}

صباح الخير يا فرات

مصطفى حديد مصطفى حديد 2 أبريل 2024
يوميات صباح الخير يا فرات
"ملحمة الشهيد" لكاظم حيدر

 

وجه الفرات دم.

الصوت والصورة والراهب والأب والابن وروح القدس والحواريون والدمع والثريا يقفون صفًا واحدًا في صلاة عند محراب الدير القديم.

ترنيمة الراحل في شتاء ليله الطويل قصيدة يعيدها على وقع خطاه في العبور إلى حرية يسكنها شوق الحياة الأبدي.

زعيق القطا الباحث عن أفراخ زعموا أنه لا يخطئ مكانها.

صرخات الدراج بين بقايا مساكب القطن التي أعدت نفسها وقودًا لشتاءٍ عاصف مع جيرانها من أعواد السمسم والذرة الصفراء.

الزل يزهو بحلة الحلفاء الممزقة.

أغنية "بين الجرف والماي" تجد كلماتها قوس قزح يمر كالأعمى تحت الجسر المعلق.

ذكريات المدادة يسحبون المركب عكس التيار تعكر مزاج العسكري العصمللي.

الخضري، سيد البط، المنيل يراقب أنثاه بين سيقان القصب تمنح صغار السمك فرصة الدخول إلى حوصلتها الدافئة.

بنات آوى يعبرن النهر إلى حويجة "العبد" لالتقاط ما تركه الصيادون من حفلة الأمس.

أقمار رمادية تغوص في الوحل حافية الأقدام.

سرب من الشبوط الرومي الذهبي يلقي بيوضه بين زبائن الجرداق يحدثهم عن صعوبة عبور السد الركامي، ثم يعود نزولًا إلى شط العرب ليموت هناك بهدوء.

صندوق خشبي كبير ينطلق منه صوت "أحمد سعيد" عام 1967 يصرخ: أين المفر يا صهاينة؟ لقد جاءكم اللواء 80.

الأرمني "هاغوب" الذي غادر حلب إلى أميركا ليصبح صاحب أعمال مزدهرة يروي عن جده كيف وصل إلى دير الزور طفلًا مع أخته التي تكبره بعامين، وكيف كانت المرأة الديرية التي ضمتهما إلى أطفالها، وحرصت على أن لا يعرف الجندرمة العصمللي بوجودهما تعامله تمامًا كأبنائها.

شجر الغرب، عاشق الفرات السرمدي يسرد على مسامعه أغاني أورنينا، وتنهيدات ربة الينبوع.

السد الركامي يحجز جثث الأرمن القادمة على النهر من عام 1916.

حلبية وزلبية تنادي الزباء فلا يصل الصوت روما، حيث الملكة الأسيرة.

طبقة الملح البيضاء الرقيقة على وجه السبخة محت آثار الغزاة.

 

الحولة

قبل تزاحم المجرات،

آن عبورها آخر الطرف الغربي لحقل القمح.

عند حافة النهر الموسمي

لحن حزين

كما لو أن الأيادي الموشومة بنغم الطين جففتها ريح مباغتة

كما لو أن أشواك السلبين تنثر أجنتها للموت القادم

كما لو أن طيور الفري نسيت أجنحتها في مهرجان الرحيل الأبدي

هناك أسفل الضباب

وجد التلاميذ الصغار وقتًا كافيًا لكتابة وظائفهم على أكفان بيضاء

التفت على أجسادهم الطرية التي عملت فيها الفؤوس والبلطات والحراب

وكانوا جانب السد 

 

ثمة ما تقوله الحجارة السوداء

المتكئة على حافة الروح...

لشباط.

حين تنهمر دموعه

تغسل الحزن عن النرجس البري

وتذهب بالبقية

من رائحة البارود

وآثار أقدام

الجنود.

وعندما تنتهي الحرب

سنصافح الأيدي التي حزت رقاب أطفالنا.

في الحولة والتريمسة والقبير وحمص وداريا والمعضمية........

وأما أخوتنا من العراق الذين أحرقوا عائلاتنا بالجملة في النبك ودير عطية، فسنرسل لهم الورد..... إلى النجف

وكربلا

والبصرة.

وسندعو للبنان.... بدوام العز

بعد انتهاء الحرب.

سوف نجد صعوبة في إعادة رفات الأخوة

من العراق ولبنان وإيران

الذين سقطوا دفاعًا عن العتبات المقدسة

في القصير وحلب وكسب والغوطة وقلمون

وحمص ودير الزور.

سوف تنتهي الحرب

وسيجد الجنود الباقون على قيد الحياة

وقتًا كافيًا للبحث عن الطلقات

الفارغة.

عند أصابعهم الميتة

ثم يعودون مثلما عاد الفاتحون من الأندلس.

مقالات اخرى للكاتب

يوميات
2 أبريل 2024
شعر
12 ديسمبر 2023

الدخول

سجل عن طريق

هل نسيت كلمة المرور؟

أدخل عنوان بريدك الإلكتروني المستخدم للتسجيل معنا و سنقوم بإرسال بريد إلكتروني يحتوي على رابط لإعادة ضبط كلمة المرور.

شكرا

الرجاء مراجعة بريدك الالكتروني. تمّ إرسال بريد إلكتروني يوضّح الخطوات اللّازمة لإنشاء كلمة المرور الجديدة.