لم تولد "منشورات دار الجمل" من فراغ، ولا من نزعة تجارية، وُلدت من "آلة كاتبة وعزلة تامة"، حوّلهما المعالي إلى نافذة صغيرة يطل بها على العالم ويُخرج منها ضوءاً عابراً للبلاد. الترجمة عند صاحب ديوان "أطياف هولدرلين" ليست خيانة، كما تقول المقولة الإيطالية، لأنها تُنجز على يدي شاعر متفرّد، إنه فعل إنساني أدبي تماماً وللكل "الحق في الغناء".
خالد المعالي المقيم "خارج ساعته" بين بيروت وألمانيا، أسّس "منشورات دار الجمل" في ألمانيا في عام 1983 وأصدر عنها مجلة فراديس ثم أسّس مجلة عيون في عام 1995، ونشر العديد من المجموعات الشعرية والنثرية آخرها "أعيش خارج ساعتي" في عام 2017، وترجم أعمالاً شعرية من الألمانية إلى العربية كما ترجم من العربية إلى الألمانية بالاشتراك مع آخرين لكل من بدر شاكر السيّاب، عبد الوهاب البياتي، أنسي الحاج، سركون بولص، محمود درويش، سيف الرحبي وآخرين كثر، وحاز العديد من الجوائز الأدبية في ألمانيا، كما حاز على جائزة الشارقة لأفضل ناشر في عام 1996، وتُرجمت بعض أعماله إلى عدد من اللغات منها الألمانية، الفارسية، الأيسلندية والبرتغالية. ويكتب بشكل مستمر في عدد من الصحف العربية والألمانية البارزة.
في مكتب الدار في بيروت التقيناه وكان لنا معه هذا الحوار وتأثر كثيراً خلاله حين سألناه عن علاقته بصديقه الشاعر سركون بولص، فكان و"كأنه يضرب الحياة بحجر".
دلالات الشعار
(*) "الجمل يمر والأفق يتحرك".. ما هي دلالات شعار "منشورات دار الجمل"؟
ـ السفر.. حين كنت صغيراً في القرية في العراق كنت أقرأ رواية صغيرة لمحمد زفزاف، هو يتحدّث عن المغرب والحياة الاجتماعية والثقافية آنذاك فيه، وكانت هذه القراءة تعطيني صورة أخرى، مشهداً آخر.
(*) عن نشأة "دار الجمل" قلت في عام 2017 "كل ما أملك آنذاك آلة كاتبة وعزلة تامة"، وهذا ما ينعكس أيضاً في كتاباتك، الاغتراب، اللاشيء، الوجود واللاجدوى، هل يحتاج خالد المعالي إلى العزلة ليكتب وليرى العالم كله من ثقب الباب؟
ـ الكتابة هي عمل فردي فكيف نستطيع أن نكتب ونحن في المعمعة، كاتب المعمعة هو الكاتب المتسلق، وكاتب العزلة هو الذي ينصت ويحاول أن يستعيد، أن ينصت بنفسه لتلك الأشياء القديمة، أن يُخرج الماء البارد من الأعماق.
(*) أنت شاعر لكنك مقلّ في نشر الشعر العربي وخصوصاً التجارب الشعرية الشابة، فهل هذا لعدم إيمان بها؟
ـ المطّلع على برنامج دار النشر يجد أني الأكثر اهتماماً بنشر الشعر القديم أو الجديد، المترجم أو المكتوب باللغات العربية، وبرنامج النشر الشعري لدى الناشر العربي اليوم يجب أن يعتمد على النوعية وليس الكمية. هناك الكثير من الناشرين العرب الذين ينشرون الكتب الشعرية الجديدة لكن بمقابل، وهذه عملية ليست مهنية وأنا كناشر أعتبر نفسي مهنياً ولا ألجأ لهذه الطريقة التي أعتبرها ضد عملية النشر بشكل عام وضد الشعر والثقافة.
(*) في حديث لك في 2011 تشبّه الواقع الثقافي العربي بالعراق وتقول "الثقافة العربية هي كالعيش في فقر مدقع بواقع ثقافي غني"، ما هي أسباب ذلك، وإن لم يكن علاج التحجّر العربي على أيدي المثقفين فمن أين سيأتي العلاج؟
ـ عملية تجديد الثقافة العربية تعتمد على خطوات عديدة وهذه الخطوات تبدأ من روضة الأطفال ولا تنتهي في الجامعة، ونحن أبعد الناس عن الاهتمام بالتعليم من الصغر حتى الكبر، فأغلب مستويات التعليم لا تساهم في تدريس الفلسفة أو علم الاجتماع في الثانويات، وأيضاً أغلب الجامعات لا تملك حوليات حقيقية، وبالتالي الحياة الثقافية لا يمكن أن نقول عنها إنها عرجاء وإنما بمصابة بكل أنواع التخلف البشري.
(*) يقول الكاتب النمساوي بيتر هاندكه الحائز على جائزة نوبل للآداب العام الماضي "إن بريشت كان يريد تغيير العالم لكننا لا يمكن من خلال الأدب تغيير العالم، يمكننا فقط إزاحة الأشياء السيئة"، الأدباء في بلادنا الذين سعوا إلى التغيير واجهوا السجن والمنفى ثم صمتوا حتى أنهم لم يستطيعوا أن يزيحوا الأشياء السيئة، فماذا تقول في ذلك؟
ــ الحياة الثقافية العربية سيئة ومشوهة وحتى منفاها مزوّر. وفيما يخص ما قاله هاندكه عن بريشت أو ما يمكن أن يؤديه هاندكه فهو أمر نسبي ونحن أبعد ما نكون عن القيام بهذا الدور كمثقفين عرب لأن الحياة الثقافية يجب أن تقوم على وجود مثقفين أحرار، ونحن للأسف لسنا نملك مجالاً كي نكون أحراراً، ولا يوجد نقد حرّ في الثقافة العربية، والصحافة التي كانت تقريباً شبه ميتة الآن، مع أنها لم تكن صحافة بالمعنى الذي نراه مثلاً في ألمانيا، وأهم الصحف العربية ما هي إلا دكاكين لجلب المال من هذا أو ذاك.
العراق اليوم هو نتاج الأمس وما قبل الأمس
(*) في قصيدة "ذكرى يوم قديم" تقول: "الكلمة التي جاءت/ شدّت بمعنى/ وكلما خاض الحرف درباً/ أعادوه إلينا/ وأجلسوه في الظلام/ لكنها ذكرى يوم قديم..". هل هو تصوير لاضطهاد الكتّاب والمفكرين خلال النصف الثاني من القرن الماضي، وكيف ترى العراق اليوم؟
ـ يشير هذا السؤال إلى أشياء عديدة، فالعراق اليوم هو نتاج عراق الأمس مثلما هو نتاج عراق ما قبل الأمس، لا يقولن أحد إن التغيير عام 2003 هو السبب فقط. في زمن البعث تمت عملية بربرة الشعب العراقي من خلال السعي إلى الحطّ من التعليم على كافة المستويات، وهذا خلق تربة صالحة لأي مجموعات جاهلة ستأتي فيما بعد وتتحكم بالأمور.
نستطيع أن نقارن مثلاً بألمانيا، فهناك عمليات تدمير للمجتمع الألماني لكن هذا المجتمع لديه إمكانيات هائلة لا يستطيع بربري مثل أدولف هتلر أن يقضي عليها تماماً، ونحن مجتمعات لا تعتمد التراكم الثقافي، حتى في اللغة العربية عملية تجديد اللغة العربية تقريباً شبه مستحيلة، في الترجمة، في تطوير التعليم الجامعي، في اعتماد البنى التحتية وتطويرها فترة بعد فترة على كافة الأصعدة سواءً كانت سياسية، اجتماعية، اقتصادية أو ثقافية.. هذه كلها غير موجودة. بسهولة استطاع حزب البعث أن يقضي على طبقات المجتمع، قضى على الطبقة الوسطى، وعادةً المجتمعات التي لا تحظى فيها الطبقة الوسطى بحضور كبير هي مجتمعات ضعيفة وسريعة العطب.
(*) هل هذا الجو القائم حينها هو الذي دفعك إلى الخروج من العراق نحو أوروبا؟
ـ خرجت عام 1978 لأني شاب وشاعر ولديّ أحلام بالتمرّد والسفر، وأيضاً في تلك الفترة كانت هيمنة شاملة تقريباً لحزب البعث والذي يريد أن يعمل شيئاً في الحياة في تلك الفترة عليه أن يكون مع حزب البعث والذي لا يريد ذلك سيعيش التهميش والسجن أو القتل، وكنت مثل أي شاب آخر أحلمُ بحياة أخرى، ونجحت في الهروب من هذه المأساة.
(*) تجربتك هذه مع المنفى تتشابه مع تجارب عدد من الشعراء العراقيين الذين خرجوا ولم يعودوا إلى العراق، فكيف تراها؟
ـ كنا أقلية، مجموعة شباب، كنا نعيش وسط غابة هي الثقافة العربية المزعومة وهي ثقافة مزيفة قامت على الارتزاق، حين نضبت ينابيع الارتزاق اختفت وكأنها لم تكن، كأنها مجموعة من الثعالب التي تجمعت وعلا صراخها لفترة قصيرة واختفت، هذه الثقافة لا تستطيع أن تخلق حياة أو تعكس تجربة، والذي يعكس التجربة هو المثقف الغريب حسب تعبير سركون وعليه أن يتحمل كل لعنات التخلف والفشل في الثقافة العربية، عليه أن يبذل جهداً جباراً كي يستطيع التعبير وربما البقاء حياً.
(*) متى يتحرّر الشاعر من أسره، من ذاكرته ومن وطنه؟
ـ حينما يستطيع أن يعبّر عنها.
(*) يقول سركون بولص في أحد حواراته في عام 1996 "على الشاعر أن يكون غريباً دائماً، لا ذاك الذي يعاني ويتشكّى بل الذي اختار الغربة اختياراً ومسلكاً خفياً"، ثمة انسجام نفسي وشعري بينكما، ماذا ترك سركون بولص فيك؟
ـ هو كان نموذج الشاعر الذي أطمح لأن أخطو خطوات قريبة منه، كان المعلم...
(*) كان لبنان البلد العربي الأكثر حرية في الستينيات والسبعينيات حتى أنه شكّل حلماً لعديد من المثقفين العرب، الآن فقدت بيروت الكثير منها وخسرت محبيها بالتتابع، هل لا تزال تعتبر أن خيار إقامتك فيها هو الأفضل؟
ــ حتى الآن لا يمكنني الا أن أؤكّد هذا الأمر ورغم كل التغيّرات التي تعرّضت لها بيروت لكني أجد الإقامة فيها هي الأفضل من البلدان الأخرى. بيروت أعطتني نوعاً من الحرية. هناك إمكانية لإنتاج الكتاب، هناك حضور صحافي كبير. لكن هذا اختفى للأسف الآن، وهناك شحّ في الحضور الثقافي تقريباً، وأصبحت الحياة أكثر صعوبة، هناك ألم كبير بسبب الفقدان، ليس فقدان الأصدقاء بل فقدان الحضور الثقافي مهما كان بسيطاً أو هامشياً.
الناشر والشاعر
(*) الناشر والشاعر ربما لا يلتقيان لكنهما تقاسما خالد المعالي. الناشر يدخل في حسابات الربح والخسارة وهو ما لا يشبه الشاعر الذي بدأ فيك أولاً.. أين يتجاوز أحدهما الآخر وكيف يلتقيان، وهل يمكن أن نعتبر نجاحك في تجربة النشر نتيجة حتمية لكون الشاعر فيك يتدخل مع الناشر في اختيار الكتب؟
ـ لا يمكنني فصل هذا عن ذاك، تجربتي في النشر قائمة على أني أنشر الكتب التي أحب أنا نفسي على الأغلب قراءتها وبالتالي أحب أن أشارك الآخرين قراءتها، وعملية النشر هي عملية تجارية ويجب أن تكون تجارية وأي فشل في هذا سيؤدي إلى عواقب وخيمة. أكيد أثّرت عملية قيامي بالنشر سلباً على عملي الشعري الخاص ربما لأن لا أحد ينظر إليّ اليوم باعتباري شاعراً وتناسى هذا الأمر، وهذا لا يهمني، فقد بدأت أتجنّب قطعان الشعراء الذين يشيعون في المؤتمرات ومعارض الكتب، فالشعر في مكان آخر، الشعر ليس في الاستعراض وإنما في الإنصات وفي الكتابة الحقيقية، في أن نقول فعلاً شيئاً جديداً عشناه بكل جوانبه.
(*) ما الذي يدفعك لنشر كتاب أو عدم نشره؟
ـ أستطيع أن أجيب باختصار أن الجميع قادر على الغناء، ولكن النشر يجب أن يعتمد على المستوى، وهل ما أنشره يشكل إضافة للقارئ؟ هناك كتب لا أنشرها قد تكون جيدة لكن ذات اليد قد تقول نعم أو لا. أحاول أن أنشر الكتب التي أعتقد أنها كتب حية.
(*) تخصّص الدول الأوروبية والأميركية ميزانيات مهمة لنقل أدبها إلى لغات العالم بينما نشهد أن الدول العربية بعيدة كل البعد عن الترجمات المنهجية للانتاجات الأدبية العربية، كيف ترى الأمر؟
ــ العرب ليسوا فقط بعيدين عن الترجمة المنهجية، هم بعيدون عن أي ترجمة.
في عام 2004 عقد معرض فرانكفورت للكتاب العزم على استضافة الثقافة العربية وتفضّلت جامعة الدول العربية بتخصيص أربعة ملايين دولار من أجل إسناد هذه الفعالية وإسناد الترجمات، ومرّ ذلك العام وأثيرت من خلاله نقاشات كثيرة، ولكن لم يُنشر أي كتاب واحد بتمويل من جهة عربية، والميزانية التي خُصّصت ساهمت في أن يتراجع بيع الكتب العربية المترجمة إلى الألمانية 50% بعد عام على هذه الاستضافة، أي أننا ندفع مبالغ طائلة من أجل عرقلة التلاقح الثقافي مع الآخرين.
(*) لماذا حدث ذلك؟
ـ هناك تفاصيل كثيرة لا أحب الدخول فيها لكن أقول باختصار إن المسؤولين عن ذلك كانوا موظفي دولة لا علاقة لهم بالثقافة، النشاطات الثقافية ساهمت فيها ألمانيا أكثر من أي جهة عربية أخرى، وأيضاً هناك الأنوات الثقافية المتضخمة، ولا يوجد في الثقافة القائمة أن نحضر جميعاً، النجم الساطع واللامع والنجم الصغير، الثقافة العربية قائمة على الزعامة. الثقافة هي إنتاج الجميع وليست إنتاج الدولة، وعلى المؤسسات الأهلية المستقلة أو شبه المستقلة رعاية الثقافة.
الترجمـة
(*) عند كتابتك "أطياف هولدرلين" كانت معرفتنا غير مكتملة عن هذا الشاعر والفيلسوف الذي اعتبره هايدغر "يمثّل التجسيد الأعلى لجوهر الشعر".. هل من مشروع قائم لترجمة أعماله الشعرية الكاملة؟
ـ كأنما تقرأين في خباياي، فأنا منذ سنوات أشتغل ولكنني لا أجرؤ على إعلان أي شيء عن هذا الموضوع. هولدرلين شاعر ممتاز وصعب ولكن للأسف حتى اليوم لا توجد ترجمة ولا لقصيدة واحدة يمكن أن يُقال عنها إنها ترجمة معقولة لهولدرلين باللغة العربية، يوجد ثلاث أو أربع ترجمات لكن لا علاقة لها بشعر هولدرلين، فهو شاعر صعب، وعسى أن يأتي ذلك اليوم الذي أنجح فيه أنا أو غيري في إنجاز ترجمة حقيقية لهولدرلين.
(*) اشتغالك على ترجمة الأدب العالمي يقدّم للكاتب العربي ما يلزمه في مسيرته الأدبية، هل تقول له في ذلك أنه لا يمكن أن تكون أديباً حقيقياً إلا إذا اطلعت على هذا الأدب قبل الشروع في الكتابة؟
ـ القراءة هي السفر وهي التلاقح والتواصل، ولاحقتني فكرة السفر حينما عشت في أوروبا لأني قرأت لهؤلاء الكتّاب أو بعضهم، إنها الإقامة بين ضفتين، أنا مثل صاحب عبّارة بين ضفتين أنقل الركاب من هذه الضفة إلى الأخرى وبالعكس أيضاً، مارست الترجمة بالاشتراك من العربية إلى الألمانية، ونشرت أكثر من عشرين كتاباً شعرياً باللغة الألمانية من الشعر العربي والمشروع ما زال مستمراً،
هذا من جانب، ومن جانب آخر على الكاتب أن يكون مطّلعاً على كل الآداب وبشكل خاص الآداب الخاصة بلغته، بدون هذا لا تقوم له قائمة لا من خلال قراءة الكتب المترجمة ولا المؤلفة باللغات الأخرى، نحن علينا كفلاحي ثقافة أن نهتم بالتربة الثقافية ونقدّم لها أكثر ما يمكن من المغذّيات الطبيعية ولكن ليس الاصطناعية، وكل كاتب لديه الخطة الخاصة به لكي يؤلف ولكي يعكس ولكي يرى، إذا كان هو لا يعرف كيف فعل الآخرون ذلك فكيف يستطيع أن يقدّم لنا شيئاً، أنا أقرأ أحياناً تصريحات لبعض الكتّاب بأنهم لم يتأثروا بأي أحد وهذه هي الطامة الكبرى.
(*) كان الأدب الغربي بمثابة المعلم الأول لرواد الحداثة الشعرية، هل يمكن أن نحكي عن تأثير عربي ممكن في الأدب الغربي يشبه تأثرّهم بألف ليلة وليلة؟
ـ هناك تأثير مسبق ولا يزال، التبادل الثقافي موجود، أحياناً تكون هناك هيمنة أو تأثير كبير. لو نقرأ الأدب البرازيلي في بداية القرن العشرين، مثلاً الكاتب ماشادو دي أسيس، نجد أن حضور الثقافة العربية كبير، حتى الملك البرازيلي في العشرينيات من القرن الماضي تعلم العربية وحاول أن يترجم ألف ليلة وليلة، والكثير من الكتّاب الألمان ما قبل الحرب العالمية الأولى اهتموا بالأدب العربي، وكان هناك حضور للثقافة العربية الإسلامية التركية الفارسية.
نحن علينا كفلاحي ثقافة أن نهتم بالتربة الثقافية ونقدّم لها أكثر ما يمكن من المغذّيات الطبيعية ولكن ليس الاصطناعية |
(*) يقول عباس بيضون "لعلّ من علائم القصيدة التي يشترك فيها خالد المعالي مع سركون بولص وفاضل العزّاوي وآخرين اللجوء إلى نثر سيّال يتصل من بعيد أو قريب بحياة صاحبه وبيئته التي تتوزّع بين العراق والمنفى.. إنها تمت هكذا إلى سيرة وسرديّات ولغة منحوتة، قصائد خالد تبدو وكأنها قريبة من السرد.. ما يحيلنا إلى ما يشبه الحكاية".. هذا البعد السردي هل سيحيلنا إلى أن نشهد كتابة رواية من جانبك؟
ـ هذه نفس فكرة هولدرلين، حاولت أن أكتب رواية منذ البداية لكني فشلت بها، من الكتّاب الذين قرأتهم وأثّروا في حياتي بشكل كبير الكاتب الإيرلندي جيمس جويس وهذا جعلني أحلم أن أكتب رواية مثلما كان يحلم، هو نوع من التقليد لكن هذا التقليد يأخذ أبعاداً أخرى كلما تقدمنا في العمر وكلما كانت التجارب كثيرة. بدأت بكتابة رواية منذ سنوات لكنها لحدّ الآن لم تنجز، فما من وقت كافٍ، تحتاج إلى العزلة، وأتمنى أن أنعزل كل صيف في جبل صنين وأنجز بعض الأعمال التي تحتاج إلى تركيز وإلى أيام طويلة.
(*) تحب أن تقيم في الجبال؟
ــ كلا، أنا صحراوي، لكنني أحب العزلة، حتى لو كانت في قمة جبل.