}

مهرجان الفيلم اللبناني في كندا.. جسر بين الثقافات

"هناك الكثير من الأفلام الوثائقية العظيمة التي ما زالت تُصنع، وهي بالتأكيد غيّرت المشهد. هناك هذا النوع من الأفلام الوثائقية اللافتة للانتباه والتي تعد في الأساس عرضًا واقعيًا"، يقول المخرج الأميركي تود فيليبس.. جملة فيليبس تنطبق تمامًا على الفيلمين الوثائقين "لستُ لقيطًا" و"السجناء الزرق" والأفلام الأخرى التي تُعرض ضمن فعاليات "مهرجان الفيلم اللبناني في كندا" بدورته السادسة التي تُقام في مدينة مونتريال بين 11 و17 حزيران/ يونيو، وفي العاصمة الكندية أوتاوا بين 17 و20 حزيران/ يونيو. على أن يُكمل المهرجان جولته في فانكوفر من 23 إلى 25 أيلول/ سبتمبر وفي تورونتو من 28 إلى 31 تشرين الأول/ أكتوبر، وفي هاليفاكس من 5 إلى 8 تشرين الثاني/ نوفمبر.

مهرجان الفيلم اللبناني في كندا (LFFC / FFLC) هو واحد من أكبر المهرجانات في العالم المخصص لعرض الأفلام اللبنانية والعالمية. منذ تأسيسه في عام 2017، ساعد المهرجان في الترويج للسينما اللبنانية خارج حدودها.  يتكون برنامج الحدث من عروض أفلام ومؤتمرات وورش عمل ومقابلات ومناقشات فردية مع صانعي الأفلام من لبنان وكندا وأماكن أخرى. وكما جاء في بيان المهرجان فإن الهدف منه هو إبراز السينما اللبنانية والاحتفال بها دوليًا وسدّ الفجوات بين الثقافات ودعم الفنانين المستقلين وتعزيز روابط الاتصال مع صانعي الأفلام والمخرجين والكتاب والعديد من المهنيين في مجال السينما. كما جاء في البيان: "إن تاريخ وروح الأمة ينعكس في ثقافتها من خلال التعبير الفني، ويعد سرد القصص من خلال السينما أحد تلك الأشكال الفنية المتنوعة والتي يسهل الوصول إليها والتي تسد الفجوة بين المجتمعات من خلال فتح الباب أمام التبادل والتعاون والتفاهم المتبادل. على مر السنين، ظل المهرجان يركز على هدفه التأسيسي: عرض السينما اللبنانية والارتقاء بها، بهدف الاحتفال بها والمساهمة في تطويرها في لبنان وأماكن أخرى".  

 

مؤسسة ومديرة المهرجان هايلاف حدشيتي  


وفي كلمتها لهذه الدورة، تقول مؤسسة ومديرة المهرجان هايلاف حدشيتي: "نحن مقتنعون بأن السينما لديها القدرة على استكشاف أعماق المجتمع والإنسانية من خلال توسيع الخيال ومعالجة الموضوعات العالمية. إنها شكل فني لديه القدرة على تشكيل جسر بين الثقافات وتعزيز الخبرات البشرية، لإثراء وتثقيف وإطلاق الحوار والاحتفاء بالتميز السينمائي بطريقة تتجاوز الحدود اللغوية والثقافية. لمدة خمس سنوات، ظللنا مخلصين لهدفنا المتمثل في تعزيز فن السينما من خلال الحوار بين الثقافات، وإلقاء الضوء على السينما والثقافة اللبنانية من خلال استكشاف جوانبها المتعددة.  الآن في عامه السادس، يواصل المهرجان تقديم إنتاجات عالية الجودة مع أفلام جديدة وضيوف جدد وإطلاق أفلام في مدن مختلفة. يكمن أملنا في إلهام الأفراد والجماعات للشروع في رحلة سرد القصص الخاصة بهم. من الأفلام القصيرة إلى الأفلام الروائية، نشجع وندعم جميع المشاركين، طوال العملية الإبداعية وحتى مرحلة ما بعد الإنتاج. سيثبت مهرجاننا مرة أخرى أنه لا يوجد نقص في المواهب في صناعة الأفلام ورواية القصص في لبنان".

ومما جاء في كلمة قنصل لبنان في مونتريال أنطوان عيد: "السينما هي أداة للتغيير يمكنها التأثير والتأثير. وهي أيضًا وسيلة رائعة للهروب تتيح لك إعادة شحن ذاتك بعيدًا عن الحياة اليومية، والعودة إليها بهدوء أكبر. إنها مهمة عظيمة مهمة هذا الفن والتي يجب تشجيعها وتعزيزها ومهرجان الفيلم اللبناني في كندا يساهم بشكل كبير في هذا التعزيز!"

    

من الأفلام المعروضة: "كوستا برافا"، "السجناء الزرق"، "لست لقيطًا"



برنامج المهرجان

يتضمن برنامج "مهرجان الفيلم اللبناني في كندا" عرضًا لسبعة عشر فيلمًا قصيرًا، وثمانية أفلام بين الوثائقي الطويل والروائي الطويل، وهي كما يلي:

"لست لقيطًا" للمخرجة الروسية ماريا إيفانوفا سوراي التي نالت أفلامها العديد من الجوائز العالمية. يحكي الفيلم عن "صالح" الذي يعيش في مركز "قرية الإنسان"، ويهتم هذا المركز بالمشردين والمدمنين ويشرف عليه الأب مجدي علاوي. وفي هذا المركز سيتعرّف صالح على أخيه الذي تخلت عنه أمه وهو طفل أيضًا. عاش صالح في حي فقير في مدينة صيدا حيث كان يتعرّض للتنمر، يقول عن نفسه إنه فلسطيني لكنه لا يعرف من هو والده. وصالح ليس لديه اسم عائلة ولا جنسية ولا جواز سفر. ووفقًا للقانون اللبناني، ودول عربية عديدة، فإنه ينص على أن الأطفال المولودين خارج إطار الزواج، أي المولودين من قبل امرأة غير متزوجة، لا يحق لهم أن يعيشوا حياة كاملة، وقد لا يكونون موجودين. في بلد كلبنان حيث أهم الأشياء هي اسم عائلتك وأسلافك ودينك وجنسيتك، يُحرم هؤلاء الأشخاص من كل ذلك دون أي خطأ من جانبهم. ليس لديهم الحق في الذهاب إلى المدرسة أو الجامعة، أو السفر، ولن يتم تعيينهم في وظيفة، وليس لهم الحق في التصويت. يعاين الفيلم من خلال صالح موضوعًا إنسانيًا يجب العمل على احتوائه وتعديل القوانين اللبنانية للتعامل مع هذا الإنسان على أنه "إنسان".

"السجناء الزرق" للمخرجة اللبنانية زينة دكاش (أنظر ضفة ثالثة، 3-11-2021). هذا هو الفيلم الوثائقي الثالث لزينة دكاش الذي تم إنتاجه وتصويره في السجون اللبنانية (أفلامها السابقة الحائزة على جوائز دولية ضغطت وأدخلت تغييرات على مواد قانون العقوبات اللبناني). يعاين الفيلم كيف يعيش السجناء في سجن رومية (لبنان) حيث قاموا بإخراج مسرحية داخل السجن عن زملائهم الذين يعانون من أمراض نفسية ويقيمون في نفس السجن. ينص قانون العقوبات اللبناني الصادر عام 1943 على حبس المخالفين الذين يعانون من اضطرابات نفسية لحين ظهور دليل على "الشفاء"، ومع ذلك لا يتم الشفاء أبدًا بسبب عدم تلقيهم الرعاية النفسية اللازمة، لذلك فإن المجرمين المختلين عقليًا يتلقون عمليًا عقوبة السجن مدى الحياة.

من الأفلام المعروضة: "فرح"، "بنات عبد الرحمن"، "الغضب"، و"بيروت هولدم"



"كوستا برافا" للمخرجة وكاتبة السيناريو اللبنانية مونيا عقل. ترشح "كوستا برافا" عن لبنان للحصول على جائزة الأوسكار هذا العام. ويحكي عن عائلة نجت من التلوث السام والاضطرابات الاجتماعية في بيروت من خلال البحث عن مكان آمن في المنزل الجبلي اليوتوبي الذي بنوه. لكن بشكل غير متوقع، تم بناء مكب قمامة على حافة السياج، مما أدى إلى وصول القمامة والفساد في بلد بأكمله إلى أعتاب منازلهم. مع ارتفاع المكب، تزداد التوترات بين المغادرة أو المقاومة، ما يهدد وحدة الأسرة ومكانهم الشاعري.

"النبي" للمخرج الأميركي روجرز ألرز. وهو فيلم روائي رسوم متحركة مقتبس عن كتاب "النبي" لجبران خليل جبران. فبعد أن بقي "مصطفى" لمدة 12 عامًا في مدينة "أورفيليس"، يُلقى القبض عليه من قبل السلطات في المدينة، وتقرر السلطات ترحيله نحو السفينة التي ستعيده إلى وطنه، ولكن قبل الرحيل، يقف مصطفى مع رفيقته المخلصة ومجموعة من سكان المدينة لكي يستشيروه في شؤون الحياة، لكن السلطات تخشى أن الحقيقة في كلام مصطفى ستثير التمرد.

"فرح" من تأليف اللبنانية حسيبة فريحة التي تشاركت الإخراج مع كنتون أوكسلي. يتطرق الفيلم إلى الصحة النفسية في الشرق الأوسط. عندما بدأت طالبة الطب "لينا" تعاني من كوابيس شديدة متكررة، تشرع حياتها بالانهيار ثم تُعاد إلى منزلها في بيروت. يتم وصف مضاد الاكتئاب المثير للجدل "زابا" المعروف بشكله غير القانوني باسم "جوي" لمساعدتها على التعافي. ومع استمرار كوابيس لينا المقلقة في التفاقم واتضاح الرابط بينها وبين والدتها، تنطلق فرح في سعيها للكشف عن شبكة من الأسرار العائلية التي ستقودها إلى حقيقة نهائية محطمة.

"الغضب" للمخرجة الروسية ماريا إيفانوفا سوراي. يحكي الفيلم عن فتاة مسلمة شابة تهرب من قريتها الصغيرة بعيدًا عن والدتها. هناك تلتقي برجل أوروبي كبير السن يتمتع بشخصية كاريزمية معتقدة أنها وجدت فيه الخلاص والسلام والحب. في البداية، يبدوان كزوجين مثاليين. إنها واقعة في الحب ولا تستطيع أن ترى كيف يتغير زوجها. ذروة الفيلم هي تخلي الشابة عن دينها. تأتي أصالة الفكرة من القصة التي تُروى من منظور بلد شرق أوسطي. يتطرق الفيلم إلى موضوع وثيق الصلة بين الشرق والغرب من خلال العلاقة بين فتاة شرقية ورجل غربي.

من الأفلام القصيرة المعروضة في المهرجان


"بيروت هولدم" للمخرج اللبناني ميشال كمون. يصور بيروت هولدم حياة شاب مقامر يبلغ من العمر 40 عامًا، وأصدقاؤه الثلاثة منذ الطفولة، في حي متوسطي فقير في بيروت. بعد إطلاق سراحه من السجن، يريد زيكو استئناف حياته، لكنه يواجه الكثير من التحديات. تبين أن أكبر معركة له هي صراعه الداخلي. مدفوعًا بتصميم لا ينتهي وإرادة لا هوادة فيها من أجل البقاء، انطلق في رحلته عبر المجتمع اللبناني المعاصر بعد الحرب، مكان مصنوع من مزيج متناقض من العنف والحنان، بلد على حافة الحرب دائمًا والإفلاس، حيث يجعل عدم استقرار الحياة اليومية تبدو وكأنها أرجوحة سيرك، والوجود المطلق هو شكل آخر من أشكال المقامرة.

"بنات عبد الرحمن" للمخرج الأردني زيد أبو حمدان. نال الفيلم عددًا من الجوائز. يحكي الفيلم عن أربع شقيقات يختلفن عن بعضهن البعض في طريقة التفكير ونظرتهن للحياة، وتضطرهن ظروف اختفاء والدهن إلى عودتهن لمنزل الأسرة داخل حي من الطبقة المتوسطة والالتقاء من جديد في إطار مفاجآت ومفارقات غير متوقعة.

*****

تبدو أهمية هذه المهرجانات في كونها تعيد خياطة هذا الخط بين الثقافات الذي لا يتم وصله إلا من خلال الفنون، مع وجود التفاعل الحي بين صانعي الأفلام والممثلين والمخرجين من كندا والولايات المتحدة وأوروبا ولبنان مع الجمهور العربي والغربي، خصوصًا وأن الأفلام التي تم اختيارها تشكل كلها رسائل إنسانية تعمل على تفكيك تشوّهات مجتمعاتنا وأحزانها الدفينة بهدف تغيير واقعها المرير.


الدخول

سجل عن طريق

هل نسيت كلمة المرور؟

أدخل عنوان بريدك الإلكتروني المستخدم للتسجيل معنا و سنقوم بإرسال بريد إلكتروني يحتوي على رابط لإعادة ضبط كلمة المرور.

شكرا

الرجاء مراجعة بريدك الالكتروني. تمّ إرسال بريد إلكتروني يوضّح الخطوات اللّازمة لإنشاء كلمة المرور الجديدة.