}

"دبلوماسيّة التطعيم" وسياسات الإماتة ـ الإحياء الإسرائيليّة!

أنس إبراهيم 9 مارس 2021
هنا/الآن "دبلوماسيّة التطعيم" وسياسات الإماتة ـ الإحياء الإسرائيليّة!
لافتة في روما "إسرائيل القاتلة ترفض إعطاء اللقاح للفلسطينيين"(26/2/2021/Getty)

تعهّدت الحكومة الإسرائيليّة، على لسانِ رئيس حكومتها، بنيامين نتنياهو، في نهاية الشّهر المنصرم، بإرسال آلاف الجرعات من مطاعيم كوفيد ـ 19 الفائضة عن الحاجة إلى حلفائها الخارجيين، ما أعاد إلى الواجهة جدلًا سابقًا يخصُّ مسؤوليّة إسرائيل كدولة استعمار استيطاني عن تأمين المطاعيم للفلسطينيين الخاضعين لسيطرتها الاستعماريّة في الضفّة الغربيّة وقطاع غزّة. وقد أكّدت كلّ من حكومتي التشيك، وهندوراس، أنّ إسرائيل وعدت بتزويد كلّ من البلدين بـ5000 مطعوم مُصنّعة من قبل شركة موديرنا. إضافة إلى ذلك، فقد أكّدت بعض المصادر الإسرائيليّة الإعلاميّة أنّ كلّا من هنغاريا، وغواتيمالا، ستتلقّيان العدد نفسه من المطاعيم، رغم الصّمت الرسميّ من كلا الحكومتين.
إضافة إلى تلك الدّول، هنالك عدد من الدّول الأخرى، كتشاد، وغانا، وكينيا، وإثيوبيا، التي قد تتلقّى المطاعيم الإسرائيليّة، فيما صار يُعرَفُ بـ"دبلوماسيّة التطعيم"، وهو المصطلح الذي يُشيرُ إلى نوعٍ من أنواع القوّة الناعمة في العلاقات الدّولية في عصر الوباء؛ أيّ استخدام مطاعيم كوفيد ـ 19 كأصول سياسيّة ودبلوماسيّة يَجري توظيفها في إطار العلاقات الدبلوماسيّة بين الدّول الغنية والدول الفقيرة، كبعض الدول الأفريقيّة، والآسيوية، ودول أميركا اللاتينيّة. ومن الأمثلة على ذلك، تبرّع الإمارات لحليفها النّظام المصريّ بـ"جرعات مطاعيم دبلوماسيّة"، إضافة إلى ما كُشِف عن اتفاق بين إسرائيل والنظام السوريّ يقضي بشراء إسرائيل بما مقداره 1.2 مليون دولار من اللقاح الروسيّ "سبوتنيك" مقابل إطلاق سراح إسرائيليّة احتجزها النظام السوريّ.

نتنياهو أعلنّ أنّ إسرائيل لديها فائضٌ من المطاعيم عن حاجتها لسكّانها، وعليه فقد قرّر شخصيًا مُشاركة ما سمّاه بـ"العدد الرمزيّ" من الجرعات لحلفاء إسرائيل، قائلًا إنّ ذلك تمّ "مقابل أشياء قد حصلنا عليها بالفعل من خلال العديد من الاتّصالات التي لن أكشفها بالتّفاصيل... أعتقدُ وبشكلٍ مُطلق، أنّ ذلك [التبرّع بالجرعات] يشتَري الإرادة الحسنة"! وبالنّظر إلى قائمة الدّول المتلقّية للمطاعيم الإسرائيليّة، من الواضح أنّ الأشياء التي يتحدّث عنها نتنياهو من بين أشياء أخرى، هي اعتراف تلك الدول بالقدس عاصمة لإسرائيل، ونقلها لسفاراتها إلى المدينة، أو حثّ بعض الدّول الأخرى على اتخاذ خطواتٍ مماثلة لتأكيد "يهوديّة" المدينة، وكونها عاصمة للشعب اليهوديّ.
ومن المهمّ النّظر إلى ما وراء إعلان نتنياهو عن هداياه لأصدقاء إسرائيل ضمن منظورين: الأوّل، تفكيرُ نتنياهو بالاعتراف الأميركيّ بالقُدس كجزءٍ من إرثه السياسيّ في إسرائيل، وكجزءٍ من مكوّنات حملته الانتخابيّة، وكخطوة لا بُدَّ له من البناء عليها بشكلٍ دائمٍ من خلال إقناع مزيد من الدّول للاعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل، ما يجعلُ من إعلانه مُغريًا لدول أخرى لم "تقدّم الخدمات" بعد لإسرائيل، لتشجيعها على مثل هذا الاعتراف، أو نقل سفاراتها، أو حتّى افتتاح مكاتب تمثيل تجاريّة في المدينة مُقابل المطاعيم الإسرائيليّة. أمّا المنظور الآخر، فهو ما تمّ اعتباره عالميًا نجاحًا استثنائيًا لحملة التطعيم الإسرائيليّة التي بدأت أوّلًا باتّفاق مبكّر بين الحكومة الإسرائيلية وشركتيّ موديرنا وفايزر لتأمين ما يكفي من المطاعيم لسكّان إسرائيل البالغ عددهم 9.3 مليون، ولاحقًا بتطعيم ما يقارب نصف سكّان إسرائيل خلال أقلّ من شهرين، والذي يُعدّ أعلى معدّلات التطعيم عالميًا بالنّسبة إلى عدد السكّان. وأخيرًا، الخطّة الإسرائيليّة لإكمال حملة التطعيم لكلّ سكّان إسرائيل، مع نهاية شهر آذار/ مارس الحاليّ. بالنّسبة لنتنياهو، فإنّ نجاح الخطّة هو جزءٌ من رصيده وإرثه السياسيّ، الذي يستمرُّ في توظيفه في حملته الانتخابيّة للانتخابات المقبلة، وحقيقة قدرته على تأكيد أنّ إسرائيل تملك، بجانب نجاح حملتها التطعيميّة، مئات الآلاف من الجرعات الإضافيّة، ما يُمكّنها من توظيفها في "مكافأة" أصدقائها، واكتساب أصدقاء جدد، تضعهُ في موقع سياسيّ قويّ بالمقارنة مع مُنافسيه، ومن بينهم الجنرال بيني غانتس، الذي بدأ الهجوم على سياسة نتنياهو الفرديّة للتبرّع بجرعات موديرنا الدبلوماسيّة "الفائضة عن الحاجة".

تلقيح الفلسطينيين العاملين في إسرائيل عند مدخل حاجز عسكري جنوبي الخليل في الضفة الغربية المحتلة (8/ 3/ 2021/فرانس برس)  


وفي إطار خلافاتهما السّياسيّة، صرّح وزير الدّفاع الإسرائيليّ بيني غانتس أنّ "حقيقة مُتاجرة نتنياهو بمطاعيم المواطنين الإسرائيليّين الذين دفعوا ثمنها من ضرائبهم، من دون أيّ مُساءَلة، تُظهِرُ أنّه يُديرُ الدّولة كمملكة تخصُّه، وليس كدَولة". ذلك جاء بعد تجميد خطّة نتنياهو لإرسال بقيّة الشحنات الإضافيّة الفائضة عن الحاجة إلى حلفاء إسرائيل، بعدما قرّر المدّعي العام، أفيحاي مندلبليت، تجميد الخطّة بسبب عدم التزام نتنياهو بالإجراءات اللازمة لتشريعها، ومن ثمّ تنفيذها عبر القنوات الرسميّة، قائلًا في قراره: "إنّه يوصي بالإجراءات الحكوميّة المناسبة"، وإنّ أيّ قرار يتعلّق بمخزون المطاعيم الإسرائيليّة يجبُ اتخاذه من قبل السّلطات المختصّة. وفي ضوء الأهميّة الدبلوماسيّة المتعلّقة بهكذا قرار، قال مندلبليت، كان "من الأنسب إرجاع الموضوع إلى النقاش الحكوميّ، كمجلس الوزراء، أو أيّ قناة رسميّة أخرى تتضمّن كلّ الوزراء ذوي الاختصاص".

ربّما كان نتنياهو مدركًا للإجراءات التي يُمكِنُ اتّخاذها ضدّ خطّته، وربّما لم يَكُنْ، ولكنّه في كلتا الحالتَين قد أرسى مُعادلة في الدبلوماسيّة الإسرائيليّة، وهي معادلة المكافأة؛ وتحديدًا دبلوماسيّة المطاعيم التي قد يكون شعارها الضمنيّ: الحياة لأصدقاء إسرائيل، والموتُ لأعدائها، أو لمن لا يكترثون بها على الإطلاق. لكنّ تصريح غانتس يكشِفُ أيضًا عن نمَطٍ في السّياسة، لا الإسرائيليّة فحسب، بل حتّى سياسة "أصدقاء إسرائيل" وحلفائها الذين لديهم ما يكفي من اللامُبالاة لا بالفلسطينيين فقط، بل بشعوبهم هم أيضًا. وقد كشفت التّقارير الأخيرة عن شبهات فساد في آليّات توزيع الـ2000 مطعوم الذين تلقّتهم السُّلطة الفلسطينية من إسرائيل، وعن آليّة توزيع تلك الحفنة من المطاعيم التي لا تتبرّع بها إسرائيل لأصدقائها من الشّعوب، بل تتبرّع بها لأصدقائها من النّخب السياسية والعسكريّة الفاسدة في دولٍ أفريقيّة وأميركيّة لاتينيّة، وبالطّبع في السّلطة الفلسطينيّة.
تنتمي النّخبة السياسيّة الحاكمة في إسرائيل إلى ذلك النّوع الفاسد من النّخب السياسيّة التي تسعى في الدّرجة الأولى إلى تحصين مواقعها السياسيّة، والتأكد من استمراريّتها في مواقع الحُكم؛ وذلك يشمَلُ بيني غانتس المتذمّر من سياسة نتنياهو، والذي لا يأتي تذمّره حِرصًا على شفافيّة الإجراءات الحكوميّة الإسرائيليّة بقدر انزعاجه من عدم الزجّ بهِ في مهرجان الإنجازات السياسيّة الخاصّ بنتنياهو خلال الأعوام الأخيرة، والتي تأتي في مقدّمتها حملة التطعيم، الاعتراف الأميركيّ بالقدس عاصمة لإسرائيل، و"اتّفاقات أبراهام" التطبيعيّة بين إسرائيل، وبعض الدّول العربيّة.

بعدَ يومٍ على إعلانه عن خطّته للتبرّع بالجرعات الزائدة، هاجَم غانتس نتنياهو قائلًا إنّ مخزون المطاعيم هو ملكيّة الدّولة، مُشكِّكًا في ادّعاء الأخير أنّ هناك مخزونًا فائضًا من المطاعيم في حين أنّ إسرائيل لم تنته من حملتها التطعيمية بشكلٍ كامل. "تلك ليست المرّة الأولى التي يتمّ فيها اتّخاذ قرارٍ دبلوماسيّ ودفاعيّ على هذه الدرجة من الأهميّة من وراء ظهر المؤسسات ذات العلاقة بالأمر، وهو الأمر الذي قد يجلب ضررًا أمنيًا، دبلوماسيًا وقانونيًا"، علّق غانتس وأضاف: "هذا النّمط يُقوِّضُ قدرتنا على إدارة الدّولة بشكلٍ عقلانيّ". غير أنّ العقلانيّة في حسابات غانتس لا تعترفُ بلاعقلانيّة إرسال آلاف الشحنات إلى قارات العالم، في حين استمرار الكارثة الصحّية في المناطق الفلسطينيّة التي هي على احتكاك دائم بالإسرائيليين. وقد طالَبَ بإرجاع المسألة إلى مجلس الوزراء الأمنيّ المُصغّر لنقاشها مُطالبًا مدّعي الدّولة العام بالتدخّل في المسألة، والذي أسفر تدخّله عن تجميد خطّة نتنياهو للوقت الحاليّ.



سياسة الموت وإسقاط الجسد الفلسطيني من نقاشات الصحّة الصهيونية

من اعتصام جمعيات إيطالية فلسطينية في روما احتجاجًا على عدم قيام إسرائيل بتوفير لقاح كورونا للفلسطينيين (26/ 2/ 2021/Getty)


يمكنُ وضع السياسة الإسرائيليّة تجاه الفلسطينيين ـ السياسة الإسرائيليّة عمومًا، ولكن على وجه الخصوص السياسة التي يمكن وصفها بسياسات الوباء الإسرائيليّة ـ في إطار ما يُسمِّيه آشيل ميمبي بـ"سياسات الموت"، وهو المفهوم الذي يُعدُّ امتدادًا لمفهوم "السياسة الحيويّة" عند ميشيل فوكو. والسّياسة الحيويّة هي سياسة الدّولة تجاه السكّان ككلّ، لا كأفراد، السّياسة التي تحرصُ من خلالها الدّولة على تمكين بعض سكّانها من العيش، بينما تترك البعض الآخر ليموت ـ كحملات التطعيم ضدّ الأوبئة، تطعيم فئة وإهمال أخرى بحسب الأيديولوجيا العرقيّة والعنصريّة السّائدة. وتكون السّياسة الحيويّة هي النقيض النظريّ للسلطة السياديّة التي تعبِّر عن قدرة الحاكم بالدّرجة الأولى على إماتة البعض، وترك البعض الآخر ليعيش. ويعتقد ميمبي أنّ مفهوم السياسة الحيويّة لا يكفي في حدّ ذاته للتعبير عن سياسات الدّولة الحديثة، وتحديدًا سياسات الاستعمار الأوروبي الحديث؛ ذلك أنّ الدولة الحديثة كما يراها لا تسعى فقط إلى تمكين بعض مواطنيها من العيش وفق ظروفٍ معيشيّة مُعيّنة، ولكنّها أيضًا تفرِضُ قوّتها بشكلٍ مباشرٍ وعنيفٍ كالسّلطة السيادية في العصور الوسطى؛ وهنا تظهر سياسة الموت التي تعبّر عن منهجية إماتة غير المواطنين في حين تحرصُ السياسة الحيويّة على إبقاء بعضهم الآخر على قيد مستوى معيّن من الحياة. هنا يمكنُ التّفكير في سياسات الشّرطة الإسرائيلية القمعيّة الممنهجة، وكذلك يمكن التفكير في سياسات الوباء الإسرائيليّة. إذ تفرضُ سياسة الموت على بعض البشر العيش ما بين الحياة والموت، إذ لا هم أحياء ولا هم أموات، ما يجعل من احتمال موتهم أشدُّ احتمالًا في الظروف العاديّة مما هو موت الآخرين الذين في رعاية الدّولة. لا تُصنِّفُ السّلطة السياديّة الأجساد غير المرغوب فيها عدوّة، أو مواطنين، بل هي مجرّد أجساد غير مرغوب فيها، وليست محطّ اهتمامٍ، أو محطّ تركيزٍ لسياساتها الحيويّة، بل هي متروكة لتعيش أو لتموت بالشّكل المتاح لها خارج نطاق السياسات الحيويّة الدولاتية. وفي حالة الوباء، تُصبحُ الأجساد الفلسطينيّة هي تلك الأجساد غير المرغوب فيها، وغير المكترث بها، بالنّسبة لسياسات الوباء الإسرائيليّة الحيويّة التي تحرصُ على تمكين الأجساد الإسرائيليّة من العيش، وترك غيرها خارج منظومة الرعاية الصحّية الاستعمارية، ولكن، أيضًا، إعاقة تطوّر منظومة الرعاية الصحّية المحلّية الخاصعة لسلطة الاستعمار.
بحسَبِ ميمبي، سياسات الاحتلال الإسرائيليّ هي نوع من سياسات الموت التي تفرِضُ على الفلسطينيّ حياة مُتواصِلة من الألم لا تعترفُ بأيّ كَرامة إنسانيّة للجسد، الذي لا يُعرّفُ جسدًا إنسانيًا، بل يُعرَّفُ جسدًا مُباحًا، غير مهم؛ يصبح الجسد الفلسطينيّ جسدًا بلا هويّة، وقابلًا للاعتداء، للإهمال، للتشويه وللقتل. كأنّ الجسد لا هو جسدٌ لمُواطن، ولا هو جسدٌ لعدوّ، بل هو جسَدٌ زائدٌ عن الحاجة، كائنٌ متوحَّشٌ يجبُ الزجُّ بهِ في مساحةٍ ضيّقة محصورة فيها يتعرّضُ للتعنيف، للقتل وللإهمال الذي قد يدفع به إلى الموت، أو الانتحار.

رغم العديد من الانتقادات الدولية التي طالت إسرائيل وسياستها تجاه الفلسطينيين في ما يتعلّق بكورونا وحملات التطعيم، إضافة إلى إعاقتها لوصول المطاعيم إلى الأراضي الفلسطينيّة المحتلّة في الضفّة الغربيّة وقطاع غزّة؛ إلّا أنّ أحدًا لا يستطيع وصفَ السّياسة الإسرائيليّة بأنّها تنتمي إلى تاريخ سياسات الإماتة الاستعماريّة للشعوب غير البيضاء.
"كقوّة محتلّة، إسرائيل مسؤولة عن صحّة كلّ الذين يخضعون لسيطرتها، ومن الوقاحة بمكان أنّ نتنياهو يستخدمُ جرعاتٍ فائضة عن الحاجة لمكافأة حلفائه الخارجيين، بينما لا يزال كثير من الفلسطينيين في المناطق المحتلّة في حالة انتظار"، هكذا غرّد السيناتور الأميركيّ اليساريّ بيرني ساندرز. وإضافة إلى ساندرز، فقد عبّر كثيرون، ومنهم حقوقيّون في الأمم المتحدة، ومجموعات حقوق الإنسان، عن وجهة النّظر ذاتها التي تؤكّد أنّ إسرائيل هي المسؤولة عن تطعيم الفلسطينيين بالدّرجة الأولى. في المقابل، تصرُّ إسرائيل على أنّ السّلطة الفلسطينيّة هي الجهة الرسمية المسؤولة عن الشّؤون الصحّية، وعن إيجاد نظامٍ صحّيٍ يُلبِّي حاجات الفلسطينيين في مناطقها، وأنّها، ووفقًا لاتفاقيات السّلام الموقّعة بينها وبين منظّمة التحرير في تسعينيات القرن الماضي، فهي ليست ملزمة باتّخاذ أيّ إجراءات تجاه الوضع الصحّي في الضفّة الغربيّة وقطاع غزّة.

بعض المجموعات الحقوقيّة تعتقد أنّ على إسرائيل إيجاد آليّة تطعيم مُنظّمة في المناطق المحتلّة، وتستندُ إلى اتفاقيّة جنيف الرابعة التي تُلزمُ القوّة المحتلّة بتحمّل مسؤوليّاتها والتنسيق مع السُّلطات المحلّية للحفاظ على الصحّة العامة داخل المناطق المحتلّة، وذلك يشمَلُ الأوبئة. لكنّ الإشكاليّة هي أنّ إسرائيل الآن، أكثر من أيّ وقتٍ مَضى، ليست دولة استعماريّة تستندُ إلى سياسات الإماتة في ما يتعلّق بالفلسطينيين فحسب، بل هي أيضًا دولة استعمار استيطاني بنخبة سياسية شعبويّة فاسدة تتحكَّمُ في سياساتها، ومن بينها السياسات الصحّية. فالاهتمام بالجسد الفلسطينيّ لا يُعدُّ مادّة انتخابيّة جذّابة في الوقت الحاليّ، لا لغانتس، ولا لنتنياهو، أو أيّ سياسيّ آخر في إسرائيل. فالجميع في إسرائيل يتّفق على لا أهميّة الجسد الفلسطيني، وعلى أنّه جسد كائن متوحش من الأفضل الإبقاء عليه في حيّزه الجغرافيّ الضيّق، ليتعفّن بأيّ طريقة ممكنة. ولنخبة شعبويّة يمينيّة كالتي يُمثّلها نتنياهو لا يبدو الإطار العقلانيّ الصحيّ مُقنعًا، ولا الذي يوصي بأنّ حملة تطعيم فلسطينية ناجعة أمرٌ ضروريّ لمواجهة الوباء في فلسطين المحتلّة كلها، بسبب الاحتكاك اليوميّ بين الفلسطينيين والإسرائيليين. إلّا أنّ هذا الإطار لا يتوافق والأجندة السياسيّة الانتخابيّة المستندة إلى خطابات الكراهية، الاستيطان والعنصريّة، والتي تتفق جميعها على أولوية اليهوديّ على العربيّ.



مصادر:
Israel Gives Vaccine to Far-Off Allies, as Palestinians Wait, New York Times:
https://www.nytimes.com/2021/02/23/world/middleeast/israel-palestinians-vaccine-diplomacy.html
For Israel’s allies, road to vaccines runs through Jerusalem, AP News:
https://apnews.com/article/middle-east-jerusalem-coronavirus-pandemic-benjamin-netanyahu-israel-1c50e48399d6dd8dc02ac93651fa405b
The Newest Diplomatic Currency: Covid-19 Vaccines, New York Times:
https://www.nytimes.com/2021/02/11/world/asia/vaccine-diplomacy-india-china.html
Israel: use of Covid vaccines in prisoners swap deal sparks row, The Guardian:
https://www.theguardian.com/world/2021/feb/21/israel-use-of-covid-vaccines-in-prisoner-swap-deal-sparks-row

الدخول

سجل عن طريق

هل نسيت كلمة المرور؟

أدخل عنوان بريدك الإلكتروني المستخدم للتسجيل معنا و سنقوم بإرسال بريد إلكتروني يحتوي على رابط لإعادة ضبط كلمة المرور.

شكرا

الرجاء مراجعة بريدك الالكتروني. تمّ إرسال بريد إلكتروني يوضّح الخطوات اللّازمة لإنشاء كلمة المرور الجديدة.