}

في المرجعيات النظرية المؤسسة للنقد الثقافي

عمر كوش عمر كوش 20 يوليه 2023
آراء في المرجعيات النظرية المؤسسة للنقد الثقافي
(من اليمين) تيودور أدورنو وماكس هوركهايمر وهربرت ماركوزه

يقدم الباحث المغربي عبد الرزاق المصباحي، في كتابه "النقد الثقافي: قراءة في المرجعيات النظرية المؤسسة" (المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات، الدوحة، 2022)، قراءة واسعة ومتأنية في المرجعيات النظرية المؤسِّسة للنقد الثقافي، يتتبع خلالها التطورات التي عرفها مفهوما "النقد الثقافي" و"الدراسات الثقافية"، عبر الأنساق والأطروحات النقدية والفكرية، لدى كل من فلاسفة مدرسة فرانكفورت، ومثقفي نيويورك، والدراسات الثقافية البريطانية. واستدعى ذلك عرض أبرز توجهات النقد الثقافي ما بعد الحداثي، ممثلة بالمادية الثقافية، والتاريخانية الجديدة، وما بعد الكولونيالية، ودراسات التابع، مع تبيان الأثر الكبير البالغ لكل من دوغلاس كِلنر، وميشيل فوكو، وإدوارد سعيد، في التطورات التي عرفها النقد الثقافي، منذ الربع الأخير من القرن العشرين المنصرم، ثم التوقف عند تجربتي عبد الله الغذامي ونادر كاظم المؤسستين للنقد الثقافي في المجال التداولي العربي.

يُعنى النقد الثقافي بنقد الأنساق المضمرة التي ينطوي عليها الخطاب الثقافي بكل تجلياته وأنماطه وصيغه المتعددة، ودراسة النص من حيث علاقته بالأيديولوجيات والمؤثرات التاريخية والسياسية والاجتماعية والاقتصادية والفكرية، والكشف عن العيوب النسقية التي توجد في الثقافة والسلوك. ويسعى لدراسة الأعمال الهامشية التي طالما أنكر نقاد الأدب قيمتها أو أهميتها، بحكم أنها لا تخضع لشروط الذوق النقدي، ولهذا فهو يخالف تيارات النقد الأخرى في العودة إلى تأويل النصوص، ودراسة الخلفية التاريخية لها.

منذ البداية، يرى المصباحي أن النقد الثقافي تصدّى لمهمة البحث عن عيوب المجتمع، حيث انطلق تيودور أدورنو من مساءلة قيم مجتمعه الألماني وسلوكه، وكذلك راح الغذامي، في مشروعه للنقد الثقافي، يبحث عن عيوب الثقافة والمجتمع العربيين، وجعل محاولة كشفهما هدفه الأوحد. لكن ما فات الغذامي هو ضرورة الانتباه في التعامل مع عيوب الثقافة إلى أن النقد الثقافي لا يعني نقد الثقافة، أي تبيان جوانب قصورها وزلاتها وسوى ذلك، بقدر ما يعني النقد الذي ينطلق من المفهوم السامي للثقافة، أي نقد كل شيء في الحياة، يتسم بالوضاعة والانحطاط والمهانة.

لا تنحصر أهداف الكتاب عند الوقوف على مرجعيات النقد الثقافي الفكرية ومساءلتها، بل تمتد إلى تبيان مساهمات مدرسة فرانكفورت ومثقفي نيويورك والدراسات الثقافية البريطانية في تطويره، فضلًا عن تبيان تأثير كل من ميشيل فوكو وإدوارد سعيد وسواهما، وبما يسهم في إضاءة مفهومه عربيًا، واستثمار تلك المرجعيات لاقتراح مداخل نقدية جديدة في النقد الثقافي، تنظيرًا ومِراسًا، ولعل الأهم هو تفكيك أطروحات الباحث السعودي عبد الله الغذامي، الذي دعا إلى موت النقد الأدبي وإبداله بالنقد الثقافي، وحصره في نقد الأنساق المضمرة التي ينطوي عليها الخطاب الثقافي بكل تجلياته وأنماطه وصيغه، والتي تتلبس الخطاب الجمالي، وتصيب مستقبل الثقافة بالعمى الثقافي، بحيث يغدو غير قادر على استكناه عيوب الخطاب، وبالتالي، فإن من المهم بناء مفهوم مختلف للنقد الثقافي، لا يضعه في صراع مع النقد الأدبي، أو إلغاء الجماليّ من مجال اشتغاله، وتقديم تصور واضح عن مشكلة المنهج والمفاهيم الإجرائية التي يستعيرها النقاد الثقافيون من منظورات نقدية وفكرية متنوعة، أو التي يجترحونها كي يقاربوا النصوص والخطابات المختلفة، خاصة في الثقافة العربية. ولعل بناء مفهوم مختلف للنقد الثقافي، يطاول التوجهات النقدية التي تنضوي تحت مظلته، لذلك فإن منهجية الكتاب تنهض على تتبع المشترك بين التوجهات النقدية تحت مظلة النقد الثقافي، كما تنهض على تتبع أثر أسماء فكرية وفلسفية بعينها على مسار هذه الفاعلية النقدية.

عبد الرزاق المصباحي 

بالانطلاق من مدرسة فرانكفورت، فإن رحلة مفهوم النقد الثقافي الطويلة، اتخذت مع كل من ماكس هوركهايمر وتيودور أدورنو وهربرت ماركوزه مسارًا، اتجه نحو تفكيك أنساق الهيمنة التي تسعى إليها السلطة السياسية المسيطرة، منعًا لحدوث أي تغيير في نظامها، ولتنميط الفكر والإنسان عبر تفكيك قيمه السامية وإغراقه في الحاجات غير الملحة. واتخذ النقد الثقافي وسائل الإعلام الجماهيرية (الميديا) محورًا لتفسير آليات الهيمنة، باعتبارها صيغة ثقافية تسهل التحكم الناعم بالناس عبر المتعة والتسلية. وكانت ثقافة الإعلام وتكنولوجيا الإعلام أهم موضوعات النقد الثقافي الألماني، الذي امتد إلى الولايات المتحدة الأميركية، حيث وجد فيها أدورنو وهوركهايمر المجال الخصب لدراسة أثر الإعلام في تنميط الأفكار وأنماط الاستهلاك، بينما ذهب ماركوزه إلى أبعد من ذلك، حين أشار إلى اختفاء الطبقات الاجتماعية، حيث حلّت محلها التكنولوجيا التي تتحكم في حيوات الناس، لاغيةً أفكارهم وانتماءهم الطبقي. وسيصبح تفكيك السيطرة، في مرحلة متقدمة، الغاية الكبرى للنقد الثقافي وللدراسات الثقافية، وللنقد ما بعد الكولونيالي التي يحيل إليها مفهوم التمثيل.

أما مثقفو نيويورك، وهم يمثلون حركة نقدية عرفتها الولايات المتحدة منذ ثلاثينيات القرن الماضي، فقد أسسوا لأهم مبادئ النقد الثقافي، من خلال حرصهم على جعل الأدب مقرونًا بالثقافة، وبتمثلها بوصفها منظومة من القيم الجمالية والتاريخية والاجتماعية، واقترحوا مداخل نقدية متعددة لاستكناه النصوص الأدبية. وبرز من بينهم إرفينغ هاو وإريك غلابرسون ودوايت ماكدونالد وليونيل تريلينغ وفنسنت ليتش وإدموند ولسون وموريس ديكشتاين. وقد رفض مثقفو نيويورك تحكم المؤسسة الأكاديمية في المجال الثقافي، وشككوا كثيرًا في إضفاء الطابع المؤسسي على الأدب والنقد، لأنه يولد الانصياع، وكانوا يحملون مشروعًا مضادًا لهيمنة المؤسسة على الأدب، وتشاركوا مع مدرسة فرانكفورت نقاطًا عديدة في النقد الثقافي، تمثلت في تركيزهم على القيم بوصفها غاية النقد الثقافي، وعلى التكنولوجيا، باعتبارها محور صناعة الانسان المنمط ذي البعد الواحد، والتركيز على التنميط والسيطرة، وربط الأدب بالثقافة، والتركيز على الثقافة الجماهيرية.

يرى المصباحي أن الدراسات الثقافية البريطانية جسدت تحولًا جوهريًا في مسار الدراسات الثقافية، من حيث تأصيل المفهوم، وجعله عالميًا عبر جهود مركز برمنغهام للدراسات الثقافية. وربط أعلام هذه الدراسات، وخاصة رايموند وليانز وريتشارد هو غارت، الثقافة بالمجتمع، من جهة جعلها جزءًا من فاعلية المجتمع وتحولاته، واعتبروا أن الصراع القائم هو من أجل تغيير التمثيلات الثقافية التي ترسخها المؤسسة، عير آلياتها التدجينية، ممثلة بالأسرة والمدرسة وبالإعلام أساسًا. وطبيعة هذا الصراع سياسية، تقوم على مطالب غايتها تعديل ميزان الحقوق لتشمل جميع الفئات الاجتماعية، وصولًا إلى مجتمع ديمقراطي تتساوى فيه الفرص، أي أن الغاية معقودة على تغيير في جميع مناحي الحياة الاجتماعية والسياسية والاقتصادية. وقد اجترح مركز برمنغهام للدراسات الثقافية مفهوم المظلة، كي يسهم في البحث عن الصلات والتقاطعات بين الاستراتيجيات النقدية لما بعد الحداثة، ممثلة في التاريخانية الجديدة والمادية الثقافية وما بعد الكولونيالية والنقد النسوي، التي افترض أنها تنويعات للنقد الثقافي. ويجعل مفهوم المظلة النقد الثقافي مظلة لمجالات متنوعة، مثل نظرية الأدب وعلم الجمال والنقد والتفكير الفلسفي وتحليل وسائط الإعلام والثقافة الشعبية والتحليل النفسي وعلم العلامات والنظرية الاجتماعية والأنثروبولوجيا وسواها، وهي وفرة منهجية مستمدة من النقد والأدب وعلم الجمال والعلوم الاجتماعية والإنسانية، وهو أمر دعا إليه "مثقفو نيويورك".  

 من بين النتائج التي يخلص إليها المصباحي، أن الغاية الكبرى في مختلف التوجهات النقدية المؤسسة للنقد الثقافي، هي تفكيك أنساق الهيمنة التي تتجلى في أشكال مختلفة، تلك التي تمارسها المؤسسات الساعية إلى التحكم في الناس وتنميط أذواقهم وأفكارهم وسلوكهم بما يتناسب مع مصالحها، وتعمل على احتواء كل فعل أو حراك يحاول تغيير الواقع، أو الثورة على النظام الذي يحمي تلك المؤسسات، بالمخاتلة المستعذبة والمستعبدة، أو بالقوة إن اقتضى الأمر.

يعتبر المصباحي أن مصطلحي النقد الثقافي والدراسات الثقافية يحيلان إلى الأمر نفسه تقريبًا؛ وذلك من جهة أنهما يتفقان في موضوع الاشتغال، أي ثقافة الوسائط في علاقاتها المركّبة مع مفاهيم الثقافة الشعبية، والثقافة النخبوية، والطبقة، وصناعة الثقافة، والجندر، والعولمة، والحداثة، وما بعد الحداثة. ومن الصعب الوقوف على فروق جوهرية مانعة بين مفهومَي النقد الثقافي والدراسات الثقافية؛ بالنظر إلى التشابه بين استراتيجيتيهما، وإلى مجال اشتغالهما المشترك، والأمر نفسه ينسحب على وجود تماثل بين المادية الثقافية والتاريخانية الجديدة.


تُشدد المادية الثقافية على التحليل النصي، وتعتبر أن القيم الرجعية وأنساق الإقصاء والتهميش والعيوب تستضمرها النصوص الأدبية أيضًا في تاريخها الخاص. والانطلاق من النص الذي يضمن تاريخيته الخاصة، هو ديدن التاريخانية الجديدة، التي تؤكد على مفهومي "نصية التاريخ" و"تاريخية النص"، اللذين يفيدان تشرب النص الأدبي والثقافي سياقات تاريخية معينة، يمكن رصدها واستغوار أبعادها المضمرة، وتتصل بصناعة القهر والقسر والتحكم والتهميش.

يسهب المصباحي في تبيان مدى تأثير أعمال الفيلسوف الفرنسي ميشيل فوكو في النقد الثقافي، خاصة المادية التاريخية والتاريخانية الجديدة، والذي امتد إلى المفكر الفلسطيني الأميركي إدوارد سعيد، أحد أهم مؤسسي ومنظري النقد الثقافي ما بعد الكولونيالي، حيث تناول فوكو السلطة في الخطاب اللغوي، وفي مؤسسات لم يكن ينظر إليها بوصفها أشكالًا لممارسة السلطة والهيمنة، كالسجون ومصحات الأمراض العصبية والمدارس والثكنات وغيرها، وعمل على إبراز الطابع المعقد لعلاقة السلطة بالمعرفة، والحفر في طبقاتها، التي تختفي تارة في صورة خطابات معرفية، وتارة أخرى في أبنية أشكال وخطابات متعددة. وقام فوكو بتفكيك أنساق السلطة، التي تختفي في أشكال من الخطاب المؤسسي والفردي، عبر اجترح مقاربة تجمع بين التحليل البنيوي، القائم على تفكيك بنى النص وأنساقه الداخلية، وتفسير علاقته بأنساق السلطة. 

 بدوره، اعتمد إدوارد سعيد على مفهوم الخطاب لدى فوكو، كي يجترح مفهوم الخطاب الكولونيالي، ويفكك منظومته الشديدة الارتباط بالسلطة، والتي تهتم بصناعة المعرفة، تلك التي تجسدت في شكل تمثيلات تنمط صور البلاد المستعمرة وناسها، فالخطاب بالنسبة إلى سعيد هو نسق منظومة، موجه ومسيّس، حين يخضع لمؤسسة هدفها التحكم والسيطرة. وقد نهض الخطاب الاستعماري على ترسيخ هيمنته على المستعمرات وسكانها، وجعلهم تابعًا محرومًا من الاحتفاء بثقافتهم ومن الكلام.

كان الاستشراق بوصفه خطابًا ونسقًا أو نظامًا، في الوقت نفسه، قد حدد هدفه الجوهري في التحكم في الشرق، وابتداع الشرق، أي صنع تمثّل معيّن عنه، من دون أن يكون تمثّله مطابقًا بالضرورة للمرجع الواقعي والمرجع التاريخي، وعليه سعى سعيد إلى تفكيك خطاب الاستشراق، من حيث هو صناعة تمثيلات وصور ذهنية عن الشرق لم تكن مطابقة للواقع، إنما تمثيلات موجهة إلى القارئ الغربي، المعني بسماع حكايات وسرديات تحمل تصورًا مفترضًا عن الشرق، وتجعله مكانًا للرومانس، أي قصص الحب والمغامرات والكائنات الغريبة، ثم سرعان ما تغيرت تلك الصور مع الخطاب الإمبريالي، لتحل محلها صورة الشرقي الأناني والشهواني والمتوحش، الذي لا يستطيع استعمال عقله أو اتباع سلوك متحضر.

قارب سعيد خطاب الإمبريالية، واستراتيجيات سلطتها، من خلال تفكيك أبنية الثقافة، ممثلة بالرواية، وحدد مفهوم الثقافة بأبعاده المختلفة، بوصفها خطابًا تمثيليًا، واعتبر أن التمثيلات، إنتاجها وتوزيعها وتاريخها وتأويلها، هي عين مادة الثقافة وعنصرها، فالثقافة، بما هي تمثيل، تصنع صورًا عن الذات والآخر، من دون أن تكون تابعًا لمنطق السياسي الذي يوجهها، كونها تضمن لنفسها بعض الاستقلالية، التي تمكنها من التعبير عن الحاجة الجمالية، وبالتالي، فإن الرواية هي خطاب ثقافي يصنع تمثيلات ثقافية مهيمنة، وتمثيلات ثقافية مضادة أيضًا. وقد ارتبطت روايات كثيرة بالخطاب الإمبريالي وخدمته، عبر تعزيزه، ونسج تمثيلات عن الآخر، بالنظر إلى اقترانها بمركزية الدولة الإمبريالية، وبترفّع شخصياتها عما تعتبره "وضاعة" سكان المستعمرات، فضلًا عن محاولات نسخ هوياتهم، ونفي وجودها. وفي مقابل هذه الروايات، هناك روايات ما بعد الكولونيالية، أو روايات ما بعد الاستعمار، أي الروايات المضادة، التي صنعت بدورها تمثيلات ثقافية تحمي عبرها هويتها الخاصة، وتدافع عن نفسها تجاه الخطاب الواحدي المنمّط، وعليها تأسس في الدراسات الثقافية ما بعد الكولونيالية اتجاه يُعنى بدراسات خطاب التابع، وخاصة في الهند.

يتوقف المصباحي عن النقد الثقافي الذي صاغه الغذامي استنادًا إلى المرجعيات التي عرضها في كتابه، والتي انتخب منها الغذامي مرجعيات بعينها دون أن يشير إليها على نحو كاف، وربط النقد الثقافي بمناهضة كل ما هو جمالي، وفق تصور غير موجود في جميع المرجعيات المؤطرة للنقد الثقافي، وراح يعتبر الجمال في الشعر سببًا فيما يسميه العمى الثقافي، الذي يصيب المستهلك الجمالي الثقافي، ويمنعه من الانتباه إلى الأنساق الثقافية المضمرة المعيبة، التي تتسرب عبر النصوص دون وعي مؤلفها، ومن دون وعي القارئ. وذهب الغذامي إلى أبعد من ذلك حين قال بمفهوم الشعرنة، الذي حمّل بواسطته الشعر، بوصفه خطابًا جماليًا قوامه المجازر، العيوب النسقية الخطيرة، التي تعتور الشخصية العربية، وتصنع فحولة متمركزة حول ذاتها، وناسخة للآخر. فضلًا عن أن الشعر وفق تصوره، ظل حاملًا الفقر القيمي والأنساق المضمرة، مثل شخصية الفحل والكذاب والمنافق والمتسول. ولم يشر الغذامي إلى مسؤولية السياسي في نشر وتعميم الأنساق المعيبة، بل حاول تبرئته على حساب تماديه في التركيز على الثقافة العربية، وكأنها لا تنتج سوى الأنساق المعيبة.

  بالمقابل، طرح أستاذ الدراسات الثقافية في جامعة البحرين، نادر كاظم، مشروعًا في النقد الثقافي، تخفف فيه من كثير من تصورات الغذامي، وقام بتوظيف مفاهيم إجرائية، مثل مفهوم التمثيل والمتخيل ومسألة الآخر، التي تعود إلى مرجعيات معروفة في النقد الثقافي، كالمظلة النقدية، والتاريخانية الجديدة، والمادية الثقافية، وما بعد الكولونيالية. ويظهر أثر سعيد واضحًا في مشروع كاظم من خلال اعتماده القراءة الطباقية، بوصفها قراءة ما بينية، مترادفة مع مفهوم الغيرية عنده، والتي تعني حاجتنا الدائمة إلى معرفة الآخر لفهم أنفسنا، الأمر الذي يستدعي الإنصات إلى صوته في تكامل مع الانصات إلى الأصوات الأخرى، للوقوف على حقيقة التجربة الإنسانية.

 في الختام، يقدم المصباحي رؤيا ثقافية للخروج من سجن تحميل الثقافة أوزار العيوب كلها، ويدعو إلى العدول عن النسق، وخاصة النسق الثقافي حسبما تصور الغذامي، وذلك من أجل توسيع الجهاز المفهومي للنقد الثقافي في جانبه الإجرائي، وعدم الوقوع في الاستنساخ الكلي للفعالية النقدية، وتحويله إلى طوطم في النقد مثلما فعل الغذامي.

 

الدخول

سجل عن طريق

هل نسيت كلمة المرور؟

أدخل عنوان بريدك الإلكتروني المستخدم للتسجيل معنا و سنقوم بإرسال بريد إلكتروني يحتوي على رابط لإعادة ضبط كلمة المرور.

شكرا

الرجاء مراجعة بريدك الالكتروني. تمّ إرسال بريد إلكتروني يوضّح الخطوات اللّازمة لإنشاء كلمة المرور الجديدة.