}

قصائد للمدن

مصطفى حديد مصطفى حديد 12 ديسمبر 2023
شعر قصائد للمدن
(إيناس ياسين)

جايي عبالي وشوش الراهب بحيرا بكلمتين:
يا شيخنا
ضحك الصبايا دم
عرس الأرامل واليتامى دم
كل شي بينضح دم.

حوران

في حوران
أذرعات الشام،
في ظل سنبلة مائلة
استراح الجندي
بعد أن نسي كوب الألومنيوم
الذي استلمه في بداية الخدمة
دون معرفة لونه الأصلي
كل ما يذكره أن الكأس كان فيه بقية شاي بارد
بعينين مفتوحتين،
تجلس مطمئنة على حرير البازلت
تغني لليمام العابر
وللعشاق والصيادين
قدماها العاريتان
تثير شهية المستوطنين

أبناء حوران
ذاكرتنا
حين زرعوا قمحهم
أعلنوا انتهاء مواسم الرحيل
بنان أطفالهم
تعزف خبزًا بطعم الدم
لقوافل العائدين

سنابلهم
شموس تكنس ما بقي من ظلال الطاعون
رائحة خبزهم المحاصر
تسترق السمع إلى أنين الملأ الأعلى في ملكوت الله
وحين غنى الراهب بحيرة
عتابا مواسم أعراسهم
تيقن أن الله يسكن في قلبه
ومد يده عبد الله
تجوس خلال الغيم
فجاءت خيول السماء تعدو.

ريح كانون الثاني
تئن بصوت خافت ممطوط
مثل ذئبة تقترب من الموت
عند أواخر سعارها
في فضاءات مدن لم يبق من سكانها أحد


إسطنبول "حي الصيادين"
 

تخامرني إسطنبول
تنساب من ارتعاش أصابعي
تبحر عبر ضباب خفيف في سحور القرن الذهبي
تجمع غنج فتياتها من مسامات شهواتي الكابية.
بازاراتها الممتدة على أيام السنة
تنكأ ذاكرة جروحي كلما عضتني وفرة الأشياء
حين تداعب جوعي أدخنة الشواء.

أرى لحمي نثارات تتأوه بين مناقير نوارسها البيضاء
ولا شيء فيها يعيدني إلى زمني
سوى عذوبة أصوات الآذان باللغة التي تحوي جمال الدنيا.

***

أيْ نخلةَ المنفى
هلمي
نحتسي ظمأ الضجر
ونمد للآهات جسر الوهم مشدودًا بأمراس الأماني
الخائبة.

صيغي لهذا القلب أغنية
ترددها النوارس بين إسطنبول
والليل المباح.

وترفقي
فالريح لن تأتي بأخبار المراكب
والناس في ظل الخيام تجمدوا.

وقوافل التجار
في تيماء يمضغها الغبار.


حمص

وحيد في غرفتي، شاشة تلفاز، كثير من دخان سجائري، وبقية قهوة في فنجاني.
ـ أطل حبيب من شباك (عمورية)! وسألته بحزن غاضب:
ماذا تقول للأطفال والشباب، الرجال والنساء والشيوخ، نضجت جلودهم دون أن يكونوا طرفًا في حرب؟
ـ أطل عبد السلام من قبر (وردة)، وقال: ما ضرَّ حمص إن كنت عربيًا، أو روميًا، أو فارسيًا!
ثم مرَّ سمير قصير ومسح دمعة حارقة، كانت تصر على سكنها في عيني على طريق الشام
مستديرة صغيرة، يتوسطها تمثال.

قال عنه حافظ الجمالي يومًا: "يولي المدينة ظهره، وهو يغذ الخطى نحو دمشق"
يذهب الطريق يسارًا إلى "جامعة البعث".
جورة العرايس تابوت كبير.
طريق طرابلس حبل سري يربط المدينة بتوأمها الممدد على بحر "الروم"، والمحلق كسكين صدئة ما زال يحزه محاولًا قطعه.
ـ ستقرأ الأجيال القادمة أن آلاف البشر العاديين شربوا الملح من ضاحية بيروت، والنشادر من فارس.
احتضنوا القنابل والصواريخ القادمة من بلاد "المسكوف"، بدل احتضان نسائهم، وأطفالهم.
وقبل أن يذهبوا لزيارة أهلهم في البلاد القريبة، والبلاد البعيدة، أخذوا معهم (نسيب عريضة)، وعبد الباسط الصوفي.
ولم يجدوا من آثار عبد السلام بن رغبان سوى زجاجة خمر مملوءة برماد امرأة.
يلتفت العاصي على جانبيه فيرى المدن المحتشدة يعسكر الدخان في مداها.
وأحمد بن الحسين: عيد بأية حال عدت يا عيد...
فتجيبه بصوته: وقد صار هذا الناس إلا أقلهم/ ذئابًا على أجسادهن ثياب.

قصائد اخرى للشاعر

يوميات
2 أبريل 2024
شعر
12 ديسمبر 2023

الدخول

سجل عن طريق

هل نسيت كلمة المرور؟

أدخل عنوان بريدك الإلكتروني المستخدم للتسجيل معنا و سنقوم بإرسال بريد إلكتروني يحتوي على رابط لإعادة ضبط كلمة المرور.

شكرا

الرجاء مراجعة بريدك الالكتروني. تمّ إرسال بريد إلكتروني يوضّح الخطوات اللّازمة لإنشاء كلمة المرور الجديدة.