف قضيته".

المسجد العمري  وكنيسة القديس برفيريوس بعد قصفهما من قبل العدوان الإسرائيلي


نخب غزّة العلمية والثقافية في مرمى نيران العدو
كذلك عملت سلطات الاحتلال على تهديد مستقبل الغزّيين من خلال تدمير العشرات من المدارس والجامعات التي باتت ضمن أهداف القصف المتواصل بلا هوادة منذ نحو أربعة شهور بهدف تقويض المنظومة التعليمية، وكانت الجامعة الإسلامية ضمن أوّل الاستهدافات الأكاديمية في قطاع غزّة خلال العدوان الحالي، فدمّر القصف جميع مبانيها، كما استهدف جامعة الإسراء ومباني العديد من الكليات خصوصًا في منطقة الجامعات بحيّ الرمال وحيّ تل الهوا.
ووثق التقرير الثالث حول أضرار القطاع الثقافي في غزّة، الذي أصدرته وزارة الثقافة الفلسطينية في رام الله، مطلع العام الحالي، تدمير قرابة عشرين جامعة وكلية في قطاع غزّة.
كما أدّت حرب الإبادة الجماعية والثقافية التي يشنّها الاحتلال على القطاع إلى قتل العشرات من المثقّفين والمؤرّخين والكتّاب والشعراء والفنانين التشكيليين والموسيقيين والصحافيين، وكذلك الأكاديميين والعلماء، حيث وثقت منظمات حقوقية دولية مقتل نحو مائة أستاذ ومحاضر جامعي في غارات مباشرة استهدفت منازلهم من دون سابق إنذار، أبرزهم: رئيس الجامعة الإسلامية في غزّة، الدكتور سفيان تايه (مواليد 1971)، الذي صَنفته جامعة "ستانفورد" الأميركية في عام 2021 ضمن أفضل 2% من الباحثين حول العالم، لكونه يحمل درجة الأستاذية في تخصّص الفيزياء النظرية والرياضيات التطبيقية، كذلك اختير لشغل مقعد منظمة اليونيسكو لعلوم الفيزياء وعلوم الفضاء في فلسطين في عام 2012، ما أثار غضب الاحتلال وقتها، وتعرّض لحملة ممنهجة من التحريض عليه وعلى الجامعة الإسلامية بعد قرار منظمة اليونيسكو. واستشهد تايه مع عائلته إثر غارة جوية شنّتها قوات الاحتلال استهدفت منطقة الفالوجا في جباليا شمال القطاع في 3 كانون الأوّل/ ديسمبر الماضي.
وفي 7 كانون الأوّل/ ديسمبر 2023، استهدف أستاذ الأدب الإنكليزي في الجامعة الإسلامية، الشاعر والأكاديمي رفعت العرعير، الذي عمل خلال فترة العدوان على النشر باللغة الإنكليزية عبر وسائل التواصل الاجتماعي حول ما يرتكبه الاحتلال من مجازر، لرسم صورة لكل العالم عن تفاصيل الحياة اليومية تحت القصف، ونقل قصص الشهداء.
وفي مطلع نفس الشهر، استشهدت نائبة عميد كلية العلوم في الجامعة الإسلامية أستاذة الفيزياء، ختام الوصيفي، وزوجها عميد كلية التربية الأسبق في الجامعة ذاتها الدكتور محمود أبو دف، وأفراد من عائلتهما إثر غارة جوية استهدفت منزلهما.
ومساء يوم 31 من ذات الشهر، استشهد الدكتور سعيد أنور الزبدة، رئيس الكلية الجامعية للعلوم التطبيقية بغزّة، برفقة ثمانية من أفراد أسرته في قصف استهدف مربعًا سكنيًا بحيّ الزيتون في مدينة غزّة.
كما استهدفت طائرات الاحتلال في 14 نوفمبر/ تشرين الثاني الماضي، منزل البروفيسور محمد عيد شبير، أستاذ علم الأحياء الدقيقة ورئيس سابق للجامعة الإسلامية في غزّة، فاستشهد مع أفراد أسرته.
كذلك تمّ استهداف عميد كلية الشريعة والقانون بالجامعة الإسلامية، الدكتور تيسير إبراهيم، أستاذ الفقه، مع كافة أفراد أسرته إثر غارة جوية على مخيم النصيرات وسط قطاع غزّة، في 17 أكتوبر/ تشرين الأوّل الماضي.
وقبله بيومين استشهد عميد كلية الطب في الجامعة الإسلامية، الطبيب عمر فروانة، مع 10 أفراد من عائلته.
واستهدف أيضًا، الخبير في القانون الدولي، الدكتور سعيد الدهشان، صاحب كتاب "كيف نقاضي إسرائيل؟"، الذي رسم من خلاله خريطة طريق لما هو مطلوب عمله فلسطينيًا وعربيًا وإسلاميًا ودوليًا لمقاضاة كيان الاحتلال، واستشهد الدهشان هو وعائلته في غارة جوية استهدفت منزلهم بمدينة غزّة في 11 تشرين الأوّل/ أكتوبر الماضي.

مراجع:
(*) موقع وزارة الثقافة الفلسطينية في رام الله https://moc.pna.ps/
(*) موقع وكالة الأنباء والمعلومات الفلسطينية (وفا) https://www.wafa.ps/
(*) موقع المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات https://www.dohainstitute.org
(*) موقع المتحف الفلسطيني https://www.palmuseum.org/ar
موقع حركة مقاطعة إسرائيل (BDS)  https://bdsmovement.net/ar
(*) موقع المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان: https://euromedmonitor.org/ar
(*) موقع الجزيرة نت https://www.aljazeera.net/

الدخول

سجل عن طريق

هل نسيت كلمة المرور؟

أدخل عنوان بريدك الإلكتروني المستخدم للتسجيل معنا و سنقوم بإرسال بريد إلكتروني يحتوي على رابط لإعادة ضبط كلمة المرور.

شكرا

الرجاء مراجعة بريدك الالكتروني. تمّ إرسال بريد إلكتروني يوضّح الخطوات اللّازمة لإنشاء كلمة المرور الجديدة.