}

من الحصاد الثقافي العربي في 2021.. فعاليات وكتب

عماد الدين موسى عماد الدين موسى 8 يناير 2022
هنا/الآن من الحصاد الثقافي العربي في 2021.. فعاليات وكتب
(Getty)

مع ابتكار اللقاح لفيروس كوفيد 19، خففت معظم الدول العربية من إجراءات الحظر، وهو ما هيّأ الأجواء لإعادة إحياء النشاطات والفعاليات الثقافية التي بدأت تعود إلى حالتها شبه الطبيعيّة، من المهرجانات والأمسيات الأدبيّة والفنيّة، مرورًا بمعارض الكتب والفنون التي أقيمت على مدار السنة.
حول أبرز الكتب التي صدرت خلال العام المنصرم 2021، وكذلك عن أبرز الفعاليات الثقافية، يتحدث لنا مجموعة من الكتّاب والمثقفين العرب من خلال التقرير التالي.
هنا القسم الأول:


شوقي برنوصي (كاتب ومترجم من تونس):
بيت الرواية



شهدت سنة 2021 في تونس والعالم عودة للتظاهرات الثقافيّة والفنيّة، وهذا ما سمح لبيت الرواية في تونس بتنظيم تظاهرة مبرمجة منذ سنة 2019 تحت عنوان "تحوّلات الرواية الفلسطينيّة"، وتكريم أحد روّادها، الكاتب إبراهيم نصراللّه، وشهدت حضورًا جماهيريًّا لافتًا.
من بين الروايات التي شدّت انتباه القرّاء في تونس رواية "نازلة دار الأكابر" للروائيّة والباحثة التونسيّة، أميرة غنيم، الواصلة إلى القائمة القصيرة لجائزة البوكر للرواية العربيّة لسنة 2021.
سردتْ الرواية قصّة حبّ الطاهر الحدّاد، رائد تحرّر المرأة في تونس، من خلال كتابه "امرأتنا في الشريعة والمجتمع"، لـ"للاّ زبيدة". رصد هذا العمل أجواء الثلاثينيات من القرن الماضي في تونس، التي شهدت طفرة فكريّة وفنيّة وأدبيّة بقيت آثارها في المجتمع التونسي إلى الآن.
كما مثّل كتاب "محمود بيرم التونسي: الصورة وفتنة المتخيّل"، للدكتورة ابتسام الوسلاتي، أحد أهمّ الكتب الصادرة هذا العام. تجوّل الكتاب في أعمال وسيرة أمير الزجل في مصر والعالم العربي، الذي كان المؤثّر الرئيسيّ في جماعة "تحت السور" الأدبيّة والفنيّة التونسيّة خلال الفترة نفسها.
أما أهمّ الكتب المترجمة هذا العام، فهي رواية "نصب الدير التذكاري" للكاتب البرتغالي، جوزيه ساراماغو. ترجمها التونسي عبد الجليل العربي، وصدرت عن دار الجمل في بداية 2021. وتعد الرواية إحدى أبرز الروايات البرتغاليّة في القرن العشرين. ويؤكّد الناقد البرتغالي ميغيل ريال أنّها غيّرت أفق الأدب البرتغالي، وحرّرت الرواية من المشدّات الكلاسيكيّة، وجعلتها تنفتح على حريّة إبداعيّة جماليّة جديدة. تروي الرواية بسخرية غرور الملك دون جواو الخامس وهوسه بالعظمة مع بلاطه وقساوسته خلال بناء دير تذكاريّ أراد فيه الملك المتبجّح بناء صرح يضاهي أهرامات مصر الخالدة، ضاربًا عرض الحائط بمعاناة الكادحين والمعذّبين من شعبه.




وفي مجال الفنّ التشكيلي، أهمّ معرض أقيم في تونس، وبشهادة الجميع، كان من تنظيم الفنّانة التونسيّة "منى الجمل سيالة" بفضاء "فيلا فوليير" في ضاحية قرطاج، وحمل عنوان "خوضة"، وهي كلمة عاميّة تونسيّة تعني الفوضى. قدّم المعرض مجموعة لوحات مرسومة وفق فنّ البيكسل، استلهم بعضها من وجوه شخصيّات ضمّتها بعض لوحات الفسيفساء التونسيّة القديمة، وإحداها موجودة فعلًا في مكان المعرض الذي كان بيتًا فسيحًا للخيول في العهد القرطاجي. حاولت الفنّانة عرض مقارنة بين ماضي تونس التليد وعمق حضاراتها مقارنة بما تشهده اليوم من فوضى اجتماعيّة وسياسيّة واقتصاديّة وفنيّة بعد 2011. جمع المعرض صورًا لتلك الفوضى التقطتها الفنّانة خلال تجوالها اليوميّ بين شوارع تونس ومعالمها.


يوسف عبد العزيز (شاعر من الأردن):
موقف الإيرلندية سالي روني



شدت مجموعة من الكتب الجيدة انتباهي خلال العام 2021، أختار منها ثلاثة كتب:
1 ـ رواية "نُوّار العِلِت" للروائي الفلسطيني محمد علي طه. هذه الرواية يمكن عدها من الرّوايات المهمّة التي تستقرئ الواقع الفلسطيني المعاصر، المشتبك مع واقع الاحتلال الصهيوني، سواء في فلسطين المحتلة عام 1948، أو المحتلة عام 1967. العِلت هنا هو نبات ينمو في البرّ الفلسطيني، ويُعِدُّهُ الفلاحون الفلسطينيون كطعام لهم، وله زهور زرقاء جميلة تشبه عيني (يافا)، الفتاة اليهودية التي يقع في حبّها الفتى الفلسطيني (سمير). تتغيّر أفكار الفتاة، فتتبنّى فكرة الحق الفلسطيني. حكاية الحب هذه لن يُكتب لها النّجاح، حيث يقوم (نفتالي)، أحد الشباب اليهود بقتلها، وكأنّ الرواية تشير إلى استحالة التّعايش بين الشّعب الفلسطيني وعدوّه الذي لا يؤمن سوى بالقتل وهدم البيوت والاستيلاء على الأرض.
2 ـ الكتاب الثاني هو دراسة وازنة وجديدة من حيث موضوعها، للشاعر والكاتب الأردني/ الفلسطيني د. راشد عيسى، بعنوان: "شعريّة المرأة في العالم.. مكاشفات نقدية". الدراسة تحاول الإجابة على سؤال قديم/ جديد لطالما سأله عشّاق الشّعر حول قلّة عدد الشاعرات في العالم عبر التاريخ، والسّوية الفنية المتدنية لنتاجهنّ الشعري، إذا ما قورن هذا النّتاج بنتاج الشّعراء الرجال.
3 ـ الكتاب الثالث بعنوان "الغربان غجر السّماء"، للشاعر الفرنسي ألكساندر رومانِس، ترجمه إلى العربية الشاعر والمترجم الأردني/ الفلسطيني د. وليد السّويركي، وصدر عن منشورات الدار الأهلية في عمّان. الكتاب يعتمد أسلوب السيرة الشعرية، حيث يتحدّث الشاعر رومانِس، الذي هو مدير سيرك، ومروّض أسود، وعازف، وينحدر من أصول غجرية، عن اكتشافه للشّعر من جهة، وعن علاقته بالوسط الشعري الفرنسي.




من الوقائع الثقافية العربية المهمّة التي حدثت في العام 2021 مؤتمر أقامته وزارة الثقافة الفلسطينية في عمّان في شهر كانون الأوّل تحت عنوان "توجّهات جديدة نحو بناء سردية وطنية علمية لتاريخ فلسطين والمنطقة"، شارك فيه عدد مهم من الباحثين الفلسطينيين والعرب.
على المستوى العالمي، كان للموقف النبيل للروائية الإيرلندية، سالي روني، التي رفضت طلب إحدى دور النّشر الصهيونية لترجمة روايتها الأخيرة إلى اللغة العبرية صدى واسع في الأوساط الثقافية العالمية. روني قالتها مدوّية إنها تؤيّد الحقوق الفلسطينية، وبالتالي فهي ترفض أن تترجم وتطبع روايتها دار نشر صهيونية.


ميسم العيسى (كاتبة سورية تقيم في قطر):
الهويات القاتلة



"إن جميع شعوب الأرض في مهب العاصفة بشكل أو بآخر. سواء كنا أغنياء، أو فقراء، مستكبرين أو خاضعين، محتلين أو تحت الاحتلال، فنحن جميعًا على متن زورق هزيل، سائرين إلى الغرق معًا). هذا ما كتبه أمين معلوف في كتابه "اختلال العالم"، الذي نشره عام 2009، امتدادًا لما طرحه في كتاب "الهويات القاتلة"، إنما بشكل أكثر شموليّة. يقوم أمين معلوف في كتابه بتشريح الاختلالات التي يعاني منها عالمنا، ويصنّفها إلى اختلال اقتصادي وثقافي ومناخي بحيادية تُحتسب له، لكنها لا تخلو من سوداوية في رؤيته للواقع، أو ربما هو تنبؤ الأدباء الذي طالما أذهلنا..
في بداية عام 2021، قمت بقراءة "حارس سطح العالم" لبثينة العيسى، حيث قامت الكاتبة من خلال هذه الرواية، التي تنتمي إلى أدب الديستوبيا الرمزية، بصهر مجموعة من الروايات العالمية، منها ("زوربا".. "الجريمة والعقاب".."1984") في بوتقة أدبية لذيذة تبعث على النشاط الفكري، مما دفعني إلى العودة إلى قراءة هذه الروايات العالمية التي كنت قد قرأت بعضها منذ زمن، وكلّها روايات غنيّة عن التعريف كانت أمتعها بالنسبة لي رواية "1984" لجورج أورويل المُذهل. ولأن عام 2021 جاء بعد عام كان مراره لاذعًا كنت، من دون أن أشعر ربما، أتزوّد بأدب الديستوبيا الذي أحب بشكل أكبر، فكانت رواية "العمى" للكاتب البرتغالي جوزيه ساراماغو، التي كتبها عام 1995، على رأس سلّم الجمال الأدبي لهذا العام. ماذا لوكان الفيروس الذي سيصيبنا يومًا هو فيروس يسبب العمى؟ ما عشناه ونعيشه مع فيروس كورونا ليس بقتامة الرواية، لكنه يضعنا أمام تساؤل كبير، وهو ماذا سيحدث للإنسانية لو أنها واجهت وباءً لا تعرف له علاجًا؟ رواية مذهلة إلى الحد الذي سوف تتلمس فيه عينيك أثناء قراءتها كلَّ حين وتشكر الله أنك ما زلت مُبصرًا..
وبالعودة إلى الرواية القصيرة والقصة، لا يمكنني أن تجاهل إبداع إسلام أبو شكير.. هذا الكاتب العبقري الملهم الذي وجد خطًا في الكتابة لا يشبه فيه غيره، ليتلاعب بـ"خفة يد"، كما هو عنوان روايته، بعقل القارئ، ويذهله في كل مرة يظن أنه عرف تقنيات اللعبة. هذا بالإضافة إلى مجموعته القصصية "أرملة وحيد القرن"، التي استخدم فيها الكاتب أسلوبًا سرديًا غرائبيًا ساحرًا. أما المجموعة القصصية "ليثيوم"، للكاتب السوري تميم هنيدي، فقدم من خلالها شرحًا سرديًّا بعيدًا عن التوعية الطبية لما يعانيه مريض ثنائي القطب، فكانت من القصص التي أثرت فيّ كثيرًا. ولا يمكنني أن أمر على أهم ما قرأت في هذا العام من دون أن أذكر كتاب "السماح بالرحيل"، الذي غاص الكاتب الدكتور ديفيد هاوكينز من خلاله في علوم الوعي الإنساني، ليقوم هذا الكتاب بإحداث تغيير حقيقي في تعاطي القارئ مع جوانب الحياة المختلفة، ويقول لنا (اسمح بالرحيل).


مايا الحاج (روائية من لبنان):
نحو الكتب المسموعة..



في كلّ مرّة يجري إحصاء أو حصاد أو سؤال حول قراءات العام، أجدني غير مبالية بعدد الكتب، وإنما بتأثيرها عليّ. عقلي لا يهضم الأرقام، ولا يعنيه مراكمتها. فأنا لا أحصي ما أقرأ، لأنّ القراءة عندي فعل ثابت، مرتبط بعملي، وإنما أيضًا بمزاجي.
مرّت ثقيلة هذه السنة، ما انعكس على نشاطي وعدد مطالعاتي. لكنّ اللافت أنّ ظروفًا معينة عشتها دفعتني، وللمرّة الأولى، نحو الكتب المسموعة. لم أكن قادرة دائمًا على قراءة الكتب الورقية، فعوّدت نفسي على سماع الكتب، وانتهيت من أعمال مهمة لم أكن قد قرأتها بعد.
على المستوى العام، شهد عام 2021 صحوة تدريجية للحياة الثقافية بعد فترة طويلة من الإقفال العام جرّاء الجائحة، بحيث عادت معارض الكتب والمهرجانات الفنية والثقافية في عواصم عربية عدة، ليس من ضمنها بيروت، وهذا ما يولّد غصة في قلوبنا، نحن الذين لم نعتد على بيروت في مثل هذه الأيام من دون احتفالات الأعياد، وإقامة المعارض، ومنها معرض بيروت الدولي للكتاب، أو الصالون الفرنكفوني.
عالميًا، صادف هذا العام الاحتفاء بالذكرى المئوية الثانية على ولادة ثلاثة من أهمّ الوجوه الأدبية في العالم (1881)، وأكثرهم قربًا الى قلبي، وهم: دوستويفسكي، وفلوبير، وبودلير. وكانت اليونيسكو أعلنت عام 2021 باسم صاحب "الجريمة والعقاب"، كما أقامت فرنسا احتفالات ونشاطات وندوات ثقافية حول كل من بودلير، وفلوبير.
وأثناء تحضيري للكتابة عن هذه المناسبات، قرأت للمرة الأولى رواية "في قبوي" لدوستويفسكي، وكتاب "مذكرات آنا غريغوريفنا" (زوجة دوستويفسكي).




أمّا من الكتب الحديثة التي قرأتها وأحببتها هذا العام، فأذكر رواية علوية صبح "أن تحب الحياة" (دار الآداب)، التي استكملت فيها مشروعًا سرديًا استثنائيًا، تمثّل في ثلاث روايات شكلّت علامات بارزة في الأدب العربي المعاصر.
اللافت في هذا العمل أنّه يُقارب بين انهيار الإنسان وانهيار المدن، ما استدعى من المؤلفة كتابةً خاصةً جمعت فيها بين الحفر السوسيولوجي والأيديولوجي والجيو ـ بوليتيكي، من دون أن تهمّش الجانب السيكولوجي في تقديم شخصياتها.
ومن الإصدارات التي أثّرت فيّ أيضًا، ديوان "الرابع من آب" للشاعر عقل العويط، وهو عبارة عن قصيدة واحدة هي الديوان كلّه. يستعيد الشاعر فيه ما جرى في ذاك اليوم المشؤوم، على المدينة وأهلها. وليس سهلًا أن نقرأ عملًا يحكي عن مأساة هائلة مثل انفجار بيروت، من دون وجود فاصل كبير بين "زمن الحدث" و"زمن الكتابة". لكنّ العويط تمكّن من تصوير ما حدث، بجماليةٍ عالية رغم بشاعة الواقعة، وباتزانٍ كبير رغم الرجّة النفسية التي خلّفتها داخله. وفي ظلّ ظروف كارثية تمرّ فيها مدينتا منذ نحو عامين، أستحضر كلمات العويط من ديوانه هذا: "في بلادي، في بلادي، التي هل تستيقظ غدًا، أو بعد غد؟!".


شاكر الأنباري (كاتب عراقي):
الاتجاه نحو الترجمة بزخم غير معهود



مع الضوضاء المصممّة للهجرات البشرية، والحروب غير المفهومة أحيانًا، والتوق إلى حياة آمنة، تتجلى يومًا بعد يوم الحاجة إلى الثقافة والفنون والترجمة بأبعادها الروحية المتسامية، وكل ما يديم التواصل الإنساني بين الشعوب. كل ذلك لخلق قيم مشتركة ذات وجه حضاري يبعد مركبنا الأخير عن الضياع، والموت.




ربما بشعور غير واع تدرك ثقافتنا العربية هذه المهمة الملحّة، فتتجه نحو الترجمة بزخم غير معهود، يمكن ملاحظته من خلال ما تضخّه دور النشر العربية كل يوم، وهي تترجم عن الإنكليزية والفرنسية والألمانية والروسية والإسبانية والإيطالية بحمّى وهوس. وهو الأمر الذي يحمل جانبًا إيجابيًا على كافة الصعد. فالقارئ يتوق لمعرفة ما يجري حوله عبر الترجمة، سواء الشعر، أو الرواية، أو النظريات الفكرية والنقدية. وقد يأتي الهوس بالكتاب المترجم من قبل القارئ وسيلة هروب من واقع سيء وقاس لا يحتمل، لما فيه من دمار شامل، وكأن فردنا الشرقي لا يرغب في قراءة الأعمال المنتجة عن واقعه الفج والمتعب والمتخلف. أي لا يحبّذ استعادة مأساته مرة أخرى، فيهرب إلى عالم آخر بعيد، يحلم بالعيش فيه خيالًا وواقعًا. عدا عن قراءاتي الخاصة المتنوعة، وقعت على روايات صدرت في هذه السنة المغلقة قرأتها بمتعة، مثل رواية "حياة حينانا" للكاتب حسين السكاف، الصادرة عن دار فضاءات. تلقي الرواية الضوء على تحولات امرأة عراقية من خلال الظروف المتقلبة المحيطة بها.
وكذلك رواية "دمشق التي ترتدي خوذة" للمهند حيدر، الصادرة عن دار نينوى. وفيها ملاحقة سوداوية لتطلعات جيل الحرب السوري، وما يعانيه من فراغ روحي وقلق. وقريبًا من هذه كانت رواية "الهامستر" ليوسف الخضر، الصادرة عن منشورات إبييدي، وهي لوحة مأساوية عن حياة اللاجئين السوريين في لبنان. أما الرواية الأخرى التي وجدت فيها نمطًا خاصًا من الأحداث فهي رواية "والله، إن هذه الحكاية لحكايتي" للمغربي عبد الفتاح كيليطو، وجاءت عن منشورات المتوسط، حيث يأخذنا الكاتب إلى سياحة فكرية حكائية في عالم الثقافة، والنقد، والتاريخ، عبر شخصية أبي حيان التوحيدي، وكتاب ألف ليلة وليلة. ثم نعيش في حيوية السرد جدل الشرق والغرب في أوروبا.
ولعل معرض الكتاب العراقي في بغداد كان حدثًا مميزًا على الصعيد العراقي والعربي. لقد كشف عن إقبال وتعطش معرفي لروّاده، وتلاقح فكري وفني مع المحيط العربي، بعد مشاركات جيدة لضيوف عراقيين، وعرب، تحاوروا وجهًا لوجه مع قارئ كان يعتبر في طليعة القراء العرب.


صبحي موسى (كاتب مصري):
مكاسب رغم أنف كوفيد



رغم أن "كوفيد ـ 19" المعروف بكورونا لم ينته بعد، وما زال يتمدد بظله الثقيل على العالم، إلا أن البشرية استطاعت أن تتملص قليلًا من القيود التي كبلها بها، فقد فتحت البلدان التي أغلقت أبوابها أمام المسافرين والضيوف والمتنقلين، فعادت الأنشطة والفعاليات الفنية والثقافية في العالم، ومن بينه العالم العربي الذي شهد إقامة عدد من معارض الكتب: في الشارقة، وأبو ظبي، والرياض، وبغداد، والقاهرة، مما أثر بالنشاط على حركة النشر التي توقفت تقريبًا طوال عام 2020، وشهدت صناعة النشر خسائر مهولة بسبب هذا التوقف. ورغم كثرة الأعمال الإبداعية التي تم إنتاجها من قبل المؤلفين خلال فترة الحظر، أو الإغلاق، أو البقاء في البيت، إلا أن أغلبها لم يتم نشره، ورفض الناشرون المغامرة بطباعة أعمال جديدة. لكن أغلب هذه الأعمال صدر هذا العام، خاصة بعدما اشترطت معارض الكتب تقديم عناوين جديدة، مما ألزم الناشرين بالطباعة، ورغم أنهم لم يحققوا أرباحًا مهمة، إلا أنهم غطوا تكاليف طباعتهم، وقاموا بعرض أعمالهم في مختلف المعارض، وجميعهم يستعدون الآن للدورة القادمة لواحد من المعارض المهمة والكبيرة عربيًا، وهو معرض القاهرة المنتظر إقامته في الخامس والعشرين من شهر كانون الثاني/ يناير.




في هذا العام، صدرت في مصر العديد من الأعمال المهمة، من بينها كتاب "البحث عن الخلاص.. أزمة الدولة والإسلام والحداثة في مصر"، للدكتور شريف يونس، وكتاب "مقهى ريش.. عين على مصر"، للشاعرة والكاتبة ميسون صقر، ورواية "كاتيوشا" للكاتب وحيد الطويلة. وفاز الكاتب إيمان يحيى بجائزة ساويرس فرع كبار الكتاب عن روايته "الزوجة المكسيكية"، وفازت الشاعرة إيمان مرسال بجائزة الشيخ زايد فرع الأدب عن كتابها "عنايات الزيات"، والدكتور سعيد المصري فاز بالجائزة نفسها في فرع الدراسات الاجتماعية، وفاز عمار علي حسن بجائزة ابن بطوطة عن كتابه "1000 نافذة لغرفة واحدة".
لكنْ، رحل عن دنيانا بسبب كوفيد وظله البائس أناس كثيرون، كان من بينهم الناقد والمفكر ووزير الثقافة الأسبق د.شاكر عبد الحميد، فضلًا عن خسارة الثقافة المصرية والغربية برحيل كل من المفكر الكبير حسن حنفي، والمؤرخ الكبير قاسم عبده قاسم.


بسام البزاز (مترجم من الجزائر):
مسائل في الترجمة



وفّرت لي الظروف المستجدة وقتًا للعديد من الترجمات والكتابات، فقد واصلت كتابة عمودي عن شؤون الترجمة وإشكالياتها، وصدر لي عن دار المأمون كتاب "تدوير الزوايا: مسائل في الترجمة"، وهو مجموع تلك المقالات على مدى سنتين، مضافًا إليها بعض الدراسات والمقالات التي تدور في فلك الترجمة. هذا الكتاب عندي خلاصة تجربة شخصيّة في مجال الترجمة، وقد جمع كثيرًا من ملاحظاتي الخاصة العملية في هذا الميدان.
وعن داري سرد وممدوح عدوان، صدرت لي ترجمة أليخو كاربنتييه "كونشيرتو باروكي"، وهو حلقة أخرى من سلسلة كتب هذا الكاتب الكوبي ذي اللغة الجزلة والأسلوب الصعب في الكتابة.
قبل أيام، رأت النور ترجمة كتاب تاريخي أثارني عنوانه "بحثًا عن غرناطة الأندلسية"، بالتعاون مع أستاذ سعودي في التاريخ هو الدكتور صالح السنيدي. الكتاب جولة بين آثار غرناطة الإسلامية ألّفه مستعرب وآثاري إسبانيان، وصدر عن دار "تكوين".




وأنتظر صدور ترجمة كل من المؤلفات: "رأسًا على عقب" لغاليانو، و"ابن الإنسان" لروا باستوس، و"عائلة باسكوال دوارته" لكاميلو خوسيه ثيلا، و"الكوخ" لبلاسكو إيبانيث. هذا الأخير طبعة ثانية للطبعة الأولى التي صدرت عام 1992 عن دار المأمون العراقية.
والآن، أعمل في ترجمة رواية "كغبار في الريح" للكوبي ليناردو بادورا، الذي ترجمت له ثلاثة أعمال. ورواية "أنا الأعلى" لروا باستوس هي الرواية الثانية، بعد "ابن الإنسان"، في ثلاثية المؤلف المذكور حول دكتاتور الباراغواي، غاسبار دي فرانسيا.


زارا صالح (كاتب كُردي يقيم في لندن):
تجربة اللجوء والهجرة روائيًا



خلال هذا العام، سنحت لي الفرصة لقراءة مجموعة من الكتب الإنكليزية، من ضمنها قصص وروايات للأطفال والكبار، لكن ما أثار انتباهي من بين تلك الكتب كتابان: الأول رواية طويلة للأطفال باسم "الولد الجالس في آخر الصف"، للكاتبة البريطانية أونجالي رؤوف، التي حصدت جوائز عدة في بريطانيا، وصنف كتابها ضمن قائمة الكتب الأكثر مبيعًا. وقد تشاركنا أنا وابنتي الصغيرة (هيجا) البالغة من العمر ثماني سنوات في قراءة الرواية المخصصة للأطفال ضمن المنهاج التعليمي البريطاني للمدارس الابتدائية لمادة القراءة والمطالعة الإنكليزية، حيث يلتزم التلاميذ بمتابعة القراءة في البيت مع والديهم، كجزء من برنامج تنمية المهارات التعليمية، ليصبح الكتاب في ما بعد ليس فقط خير جليس، بل جزء من الثقافة، وعادة حياتية يومية. الرواية تتناول قضايا هامة وحساسة تخص المجتمع البريطاني، وكذلك قضية اللجوء والهجرة. فكتاب The Boy at the Back of the Class يتحدث عن صبي كردي من سورية اسمه أحمد، قدم إلى بريطانيا كلاجئ، بعد أن فقد التواصل مع أهله خلال مأساة رحلة العبور.




وعندما يبدأ أحمد الدوام في المدرسة يكسب مجموعة من الأصدقاء بعد أن يتعرفوا على قصته، فيقرر أولئك الأطفال مساعدته في معرفة مصير أهله من أجل إحضارهم إلى بريطانيا. لكن في المقابل بتعرض أحمد للتنمر والتمييز من قبل تلاميذ آخرين في الصف. وهكذا تبدأ المغامرة حتى تصل قضية الصبي اللاجئ إلى قضية رأي عام تبدأ من المدرسة ومحيطها الاجتماعي، وتنتقل إلى ذوي الطلاب، وإلى قبة البرلمان، وقصر بكينغهام، حيث الملكة إليزابيث، وذلك عبر أحداث ومغامرات محبوكة بسلاسة وتشويق تجعل القارئ متلهفًا في البحث والمتابعة. ومن خلال تجربتي الشخصية في التشارك مع ابنتي وهي تقرأ لي يوميًا جزءًا من الكتاب، عاودت القراءة مرة أخرى، فلاحظت أن الكاتبة حققت ما كانت تسعى إليه عبر رسالتها الأدبية، لا سيما أنها انطلقت إلى الكتابة من زاوية تعرضها للتنمر عندما كانت في المدرسة، كونها من أصول آسيوية، وأيضًا تأثرها بقضية اللاجئين السوريين والمأساة السورية بعد غرق الطفل (آلان الكردي) في البحر حسب ما ذكرته الروائية عن تجربتها. وفعلًا، هذا ما حصل، فقد حولت ابنتي هيجا الرواية إلى قضية عامة بالنسبة لنا كعائلة.
أما الكتاب الثاني الذي لفت انتباهي فكان "مربي النحل الحلبي" للكاتبة البريطانية كريستي ليفتيري، الذي يتحدث عن معاناة السوريين، وويلات الحرب، من خلال عائلتين من حلب تقرران الهروب من القصف، والخوض في معركة عبور الحدود والبحار للوصول إلى أوروبا، وتحديدًا إلى بريطانيا، كمحطة أخيرة في نهاية رحلة اللجوء. تحاول الروائية تقديم صورة حقيقية حول التعريف باللاجئ بعيدة عن تلك النمطية السائدة في أوروبا، حيث تقدم الكاتبة، من خلال أبطال الرواية، عدا عن رحلة العذاب ومعاناة الحروب، صورة إيجابية عن ذلك اللاجئ الذي يصبح في بريطانيا مساهمًا وشخصًا فعالًا وهو يقوم باستعادة مهنته الأصلية في تربية النحل، المهنة التي ورثها وعمل فيها في بلده الأم سورية.


هاتف جنابي (شاعر عراقي يقيم في بولندا):
أنطولوجيا الشعر البولندي



كانت سنة 2021 بالنسبة إليّ متميزة تمامًا، إذ تمكنتُ من إنجاز الكثير كشخص، رغم الكوابح والمنغصات الكثيرة، فأثبتُّ لنفسي فكرة أن الإصرار يؤدي إلى شيء ما. صدرت لي أربعة كتب ضخمة الحجم والأهمية، تمثلت في أنطولوجيا الشعر البولندي في خمسة قرون، بما ينوف على التسعمئة صفحة، وهو عمل (موسوعي!)، وصدور الأعمال الشعرية بمجلد كبير، وترجمتان: رواية "سولاريس" المفصلية في مجال أدب الخيال العلمي للمؤلف ستانيسواف لَمْ، وترجمة ديوان شعري ممتع ومتميز جدًا بأسلوبه، ألا وهو "أنشودة اللؤلؤة" للشاعر البولندي العالمي تشيسواف ميووش. كما حظي شعري بالاهتمام والترجمة، وصدرت عنه دراسة مهمة باللغة الإنكليزية للدكتور الأستاذ يوسف شحادة، صدرت عن جامعة ياغيلونسكي العريقة في كراكوف. أما على صعيد البلدان العربية، فتبدو لي المعارض العالمية للكتاب المقامة في دول الخليج العربي، والعراق، ومصر، وتونس، وسواها، مضافًا إليها الفعاليات والمهرجانات الأدبية والفنية، ومواصلة الشعراء والكتاب والفنانين لنتاجهم، كل في مجال اهتمامه، ثم نمو حركة الترجمة والتأليف والنشر لهي من بين أهم ما يلفت النظر إليه على الرغم من الحجم الذي ما يزال محدودًا لتلك النشاطات. استوقفني أيضًا إصرار الأدباء والفنانين والمثقفين في العراق على ديمومة مشاركتهم في المهرجانات، ومعارض الكتاب، وحركة التأليف والنشر، في ظل سيادة الفوضى والخراب والتطرف الديني وقتامة وفشل السياسيين في إدارة الدولة. ولعل من بين أكثر الإنجازات المادية هي صيانة شارع المتنبي في بغداد، ليكون ملتقى للمثقفين ومحبي الكتاب والنشاطات الأدبية ـ الفكرية. كما لفت انتباهي تأسيس نوادٍ ومقاهٍ جميلة المظهر في بعض البلدان العربية، تتخذ حضور الكتاب والثقافة عنوانًا لها، ونمو حركة التأليف والنشر في بعض البلدان العربية المغمورة.




لفت انتباهي أيضًا صدور رواية الحائزة على نوبل لسنة 2018 أولغا توكارتشوك في المملكة المتحدة "أسفار يعقوب" (حوالي ألف صفحة)، بترجمة جنيفر كروفت، وبطبعة محدودة للنخبة (ألف نسخة فقط)! وبما أن أننا في مناخ نوبل، فلا بد من الإشارة إلى فوز الروائي التنزاني عبد الرزاق قرنح بتلك الجائزة لسنة 2021.


راتب شعبو (كاتب سوري):
كتاب "الانتقال الديموقراطي وإشكالياته"



ابتدأ عام 2021 بإنجاز سوري تمثل في صدور العدد الأول من مجلة "رواق ميسلون" الفصلية، التي تعنى بالشأن السوري من الناحيتين الفكرية والثقافية، وتسعى، مع غيرها، إلى أن نمتلك بلدنا معرفيًا وجماليًا. وهي مجلة عصامية، حتى الآن على الأقل، بمعنى أن الكادر التحريري للمجلة يعمل من دون أي مقابل مادي. وقد صدر العدد الرابع منها في منتصف ديسمبر/ كانون الأول 2021.
من الكتب التي قرأتها هذا العام، وتركت أثرها في ذهني، كتاب "الانتقال الديموقراطي وإشكالياته"، للمفكر العربي عزمي بشارة، الذي صدر في منتصف 2020. ينطوي الكتاب على عرض ملفت وغني لمختلف الأفكار والتيارات التي تتناول موضوع الانتقال الديمقراطي، ويدرج الثورات العربية في دراسة مقارنة منيرة.
هنالك كتابان لحازم صاغية: "الانهيار المديد" (2014)، و"رومنطيقيو المشرق العربي" (2021)، يحاول فيهما تشخيص الخلل في الفكر السياسي في منطقتنا، مستفيدًا من امتلاكه اللافت لتاريخ المنطقة الحديث، فيجد الخلل في "الضدية"، أو التعامل العدائي مع "الغرب"، ثم في "الرومنطيقية" غير المحددة بوضوح، ولكن يمكن إيجازها بأنها الانفصال عن الواقع، وتغليب الإرادة والقوة لملء الفراغ بين ما نريد، وما يسمح به الواقع. لعل ما يؤخذ على صاغية أنه لا يركز نظره على عدوانية الغرب "وإسرائيل ضمنًا" المستمرة تجاه المنطقة، وأثر ذلك في تكوين التيارات السياسية فيها.




هنالك أيضًا كتاب "الأسد أو نحرق البلد" للصحافي الأميركي سام داغر (2019)، لما فيه من معلومات داخلية عن "القصر"، وعن آلية اشتغال شبكة العلاقات الخارجية في حماية "القصر". أما كتاب "شيراك والأسد والآخرون"، للمؤرخة الفرنسية، مانون نور طنوس (2017)، فيترك أثرًا لأنه يكشف، من خلال تاريخ العلاقة الفرنسية السورية، أن الدول الصغرى يمكن أن تستخدم "الدول الكبرى"، وأن تدفعها إلى خيار "أهون الشرين"، كما ظهر في اضطرار فرانسوا ميتران إلى زيارة دمشق في 1984 ليبرئ الأسد من أعمال الخطف والاغتيالات والقتل التي طالت فرنسيين في لبنان.
في الأدب، استوقفتني رواية "مذكرات روح منحوسة" (2016)، للكاتبة والمخرجة السورية، واحة الراهب، ولا سيما الخيال الطريف في الجزء الأول منها، حين تحكي روح عن نفسها قبل أن تكون، وتحكي عن الاحتمالات الفاشلة العديدة لتشكلها (الإلقاح)، أو لاكتمال تشكلها كي تجد النور. وكذلك رواية "أبو دياب يتكلم في الأفراح" (2019) لخطيب بدلة، تأريخ شعبي حساس للثورة السورية، وجرأة في كشف مستورات اجتماعية.


أحمد رجب شلتوت (كاتب مصري):
مئوية ثروت عكاشة



على الرغم من أن جائزة نوبل في الآداب يتم منحها سنويًا، لكن فوز الكاتب الزنجباري عبد الرزاق قرنح في حد ذاته يعد أبرز أحداث العام الثقافية، فالكاتب شبه مجهول، على الأقل بالنسبة للقارئ العربي. كما أن اختياره يعبر عن تغير ملموس في وجهة نظر لجنة الجائزة التي أعلنت أن الكاتب مُنح الجائزة نظرًا إلى سرده "المتعاطف، والذي يخلو من أي مساومة لآثار الاستعمار ومصير اللاجئين العالقين بين الثقافات والقارات".
وعلى المستوى المصري، يعد الاحتفال بمئوية الدكتور ثروت عكاشة حدثًا هامًا، فهو المثقف الموسوعي الكبير، والسياسي صاحب الأدوار المهمة عظيمة الأثر على المستويين الثقافي والسياسي.
أما بالنسبة للقراءة، فقد حفل عام 2021 بالقراءات المهمة، وأنوه هنا بكتاب "المجاز السياسي" للدكتور عمار علي حسن، الصادر ضمن سلسلة عالم المعرفة، وفيه يناقش الكاتب قضية "الحقيقة"، ويقول إن "الاهتمام بالمجاز يجب ألا يقّل في وعينا عن الانشغال بالحقيقة"، فالمجاز لا يستخدم دائمًا لإخفاء الحقيقة، وإنما يستخدم أحيانًا لإجلائها على نحو ما يشير الفيلسوف الألماني، مارتن هايدغر، كما أوضح مؤلف الكتاب في أكثر من موضع. وأهم كتاب غير أدبي مترجم هو كتاب "سياسة الإذلال.. مجالات القوة والعجز"، الصادر عن "دار ممدوح عدوان"، للمؤرخة الألمانيّة أوتا فريفرت، وترجمة هبة شريف، وفيه تنطلق الكاتبة من حقيقة أن الإحساس بالعار إحساس اجتماعي، فهنالك دائمًا طرف أقوى يملك قوة، ويتسبب في إشعار طرف أضعف بالعار، على الملأ. والإذلال كان جزءًا من نمط الحياة اليومية، ابتداء من المدرسة، وصولًا إلى التشهير على الإنترنت. والإذلال ليس فرديًا، ففي الفصل الثالث تشرح الكاتبة كيف استخدمت القوى الاستعمارية والبريطانيون بشكل أساسي المراسم الدبلوماسية في إذلال الدول الضعيفة. وهنالك أنظمة قمعية مارست "الإذلال" باسم الشعب وأشهرهم النازيون.
كذلك كتاب "التحول الكبير"، من تأليف باسكال غزالة، وترجمة راوية صادق. والكتاب صدر في جزأين عن المركز القومي للترجمة، ويوضح كيفية تأسيس ونقل الثروات في مصر في الفترة بين عامي 1830 و1780، بالاستناد إلى حجج المحاكم العثمانية، ووثائق الدولة المصرية، من خلال نموذج طائفة التجار في قاهرة أواخر القرن الثامن عشر، وبداية القرن العشرين؛ حيث تتعقب باسكال غزالة الفئات الاجتماعية التي ساهمت في تكوين المجتمع المصري الحضري في العصر العثماني. ودراسة العلاقات القانونية والمادية بين أفراد كبار التجار، وممارساتهم العملية لتكوين وتدعيم ثرواتهم، ومن ثم تعيد المؤلفة رسم مسارات هذه الثروات عبر جميع تفاصيلها القانونية والاقتصادية والاجتماعية.




بالنسبة للروايات المترجمة، فمن أهم ما قرأت خلال العام رواية الكاتب التشيلي أنطونيو سكارميتا "لم يحدث أي شيء"، بترجمة عبد السلام باشا، وفيها ينتقل سكارميتا إلى المنفى في ألمانيا بعد سقوط الليندي، ليحكي عن عذابات المنفى والترحال واللغات الجديدة بالنسبة لطفل يرى والديه المهاجرين يبكيان في كل ليل من الجوع.
عربيًا، هنالك رواية "يوم الحساب" للسوري فواز حداد، و"كاتيوشا" للمصري وحيد الطويلة. ومن أفضل المجموعات القصصية التي قرأتها خلال العام "رق الحبيب" لمحمد المخزنجي، و"مسرح زوبة" لسلوى بكر، والمختارات القصصية لسيد الوكيل. ومن الكتب الأدبية الأخرى المهمة كتاب "طباطيب العبر" للكاتب أسامة الرحيمي. والكتاب عبارة عن حكايات عن قرية الدراكسة، إحدى قرى الدلتا، وإليها ينتمى صاحب الكتاب، بعد ثورة يوليو 1952، ويهتم بشكل خاص بالمهمشين الذين لم يحصلوا على أرض من الإصلاح الزراعي، وظلوا على هامش الحياة إلى أن فارقوها.


لونيس بن علي (ناقد جزائري):
الكتب الجيدة






كُتب قليلة قرأتُها في عام 2021، والسبب أنّي تبنيتُ مقولة هنري ميللر: اقرأ القليل، ولا تقرأ الكثير. قد يفهم البعض أنّي أعاني من كسل ما، أو أنّ لا وقت لدي لقراءة الكُتب (ضيق الوقت أصبح يفرض نفسه في السنوات الأخيرة)، بل لأنّي صرتُ أتخيّر الكُتب الجيدة. فعندما أقول لك أني قرأتُ قليلًا من الكُتب، أقصد أنّ تلك القلة فقط هي التي استطاعت أن تفرض نفسها علي، والكثير منها لم أُكمِلها، فأهملتها في منتصف الطريق. الكتابُ الجيد هو الكتاب الذي تزيد شهيتنا لقراءته إلى الصفحة الأخيرة. والآن، طالما أنّي مُلزم أن أختار بين تلك الكُتب القليلة كتابًا واحدًا، وهذا الإلزام مُكلف ومُرهق، فإنّي أستحضر اللّحظةَ كتاب "الرغبة والفلسفة: مدخل إلى قراءة دولوز وغوتاري"، للكاتب والمترجم المغربي محمد آيت حنا، والكتاب صدر عن منشورات توبقال. لماذا هذا الكتاب بالذات؟ في الدرجة الأولى، لم يستهوني الموضوع الذي عالجه الكتاب على أهميته طبعًا، لكني قرأتُ الكتابَ نظير منهجيته وأسلوبه في الكتابة عن الفلسفة، خاصة وأنّه ليس سهلًا التورط في موضوع متشعب مثل علاقة الرغبة بالفلسفة عند فيلسوفين خطيرين. وقد أعجبني المنطلق الذي تبناه الكاتب عندما وصف كتابه هذا بأنه مُقترح مدخل إلى قراءة الفيلسوفين دولوز وغوتاري.
أدبيًا، أعجبني كتاب ألبرتو مانغويل "شخصيات مُذهلة من عالم الأدب"، الذي أرشحه كأفضل كتاب أدبي قرأته هذا العام. مانغويل قارئ مُدهش يجعلك تتعلق بقراءة الأدب، لا سيما تلك الأعمال الأدبية العظيمة. أرى أن هذا الكتاب بمثابة مكتبة مثالية لمن يرغب في اكتشاف أعمال أدبية خالدة. والأهم من ذلك زوايا النظر التي قدمها مانغويل في تفسيره لبعض تلك النصوص، أو بسط ظروف كتابتها.

الدخول

سجل عن طريق

هل نسيت كلمة المرور؟

أدخل عنوان بريدك الإلكتروني المستخدم للتسجيل معنا و سنقوم بإرسال بريد إلكتروني يحتوي على رابط لإعادة ضبط كلمة المرور.

شكرا

الرجاء مراجعة بريدك الالكتروني. تمّ إرسال بريد إلكتروني يوضّح الخطوات اللّازمة لإنشاء كلمة المرور الجديدة.