}

المعضلة السويدية

فجر يعقوب 5 نوفمبر 2020
سير المعضلة السويدية
لوحة للفنان الأميركي فريدريك إدوين شورش (1826ـ1900)

المصباح اليدوي يبكي ويرتعش

من بقايا التحديق المنهمر

الذي نمارسه في السنوات الأولى من اللجوء

ويضيء الغابات أمام القطارات

التي تتعطل في الشتاء

من مزاح صغير

على السكك الحديدية

القطارات التي لا تهمني أو تهمك

ولا تصطدم بنا  

ولا تتراجع أمام حدَّة النظرات المكوكية

التي نتبادلها في التيه

ولا تصدق الخيط الحيّْ مثلنا

لكل جسد مسجى في بهتانه

**
أنت أو أنا

أبناء المعضلة السويدية الحيّة
ليس لنا في أي ذاكرة
عشب أو أقفاص

أو أنغام تجربها الريح في حلوقنا
وكل ما نملكه في الغابات الأسوجية
لوحات مشوشة وأوانٍ فستقية لا تزهر
وعندما تتحد نظراتنا

التي سبق ووصفناها بالمكوكية

بعد تهويمات الفجر الرابضة على التلال

والأطراف الندية للموت
تتآكل عذرية كل شجرة صاحية من جديد

وتتيبس جذورها

وتتشابك مع دعوات الجدَّات الهرمات

المنسحبات من الكنائس على رؤوس أصابعهن

وراء دعوات غامضة للفطور


**

القفز فوق نظام الوقت

وإتقان دروس اللغة السويدية للمهاجرين

وتسمية الأحراش المقتولة في صوتك
حين تتكاثر الغربان
على كل مودة يطرحها جسمك في نهر ماء
وأمامك كما هو أمامي

وظيفة كل قاتل متجدد في البوح

وظيفة كل مهرج يحمل سيفًا
ويجني الألوان من تقليد الهلاك

ومن موت النظرية السويدية في الحب
الحب بالمسميات القديمة

كما نعرفه في أحواض السفن

**

أنت أو أنا
لسنا أضواء كافية أو كشافات متقدمة
في الموت...
يمكن أن نكون مجرد لوحين من الثلج

في مدينة لينشوبينغ

حيث يستريح قاتل الطفل محمد عموري

ستة عشر عامًا قبل أن نعثر عليه

لنداوي أمراضه النفسية بالصبر

وتطبق الجبال
على فرضياتنا باختيار أسماء جديدة
كجماعات مكللة بالمجد المتأخر وصوله في الغسق

**

المهرج دانييل نيكفست

مؤسس الجريمة المزدوجة

يبكي وراء شمعتين
يخفي الضوء الذي يجرحنا بشفراته الصدئة
حتى لا ينبع من كهوفك الصلبة

التي تتجدد وراء الكواكب السيَّارة
وتظهر السترات السوداء

للنازيين الجدد من حركة مقاومة الشمال
على الطريق الساحلي
حيث زنابقك في المخمل الأرضي
أبعد من خرافة
وأوثق من حكاية نضرة
يسوقها بالسيف للقضاء

على النظرية السويدية في الحب

**

القطط هنا كما الكلاب

تسهم بحماس في التبرز على الفجر

وتحيل الأغنيات الريفية التي نحفظها

إلى أزرار لمّاعة في أناشيد الفضيلة

ولكننا باهتون

كالأشباح الكدرة

ومعنيون مثل غيرنا بتصحيح الفناء

**
كانت الأعشاب تعلم أنها بلا رائحة

وتصرخ في محيَّاك

عندما قتلنا بعض الأسماك

وأطعمنا البط خبزًا

في الصباحات المبكرة
كيف سنغتنم الزرقة من البحيرات
وندفن أساطيلك تحت التراب
كيف ستشفق علينا حبَّات التوت البري

في سينما إنغمار بيرغمان

الذي يسبب الضجر لكارل – أوسكار وكريستينا
وتخفف من ألمنا حين ننازع
ونبرهن للموت أنه أقل من نكسة مفتعلة
في جدول الضرائب السويدية

وخدمات السوسيال

وتمريرات مكتب العمل

ومصائب "كرونا فوغدن" (1)

التي لا ترحم نظريتنا السويدية في الحب

**

أنا وأنت عشبتان
في نيزك معطل بلا سماكة  

لا الحريق عنوان فيه

من أجل استلام رسائل وانذارات مصلحة الهجرة

لا القطار الذي يخرج عن سكته بمزحة صغيرة

متلهف للالتحاق بنا
ولا الذئاب التي تجرّه في الفجر

من صوب الشمال في كيرونا

باتجاه الجنوب العامر بصيف بخيل

مضمونة في الهواء...

أنا وأنت معضلة في السويد!

(1) كرونا فوغدن: مصلحة تحصيل الديون

*سينمائي وروائي فلسطيني مقيم في السويد.

مقالات اخرى للكاتب

الدخول

سجل عن طريق

هل نسيت كلمة المرور؟

أدخل عنوان بريدك الإلكتروني المستخدم للتسجيل معنا و سنقوم بإرسال بريد إلكتروني يحتوي على رابط لإعادة ضبط كلمة المرور.

شكرا

الرجاء مراجعة بريدك الالكتروني. تمّ إرسال بريد إلكتروني يوضّح الخطوات اللّازمة لإنشاء كلمة المرور الجديدة.