ويبدو من أدبياتها ووثيقتها التأسيسية أنها "جمعية تعنى بالدراسات والأبحاث والتكوين في مجالات التنمية والفكر والثقافة والعلوم وكل المعارف الإنسانية"، وهي تعمل بنَفَسٍ طموح، ضمن ما تسميه "أفقًا حداثيًا ديمقراطيًا تقدميًا"، وهو الأرضية التي تنطلق منها، لاحتواء مختلف الحساسيات والأطياف الثقافية والفكرية والسياسية المختلفة، وحتى المتصارعة منها، مثل حالة استضافة عبد الإله بنكيران، زعيم حزب العدالة والتنمية الإسلامي، الأمر الذي خلق جدلًا وقتها، وكذلك حين استضافة زعيم حزب الاتحاد الاشتراكي، إدريس لشكر.
وبعد مرور أزيد من عام على الانطلاق، يبدو أن مؤسسة "المشروع للتفكير والتكوين" قد استطاعت أن تلفت إليها انتباه النخبة الثقافية والسياسية في المغرب، بفضل الملفات والمحاضرات التي تشرف على تنظيمها. فالمؤسسة التي يترأسها الأكاديمي المغربي، عبد اللطيف كمال، تضم في عضويتها قامات ثقافية وفكرية مهمة كسعيد يقطين ومحمد الداهي وعبد الرحمن طنكول وإدريس بنسعيد، وغيرهم.
وقد شارك الأكاديمي والناقد المعروف، سعيد يقطين، في لقاء فكري حول "المجتمع والثقافة"، أما الأكاديمي والوزير الأسبق، الدكتور عبد الله ساعف، فقد شارك في لقاء آخر حول "الفكر والسياسة". ويظهر من خلال لقاءات أخرى، مثل "في ضرورة اليسار" الذي حضرته مختلف أطياف اليسار المغربي، و"منظومة التربية والتكوين ومراجعة البرامج الدراسية الدينية"، أن المؤسسة تسير في درب مشابه لمراكز الأبحاث الغربية، أو ما يعرف بـ Think tank في نسخة مغربية، وذلك في ضوء الشراكات التي أقامتها مع مؤسسات دولية مماثلة في كل من فرنسا وإسبانيا وبلجيكا والولايات المتحدة الأميركية والسويد.
مشروع وُلد نائمًا؟
وفي مقابل الذين يناصرون تجربة هذه المؤسسة ومسارها، ثمة من يجد أنها "مشروع ثقافي ولد نائمًا"، وفق تعبير الأديب والمختص في شؤون المعرفة، صلاح بوسريف، الذي قال لـ"ملحق الثقافة" :"إن كل المشاريع الفكرية والثقافية التي تصدر عن أحزاب سياسية، من اليسار أو من اليمين، هي مشاريع تضع السياسة أو الحزب في الواجهة، وليس ما تدعيه من مشاريع ثقافية".
وأوضح بوسريف أن السبب يعود بالأساس إلى أن "هذه المشاريع الفكرية أو الأفكار الثقافية تكتفي بالإنصات إلى من تعتبرهم من مثقفي ومفكري الحزب، أو من يدينون بالولاء له، ولا يقبلون الرأي الحر المستقل، الذي غالبًا ما يقترح أفكارًا لا تسير في درب التوجه الفكري أو الأيديولوجي للحزب، ولأن فيها جرأة لا يقدر الحزب على تبنيها". وأضاف منتقدًا الحزب الذي احتضن تجربة المؤسسة : إن حزب الاتحاد الاشتراكي يعيش حاليًا أزمة فكر، وأزمة رؤية فكرية، وهو حزب لم يراجع نفسه ولم ينتقد أخطاءه، ولا ما كان سببًا فيه من مشكلات، وهي التي أتاحت للإسلاميين الوصول إلى السلطة في المغرب، حين كانوا هم في السلطة".