}

الخضر عبدالباقي محمد: أفريقيا واقعة تحت قبضة القوى الكبرى

أسماء الشرقي 30 نوفمبر 2021

 

البروفيسور الخضر عبد الباقي محمد من دولة نيجيريا هو مدير المركز النيجيري للبحوث العربية، وحاصل على الدكتوراه في الإعلام الدولي ومهتم بالعلاقات الثقافية بين العرب والأفارقة. تقلّد العديد من المهام ولا يزال، من بينها على سبيل الذكر لا الحصر: عضو وأمين عام مساعد لمنظمة الكتّاب الأفريقيين والآسيويين، المنسق العلمي لكرسي اليونسكو للإعلام المجتمعي في جامعة الإمام محمد بن سعود بالرياض، عضو الهيئة العلمية للملتقى العلمي: "نحو استراتيجية للأمن الفكري والثقافي في العالم الإسلامي". ألقى العديد من المحاضرات في جامعات ومراكز فكرية في كل من تونس، ليبيا، الجزائر، المغرب، سلطنة عمان، السودان، مصر، الأردن، فرنسا، وتايلند. له بحوث ودراسات منها المنشور ومنها غير المنشور الموثق في الجامعات، تجاوزت العشرين بحثًا. من مؤلفاته: معوقات ومقومات التكامل الأفريقي في المجال الإعلامي، صورة أفريقيا في الأدبيات المعاصرة، وصورة العرب لدى الأفارقة.

هنا حوار معه:

 

(*) أين تختار أن تضع نفسك؟ هل تحت أضواء الإعلام أم بين مجهر البحوث والدراسات الأكاديمية العربية؟

كانت تجربتي في الحقل الإعلامي هامة جدًا وثرية، خاصة في مجال الصحافة، من خلال تقديم بعض البرامج الإعلامية على مستوى الإذاعات المحلية وإن كانت في فترة مبكرة من حياتي العملية، لكن إثر ذلك استوقفني المجال الأكاديمي البحثي وهو المنحى العلمي الدقيق الذي من خلاله كنت أدرس في الجامعات وأقدم زبدة بحوثي إلى طلبة الاختصاص، وتبقى بحوثي الأكاديمية خير ملاذ فكري وأقرب طريق لخلفِيتي العلمية والمعرفية.

 

(*) أين يتراءى لك تقاطع الثقافي بالإعلامي؟ وهل من هدف واضح يجمع بينهما؟

هي قضية إشكالية أثيرت قديمًا ولا تزال محل بحث في وقتنا الحاضر، فالمثقف يتوجس خيفة من العمل الإعلامي الذي هو بمفهوم أداة السيطرة لتوجهات معينة، أو تحديدًا للعمل الإعلامي المؤدلج، وبالتالي  يظل هذا التخوف من المؤسسات الإعلامية رهين طبيعة العلاقة التي تجمع المثقف بالإعلامي، وإن كنت أرى حقيقة أنها علاقة تكاملية وضرورية لخدمة المشهد العام باعتبار أن الإعلام وسيلة لتبليغ مادة ثقافية وهي ضرورة تعكس مضمونًا ثقافيًا، فالثقافة هي الأساس وتأتي المؤسسة الإعلامية لتعمم هذه الثقافة على النطاق الأوسع حسب التقنية المتاحة للوسيلة .


(*)
إفريقيا قارة ما زالت تعاني التهميش رغم ما تزخر به من تاريخ إنساني ومعرفي ضارب في القدم.. كيف يستشرف الدكتور الخضر مستقبل قارتنا؟

نعم هناك محاولات لتهميش أفريقيا، ولكن صراحة لو كانت من دون تدخل خارجي لنهضت أفريقيا ونفضت عنها غبار التهميش بسواعد أبنائها، إنما نحن أمام محاولة استدمار لثرواتنا. فلو تركت أفريقيا دون تدخلات لعرفت نهضتها وصارت غير القارة التي نراها الآن، فهي لا زالت تحت قبضة القوى الكبرى سواء الإنكليفونية، بشقيها القديم البريطاني أو الأميركي حاليًا، أو الفرنكوفونية، ناهيك عن الدول الجديدة التي دخلت على الخط للسيطرة على مقدّراتنا على غرار الصين وكوريا واليابان وجهات أخرى جعلت من أفريقيا مسرحًا لمخططاتها السياسية والاقتصادية. وبمرارة أقول إن العقلية الأفريقية في شق منها باتت مستعدة لتقبل الإملاءات الخارجية واستعمارها سواء من الشرق أو من الغرب لأن هناك شعورًا بالنقص والاتكالية على الآخر. نحن نحتاج إلى ثلاثة مستويات من الصحوة: صحوة النخبة، فالشباب ثم العامة، وهي آخر مرحلة للتتويج الذي سيعيشه فجر أفريقيا الجديد.

 

(*) هل من خلال تضييق مجالات استعمال لغة الضاد وإدماجها في العلوم الحديثة ثمة إعلان حرب تحت الرماد ضد الإسلام والمعتقدات؟

أبشرك أن لغة الضاد في دول جنوب الصحراء بخير بعد موجة الديمقراطية التي اجتاحت بعض البلدان الأفريقية المختلفة، وإن كانت الوضعية تحتاج إلى التحسين والتطوير إذا ما اعتبرنا أن اللغة العربية لم تتخذ الفرص التي تستحقها. أمّا التضييق، فقد كان في فترة من الفترات قبل الألفية الجديدة، حيث كان هناك تهميش للغة العربية وللمستعربين المثقفين الأفارقة ومحاربتهم في الساحة. أما إجابة الشق المتعلق بالحرب ضد الإسلام فإننا إن وضعنا اللغة العربية تحت ستار الطائفية فهي في مأزق، وإذا انزاحت اللغة عن سياقها العلمي الأكاديمي داخل إطار الدولة فستصبح في وسط صراع بين الديانتين الإسلامية والمسيحية، والمنطق الأسلم في هذه الوضعية أن تكون اللغة العربية ضمن السياقات الثقافية العالمية.

 



(*) نحن نعيش حالة من الفوضى على مستوى تحديد مفهوم المثقف خارج دائرة المعارف المتفق عليها.. ما رأيك؟

إنّ إشكال تحديد مفهوم المثقف هو إفراز للواقع غير المستقر وطبيعة المرحلة والتحولات التي نمر بها، فالمثقف صار جرّاء هذه التغيرات التاريخية والاجتماعية عبارة عن تمظهر ما.. فهو لغة في تمكّنه من مفاصلها، أو النافذ لمنصّات الإعلام، وهو كذلك القريب من السلطة، وبالتالي أصبح المثقف مفهومًا خاضعًا لمحددات غير ثابتة لا تنبع من طبيعة المضمون الذاتي له، والحال أن أصل المفهوم يجب أن يتعلق بما يتوفر فيه من فكر وثقافة ونضج في إدراكه لما هو حوله.

 

(*) "بوكو حرام" زاوية من نفق.. ما رأيك بذلك كإعلامي؟

"بوكو حرام" هي جماعة إرهابية ومتطرفة ولكنها لم تكن بهذا الشكل الذي نراه الآن، ولكن بسبب تأثيرات خارجية تطورت هذه الجماعة وخرجت عن السيطرة وأصبحت مطية للعديد من أحباب المآرب الذين لهم أجندات خاصة سواء على المستوى الوطني أو الإقليمي أو الدّولي، كلّ وجد في "بوكو حرام" مطية لتحقيق مآربه. وما رصدته كإعلامي ومن خلال ما قمنا به من دراسات حول هذا التنظيم يبين لنا أن "بوكو حرام" أصبحت خارج السيطرة بتحولها إلى فكر، ومحاربة هذا الفكر يتطلب وقتًا طويلًا.

 

(*) كيف ترى أفريقيا في عيون الغرب؟

هي صورة متباينة في عيون الغرب، لكن في مجملها هي صورة سلبية وإن كانت في بعض زواياها إيجابية أو محايدة، لكن الأخطر من ذلك أن هناك مجموعة محددة تسعى لأن ترسخ هذه الصورة المظلمة لأفريقيا وأن الأفارقة في حد ذاتهم ينقلونها مشوّهة ويظهرونها على شاشاتهم وصفحات كتبهم. حتى إن هناك أزمة ثقة بالنفس أو استنقاص للقدرات الأفريقية الثقافية والفكرية حتى من الدول الأفريقية العربية نفسها.

 

(*) ما مدى تأثر المشهد الثقافي النيجيري بوباء كورونا المستجد؟

تأثر المشهد النيجري بهذه الجائحة كغيره من المشاهد الدولية الأخرى، سواء على المستوى الصحي أو السياسي أو غيره من المستويات الأخرى، ولكن بصفة نسبية وأقل حدة مما نراه في الدول الأخرى، العربية منها والأوروبية. الحياة الثقافية مستمرة من حيث عقد الجلسات والمحاضرات والأمسيات، إلا أن جوهر التأثر برز في مضمون الكتابات الشعرية والأدبية، فوباء كورونا كانت متغلغلًا لغويًا في الخطاب الثقافي. 

 

(*) الخطاب الإسلامي وعلاقته بالإعلام من أهم المباحث التي تطرقت اليها في كتاباتك.. إلى أي مدى نجحت في ترسيخ ملامح هذه العلاقة المفصلية في المشهد العام؟

عكست التمظهرات الإسلامية عبر وسائل الإعلام حالة المسلمين بكل مآسيها وبكل إيجابياتها، لذلك وجدنا في وسائل الاعلام كل التطورات التي مر بها المسلمون من خلال علاقاتهم الداخلية أو إقليميًا. وهو خطاب جيد خاصة في الآونة الأخيرة مع الطفرة التي أحدثتها التقنية الحديثة ممثّلة في منصّات شبكات التواصل الاجتماعي المتنوعة والمتباينة في درجات الجودة والامتياز والتي ساعدتنا في تقييم علاقاتنا مع الآخر المسلم والمسيحي واليهودي وكذلك المسلم السنّي والشيعي وغيرهم من أبناء الطوائف الأخرى.

 

(*) مساحة حرة لقول ما لم أسأل عنه؟

ما أودّ قوله كمثقفين إننا أمة لها أخلاق وثوابت، تحتاج أن تعي دقة المرحلة التي تعيشها وهي مرحلة مختلفة عن المراحل السابقة من حيث التغيرات والتمظهرات الفكرية والتكنولوجية الجديدة، وبالتالي يجب أن تنعكس هذه المفاهيم الدقيقة في وجودنا وفي تعاطينا مع خطاباتنا مع أنفسنا والآخر.

  

مقالات اخرى للكاتب

شعر
25 أغسطس 2022
شعر
22 أبريل 2022
شعر
1 فبراير 2022
شعر
13 يناير 2022

الدخول

سجل عن طريق

هل نسيت كلمة المرور؟

أدخل عنوان بريدك الإلكتروني المستخدم للتسجيل معنا و سنقوم بإرسال بريد إلكتروني يحتوي على رابط لإعادة ضبط كلمة المرور.

شكرا

الرجاء مراجعة بريدك الالكتروني. تمّ إرسال بريد إلكتروني يوضّح الخطوات اللّازمة لإنشاء كلمة المرور الجديدة.