يحلو للوقتِ أن ينكأ جراحَ امرأةٍ للمرَّةِ الألف
أن يذكِّرَها برجالٍ عبروا سياجَ وحدتِها دون ضجيجٍ
أن يستفزَّها ليُسكتَ فضولَهُ اللحوحَ
ويزيحَهُ عن كاهلِ غموضِها

ويطيبُ لهذه المرأةِ اللامباليةِ أن تكيدَ له،
فلا تحصي له الجراحَ ولا الرِّجالَ المارقينَ عن تاريخِها
تقولُ له إنها نسيت اسمها وإنَّ كل الحواراتِ المكتوبةِ 
على دفاترِها القديمةِ ليست من صنعِها

ليس لصمتِها أذرعٌ..
لكنَّه يحتضنُها بشغفِ بحرٍ لملاقاةِ شاطئهِ

لا شيء يشي بوجودِها سوى نظراتٍ تائهةٍ عن جادَّةِ الحياةِ..
لا شيء يفتكُ بصبرِها سوى فتاتِ كلماتٍ قيلت لها في موتٍ مضى.

الذَّاكرةُ في قاموسِ العدمِ منطقةٌ معزولةٌ لا يطأها إلا مَن أصيبَ بتخمةِ الحزن.
الحزنُ جوازُ سفرٍ لا يحتاجُ إلى تأشيرةِ دخولٍ ليهويَ
 في برزخِ الأفكارِ القاتمةِ.

يقولُ شاهدُ عيانٍ ثرثارٍ إنَّ الصَّمتَ يطرقُ أبوابَ الكلامِ ويُطلقُ كلماتِهِ للرِّيحِ
تنقلبُ على ظهرٍها الكلماتُ الهاربةُ،
وبحبرِ القلبِ تستغيثُ

ستحكي المرأةُ للزمنِ المجنونِ عن صُراخِ النِّساءِ وكيف يتحوَّلُ إلى بروفا لتمرُّدٍ آتٍ على أجنحةِ القهرِ..
عن ملوحةِ البحرِ في جوفِ حكاياتِ أناسٍ تركوا الوطنَ اليابسَ، بللوا جراحَ أحلامِهم وطهَّروها بمياهِ البحرِ

ستحكي للفقدِ عن جدائلِها المقصوصةِ، وكيف ألقتها في البحرِ كطوقِ نجاةٍ لأبنائِها..
ستحكي وتحكي..
ولن يسمعَ حديثَها سوى الأمواجِ والحصى والرمالِ..


(28/9/2022).

* شاعرة سورية.