}

في فينيسيا الـ81: افتتاح أميركي وتواصل العروض المُتنوعة

هنا/الآن في فينيسيا الـ81: افتتاح أميركي وتواصل العروض المُتنوعة
فريق فيلم "بيتلجوس"بيتلجوس" في افتتاح في مهرجان فينيسيا (28/8/2024/Getty)

انطلقت مساء يوم 28 أغسطس/ آب فعاليات الدورة الـ81 لـ"مهرجان فينيسيا السينمائي الدولي"، وذلك على مسرح صالة "غراندي" العريقة، التي تم تدشينها في ثلاثينيات القرن الماضي لتواكب عروض المهرجان. ومنذاك، والانطلاقة الرسمية للمهرجان واستعراض لجان التحكيم، وفيلم الافتتاح، وغيرها من الفعاليات، انتهاء بأغلب التكريمات وحفل توزيع الجوائز وفيلم الختام، تُعرض في قاعة غراندي.
على النحو المُعتاد سنويًا، مضت مراسم حفل الافتتاح على نحو تقليدي مُكثف، وبترتيب الفقرات المعهود نفسه منذ سنوات تقريبًا، باستثناء أن حفل افتتاح وختام هذا العام من تقديم الممثلة الإيطالية سفيفا ألفيتي. كما جرت الإشادة خلال حفل الافتتاح ببعض النجوم الراحلين مُؤخرًا، مع عرض صورهم على الشاشة، مثل آلان دولون، وجينا رولاندز. وأيضًا، تسليم النجمة سيغورني ويفر جائزة "الأسد الذهبي الفخري" لإنجاز الحياة، تقديرًا وتكريمًا لمسيرتها المهنية.

فيلم الافتتاح

سيغورني ويفر تحمل جائزة "الأسد الذهبي الفخري" لإنجاز الحياة في مهرجان فينيسيا السينمائي الدولي (28/ 8/ 2024/ Getty) 


بعد الحفل مُباشرة، افتتح المهرجان بالفيلم الأميركي "بيتلجوس، بيتلجوس" لتيم برتون، صاحب الرصيد الهائل من الأفلام الأميركية اللافتة والترشيحات والجوائز العديدة. في جديده، وهو الجزء الثاني لـ"بيتلجوس" (1988)، لم يستطع تيم برتون تجاوز شهرة وأهمية ونجاح الفيلم السابق، وما كان عليه من جدة وإثارة وتشويق.
إذ لم يفلح برتون في تقديم الإثارة والتشويق، أو الرعب، أو الفانتازيا، أو غيرها من الفنيات المهمة التي شاهدناها سابقًا في الجزء الأول. باستثناء، ربما، المُؤثرات الخاصة والتنفيذ التقني. لكن على المُستويات الفنية والجمالية والفكرية، أو غيرها المُرتبطة بهذه النوعية من الأفلام، فسوف يمر الفيلم مرور الكرام، من دون اهتمام، أو حتى ضجة عالمية، وبلا ترشيحات، أو فوز بجوائز "أوسكار"، كتلك التي كانت من نصيب الفيلم الأول.




المثير في الأمر أنه حتى الاستعانة بشخصيات وممثلين جدد، مثل مونيكا بيلوتشي في دور "دولوريس" حبيبة "بيتلجوس"، وويليام دافو في دور المحقق الشرطي "وولف"، وغيرهما، لم تضف للفيلم أي جديد، ولا لرصيد الممثلين أنفسهم. الأمر نفسه ينطبق على مستوى أبطال الفيلم القديم، مايكل كيتون، في دور الشبح "بيتلجوس"، وكاثرين أوهارا في دور الجدة مالكة المنزل، ووينونا رايدر ابنة كاثرين ومقدمة برامج الرعب والخوارق الشهيرة.
في الجزء الجديد، يدفع الفضول المراهقة أستريد (جينا أورتيغا)، ابنة وينونا رايدر، لاستكشاف ما هو مُخبأ، أو مخفي، في علية، أو سقيفة، المنزل، ما يؤدي إلى عودة الشبح بيتلجوس إلى الحياة مُجددًا، لينطلق في مُغامرات تقلب حياة العائلة، وحتى عالم الأموات، رأسًا على عقب، لتنتهي الأمور بنهاية سعيدة مرضية للجميع.

أفلام معروضة

لقطة من فيلم "ساحة المعركة" للإيطالي جياني أميليو 


يلاحظ على تشكيلة أفلام المهرجان، حتى الآن، عدم الغرق في الفني والشكلي، أو حضور ما هو جديد على مختلف المستويات. إذ نعاين الصراعات والمشاكل النفسية والاجتماعية والجنسية، ومشاكل المراهقة والبلوغ، أكثر من غيرها. في الوقت نفسه، يلقي الحاضر ببعض ظلاله من دون شك، إذ تتناول بعض الأفلام الأزمتين الجيوسياسيتين الرئيسيتين الآنيتين. ثمة وثائقيات عن الصراع بين روسيا وأوكرانيا، "الروس في الحرب" للروسية المنفية أنستازيا تروفيموفا، و"أغاني الأرض المحترقة ببطء" للأوكرانية أولها زوربا. وهنالك إسرائيلية وفلسطينية تعكس تناقضات الصراع. صحيح أنه ليس هناك ما يُعرض عن المجازر الدائرة في غزة، لكن للإسرائيلي داني روزنبرغ يُعرض "الكلاب والرجال"، ويلامس موضوعه ما حدث، لكن من بعيد، وبنظرة غير مُحايدة. هنالك "إجازات سعيدة" لإسكندر قبطي، حول نوع آخر من الصراع بين ثقافتين غير قادرتين على التصالح والتسامح حتى عندما يتعلق الأمر بثقل تقاليد الأعراف الاجتماعية، سواء الفلسطينية، أو الإسرائيلية.
مواجهة الماضي السياسي الإيطالي، أو التاريخ الإيطالي المعاصر، حاضرة على نحو بارز في أكثر من فيلم. إذ تناول الحرب العالمية الأولى فيلم "ساحة المعركة" لجياني أميليو، والمآسي التي تعرض لها الجنود الشباب جراء الحرب والتجنيد الإجباري. منها أيضًا عن بينيتو موسوليني، مُسلسل "ميم. ابن القرن" للبريطاني جو رايت، الذي يروي صعود بينيتو موسوليني إلى السلطة في مُحاولة لتذكير إيطاليا اليمينية الآن بماضيها الفاشي المظلم، والمخيم على الحاضر بثقله المرعب...

أنجلينا جولي تجسد شخصية ماريا كالاس في فيلم "ماريا" للتشيلي بابلو لارين


من بين أبرز ما عرض "ماريا" للتشيلي بابلو لارين، بطولة النجمة أنجلينا جولي. وتتناول أحداثه الأيام الأخيرة لمُغنية الأوبرا اليونانية الأسطورية ماريا كالاس، بينما كانت تصارع المرض. تساءلنا من قبل إن كان بابلو لارين وأنجلينا جولي سينجحان معًا في إقناعنا بشخصية ماريا كالاس الأسطورية، صاحبة الشخصية الكاريزمية العنيدة؟ النتيجة الإجمالية، بعد المشاهدة، تؤكد إخفاق جولي، رغم امتلاكها للشخصية وإقناعنا بها خلال بعض فترات الفيلم، وإن هربت منها وضاعت منها الشخصية في أوقات كثيرة. لكن، في النهاية، الفيلم من أفضل أفلام السير التي أنجزها لارين مؤخرًا.
من ناحية أخرى، عرض الفيلم النفسي الاجتماعي "بيبي غيرل" للمُخرجة الهولندية هالينا راين، بطولة نيكول كيدمان، وأنطونيو بانديراس. ورغم الضجة الكبيرة التي سبقت هذا الفيلم، والحديث عن أداء نيكول كيدمان الجريء جنسيًا في ما يتعلق بإغوائها لأحد الشباب المتدربين المرشحين للعمل تحت إدارتها، إلا أن الفيلم مر مرور الكرام، ولم يكن فيه الجديد، أو المتميز، على مستوى الأداء، أو الموضوع، أو الشخصيات وسلوكياتها النفسية. أما الأسترالي جاستن كورزيل صاحب فيلم "الأوامر"، من بطولة جود لو، ونيكولاس هولت، فتناول قصة مهمة فعلًا، وإن كانت أحداثها الفعلية دارت خلال ثمانينيات القرن الماضي في أميركا، حول الجماعات المُسلحة أصحاب الآراء والنزعات الشديدة التطرف ضد المجتمع والدولة الأميركية، والمُعتنقة لأفكار التطهير والنقاء العرقيين.




أما الأبرز فنيًا في عروض المسابقة، حتى الآن، فكان فيلم المخرج الأرجنتيني لويس أورتيغا "اقتل الفارس". رغم بساطة قصة الفيلم، إلا أنه يتسم بالجدة والأصالة، والبعد عن التكرار، والكثير من الابتكار والإبداع، ومستوى سردي مختلف تمامًا تبنى أكثر لغة الصورة، وبالأساس، الحوارات القليلة، والأداء التمثيلي اللافت، وغيرها. وذلك لسرد أحداث قصة خيالية عن فارس أرجنتيني أسطوري، لكنه يعاني من أشكال الإدمان كافة، وبات عرضة لتدهور وحتى انحدار مستواه في السباقات، ما يضطر مافيا المسابقات والرهانات إلى إعادته إلى الطريق القويم بكل السبل الممكنة وغير الممكنة.
يذكر أن أغلب الأفلام المُنتظرة، مثل "الحجرة المجاورة"، للإسباني بيدرو ألمودوفار، و"جوكر: على حافة الجنون"، للأميركي تود فيليبس، و"غريب" للإيطالي لوكا غوادانينو، وغيرها، ستعرض تباعًا خلال النصف الثاني من المهرجان.

عربيًا
حتى الآن، لم يعرض عربيًا غير الوثائقي التونسي السوداني "سودان، تذكرنا"، أو "سودان، يا غالي"، للمخرجة الوثائقية والصحافية التونسية هند المدب. يرسم الفيلم صورة خلال أحداث الثورة الأخيرة في السودان ضد النظام العسكري، قبل الانقلاب، وذلك من خلال قصص خمسة من الشباب الثوار، نرى الأمور بأعينهم، وهم شجن، ومزمل، ومها، ورفيدة، وخطّاب، الذين يجمعون بين تعاطي السياسة وعشق الحرية والفن وكتابة الشعر، وغيرها.
كغيره من أفلام الثورة، التي رصدت بصدق فعاليات الثورة في البلاد العربية، أو ما يعرف بالربيع العربي، لم يخرج بناء الفيلم عن النمط نفسه تقريبًا، حيث الاستعانة باللقطات التسجيلية، وأغلبها جرى تصويره سرًا، ولقاءات متنوعة مع أبطال الفيلم، وغيرهم من أبناء الشعب والحشود الذين تواجدوا في الاعتصامات المتعددة، مرورًا بالمجازر والخطف والتنكيل، ومجزرة 3 يونيو/ حزيران 2019، والانقلاب العسكري في أكتوبر/ تشرين الأول 2021، وصولًا إلى بداية الحرب التي أجبرت أبطال الفيلم، وغيرهم، على اللجوء إلى المنفى.
أما بقية الأفلام العربية المشاركة في مسابقة "آفاق"، أو "كلاسيكيات فينيسيا"، أو في "امتداد آفاق"، أو "أسبوع النقاد"، فمن المنتظر أن تبدأ عروضها تباعًا بدءًا من يوم 4 سبتمبر/ أيلول، وحتى اليوم الأخير في المهرجان.

الدخول

سجل عن طريق

هل نسيت كلمة المرور؟

أدخل عنوان بريدك الإلكتروني المستخدم للتسجيل معنا و سنقوم بإرسال بريد إلكتروني يحتوي على رابط لإعادة ضبط كلمة المرور.

شكرا

الرجاء مراجعة بريدك الالكتروني. تمّ إرسال بريد إلكتروني يوضّح الخطوات اللّازمة لإنشاء كلمة المرور الجديدة.