}

الحاخام ديفيد تاوب: لإسرائيل خيار واحد... إعادة فلسطين للفلسطينيين

حوارات الحاخام ديفيد تاوب: لإسرائيل خيار واحد... إعادة فلسطين للفلسطينيين
ديفيد تاوب خلال وقفة احتجاجية أمام القنصلية الإسرائيلية بمونتريال
في الوقت الذي لا تزال الشراكة والشراسة الإسرائيلية- الأميركية تتمدد بطغيانها ولاإنسانيتها فوق أرض غزة وفوق أجساد أبطالها، كبارًا وأطفالًا، ثمة هناك في الغرب وربما في الداخل الفلسطيني أيضًا أصواتٌ ليست عربية ولا إسلامية ومنها يهودية تنادي بوقف التمدّد والتمادي الوحشي، ومنها الحاخام ديفيد تاوب David Taub من داخل تظاهرة يشارك فيها أسبوعيًا مع رفاقه من حركة ناطوري كارتا Neturei Karta في مونتريال وفي نيويورك وفي كل مكان تتجمّع فيه النداءات لوقف الحرب على غزة، وعلى كتفيه كوفية فلسطينية وآلاف الكلمات لأجل الوجع الفلسطيني وهو يردّد في التظاهرة "Free Palestine- Viva Palestina".
وحركة ناطوري كارتا تحدّد على صفحتها على الإنترنت رسالتها، ومما تكتب فيها:​


[ناطوري كارتا هي مجموعة من النشطاء الذين يدافعون عن اليهودية الحقيقية في معارضة الفلسفة الصهيونية. وهم يعارضون وجود دولة إسرائيل، ويدينون الاحتلال الصهيوني لفلسطين، إلى جانب إدانة الفظائع المستمرة المرتكبة ضد شعبها. لآلاف السنين، تم تعريف الشعب اليهودي بدينه، اليهودية، التي علّمته خدمة الله بإخلاص، والإيمان بمبادئ الإيمان اليهودي، والإيمان بالله تعالى، وحفظ وصايا التوراة. ثم تشكلت حركة صهيونية من قبل يهود غير ملتزمين بهدف تحويل اليهودية من دين إلى قومية، واستبدال الوفاء بالتوراة بالولاء لحركة سياسية باعتبارها الصفة المميزة لليهودي. وهذا اقتلاع عام لليهودية. إن من أساسيات اليهودية أننا شعب منفي بأمر إلهي. وكان مطلوبًا أن نكون مواطنين مخلصين، وليسوا متمردين أو يشنّون حروبًا. كان نفينا من الأرض المقدسة مرسومًا إلهيًا وسينتهي بأعجوبة في الوقت الذي تتحد فيه البشرية جمعاء في الخدمة الأخوية للخالق. ولذلك فإن أيديولوجية الصهيونية، وهي ابتكار حديث، تسعى إلى إنهاء المنفى بالقوة، تتعارض مع العقيدة اليهودية وآلاف السنين من التقاليد اليهودية. لقد حقق الصهاينة هدفهم المتمثل في إقامة دولتهم من خلال القتل والسرقة، في عملية حرمان السكان الأصليين الفلسطينيين من أرضهم ومن حقوقهم، وهذا ما حرّمته التوراة. وعندما تتم هذه الأعمال غير الأخلاقية/ الظالمة/ الإجرامية المعادية لليهود باسم الدين اليهودي، فهذا تدنيس للدين وعندما يتم ذلك باسم جميع اليهود، فإن ذلك يؤدي إلى تفاقم الكراهية تجاه اليهود في جميع أنحاء العالم.

إن ناطوري كارتا تسلط الضوء على الإدانة اليهودية لاحتلال فلسطين وقمع شعبها. نشارك في العديد من الفعاليات المشتركة بين المسلمين واليهود، ونلتقي بممثلي وقادة الدول والجماعات، كل ذلك في محاولة لنشر رسالتنا للسلام ووجهات النظر التوراتية الأصيلة. ونهدف من خلال ذلك إلى التخفيف من تدنيس اسم الله تعالى، وتقليل الكراهية بين اليهود والعرب التي تسببها الصهيونية. ونأمل في إعادة بناء التعايش السلمي بين اليهود والعرب في فلسطين وفي جميع أنحاء الشرق الأوسط كما كانت الحال قبل اختراع الصهيونية. ونهدف أيضًا إلى الوصول إلى إخواننا اليهود الذين تلقوا ربما تعليمًا على الاعتقاد بأن الصهيونية جزء لا يتجزأ من اليهودية. ولسوء الحظ، فإن المفاهيم والمعتقدات اليهودية التي كانت واضحة لجميع اليهود في كل مكان أصبحت فجأة موضع شك أو متنازع عليها أو غير معروفة، وبالتالي، نقدّم موادَّ مصدرية من النصوص اليهودية].


هنا حوار مع الحاخام ديفيد تاوب: 

(*) ما زال هناك كثير من الناس في العالم العربي لا يعرفون كثيرًا عن حركة ناطوري كارتا. هل يمكن أن تخبرنا عن تاريخ هذه المنظمة وأفكارها؟

ناطوري كارتا هي مجموعة من اليهود انطلقوا في البداية لشرح حقيقة الصهيونية وحقيقة اليهودية، أرادوا إخبار الناس الحقيقة. اليهودية هي الإيمان بالله والصلاة له، العمل من أجل الله، واتبّاع اسمه، وهذه هي الحقيقة دائمًا، عدم العمل من أجل بناء أي دولة، أو إدارة أي دولة، وليس قانونيًا ولا جائزًا بموجب اليهودية أن يكون لدينا دولة بمفردنا. ولا يجوز قطعًا أن نقاتل ونقتل ونسرق من أجل أن تكون لنا دولة... باختصار، من غير القانوني القيام بكل الأشياء التي قامت بها الحكومات الإسرائيلية المتعاقبة، وما تقوم به الحكومة الإسرائيلية الحالية. 

(*) تشاركون في مظاهرات وقف الحرب على غزة وترتدون رموزًا فلسطينية وتتعرّضون للأذى أحيانًا من الصهاينة... من أين تأتي هذه الإرادة لمساعدة الفلسطينيين؟

طلبت التوراة منا أن نكون طيبين في منافينا، وطيبين مع كل الدول والمجتمعات، مع الجميع، وأن نحترم كل الأمم التي نعيش فيها ونحاول أن نطيع قوانينها. ولأن الإسرائيليين يقاتلون الفلسطينيين، علينا أن نقدّم التضامن للفلسطينيين، ونثبت أننا معهم ولسنا ضدهم. وهذه رسالة مهمة جدًا، وهي أن اليهود ليسوا صهاينة والصهاينة ليسوا يهودًا. وبدون الخروج في المظاهرات وارتداء الكوفية الفلسطينية أو الرموز الفلسطينية لا يمكننا أن نشرح ذلك جيدًا، لأن الأذيّة التي يلحقها الإسرائيليون بالفلسطينيين كبيرة. لذا علينا أن نكون معهم ونشرح لهم مواقفنا ونشارك في المظاهرات لأجلهم، نحن نشعر حقًا بالمعاناة التي يعيشونها وهذا ما يجب أن يشعر به كل العالم. 

الحاخام ديفيد تاوب وأعضاء من ناطوري كارتا خلال تظاهرة من أجل غزة في وسط مونتريال


(*) هل هناك تواصل مع منظمات صهيونية لتوضيح وجهة نظركم، أو لإيضاح أفكاركم؟

لا. نحن لا نتبادل الكلام مع منظمات صهيونية. لا نريد. إذا طلبوا سنجيبهم ولكن غير ذلك، لا. هناك الكثير من اليهود الذين يريدون أن يفهموا الحقائق ويتعرّفوا على مبادئنا، وهناك الكثير ممّن يسمعوننا، وقد غيّروا آراءهم وقرّروا مغادرة فلسطين، ومنهم من يعيش في فلسطين لكنهم لا يريدون أن يكونوا داخل هذا النظام الإسرائيلي، وقرروا عدم الالتحاق بالوظائف الحكومية، ولا أن يكونوا إلى جانب الإسرائيليين في الفظائع التي يقومون بها.

وفي الغالب، أفراد مجموعاتنا داخل فلسطين لا يتواصلون مع أي أحد من الحكومة الإسرائيلية ومن الإدارة الإسرائيلية، فهم لا يحبوننا ونحن لا نحبهم. تحاول الحكومة أحيانًا التواصل معنا، لكننا نرفض التحدث مع أي أحد فيها، أو حتى إيضاح أي شيء لهم، لأنهم يعرفون الحقيقة جيدًا. لنفترض أن هؤلاء الصهاينة والموجودين في الحكومة الإسرائيلية سيتبعون اليهودية الصحيحة، يجب أن يفهموا أنه لا يحق بأن تكون لنا دولة. دعينا نقول إنه لم يعد هناك المزيد من القتل، لا مزيد من سفك الدماء، ولا مزيد من القيام بكل الجرائم التي يقومون بارتكابها، فهل يجوز أن تكون لهم دولة؟ لا. لذلك ليست هناك طريقة لنتحدث معهم. أمام إسرائيل خيار واحد، وهو ترك الحدود وإعادة فلسطين إلى الفلسطينيين، وعندها فقط تتحقق الحرية والعدالة والحقيقة. ولن تكون هناك حاجة إلى أي شرح وأي مزيد من التفسير لهم. 

(*) هل تعملون على تعزيز أفكاركم في أوساط الجاليات اليهودية، وبشأن الأسباب الحقيقية وراء بناء دولة صهيونية، وبأن القضية هي قضية إمبريالية غربية، ويستخدمون اليهود ذريعة لتقسيم وشرذمة العالم العربي، ولا يهمهم كم من اليهود سيُقتل بفعل ذلك، لأن التاريخ الغربي مخزٍ في تعامله مع اليهود... هل هناك أي تواصل للحصول على المزيد من الأصوات معكم؟

نعم بالتأكيد، وفي معظم مجتمعنا اليهودي حيث نقيم هنا في مونتريال، وفي بروكلين بنيويورك، وفي لندن، لا توجد أعلام إسرائيلية. لا أحد يريد أن يشارك في قتل الفلسطينيين ويفعل ما يفعله الإسرائيليون. لدينا الكثير من الكتب التي تشرح أفكارنا، ولدينا الكثير من المجتمعات التي تفهم ماذا يحصل هناك في فلسطين باسم اليهودية. لذلك، عندما أذهب إلى أي مكان حيث تتواجد مجتمعاتنا أرى كيف أن هناك آلاف الأشخاص معنا. إنهم يفهمون ما الذي يحدث فعلًا، ويصمدون في مواجهة الصهاينة. هناك الكثير من التفسيرات حولنا في كل مكان، وماذا يجب علينا أن نفعل لدحض الصهيونية. الهدف هو الخروج والإظهار للعالم أن قوة الصهيونية لن تتجاوزنا، وسنكون أقوى منهم. علينا أن نكون أقوياء. لقد أعطانا الله الروح المعنوية العالية للخروج والوقوف مع الفلسطينيين، أن نكون معهم، ونخبر العالم عن معاناتهم. وأعتقد أن الفلسطينيين يدركون صدقنا وعلاقتنا جيدة وحقيقية معهم.   

(*) استخدم عدد من الحاخامات اليهود مثل عميحاي فريدمان ومائير مازوز وشلومو إلياهو عبارات من التوراة تتضمن أوامر من الله بقتل الفلسطينيين وحرضوا الإسرائيليين بدعوى أن الله يأمرهم بقتل الفلسطينيين. كما في سفر صموئيل الأول 23- 2: سأل داود الرب قائلًا: "أأذهب وأضرب هؤلاء الفلسطينيين؟" فقال الرب لداود"اذهب واضرب الفلسطينيين وخلص قعيلة". ماذا تقول عن ذلك؟

هؤلاء يأخذون من الكتاب المقدس فقرات ويستخدمونها من أجل أنفسهم فقط. إنهم لا يقرؤونها جيدًا. إنهم لم يتعلموها بشكل صحيح ولا يريدون اتباع الله حقيقة. لأنه عندما يتعلق الأمر باتباع اسم الله، فإن ما لا يريدونه لا يتبعونه. إنهم يأخذون فقرة واحدة فقط ولا يقرؤون الأخرى. لذلك نفوسهم مليئة بالأكاذيب. هؤلاء الحاخامات ممتلئون بالأكاذيب. وهم يدركون ذلك. إنهم ضد الله ولا حتى يتبعون الله بشيء. إنهم يصنعون وجودهم من خلال فقرات من التوراة. بل يرتدون ثياب الحاخامات لكنهم ليسوا كذلك في الحقيقة. الحكومة الإسرائيلية تدفع لهم ليُخرجوا من التوراة ما يريدون ويفسّرونه كما يريدون، وليحوّلوا التوراة كما يريدون. ولكن كل ما يقولونه ليس صحيحًا. وهم لا يتبعون اسم "هاشم" (الله). إنهم يتعاملون مع الأمر وكأنك تأخذ كتابًا وتقطع نصفه من الأمام، أو من الخلف. وعندما نقول الأشياء مقتطعة فإننا نفعل أمرًا سيئًا لأننا لا نقدّم الحقيقة بأكملها. علينا أن نقرأ ما كُتب قبل وبعد، أي السياق كله، وبعد ذلك سندرك أن ما يقولونه كذب. هناك من يتحدث عن اليهود أنهم قتلة، قتلة حقيقيون. وهم ليسوا كذلك، هؤلاء الإسرائيليون لا يتبعون اليهودية في منازلهم، وإذا قرأوا التوراة لا يتبعونها حقيقة. لقد قاموا باقتطاع فقرة واحدة من سياق كامل، وهذا لا يقول حقيقة الأمور. 

(*) على أي سفر من الكتاب المقدس ترتكز أفكارك حول العيش مع الآخرين بدون حروب، وعدم تأييد وجود إسرائيل؟

لقد أعطانا الله الأرض المقدّسة في ذلك الزمن. كان اليهود مختارين من الله ومقدّسين ذلك الوقت، وأراد الله أن يمنحهم الأرض المقدسة ثم بعد ذلك أرسلهم الله بعيدًا. لأن الأرض المقدسة ليست للقتال وللسلاح، ليست لمقاتلين، هي لله. وهو الذي اختار أن يمنح تلك الأرض لليهود طالما أنهم يتبعون اسم الله ويعملون من أجل هاشم (الله)، لكنهم لم يتبعوه تمامًا، وأرسل الله لهم إرميا عندما خرجوا عن اسم الله، وهناك الكثير مما أرسله الله لهم ليخبرهم كيف يجب أن يتصرفوا بإيمان ودون قتال، وإذا لم يفعلوا ذلك، فسوف يفقدون مغزى العيش والحياة في الأرض المقدسة. لكنهم لم يتبعوا اسم الله، لأن الأمر كان صعبًا جدًا عليهم، لأسبابهم الخاصة، فعاقبهم الله وأخرجهم سبعين سنة. ثم عادوا للحصول على فرصة أخرى. ثم أخبرهم الله أنه لا يجوز لكم العودة بجيوشكم ولا حتى بدون جيوشكم، لا يجوز لكم العودة إلا بإذن الله. سأعطي مثلًا: إذا طلبت أم من أطفالها أن يدخلوا غرفة ولا يخرجوا منها إلا بإذنها، فماذا ستفعل هذه الأم إذا عاندوها وخرجوا؟ لا يُسمح لليهود بالعودة، هؤلاء اليهود لم يستمعوا إلى كلام الله عندما قال لهم أن يبقوا خارجًا. لقد مرّ ألفا عام منذ تدمير الهيكل، وكان اليهود في المنفى. ولم يكن لدى أحد منهم الشجاعة والخروج للقتال من أجل العودة، ولكي يبنوا دولة خاصة بهم. حتى فيما يتعلق بالمسجد الأقصى الذي يصلي فيه الفلسطينيون اليوم، كان هناك ملك أرسل إلى اليهود بأنه يريد أن يعيد لهم دولة إسرائيل، وأنه سيبني لهم هيكلًا جديدًا، لكن آنذاك رفض اليهود، وكان جوابهم أنهم لن يعودوا إلا بإذن من الله. فاليهود يجب أن لا يقاتلوا. في عقيدتنا، لا نقاتل أبدًا الفلسطينيين أو أيًا من الذين يعيشون في فلسطين. في السابق كان الفلسطينيون يعيشون هناك ويجب أن يبقوا، لأنه تم نفي اليهود.

هرتزل الذي كان يعيش في أوروبا كان يتطلّع لبناء دولة لليهود بعد معاناتهم واضطهادهم في أوروبا، وكان علمانيًا، وأراد أن يؤسس دولة يعيش فيها جميع اليهود بسلام ودون اضطهاد. ذهب هو وأتباعه إلى مكان في أفريقيا، أوغندا، في مكان لا يعيش فيه سكان، ولم يكن فيه حكومة أو دولة سابقة، لكن لم يتبعه أحد في فكرته، فاقترحوا فلسطين، وكان عليهم شنّ حرب للعودة إلى فلسطين. لقد عملوا بجدّ من أجل العودة واعتقدوا أنهم نجحوا قليلًا، يبدو للجميع أنهم نجحوا، لكنهم في الواقع لم ينجحوا أبدًا لأنه لم يكن هناك سلام أبدًا، ولذلك لا يجوز لنا أن نتبعهم. علينا أن نتبع الله وما قاله الله لنا فقط. فلنقرأ من سفر نشيد الأناشيد من أسفار الملك سليمان، كلماته مقدسة وجميلة جدًا، ومن الصعب شرح كل الكلمات ولكن إذا عدنا إليها سوف نقرأ أنه ستتم معاقبة اليهود إذا ما عادوا بدون إذن من الله.

(الحاخام ديفيد تاوب هاتفًا لفلسطين وغزة أمام المتظاهرين)


(*) نسمع كثيرًا عن تحول المجتمع الإسرائيلي في أغلبه إلى متطرفين دينيين يريدون حربًا مع الفلسطينيين أقسى مما نراه في غزة
، حتى أن أحد الإعلاميين يخرج في القناة الإسرائيلية ليقول إن اليوم الذي لا يرى فيه طفلًا فلسطينيًا مقتولًا، ليس يومًا جيدًا بالنسبة له، وإعلامي آخر اسمه شاي غولدن يهدّد الفلسطينيين بأبشع أنواع القتل الذي لم يعهدوا مثله في التاريخ العربي. ماذا تقول عن هؤلاء المتطرفين وعن هذا التحول في المجتمع الإسرائيلي؟

هؤلاء ليسوا على حق، هذا ليس ديننا، بل هم حقيقة يكرهون اليهودية، إنهم كارهون وحاقدون وقتلة، أناس سيئون. هؤلاء ليسوا يهودًا حقيقيين، هل تعلمين كم من المعاناة يلحقها هؤلاء باليهود الحقيقيين الذين يعيشون في إسرائيل؟ حتى نحن، عندما يستمعون إلينا ونحن نحاول أن نتبع اسم الله، فإنهم يوجهون لنا الكثير من الكراهية. بالأمس كنا في مظاهرة في فلسطين ضد ما يقوم به الإسرائيليون في غزة، أخذوا بضربنا، ودائمًا عندما نحتجّ ضدهم في إسرائيل، فإنهم يضربون المتظاهرين من اليهود، إنهم يفعلون الأسوأ من أجل الشعب اليهودي، من أجل الدين الحقيقي.

أي أحد منا لا يريد الانضمام إلى الجيش الإسرائيلي، لا أعرف ماذا يجب أن أسميهم، يحاولون القبض على شبابنا بالقوة لإرسالهم إلى الجيش. واليهود المؤمنون يعانون، كما يعرف كل شخص في العالم. الجنود الإسرائيليون يقومون بأعمال وحشية، منها أيضًا أنهم يحفرون في المقابر وهذا أمر سيء للغاية. غير مسموح لهم أن يفعلوا ذلك، يحفرون في القبور القديمة، وهناك الكثير من البروتستانت داخل فلسطين ضدهم. لماذا تحفرون في القبور القديمة؟ ولماذا تقتلون الفلسطينيين؟ ولماذا تضربون الأطفال بالعصي والسكاكين والبنادق؟ إنهم يقتلون الأطفال الفلسطينيين، إنهم يقتلون إخواننا جميعًا، هذا محزن للغاية، لا أتحمّل مشاهدة ما الذي يفعله الإسرائيليون بالفلسطينيين، أنا محظوظ. أتعلمين لماذا؟ لأنني لا أملك أيًّا من وسائل الإعلام. ليس لدي راديو أو تلفزيون أو هاتف ذكي. أصدقائي يخبرونني، أصدقائي يذهبون إلى فلسطين ويخبرون ماذا يحصل هناك، علينا أن نعرف الحقيقة وعلى العالم أن يعرفها. علينا أن نعرف ما هو الصحيح، وما الذي يحدث بالفلسطينيين، إنها معاناة كبيرة. 

(*) تقول إن هناك نسبة غير قليلة من اليهود المناهضين للصهيونية ولوجود إسرائيل في فلسطين، لماذا ليس لهم تأثير على ما يجري وفي السياسة أو الانتخابات؟ هل أعدادهم قليلة؟ وأنت تعلم مدى حاجة الفلسطينيين هناك لأصواتكم في ظلّ التطرف الذي يتحكم بالدولة والحكومة.

يوجد الكثير من اليهود المناهضين لسياسة الصهيونية ولإسرائيل. خرجوا من إسرائيل ولا يريدون العودة إلى هناك. إنهم مؤمنون أنه لا يجب ولا يمكن أن يكونوا موجودين هناك. وهناك الكثير من اليهود في فلسطين الذين يخرجون في مظاهرات ويحتجّون، وشهريًا، في اليوم الأول من كل شهر، يخرجون حاملين أعلام فلسطين ويخرجون إلى الشوارع. ونحن كما قلت لا نقاتل مع الجيش. وهناك الكثير من المعارك التي لا يجب أن تكون. لا ينبغي لأي أحد أن يذهب في الجيش.

بالنسبة للانتخابات، لا، لا يجوز أن تكون لنا دولة. لا يمكننا أن نذهب إلى الانتخابات. بمجرد ذهابنا إلى الانتخابات، فإننا نثبت أننا نسمح بوجود دولة إسرائيل. وحتى هناك أشخاص من مجموعاتنا يتجولون بين الناس لإيضاح أفكارنا ونطلب منهم عدم ممارسة الانتخاب، هذا شيء خطير على اليهودية، هذه ليست اليهودية، كل ما يحصل مخالف لقوانيننا الدينية.

نعم أفهم جيدًا أن الفلسطينيين بحاجة لأصواتنا، ولكن لا نستطيع أن نفعل أي شيء بخصوص المشاركة في الحياة السياسية. الشيء الوحيد الذي يتعيّن علينا القيام به هو أننا، نحن اليهود الفلسطينيين، يجب أن نكون آمنين مع الآخرين وصالحين في فلسطين. لو كانت الدولة فلسطينية لكنّا شاركنا في الانتخابات، أنا لم أذهب إلى إسرائيل لزيارتها مطلقًا. حتى أن بعض الأقارب وبعض الأصدقاء الجيّدين يعيشون هناك ويعانون. لم أزرهم هناك قط. وأنا لا أؤمن بالانتخابات التي تُجرى هناك، هؤلاء في الحكومة الإسرائيلية مجرمون، إنهم ممتلئون بالجرائم. إذا أردنا أن نذهب للانتخابات سنذهب فقط مع الشعب الفلسطيني في دولة فلسطينية.

 (*) حديثك عن التجنيد الإجباري يأخذنا إلى الاحتجاجات التي حصلت في الآونة الأخيرة رفضًا للتجنيد في الجيش الإسرائيلي.

نعم، هناك الكثير مما تريده الحكومة، وهذه واحدة من المشاكل. لا يُسمح لرجال الدين والذين يدرسون الدين أن ينضموا للجيش. نقوم باحتجاجات ضد ذلك. القتال في الجيش يعني القتل، يعني القيام بسجن أشخاص. القيام بكل ما يقوم به الجيش، الجيش خطر. إنه لأمر خطير أن نذهب لنقتل الناس ولنُقتل. إذا ذهب الأشخاص المؤمنون إلى الجيش، فإنهم يفقدون إنسانيتهم، ويفقدون ما يحملونه من روح إيمانية. في الجيش الإسرائيلي يمارسون أمورًا تجعل أي شخص متديّن يفقد دينه، ويصبح كافرًا. الجيش ضد الدين. وبالتأكيد أنا لا أسمح بأن يكون شبابنا المؤمنون في الجيش، إنها معركة ضد أن يكون للفلسطينيين دولة وهذا نرفضه. وحتى بدون القتال ضد الفلسطينيين، ليس من المقبول أن يذهب يهودي متديّن إلى الجيش. 

(*) أخيرًا، ماذا تقول لأطفال غزة ولأطفال فلسطين؟

علينا أن ننقذهم، أن نفعل كل الأشياء التي يتعيّن القيام بها من أجلهم. إنهم فقراء جدًا، ويتعرضون للإهمال. وهذا موجع. كل العالم يجب أن يفعل ما بوسعه لإنقاذهم. الكثير من الأطفال هناك فقدوا عائلاتهم، لا أعرف كيف يمكنهم الاستمرار بدون عائلاتهم، من دون أم ومن دون أب. يجب أن نساعد بقدر ما نستطيع، بأموالنا وبأصواتنا وبإمكانياتنا كلها.

(تصوير: العربي الجديد)

الدخول

سجل عن طريق

هل نسيت كلمة المرور؟

أدخل عنوان بريدك الإلكتروني المستخدم للتسجيل معنا و سنقوم بإرسال بريد إلكتروني يحتوي على رابط لإعادة ضبط كلمة المرور.

شكرا

الرجاء مراجعة بريدك الالكتروني. تمّ إرسال بريد إلكتروني يوضّح الخطوات اللّازمة لإنشاء كلمة المرور الجديدة.