}

كشوف جديدة: مخططات الترانسفير الإسرائيلية في قطاع غزة

ضفة ثالثة- خاص 2 أبريل 2023

إعداد وتقديم: أنطوان شلحت


تقديم

فكرة "تشجيع الهجرة العربية"، وهو المصطلح المُلطّف للترانسفير، تتكرّر كل فترة في الخطاب العام في إسرائيل، على نحو يمكن اعتباره دوريًا.

وهناك ميل عام لدى كثيرين في إسرائيل للترويج بأن سبب معاودة الحديث عن الترانسفير في الآونة الأخيرة يعود إلى ما يُسمى "الانزياح نحو اليمين" الذي شهده المجتمع الإسرائيلي منذ اندلاع الانتفاضة الفلسطينية الثانية في عام 2000 وما تسبّبت به من "عودة الصهيونية إلى ذاتها". فمثلًا أشار استطلاع أجري عام 2002 ضمن "مشروع الأمن القومي والرأي العام الإسرائيلي" في "مركز يافيه للأبحاث الاستراتيجية" في جامعة تل أبيب (الذي أصبح اسمه لاحقًا "معهد أبحاث الأمن القومي")، إلى أن مؤشرات الانزياح يمينًا تكمن ضمن أشياء أخرى في ازدياد تأييد الإسرائيليين لمشاريع حلول الترانسفير ضد الفلسطينيين، سواء في الضفة الغربية وقطاع غزة، أو داخل تخوم "الخط الأخضر"، حيث أيّد 46 بالمئة منهم تطبيق الترانسفير ضد الفلسطينيين في الضفة والقطاع، وأيّد 31 بالمئة تطبيقه ضد الفلسطينيين في إسرائيل. غير أن الأستاذ الجامعي الإسرائيلي، آشير أريـان، أكد أن هذا النمط من التفكير لدى الإسرائيليين ليس جديدًا كل الجدة، فقد أظهر استطلاع عام 1991 من الفصيلة نفسها نسبة تأييد للترانسفير ضد الفلسطينيين ليست أقل كثيرًا، حيث أيّد 38 بالمئة من الإسرائيليين تطبيق الترانسفير ضد الفلسطينيين في الضفة والقطاع، وأيّد 24 بالمئة تطبيقه ضد الفلسطينيين في إسرائيل. ولفت إلى أن سبب ذلك راجع، في جانب ما، إلى تأصل فكرة الترانسفير في تفكير الحركة الصهيونية، كما في ممارساتها الميدانية.

كما يورد الذين يعزون معاودة طرح فكرة الترانسفير إلى الوقائع التي تلت الانتفاضة الفلسطينية، أن من مؤشرات الانزياح يمينًا دخول الحزب الإسرائيلي الذي يتبنى علنًا برنامج الترانسفير بزعامة الوزير المقتول رحبعام زئيفي كطرف فاعل في الائتلاف الحاكم الذي تزعمه أريئيل شارون عام 2001، ما أضفى شرعية علنية على هذا الموضوع.

غير أنّ زئيفي نفسه سبق له أن أكد أنه استقى فكرة الترانسفير من آباء الحركة الصهيونية. ففي واحد من مقالاته الكثيرة في هذا الشأن، وهو بعنوان "الترحيل من أجل السلام" والذي نشره في صحيفة "هآرتس" في 17 آب/ أغسطس 1988 كتب ما يلي: "صحيح أنني أؤيد الترانسفير بحق عرب الضفة الغربية وقطاع غزة إلى الدول العربية، لكنني لا أملك حق ابتكار هذه الفكرة، لأنني أخذتها من أساتذة الحركة الصهيونية وقادتها، مثل دافيد بن غوريون الذي قال من جملة أمور أخرى ’إن أي تشكيك من جانبنا في ضرورة ترحيل كهذا، وأي شك عندنا في إمكان تحقيقه، وأي تردّد من قبلنا في صوابه، قد يجعلنا نخسر فرصة تاريخية’ ("مذكرات دافيد بن غوريون"، المجلد الرابع، ص 299). كما أنني تعلمت هذا من بيرل كتسنلسون وآرثر روبين ويوسف فايتس وموشيه شاريت وآخرين".

وقبل أقوال زئيفي هذه بأكثر من ثمانية أعوام ألمح الوزير الإسرائيلي الأسبق والخبير الإستراتيجي أهارون ياريف إلى وجود "خطة جاهزة" في الأدراج الإسرائيلية الحكومية لترحيل 700 - 800 ألف عربي، حين "تنشأ الأوضاع الموضوعية لذلك"... وحرفيًا قال ياريف في محاضرة ألقاها في "الجامعة العبرية" في القدس، في 22 أيار/ مايو 1980 ما يلي: "هناك آراء تدعو إلى استغلال حالة الحرب من أجل ترحيل ما بين 700 و800 ألف عربي... ولم تتردد هذه الآراء على ألسنة المسؤولين فحسب، وإنما أيضًا أعدت الوسائل اللازمة لتنفيذها"!

وإذا كان اعتراف زئيفي السالف بأنّ فكرة الترانسفير ليست من بنات أفكاره غير بليغ بما فيه الكفاية لإثبات عمق تغلغل الفكرة ورسوخها في منبت رؤوس حكام إسرائيل الصهاينة، فإنّ إثبات ذلك يمكن أن نستقطره من نتاجات الوعي الجديد بحقيقة هذا الأمر، الذي يكتسب يومًا بعد يوم مناطق جديدة في أوساط مزيد من المؤرخين والباحثين اليهود.

ولئن كان هذا الكلام يريد النفاذ إلى أشياء محدّدة فإنه يريد، أكثر شيء، توكيد خلاصة فحواها أنّ التربة الإسرائيلية على صعيدي المسؤولين السياسيين والرأي العام الشعبي سواء بسواء، لديها من الجهوزية ما يكفي لتقبل فكرة الترانسفير وعدم مضادتها، وإن من الناحية الأخلاقية على الأقل.

هناك ميل عام لدى كثيرين في إسرائيل للترويج بأن سبب معاودة الحديث عن الترانسفير في الآونة الأخيرة يعود إلى ما يُسمى "الانزياح نحو اليمين" الذي شهده المجتمع الإسرائيلي منذ اندلاع الانتفاضة الفلسطينية الثانية في عام 2000 وما تسببت به من "عودة الصهيونية إلى ذاتها"


عند هذا الحدّ يكفي أن نستعيد، مرة أخرى، ما قاله زئيفي نفسه في هذا المضمار ضمن مقاله السالف ذكرها:

"[... ] لقد زعموا أنّ هذه الفكرة (الترانسفير) غير أخلاقية، وبرأيي أنه ليست هناك فكرة أكثر أخلاقية منها، لأنها تحول دون وقوع الحروب وتمنح شعب إسرائيل الحياة. وإذا كانت هذه الفكرة غير أخلاقية فإنّ الصهيونية كلها وتجسيدها خلال أكثر من مئة عام هما غير أخلاقيين. إنّ مشروع الاستيطان في أرض إسرائيل وحرب الاستقلال حافلان بعمليات ترحيل العرب من قراهم. فهل كان هذا أخلاقيًا ولم يعد كذلك الآن؟".

في التحصيل الأخير يمكن القول إن جذور الفكرة المذكورة أعلاه ليست في هوامش اليمين وإنما في القيادة السياسية في إسرائيل بما في ذلك خلال فترة حكم حزب مباي العمالي. فمثلًا، فور انتهاء حرب 1967 بادرت حكومة ليفي أشكول إلى وضع خطة وفّرت محفزات لعائلات وأفراد في مقابل هجرتهم من قطاع غزة، وأبقت في القطاع، على نحو مقصود، مستوى حياة منخفضًا ومستوى بطالة عاليًا.

ويلقي عدد من الوثائق الأرشيفية التي جرى الكشف عنها مؤخرًا الضوء على هذه السياسة التي تم التكتم عليها لعشرات الأعوام بوصفها "سِرّ دولة".

وآخر ما كتب حول هذه الوثائق هو المقال الذي نقدّم ترجمته هنا على حلقات، بقلم د. عُمري شيفر رفيف، وهو مؤرّخ للصراع الإسرائيلي الفلسطيني و"إسرائيل الحديثة". وهذا المقال هو فصل من كتاب بعنوان "غزة: موقعها وصورتها في الحيّز الإسرائيلي"، من تحرير: عمري بن يهودا ودوتان هليفي، والذي سيصدر قريبًا عن دار النشر "غاما". والكتاب، بحسب الناشر، عبارة عن مجموعة مقالات تعتبر الأولى من نوعها، وهي مخصصة لمدينة غزة والقطاع عمومًا وصورتهما في الثقافة والسياسة الإسرائيلية.

*****

زئيفي نفسه سبق له أن أكد أنه استقى فكرة الترانسفير من آباء الحركة الصهيونية


في آب/ أغسطس 2019، أعلنت وزيرة العدل (السابقة) في إسرائيل وعضو المجلس الوزاري المصغر للشؤون السياسية- الأمنية (الكابينيت) أييلت شاكيد (من حزب "يمينا" في ذلك الحين، وهو أحد أحزاب تيار الصهيونية الدينية)، أنها تدعم سياسة تشجيع الهجرة من قطاع غزة. فـ "هذه مصلحة إسرائيل وقسمٍ من سكان القطاع. يجب التخفيف عّمن يرغب بالهجرة من هنا"، كما شرحت الوزيرة (1).

جاءت أقوالها بعد يوم واحد فقط على تقارير في الصحافة الإسرائيلية - وفقًا لمصدر لم يعرّف عن هويته - بأن دولة إسرائيل أجرت اتصالات سرية مع دول أخرى بشأن اتفاق لنقل سكان من القطاع. بموجب تلك التقارير، وخاصة أنه لم يتم نفيها، بعد أن يتم التوصل إلى اتفاق مع دولة إضافية ستقوم إسرائيل بنقل حشود من سكان القطاع في حافلات باص إلى مطار سيتم بناؤه خصيصًا بمحاذاة القطاع، ومنه ستحلّق طائرات تنقل السكان إلى الدولة الجديدة.

إن تشجيع الهجرة هو اسم آخر لنشاط أطلق عليه في إسرائيل، على امتداد سنوات، "ترانسفير" أو "ترانسفير طوعي"، والذي تم نسبه على نحو أساسي إلى أجندات هوامش اليمين. ولكن، يبدو أن إعلان شاكيد كان خطوة غير مسبوقة في تحويل جهود تشجيع الهجرة الفلسطينية إلى قسم شرعي من نشاطات حكومةٍ في إسرائيل. ولكن، عمليًا، لم تكن هناك أي سابقة جوهرية بهذا الاقتراح. فالسياسة التي سعت شاكيد إلى الدفع قدمًا بها تردّد صدى لبّ السياسة الإسرائيلية الأولى في قطاع غزة فور حرب 1967: إعطاء محفزات إلى عائلات وأفراد في مقابل الهجرة من غزة إلى الضفة، وذلك من خلال تكريس مقصود لمستوى حياة منخفض وبطالة عالية في القطاع. وكان هدف الحكومة آنذاك برئاسة ليفي أشكول هو ضم القطاع إلى إسرائيل بعد تقليص عدد سكانه الذين سيتحولون إلى مواطني الدولة.

هذه السياسة تكاد لا تكون معروفة اليوم في صفوف الجمهور العام، لأنه تم التكتم عليها كسِرّ دولة؛ فعلى امتداد عقود طويلة اهتمت قوات الأمن بطمس أي ذكر لوجودها. في عام 2005، حين سئل عن الموضوع شلومو غزيت (لواء احتياط)، الذي كان منسق نشاطات الحكومة الأول في الأراضي المحتلة، أجاب: "إن من يتحدث عن هذا الأمر، يجب شنقه" (3). وفي عام 2014، حين دخلتُ للمرة الأولى إلى أرشيف الجيش الإسرائيلي للبحث عن توثيق لهذه السياسة، وجدت أن جميع وثائق الجيش ذات الصلة تم مسحها باللون الأسود، أو تم تصنيفها على أنها سرية. نتيجة لذلك، تسود اليوم في إسرائيل فكرة مفادها أنه لم تكن لدى إسرائيل في سنوات الستينيات سياسة بخصوص المناطق الجديدة التي تم احتلالها، وأنه خلافا لليوم، لم نعرف في ذلك الحين "ما الذي نريده".

ولكن على الرغم من جهود الدولة، ليس من السهل تمويه التاريخ. فمنذ ثمانينيات القرن العشرين الفائت بدأ صحافيون إسرائيليون بكشف أجزاء من هذه السياسة، أو على الأقل عن مجرد وجودها (4). وبدأ أرشيف الدولة، منذ ما يزيد عن عقد، بتحرير وثائق عالية القيمة حول الموضوع ومصدرها القيادة السياسية العليا في إسرائيل. وبالفعل، يبدو أن "التابو" الذي كان مفروضًا في هذا الشأن قد تآكل حتى في صفوف من يخدمون ومن خرجوا من صفوف قوات الأمن. ففي مقابلة أجريتها مع غزيت عام 2017، كان قد بدأ يتحدث بحريّة عن سياسة تشجيع الهجرة من القطاع، من دون أن يرى في نفسه خائنًا، مع أنه تعامل مع الموضوع بوصفه مجرد مشهد عابر عديم المعنى لم يتواصل لفترة طويلة (5). وقد حدثت شروخ حتى في سور أرشيف الجيش الإسرائيلي، المعروف بيده الخفيفة على استعمال ألوان المحو بالأسود، فبدأ بالاستجابة إلى قسم من طلباتي وكشف أجزاء من وثائق ذات صلة، حتى لو كان الأمر على نحو بطيء ظاهر.

تسود اليوم في إسرائيل فكرة مفادها أنه لم تكن لدى إسرائيل في سنوات الستينيات سياسة بخصوص المناطق الجديدة التي تم احتلالها، وأنه خلافا لليوم، لم نعرف في ذلك الحين "ما الذي نريده"

المصادر الأرشيفية من جلسات الحكومة والجيش والكنيست التي يعتمد عليها هذا المقال، تدلّ على أنه في البداية، بعد حرب 1967 وعلى امتداد عام منها على وجه التقريب، حاولت حكومة إسرائيل أن تقلص قدر الإمكان عدد العرب الذين يعيشون تحت سيطرتها في قطاع غزة، وعلى نحو خاص السكان من لاجئي عام 1948. لهذا الغرض، استخدمت الحكومة أدوات اقتصادية وليس وسائل عسكرية عنيفة. وحين تبيّن أن هذه المحاولة الأولية تقود إلى باب مسدود، بل حتى إنها تهدد مجرد بقاء حكم الاحتلال في القطاع، لأسباب سوف أتناولها لاحقًا، طرأ هناك تغيير حاد على أهداف إسرائيل فبدأت بالتركيز على إنتاج سيطرة مجدية وثابتة على السكان الفلسطينيين. وشجعت القيادة الإسرائيلية لهذا الغرض هجرة مجموعة اجتماعية معينة من بين السكان الفلسطينيين – الشباب المتعلم، الذي اعتبر بنظرها جمهورًا مُحرضًا ذا وعي سياسي عالٍ يصعّب تكريس منظومات السيطرة الإسرائيلية وتطويرها. كان لدى تلك الطبقة الاجتماعية أيضًا طموحات لتحصيل علمي ومهني، وهو ما كان خارج حدود القطاع الضيقة، ولذلك كان بالإمكان الدمج بين هذه الطموحات وبين رغبة إسرائيل في تشجيع هجرة هذه الطبقة. لقد أشار هذا التغيير في السياسة إلى تحوّل في فهم القيادة الإسرائيلية بالنسبة إلى قطاع غزة في غضون أقل من عامين: الأمل بدمج القطاع في دولة إسرائيل وتحويله إلى جزء لا يتجزأ منها بدأ يخفت ويغيب، واستبدلته رغبة في السيطرة على القطاع بوسائل عسكرية من دون حلّ مكانة القطاع السياسية.

مثلما سأبين هنا، فإن أول عامين من الاحتلال كشفا أمام الزعماء الإسرائيليين التوتر المتأصل بين الهدف الديموغرافي الإسرائيلي وبين الهدف الأمني والتوسعي على الأرض. كلما عملت الحكومة على تشجيع الهجرة من القطاع، راحت تهتز سيطرتها الأمنية، وكلما عملت على تعزيز سيطرتها الأمنية، اضطرت إلى التنازل عن طموحاتها الديموغرافية. وسيظل هذا التوتر يميز سيطرة إسرائيل على القطاع في العقود التالية، وإلى حد ما يمكن رؤية تأثير السياسة الإسرائيلية حتى في أيامنا الراهنة، على الرغم من التغيرات الكبرى التي أحدثتها اتفاقيات أوسلو (1993) وخطة الانفصال (2005). سوف أعود في نهاية المقال إلى مناقشة إسقاطات هذا التوتر على الواقع في القرن الحادي والعشرين، ولكن سنعود الآن إلى الأيام الأولى بعد حرب 1967.

لم يؤدّ اجتياح قوات الجيش الإسرائيلي قطاع غزة واحتلاله السريع في حزيران/ يونيو 1967 إلى خروج السكان منه

 
البحث الأول: حزيران/ يونيو 1967

بحثت إسرائيل تقليص عدد الفلسطينيين في قطاع غزة بعد أيام معدودة على انتهاء حرب 1967، وذلك ارتباطًا بالسؤال الأوسع: المستقبل السياسي للأراضي المحتلة. بتاريخ 14 حزيران/ يونيو 1967، صرّح وزير الخارجية أبا إيبان في لجنة الوزراء لشؤون الأمن أنه خلافًا لعام 1956، حيث أجبرت القوتان العظميان – الولايات المتحدة والاتحاد السوفياتي – إسرائيلَ على الانسحاب من قطاع غزة وشبه جزيرة سيناء إلى الحدود السابقة، ففي هذه المرة لم تطالب الولايات المتحدة إسرائيل بالانسحاب الفوري. فالأميركيون، كما شرح ايبان، توقعوا من إسرائيل البدء بمفاوضات سياسية مع الدول العربية على اتفاقيات سلام بعيدة المدى، واستخدام الأراضي المحتلة لهذا الغرض كورقة مساومة. إيبان أضاف شارحًا أن نظراءه الأميركيين شدّدوا أمامه على أن كل موقف سياسي تعرضه حكومة إسرائيل، سيكون مُلزَمًا بأن يتضمن حلا لمشكلة اللاجئين الفلسطينيين من عام 1948. وبما أن غالبية لاجئي 1948 الذين دخلوا عام 1967 تحت سيطرة إسرائيل يعيشون في قطاع غزة، فالعلاقة بين موقف إسرائيل بشأن القطاع وبين موقفها في مسألة اللاجئين كان واضحًا على نحو فوري لمتخذي القرارات في إسرائيل (6).

لقد مثلت قضية اللاجئين الفلسطينيين في مركز الصراع الإسرائيلي- العربي منذ اقتلاع نحو 700 ألف فلسطيني من بيوتهم وأراضيهم خلال حرب 1948. في الأعوام الأولى التالية للحرب بذلت الدبلوماسية الأميركية جهودا كبيرة من أجل حل مشكلة اللاجئين، والذين رأت واشنطن فيهم مصدرًا محتملًا لغليان سياسي، وبالتالي ثغرة لتسلل أفكار شيوعية إلى منطقة الشرق الأوسط. الحل الأساسي الذي اقترحه دبلوماسيون أميركيون في أواخر الأربعينيات وما بعد، كان توطين معظم اللاجئين مجددًا في الدول العربية وتوطين قسم قليل منهم في دولة إسرائيل. إن حلًا من هذا النوع كان يقوم على تجربة نقل السكان التي تمت في القرن العشرين، مثل تلك التي تمت بين تركيا واليونان بعد الحرب العالمية الأولى واعتبرت في المجتمع الدولي قصة نجاح. ولكن تم رفض هذه الفكرة من قبل إسرائيل وكذلك من قبل الدول العربية. فالدول العربية طالبت إسرائيل بعودة كل اللاجئين إلى وطنهم وفقًا للقرار 194 الصادر عن الجمعية العامة للأمم المتحدة، بينما رفضت إسرائيل أن تستقبل عددًا كبيرًا من اللاجئين لأنها كانت تطمح إلى ضمان غالبية يهودية صلبة في نطاق الدولة ولأنها كانت تخشى من "طابور خامس" يهدّد أمنها من الداخل (7).

تواصل رفض دولة إسرائيل الموقف الأميركي لمدة 19 عامًا، إلى أن فقد الموقف من قيمته مع سيطرة قوات الجيش الإسرائيلي على أراضي الضفة الغربية وقطاع غزة، والتي كان يعيش فيها نحو مليون فلسطيني ربعهم تقريبًا كانوا لاجئين. وفي حين أن مخيمات اللاجئين لم تكن خلف حدود دولة إسرائيل بل ضمن سيطرتها، فإن المنطق خلف الخطط الأميركية القديمة اندمج على نحو مفاجئ مع طموحات دولة إسرائيل، لأنه حتى لو وافقت إسرائيل على إعادة توطين قسم من اللاجئين في نطاقها، فإن توطين معظم اللاجئين في الدول العربية كان متوقعًا له أن يقلل على نحو ملحوظ من عدد الفلسطينيين الخاضعين لسيطرتها.

في أعقاب بلاغ وزير الخارجية إيبان في 14 حزيران/ يونيو، انشغلت الحكومة في الأيام التالية لذلك في بلورة موقفها بالنسبة للأراضي المحتلة ومسألة اللاجئين. وفهم الوزراء أن كل موقف يتوصلون إليه سيكون ملزمًا بتمثيل المصالح الأمنية، الجغرافية والديموغرافية لإسرائيل على أفضل نحو، وفي الوقت نفسه يجب أن يحظى بدعم الولايات المتحدة.

خلافًا للجدل الطويل الذي تطور بشأن المستقبل السياسي للضفة الغربية، فإن مسألة مستقبل قطاع غزة حظيت بإجماع من أقصى الحكومة إلى أقصاها. فقد وافق جميع الوزراء على أن القطاع سيظل تحت سيطرة إسرائيل إلى أن يتم ضمه إلى إسرائيل بشكل رسمي. ويبدو أن ادعاء الملكية الإسرائيلية للقطاع نبع بالأساس من أن القطاع كان مشمولًا في حدود أرض إسرائيل- فلسطين الانتدابية، ولأنه لم تدّع أي دولة أخرى السيادة عليه، بما في ذلك مصر التي كان ضمن سيطرتها على امتداد 19 عامًا تحت حكم عسكري.

لكن الحكومة التي قررت ضم القدس الشرقية، امتنعت عن قرارٍ بضم فوري للقطاع لأنها كانت تخشى من منح المواطنة لسكان القطاع الـ 400 ألف، ونصفهم لاجئون من عام 1948. كان الاعتقاد السائد في الحكومة أنه يتوقع لهذا الوضع الديموغرافي أن يتغير بسرعة. كانت الفرضية أنه من المعقول جدًا أن الهزيمة العربية، الانتصار الإسرائيلي والضغط الأميركي سيقود إلى اتفاقيات سياسية يتم في إطارها نقل جميع اللاجئين من قطاع غزة إلى إعادة التوطين. وبانتظار هذه الاتفاقيات راحت الحكومة تتخيّل كيف ستتمكن إسرائيل، في المستقبل المنظور، من ضم القطاع بدون نحو نصف سكانه. كذلك، رأى العديد من الوزراء في هذا الأمر الحلَّ الأكثر أخلاقية. لقد أعطتهم إعادة توطين اللاجئين إمكانية لوضع حدّ لأزمة إنسانية وضعتها أمامهم قضية اللاجئين (8).

ألمح الوزير الإسرائيلي الأسبق والخبير الإستراتيجي أهارون ياريف إلى وجود "خطة جاهزة" في الأدراج الإسرائيلية الحكومية لترحيل 700 - 800 ألف عربي


الخلاف الذي نشب في الحكومة بشأن مسألة اللاجئين لم يمس سؤال ما إذا كانت إسرائيل ستشارك في حل إعادة التوطين – فحصّتها في هذا الشأن كانت واضحة مسبقًا بشكل ضمني لمتخذي القرارات – بل كان السؤال أين يمكن أن تعيد توطين القسم النسبي من اللاجئين مثلما سيفرضه عليها اتفاق مستقبلي؟ كان البديلان الأساسيان اللذان تم اقتراحهما في الحكومة، الضفة الغربية ومنطقة العريش في شبه جزيرة سيناء. كان رئيس الحكومة أشكول هو الداعم الأبرز للبديل المتمثل في الضفة الغربية. فقد كان مؤمنًا بأن اللاجئين لن يشكلوا هناك مشكلة ديموغرافية لإسرائيل، لأنه سيكون بالإمكان إقامة مقاطعة أوتونومية في الجزء الشمالي من الضفة. والأهم من ذلك، وفقًا لمنطق أشكول، أنه توفرت الظروف الضرورية لنجاح خطة إعادة التوطين: الأرض، الماء والأموال. فقد قدّر أنه يوجد في الضفة الغربية ما يكفي من أراض خالية لبناء بلدات جديدة فيها، وما يكفي من مصادر المياه القريبة وما يكفي من إمكانيات لتجنيد رأسمال دولي لتطوير الإسكان، البنى المدنية وأماكن العمل (9). كان أبرز مؤيدي البديل المتمثل في العريش الوزير يغئال ألون، الذي فضّل أن تتم إعادة التوطين خارج نطاق "أرض إسرائيل (فلسطين) الانتدابية" (10). لم يبدِ وزراء الحكومة خلال الجلسات حول الموضوع أي اهتمام برأي اللاجئين أنفسهم. ألون، على سبيل المثال، قال جازمًا بأن اللاجئين من "البراكيات البائسة" سيقبلون بسعادة خبر أن إسرائيل تنوي توطينهم في "مراكز سكانية جميلة" (11). لم يخطر ببال أيٍّ من أعضاء الحكومة أن اللاجئين قد يرفضون إرسالهم إلى الضفة أو إلى العريش، والتي كانت في هذه الأثناء تحت سيطرة إسرائيلية، ولا إلى الدول العربية أيضًا.

بالإضافة إلى فكرة إعادة التوطين، تم في تلك الجلسات أيضًا بحث سياسات تشجيع الهجرة لغرض خفض عدد اللاجئين في القطاع – في موازاة جهود إعادة التوطين، وليس بدلًا منها. وطبقًا للفهم الذي ساد بين أعضاء الحكومة، خلافًا لخطط إعادة التوطين التي تم توجيهها إلى مجموعات كاملة، فإن خطة جيدة لتشجيع الهجرة كان من شأنها الاعتماد على تلبية طموحات أفراد بالنجاة من ظروف الحياة القاسية وتحسين وضعهم المادي. كان الوزراء في إسرائيل يؤمنون بأن الهجرة إلى بلاد عديدة الفرص الاقتصادية كان البديل الأفضل بالنسبة للقطاع، وأنه يشكل الإمكانية الأفضل للمصلحة الديموغرافية الإسرائيلية. والبلاد التي ذكرت على نحو حثيث لغايات الهجرة كانت دول الخليج، الكويت مثلًا، التي دخل اليها بالفعل فلسطينيون كثيرون بهدف العمل في الخمسينيات والستينيات، وكذلك "دول تستوعب الهجرة" خلف البحار ومنها البرازيل، كندا وأستراليا. وهكذا مثلًا روى وزير التجارة والصناعة، زئيف شارف، في جلسة الحكومة أنه تم في البرازيل استيعاب ألوف مهاجري العمل من اليابان في السنوات العشر الأخيرة وتساءل "لماذا لا يستوعبون عربًا أيضًا" (12). والكثير من أعضاء الحكومة تحدثوا بشكل ضبابي غامض حول سياسة تشجيع الهجرة، وأعلنوا في أحيان متقاربة أنه من المهم تشجيع "هجرة من غزة" أو "هجرة عرب" من دون توضيح ما إذا كانوا يقصدون اللاجئين سكان القطاع أو الفلسطينيين بشكل عام.

بدايات "سياسة تشجيع الهجرة"

لم يؤدّ اجتياح قوات الجيش الإسرائيلي قطاع غزة واحتلاله السريع في حزيران/يونيو 1967 إلى خروج السكان منه. السبب في ذلك كان بسيطًا: سواء كان السكان في القطاع معنيين بالفرار أم لا، فهم لم يتمكنوا من فعل ذلك، لأنهم ببساطة كانوا محاطين بقوات إسرائيلية من جميع الجهات، حين اندفعت إلى شبه جزيرة سيناء من أجل تدمير الجيش المصري (13). للمقارنة، قطع نحو 200 ألف نسمة في الضفة الغربية نهر الأردن شرقًا نتيجة للحرب بين حزيران/ يونيو وآب/ أغسطس 1967 (14).

علاوة على ذلك، حين انتهت الحرب لم تسارع الحكومة أيضًا إلى الضغط على السكان للخروج من القطاع، لأنها افترضت بأن نقل السكان لإعادة التوطين ستتم قريبًا. ولكن كلما مرت الأسابيع بدأت هذه الآمال بالتبدّد، وتحوّل تشجيع الهجرة من القطاع إلى سياسة تبنتها السلطة.

أولى المبادرات لتشجيع السكان على الخروج من القطاع صاغها وزير الدفاع موشيه ديان في أواخر تموز/ يوليو 1967. وقد أمر ديان الحكم العسكري في قطاع غزة بإجراء رحلات منظمة للاجئين من القطاع إلى الضفة الغربية وعودةً إلى القطاع مجانًا وعلى نحو يومي. كان المنطق خلف ذلك هو فتح عيون اللاجئين من القطاع على مستوى الحياة في الضفة الغربية، والذي كان أعلى بكثير مما في غزة. كان الأمل، كما فسر ديان لوزراء الحكومة، أن يفهم أكبر عدد ممكن من اللاجئين في القطاع أن الانتقال إلى الضفة الغربية أفضل لهم ولأبناء عائلاتهم من الحياة عديمة الأفق الاقتصادي في غزة (15). كانت هذه المبادرة ضئيلة وغير جدية على نحو خاص، ولكن المنطق من خلفها قاد إلى خطوة أكثر طموحًا.

أولى المبادرات لتشجيع السكان على الخروج من القطاع صاغها وزير الدفاع موشيه ديان في أواخر تموز/ يوليو 1967


في أواخر آب/ أغسطس 1967 أمر ديان بالسماح لجميع السكان في قطاع غزة بحركة التنقل الحر إلى الضفة الغربية وعودةً للقطاع. حتى هذا القرار، على امتداد الأعوام الـ19 التي كان فيها القطاع تحت الحكم المصري، كان كل خروج منه مشروطا بتلقي تصريح من السلطة. قرار ديان مكّن للمرة الأولى منذ حرب 1948 كل شخص في القطاع من الخروج منه، بسيارة خاصة أو بالمواصلات العامة، بدون طلب أي تصريح من أي جهة كانت. وقد افترض أنه بعد أعوام طويلة من التقييدات سيستغل السكان الفرصة لأجل الخروج من المنطقة المغلقة، وكان يحدوه الأمل بأن قسمًا منهم سيواصل التحرك شرقًا إلى المملكة الأردنية. وكي يُظهر للحكومة أنه أصاب في قراره، روى ديان في جلسة الحكومة التي عقدت في 17 أيلول/ سبتمبر أن مزارعًا واحدًا من غور الأردن قرر أن يشغّل 4 معطلين عن العمل من القطاع، وصلوا إليه بفضل تصريح التنقل الحر الجديد. وبما أن احتمالات المعطلين عن العمل للعثور على مصدر رزق في القطاع كانت ضئيلة، فإن هذا الانتقال كان الفعل الأكثر منطقيًا بالنسبة له. كان تشغيلهم أيضًا القرار الأكثر منطقية بالنسبة للمزارع نفسه لأنه كان هناك نقص شديد في عمال الأرض في غور الأردن. في النهاية، روى ديان متفاخرًا، أنه بعد عدة أيام من العمل الشاق في الأرض انتقل جميع العمال إلى الأردن. رأى ديان في هذا المثال إشارة إلى حركة السكان المستقبلية (16)، وبالفعل فإن حشودًا من سكان القطاع سارعوا إلى استغلال الحق بالتنقل الحر الجديد إلى خارج القطاع.

كانت مبادرات ديان لتشجيع الهجرة أولية وارتجالية. وبدأ خبراء من وزارات الحكومة الإسرائيلية ببلورة خطة أكثر شمولية لتشجيع الهجرة خلال شهر أيلول/ سبتمبر 1967، في إطار لجنة المديرين العامين لوزارات الحكومة لمعالجة القضايا المدنية في المناطق المسيطر عليها – وهي هيئة أقامتها الحكومة فور انتهاء "حرب الأيام الستة".

على الرغم من أنه كانت في القطاع "عوامل دفع" كافية، فإن اللجنة اتخذت أيضًا عددًا من القرارات المركزة من أجل تشجيع الهجرة من هناك، وخصوصًا من مجموعة السكان اللاجئين

تم تكريس جلسة مقلصة للجنة، انضم إليها بشكل خاص مساعد وزير الدفاع لشؤون المناطق الجنرال تسفي تسور، ومنسق نشاطات الحكومة في المناطق شلومو غزيت، وضابط قوات الجيش الإسرائيلي في قطاع غزة مردخاي غور، لخطة دعيت بـ "نقل سكان من القطاع إلى الضفة". نجم عن هذه الجلسة نمط لتشجيع الهجرة بواسطة محفزات اقتصادية، كان يفترض أن ترافق سياسة السلطة الإسرائيلية في قطاع غزة في ذلك العام، واستند إلى نموذج الهجرة الكلاسيكي لعناصر الدفع والجذب. وفقًا لهذا النموذج، فإن الناس يهاجرون بسبب عوامل دفع في النقطة الأصلية، مثل عدم الاستقرار الأمني أو البطالة، أو بسبب عوامل جذب في نقطة الهدف، مثل أماكن العمل والاستقرار السياسي. بنظر المشاركين في الجلسة، كان مستوى الحياة المنخفض ومستوى البطالة العالي عوامل الدفع الأفضل من القطاع بينما مستوى الحياة العالي (نسبيًا) ومستوى البطالة المنخفض (نسبيًا) كان من شأنهما أن يشكلا عامل الجذب إلى الضفة الغربية. أعلن الجنرال غور خلال الجلسة أن الحكم العسكري في غزة سيهتم بأن يشعر رعاياه بعدم الأمل فيما يخص مستقبلهم الاقتصادي في القطاع (17). بما أن نسبة البطالة في القطاع كانت أصلا عالية جدًا وتجاوزت الـ 50%، لم يحتاج غور إلى إحداث تغيير حقيقي هناك. في الضفة الغربية مقابل ذلك، لم تكن عوامل الجذب طبيعية. صحيح أن مستوى الحياة المتوسط كان أعلى على نحو ملحوظ مما في القطاع، ولكن كانت نسبة البطالة فيها أيضًا نحو 20%. لذلك أعلن مركّز لجنة المديرين العامين، دان حيرام، أن السلطة مطالبة بوضع مبادرات لتطوير أماكن عمل جديدة. ونوّه المنسق غزيت بأنه "يجب خلق جو من التنقل السكاني" (18).

تواصل البحث في الجلسة التالية للهيئة المقلصة للجنة المديرين العامين، والتي عقدت في تاريخ 12 تشرين الأول/ أكتوبر وتناولت تفاصيل الخطة لنقل السكان. وتقرر تركيز مشاريع التشغيل في منطقة أريحا فقط وليس في سائر مناطق الضفة لأن هذه المنطقة كان فيها نقص في العمال؛ ولكن السبب الأهم كان قرب هذه المنطقة من الضفة الشرقية، على بعد كيلومترات معدودة من معبر أللنبي. فمن هناك، كما آمن الجنرال تسور، "سيكون من السهل الذهاب مشيًا شرقًا". وتقرر أيضًا تشغيل معطلين عن العمل من القطاع في نوعين من العمل الذي تتم المبادرة إليه: شق شارع جديد على طول البحر الميت، بين عين فشخة وعين جدي، وأعمال زراعية لم تحدد طبيعتها الدقيقة.

على الرغم من أنه كانت في القطاع "عوامل دفع" كافية، فإن اللجنة اتخذت أيضًا عددًا من القرارات المركزة من أجل تشجيع الهجرة من هناك، وخصوصًا من مجموعة السكان اللاجئين. وتم تحديد نوعين من المحفزات: منحة مالية لمرة واحدة بمبلغ 35 ليرة (ما يعادل 282 شيكلًا في عام 2021) من أجل "الترتيب الأولي" لكل واحد من سكان القطاع الذي يختار الخروج للعمل إلى الضفة، ووجبات غذائية تعادل قيمة الوجبات الغذائية المقدمة من وكالة الأونروا للاجئين الذين يغادرون مع أبناء عائلاتهم. وخروج عائلات اللاجئين بالكامل، كما شرح تسور، كان أفضل من خروج أفراد. حين يخرج لاجئ وحيد من مخيم لاجئين، فإن استحقاقه وجبة غذاء في المخيم لم تلغَ طالما تمكنت عائلته من أخذ ذلك الغذاء له. وهكذا تمكنت عائلة اللاجئ من الحفاظ على ارتباطها بالمخيم لفترة غير محدودة، على الرغم من أن اللاجئ نفسه لم يعد يسكن هناك. وطالما تم الحفاظ على هذا الرابط، فإن من يخرج من المخيم يمكنه أيضًا أن يعود إليه لأنه ما زال مشمولًا في قوائم الأونروا. عائلات المهاجرين، مثلما اقترح تسور، يمكنها أن تستقر في مخيمات اللاجئين في منطقة أريحا، وسيُضمن لها ألا يؤدي الانتقال إلى فقدانها حقوقًا، مثل الحق في وجبة غذاء (19).

(يتبع)...

هوامش:

 

[1] أخبار قناة التلفزة الإسرائيلية 12، "شاكيد: ’تشجيع هجرة سكان غزة – مصلحة إسرائيلية’"، N12, 20.8.2019.

[2] يائير شركي، "مسؤول سياسي: إسرائيل تعمل على تشجيع هجرة طوعية لسكان غزة"، N12, 19.8.2019.

[3] يوسي ميلمان وأفيفا لوري، "غزة: عملية الإخلاء الأولى"، هآرتس، 16.8.2005.

[4] أنظروا مثلًا: يوسي ميلمان ودنيئيل رفيف، "هذا تاريخ الترانسفير"، دفار، 29.2.1989. كان المؤرخ توم سيغف أول من عرض مصادر أرشيفية للمسألة. يُنظر توم سيغف، 1967: وغيّرت البلاد وجهها، القدس: كيتر، 2005.

[5] مقابلة مع شلومو غزيت، 5.11.2017.

[6] لجنة الوزراء لشؤون الأمن، 14.6.1967، أرشيف الدولة، ISA-PMO-MinisterialCommitteesSecurity-0013qq9.

[7] آفي شلايم، الجدار الحديدي: إسرائيل والعالم العربي، تل أبيب: مسكال، 2005؛ يعكوف طوبي، على عتبة بيتها: تبلور سياسة إسرائيل في مسألة اللاجئين الفلسطينيين، 1956–1948، بئر السبع: معهد بن غوريون لأبحاث إسرائيل والصهيونية، 2008; Peter L. Hahn, Caught in the Middle East: U.S. Policy Toward the Arab-Israeli Conflict, 1945–1961, Chapel Hill: University of North Carolina Press, 2004; Matthew Frank, Making Minorities History: Population Transfer in Twentieth-Century Europe, Oxford: Oxford University Press, 2017. يجب التذكير بأن إسرائيل أصرّت على رفضها السماح بعودة ولو لاجئ واحد إلى دولة إسرائيل، ما عدا موافقة لمرة واحدة ومؤقتة للحكومة عام 1949 على السماح بعودة 100 ألف لاجئ، وهو القرار الذي اتّخذ في إزاء المناقشات في مؤتمر لوزان.

[8] لجنة الوزراء لشؤون الأمن، 15.6.1967، أرشيف الدولة; جلسة حكومة، 18.6.1967، أرشيف الدولة; جلسة حكومة، 19.6.1967, أرشيف الدولة، ISA-PMO-GovernmentMeeting-0002ees.

[9] جلسة حكومة، 18.6.1967، أرشيف الدولة، ISA-PMO-GovernmentMeeting-0002ees.

[10] جلسة حكومة، 19.6.1967، أرشيف الدولة.

[11] المصدر نفسه.

[12] المصدر نفسه.

[13] لجنة الوزراء لشؤون الأمن، 6.6.1967، أرشيف الدولة.

[14] "هجرة من المناطق المسيطر عليها"، 31.8.1968، أرشيف الدولة، ح ص-4296/11.

[15] لجنة وزراء لشؤون العصيان، 29.7.1967، أرشيف الدولة، أ-7354/1.

[16] جلسة حكومة، 17.9.1967، أرشيف الدولة.

[17] وزارة الدفاع، لجنة المديرين العامين لمعالجة المسائل المدنية في المناطق التي يسيطر عليها الجيش الإسرائيلي، 28.9.1967. للاطلاع على الوثيقة يُنظر معهد عكيفوت، "لجنة المديرين العامين: البروتوكولات، 1967–1977"، 5.2017.

[18] المصدر نفسه.

[19] المصدر نفسه; دولة إسرائيل، وزارة الدفاع، لجنة المديرين العامين لمعالجة المسائل المدنية في المناطق التي يسيطر عليها الجيش الإسرائيلي، 28.9.1967، ص 199–200; 12.10.1967، ص206–207; لجنة وزراء لشؤون المناطق، 29.10.1967، أرشيف الدولة، أ-7354/2.

الدخول

سجل عن طريق

هل نسيت كلمة المرور؟

أدخل عنوان بريدك الإلكتروني المستخدم للتسجيل معنا و سنقوم بإرسال بريد إلكتروني يحتوي على رابط لإعادة ضبط كلمة المرور.

شكرا

الرجاء مراجعة بريدك الالكتروني. تمّ إرسال بريد إلكتروني يوضّح الخطوات اللّازمة لإنشاء كلمة المرور الجديدة.