والشاطبي هو عضو اتحاد الأدباء والكتّاب اليمنيين منذ عام 1997. ترجمت له نصوص أدبية إلى الإنكليزية، كما ترجمت روايته "أنف واحدة لوطنين"، إلى الإسبانية من قبل دار بيروم للنشر- مدريد، 2016.
صدرت له مجموعتان قصصيتان: "الأنا السابعة" (2000)؛ "هي الأرض" (2006)، وسبع روايات: "كائنات خربة" (2002)؛ "للأمل مواسم أخرى" (2004)؛ "مذكرات مُولّد طيب" (2005)؛ "مشروع ابتسامة" (2012)؛ "أنف واحدة لوطنين" (2015)؛ "يا قمر قمّيرة" (2017)؛ "أرض العسل... وضائع في أثيوبيا". كما صدرت له أربعة كتب أخرى: "القضاء على العنف في اليمن" (2003)؛ "ببليوغرافيا النتاج السردي اليمني" (2007)؛ "دليل كتابة السيناريو الإذاعي" (2009)؛ "فنيات كتابة السيناريو الإذاعي" (2011). وكتب أيضًا سيناريو عدة أفلام وثائقية وحلقات من مسلسلات درامية يمنية.
هنا حوار معه:
(*) كيف وجدت نفسك في أثيوبيا؟
أي بلد فيه نهر وغابات فهو مرغوب، وأثيوبيا ليس بها نهر وغابات فقط، بل فيها منبع النيل. وأنتَ، كيمني، لك جذور عميقة في حبّ الفلاحة وزراعة الأرض، فمن الطبيعي أن تنظر إليها نظرة اشتياق... اخترتَ أثيوبيا لأسباب عدة: أولها أنها بعيدة عن الدول التي يتواجد فيها أطراف الصراع في بلدي اليمن، وثانيًا لأنه بالمقدور الوصول إليها، وثالثًا لأن بيننا وبينها روابط يطول شرحها هنا.
(*) وما الذي اكتشفته؟
هل تعلم بأن عدن والقاهرة لم تقدما شيئًا لحركات التحرر اليمني، بل إن أثيوبيا، وخاصة الجالية اليمنية الكبيرة فيها، هي من قدم الدعم الأكبر؟ هذه النتيجة قد تبدو غير مقنعة بدون تفاصيل وحقائق. لقد نشرتُ الكثير من هذه الحقائق التي تؤكد دور أثيوبيا الحيادي في دعم حركات التحرر اليمني، وسأواصل نشر بقية الوثائق.
وحقيقةً، أنا مستغرب كيف لأطراف الصراع المقيمة في الخارج أن تعمل على النهوض بالوطن وهي تعيش في الخارج وتحقق مكاسب شخصية، بينما جهودها تقتصر على بعض المنشورات والتغريدات عن الوطنية والتحرر والانتماء.
أثيوبيا ترتبط باليمن بعلاقات عميقة أبرزها علاقات صلة الرحم... في كل خطوة لك في أديس أبابا ومدن كنازريت وجيجيكا ستجد آثارهم.
"ضائعٌ في أثيوبيا"
(*) وهذا يقودنا للسؤال عن أحدث رواياتك: "أرض العسل... وضائع في أثيوبيا" (دار عناوين بوكس- القاهرة). ما الذي حملته متون هذه الرواية؟
الرواية سيرة موجزة لكل اليمنيين الذين هاجروا للاستقرار في أفريقيا... بدءا من ملكتنا بلقيس وحتى آخر واحد أظنه وصل مهاجرًا خلال كتابتي لأجوبة هذا الحوار... إن الإختلاف عميق وكبير بين أن تهاجر إلى بلد أفريقي وبين أن تهاجر إلى أوروبا مثلًا... فتحقيق الاستقرار في بلد أفريقي يعد معجزة مقارنة بالاستقرار في دول أوروبا الغنية... تبدأ الرواية بلجوء شاب يمني إلى أثيوبيا هربًا من الاحتراب في اليمن، وهنالك يقض مضجعه الحنين المتنامي إلى اليمن وناسها...
ولكن هذا الحنين الذي يستعر بداخل البطل لا تتضح ملامحه ويصير متشكلًا في حياته إلا بظهور الشخصية الهلامية لعبد الله الحضرمي والتي تمثل الصوت الداخلي لكل ضائع ولاجئ وهارب من وطنه اليمن... الصوت الذي يربط كل يمني باليمن... يذكره باليمن وبالحنين إليها وأهمية بذل ما يقدر عليه من أجل بلده... يخوض البطل صراعًا عنيفًا بين محاولات الغربة ابتلاعه ثقافيًا واجتماعيًا واقتصاديًا ومحاولات الحضرمي ربطه بشده إلى الوطن.... الإنسان لا يُنزع من غرسته، لأن جذور غرسته في أرض الوطن (اليمن) فإن نُزِع مات... إنّ خلاص المهاجر اليمني هو أن يظل مرتبطًا بوطنه وأن يعمل من أجل سلامه.
(*) قبل ذلك بسنوات، أنجزت وثائقيا عن اللاجئين الأثيوبيين في اليمن. حدثنا عن هذا الفيلم الوثائقي وظروف إنجازه؟
هذا الفيلم كان بدعم من الأمم المتحدة وكان عنوانه "رحلة قدم" وهو يحكي قصة محاولات الأفارقة، بشكل عام، الوصول إلى دول الخليج الغنية للعمل والاستقرار حيث يتطلب وصولهم المرور عبر اليمن وفي اليمن يواجهون بعض الصعاب... الفيلم يرصد هذه الصعاب بتتبع رحلة شخصيات أفريقية حقيقية من مدينة المخا وحتى الحدود اليمنية السعودية.
(*) وماذا عن المهاجرين اليمنيين في أثيوبيا، عمومًا؟
أول مهاجرة يمنية هي بالتأكيد وبحسب الوثائق التي لدى الإخوة الأثيوبيين الملكة اليمنية بلقيس وبالتأكيد خلال تلك المدة زهاء ثلاثة آلاف عام شهدت اليمن هجرات متتالية... العدد التقريبي للمهاجرين اليمنيين في أثيوبيا خلال الفترة (1900- 1950) زهاء أربعمائة ألف يمني، وفقًا للإحصائيات.
(*) على الصعيد الشخصي، ما هي حصيلة اكتشافاتك ومثاقفاتك في أثيوبيا، برغم حاجز اللغة؟
أقمت في أثيوبيا خمس سنوات وحاليًا لم أعد أقيم فيها... خلال هذه السنوات حاولت جاهدًا الإحتكاك بالمشهد الثقافي الأثيوبي... عملت في عدد من الصحف الأثيوبية الصادرة باللغة العربية ولكنني واجهت صعوبات جمة في الاحتكاك بالمشهد الثقافي لأن انتاجهم الأدبي يُكتب ويصدر باللغتين الإنكليزية والفرنسية غالبًا.
(*) كيف ترى إلى الرواية اليمنية التي تُكتب اليوم؟
يمكنني القول إن الرواية اليمنية التي تكتب الآن تقوم، إلى جانب كونها إنتاجا أدبيا خاصا، بدور المؤرخ.
(*) منذ روايتك الأولى "كائنات خربة" (2002) وحتى الرواية السابعة: "أرض العسل... وضائع في أثيوبيا"، أين تجد نفسك روائيًا؟
كتابة الرواية أمر أستغله لتحقيق مآرب شخصية أهمها أنني أنقل رسائل العالم المستضعف للقارئ، ولا أجدني روائيًا بالمعنى الرسمي أو التعريفي. أن تحمل هدفًا واضحًا وقضية واضحة المعالم فلن يهمك بعدها أن تجدك مصنفًا ضمن قائمة من الروائيين.
(*) مؤخرًا، برزت إلى الواجهة أكثر من مسابقة لتحفيز كتّاب الرواية في اليمن. كيف ترى إلى هذه الجوائز التي تأتي في ظل شتات ثقافي عام؟
المسابقات والجوائز هي محفزة للإبداع وقاتلة في نفس الوقت. لأنك حين تعلن عن مسابقة ما فإن الفائزين لا يزيدون عن ثلاثة من بين مائة رواية مشاركة وبالتأكيد الـ97 سيصابون بالإحباط خاصة من شاركوا بروايات جديرة بالفوز. لجان القراءة والحكم هي نوعًا ما لجان قديمة الطراز، كلاسيكية إن صح التعبير ويصعب على جيل الروائيين الجدد التماهي مع هذه الكلاسيكية المفرطة.
(*) كتبت حلقات من مسلسلات درامية محلية وسيناريو لأفلام وثائقية. حدثنا عن هذه التجربة؟
السيناريو صناعة وليس إبداعًا. إذا امتلكت القصة أو الفكرة ورغبت في تحويلها إلى سيناريو فعليك أن تكون صانعًا جيدًا. إذًا كتابة السيناريو صناعة وليست إبداعًا، ويمكن لأي فرد أن يكتب السيناريو شرط أن يمتلك القصة الصالحة لتحويلها دراميًا فهي لا تشترط الإبداع.
(*) ما الذي تشتغل عليه حاليًا، وهل هجرت كتابة القصص القصيرة؟
أعمل على رواية "مهاجرون إلى الداخل"، ترصد مائة عام من الهجرة اليمنية في قالب روائي. كما انتهيت مؤخرًا من ضبط السيناريو الخاص بمسلسل الملكة اليمنية أروى بنت أحمد الصليحي، لصالح إحدى القنوات. وفي الختام، أؤكد على أن الرواية حياة. فحكايتي معها مستمرة منذ أكثر من 30 عامًا.