}

المدينة المثالية كما رآها ابن رشد (2/2)

ترجمات المدينة المثالية كما رآها ابن رشد (2/2)
خوان أنطونيو باتشيكو وكتابه "ابن رشد: سيرة فكرية"
صدر مؤخرًا باللغة الإسبانية كتاب "ابن رشد: سيرة فكرية"، وهو كتاب يتناول سيرة أحد أبرز المفكرين العرب على مرّ التاريخ، ابن رشد، المُلقب كذلك بـ أرسطو العرب.

وفي استعراض لحياة فكرية ملأى بالمجد والألم، يحلل المستعرب والمؤرخ الإسباني خوان أنطونيو باتشيكو، المتخصص في التاريخ والدراسات الإسلامية، أعمال ابن رشد وعلاقتها بأرسطو وأفلاطون من ناحية، والفارابي والكندي من ناحية أخرى، وربط هذه الأعمال بصعود إمبراطورية الموحدين، التي كانت بالنسبة لابن رشد الأمل الكبير في تأسيس مدينة مثالية.

هنا مجتزأ من الكتاب يتناول شكل المدينة التي تمنّى ابن رشد أن تتحقق في زمنه. مدينة، كما أفلاطون، يحكمها الفلاسفة. وأدناه القسم الثاني والأخير من هذا المجتزأ.

[ترجمة: أحمد عبد اللطيف]

 

المدينة الموحدية وفقًا لابن رشد

لا بد أن الإحالة لأسس حكومة المدينة الأخيرة إلى الحاكم الأعلى في طرح أفلاطون في "القوانين"، قد ترك أثرًا في ضمير ابن رشد، وقد استخدم الكتاب المذكور في تعليقه على "الجمهورية". وفي فكره السياسي، كانت لفيلسوف قرطبة مرجعية قريبة هي تجربته ذاتها في البلاط الموحدي، الذي شغل فيه منصبًا مرموقًا بالقرب من الأمير، وهي تجربة تحدد نطاق وحدود نظريته.

إن الفكرة التي طرحها أفلاطون حول مشرّع أعلى، موائم وقادر على خلق حكومات منسجمة وحكامًا مندمجين، هي بالضبط نفس ما يتوقعه المرء من شكل الحكومة الموحدية: الخليفة (ظل الله على الأرض بطبيعته)، هو الوحيد القادر على توحيد المتنوع في توليفة مثالية موجهة إلى الوحدة الإلهية، المشار إليها بوضوح في سورة الإخلاص. هذه الوحدة، وحدة الخالق المتجلية في معنى المالك، تمنح الكمال لكل من الفرد والكل الذي هو جزء منه. إن المؤمن الأصيل، باختصار، ليس سوى شخص يدرك تمامًا أن الله، كما قال أفلاطون الإلهي، ليس موجودًا من أجلك، بل أنت موجود من من أجل الله أو، كما يعبّر الوحي: "وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون" (الذاريات، 56).

يضيف تعليق ابن رشد إلى أشكال السياسة التي استعرضها أفلاطون وقرأناها للتو، شكلين آخرين: سياسة الضرورة، وسياسة صاحب الشهوة، وغاية أصحاب هذه السياسة بلوغ اللذة دون غيرها. في جميع الحالات، يشير إلى الانحطاط التدريجي كسبب بدايةً من الأنظمة الملكية وحتى الاستبداد، باعتباره الأكثر فسادًا. في هذه المرحلة، يطبق ابن رشد هذا التسلسل التحويلي على تاريخ قرطبة المسلمة.

عندما ترتكب الأوليجاركية تجاوزات في حق الشعب، يلجأ الأخير إلى الأكثر طموحًا على الإطلاق ويضخّمه أكثر، وبالتالي فإن "بداية تحول هذا القائد إلى طاغية بعد وجود نظام ديمقراطي، تتمثل في حقيقة أنه يبدأ في ارتكاب أعمال استبدادية في حكومته حتى يصبح طاغية مطلقًا. وحالما يثبت له أن الشعب تحت السيطرة، يفعل كل الأذى الذي يريده، ويعاقبهم كما يشاء، ويدمر ما يريد ولا يتوقف عن التصرف بهذه الطريقة حتى يحوّل المواطنون أنفسهم إلى طغاة بين بعضهم البعض".

إن الإشارة إلى قرطبة وخبرتها السياسية تزداد إيضاحًا كلما نتقدم في قراءة التعليق الذي فيه، متأثرًا بطرح أفلاطون، ينتقل ابن رشد إلى تاريخ قرطبة، بدون أي ثغرات تأويلية دخيلة على الفكرة الرئيسية. وهكذا، يقول الفيلسوف القرطبي: "ويشبه أن تكون الحال في المدينة الكرامية هي نفسها في مدينة الشهوة. وذلك أن المدينة الكرامية ومدينة الشهوة نوع واحد، وكثيرًا ما نرى الملوك فيها يؤول أمرهم إلى مثل فساد هؤلاء. مثال ذلك في هذا الزمان دولة القوم المعروفين بالمرابطين، إذ كانوا في ابتداء أمرهم يتبعون السياسة الشرعية. وذلك مع أول القائمين فيهم (=يوسف بن تاشفين)، ثم تحولوا مع ابنه إلى السياسة الكرامية لما أصابه هو أيضا حب المال. ثم تحول حفيده إلى السياسة الشهوانية في جميع أنواع الأشياء الشهوانية ففسدت المدينة أيامه. وذلك أن السياسة التي ناهضته في هذا الوقت كانت شبيهة بالسياسة الشرعية (=دولة الموحدين)" (الضروري في السياسة، ابن رشد عن أفلاطون، دار الفكر العربي، ص 188-189). "يتبين لك هذا من المدينة الجماعية في زماننا، فإنها كثيرًا ما تؤول إلى تسلط مثال ذلك الرئاسة التي قامت في أرضنا هذه، أعني قرطبة بعد الخمسمئة، لأنها كانت قريبة من الجماعية كلية، ثم آل أمرها بعد الأربعين وخمسمئة إلى تسلط. أما كيف يكون صعود التسلط بهذه الأعمال وما تؤول إليه سياسته أخيرًا وما مقدار ما يلحق المدينة منه من الضرر والشر وكذلك سوء المآل الذي يلحقه بنقصه" (المصدر نفسه ص 196).

بالاقتراب من هوية الشخص الذي يصفه ابن رشد بأنه تجسيد للاستبداد، يستشهد برأي أفلاطون عندما يقول إن إحدى خصائص الطاغية إخضاع المواطنين للقوانين تحت ستار أن مقاصده طيبة وأن أوامره ليست أكثر من نوايا سليمة دافعها الحماس في أداء مهمته، وهي مراقبة خير المجتمع وتصويب شؤون المدينة.

وبمجرد السلام مع أعدائه في الخارج، عن طريق اتفاق سلمي أو باستخدام القوة، يعود إلى شؤون المدينة ويثير عداوات حربية بين أعضائها. وبالتالي، يسيطر عليهم، وكلما زادت السيطرة سهل الاستيلاء على أصولهم، وبمجرد تجريدهم من ممتلكاتهم لن يتمكنوا أبدًا من استعادتها. سيكونون قلقين جدًا بشأن العيش، بحيث لن يكون لديهم وقت لأي شيء آخر.

في هذه المرحلة، يكشف ابن رشد بوضوح عن اسم الشخص الذي جسد، في رأيه ، شرور كل طغيان محتمل في قرطبة، كل هذا حدث في قرطبة بسبب رجل كان يدعى ابن غانية. كما هو معروف، كان بنو غانية أبناء عائلة بربرية، وهي قبيلة نشأ فيها المرابطون. يشير اسم غانية إلى اسم أميرة مرابطية زوجها السلطان المرابطي يوسف بن تاشفين لابنه علي بن يوسف. وأنجب ولدين: يحيى ومحمد. أما يحيى بن غانية فقاتل وانتصر على ملك أراجون، ألفونسو الأول المقاتل عام 1133، وكان حاكم مرسية وبلنسية. في عام 1174 دافع عن قرطبة من هجمات الملك نفسه، وكان من آخر معاقل الدفاع المرابطي ضد الوجود الموحدي في الأندلس. توفي في غرناطة عام 1148، لكن تجربته الحياتية تجسد تجربة نظام كامل، المرابطون، الذي جسّد في نظر الموحدين الفساد والانحراف الأكثر تطرفًا لمبادئ الحكم الإسلامي الرشيد، كما يتضح من التصريحات الأولية وفي المقاصد الإصلاحية للمهدي بن تومرت، الذي أشرنا إلى فكره وأيديولوجيته في صفحات سابقة.

ابن رشد، الذي سيُدان بخزي رسمي، والمهدد كذلك باختفاء جسدي، يستشعر أو يدرك أن شيئًا جديدًا قد حدث أو على وشك الحدوث: نهاية التاريخ!


من المثير للاهتمام ملاحظة المساحة التي يكرسها ابن رشد للاستبداد في تعليقه والإحالات التاريخية لوجودها في السياسة الأندلسية كما رأينا للتو. في هذا الاهتمام، يمكننا أيضًا ملاحظة دلالات مهمة أخرى مثل عندما يشير إلى أن جميع أعمال الاستبداد واضحة للناس في عصرنا، ليس فقط من خلال مظاهر مكتوبة (مثل تلك التي قام بها هو نفسه)، ولكن من خلال الدليل ذاته على حواسهم (أي لأن المواطنين لديهم في الأفق).

الطاغية، تجسيد كل الرذائل، لا يتحكم في عواطفه، وهو دائمًا جشع لتحقيق مكاسب مادية والحصول عليها، إما يقترضها أو يتلقاها من كرم الآخرين، ويعمل على زيادة الاحتياجات العاجلة، وبالتالي، يتعين عليه اللجوء إلى القوة أو، إذا لم يحصل عليها بطريقة ما، سيعاني من الحزن مثل امرأة حائض أو مثل رجل مريض مليء بالآلام.

وفقًا لهذا الموقف الاستبدادي للحاكم، كما يقول ابن رشد، يعاني المواطن أيضًا من شروره الناتجة عن ذلك، حيث أن الطاغية والمواطن محتاجان وفقيران للغاية، كما يشير أفلاطون: "بالطريقة نفسها التي يعانيها الناس من الخوف، فإن الطاغية أيضًا يعاني من الخوف والحزن، لأن روحه ممزقة باستمرار بين رغباته وإنجازاته".

مع ما ذكرناه، ورغم الإيجاز الذي تفرضه المساحة، أتاحت لنا الفرصة رؤية ابن رشد، محايدًا أحيانًا أمام العديد من المفاهيم السياسة الأفلاطونية، ومن ناحية، ابن رشد كملتزم بالظروف الواقعية لسياسة مجتمعه. وفي نهاية الكتاب الثالث من تعليقه، يكرّس الفيلسوف القرطبي الرسالة لشخص لا يوجد اتفاق بين العلماء حول هويته:

"فهذا، أدام الله عزكم وأطال بقاءكم، جملة الأقاويل العلمية الضرورية في هذا الجزء من العلم المدني، الذي تشتمل عليه الأقاويل المنسوبة إلى أفلاطون، قد بيناها بأوجز ما أمكن، مع اضطراب الوقت. وهذا إنما تأتى لنا بما آزرتمونا به لفهمها، وبفضل مشاركتكم في ما نتوق إليه من هذه العلوم، وبعونكم لنا عليها في جميع وجوهها أحسن العون وأكمله. وأنتم لم تكونوا لنا سببًا في إلهامنا واكتسابنا لما هو جميل وحسب، بل كذلك في جميع ما حزناه من الخيرات الإنسانية التي ألهمنا الله تعالى إليها بفضلكم أدام الله عزكم" (المصدر نفسه، ص 208).

يحدد إروين آي جيه روسنتهل، محرر تعليق ابن رشد على السياسة الأفلاطونية، هذه الشخصية المجهولة التي يوجه إليها الفيلسوف عمله في شخص الخليفة يوسف أو ابنه المنصور لأن صفات الرجل من رعاية ورفعة فكرية، ما يشير إليها ابن رشد، يبدو أنها تتوافق مع تلك الشخصيات الرفيعة. على عكس هذا الافتراض، يشير بدوي إلى أن المرجح أن الإهداء موجّه إلى شخصية بارزة في البلاط الموحدي، في مراكش أو في إشبيلية، كان بإمكانه مساعدته في كتابة العمل من خلال توضيح المفاهيم أو تحديد المفاهيم أو تقديم البيانات التاريخية الملموسة التي يشير إليها ابن رشد عندما يتحدث عن طغيان بني غانية.

ثمة جانب آخر مثير للاهتمام، وهو الالتزام المذكور لابن رشد بالسياسة الموحدية التي تتجلى ضمنيًا منذ اللحظة التي قرر فيها تقديم تعليق على عمل ليس لأرسطو، ويظهر ميزات يرفضها الفيلسوف القرطبي مثل تلك المتعلقة بخلود النفوس والتدخل فيها من الآلهة الوثنية التي، وفقًا للمعلق، ساهمت في ارتباك أفلاطون.

كان من الممكن اختيار هذا السبب من ضمن أسباب أخرى تبرز، كما قلنا، علاقة السياسة كعلم عملي، مع عناصر متعالية مثل تدخل المشرّع الأعلى الذي مثاله، الحاكم بوضعه مع وظيفة ليست فقط سياسية، ولكن قبل كل شيء فلسفية.

إن الاستخدام الجيد للقانون، الإلهي في أصله والإنساني في تطبيقاته الاجتماعية، يبرره "تبرير" سابق للمعتقدات التي تغذي الإيمان، وهذا التبرير، وهو أيضًا تعويض، لا يمكن تنفيذه إلا في مدينة مثالية يحكمها فيلسوف. بالنسبة لابن رشد، كانت تلك المدينة هي المدينة الموحدية التي تنبع أسسها من مشروع سياسي بذل فيه مؤسسها، ابن تومرت، كل جهده وأدى ذلك إلى بناء مدينة محمية من جبال أطلس مارو، مشيدةً على طريقة المدينة المثالية والحقيقية التي شيّدها النبي في المدينة المنورة من عام 622 إلى 632. بقيت تلك الإشارة غير الملموسة وغير القابلة للفساد، حيةً في خلافة ورثة الموحدين المهدي، يوسف والمنصور، وهم نماذج من الحكماء المطلعين على المبادئ العقلانية التي تسعى إلى إقامة الحكم الرشيد.

النبي، التجسد الدنيوي للحاكم المثالي لأن قوانينه انبثقت مباشرةً من الله تعالى، كان أيضًا حاكمًا حكيمًا، لأن الوحي الذي تلقاه جاء من الحكيم نفسه. لذلك كان للوظيفة التبريرية والتصالحية للحركة الموحدية مرجعية صلبة، تشبثت بها في جميع مظاهرها السياسية. لذلك، يمكن أن يعتقد ابن رشد أن وقت ظهور المدينة المثالية، كما فكر أفلاطون والفارابي، قد وصل أخيرًا مع الإصلاح الموحدي وأنه، مثل المدينة المنورة، سينشر أشعة النبلاء السياسيين في جميع أنحاء العالم الإسلامي.

في نهاية الكتاب التاسع من جمهورية أفلاطون، يشرح سقراط لـ جلوكون أن المثال أو النموذج الأصلي للمدينة المثالية موجود فقط في الجنة، بعيًدا عن المحاولات الأرضية، ولكن كنموذج، يجب إحالة التشييد الحقيقي للمدن المثالية إليه، ويجب أن يعهد بالبناء إلى الفلاسفة. كانت جميع المدن المثالية للتاريخ السياسي تقريبًا تتعلق بالإشارة إلى نموذجها السماوي، كما هي الحال في القدس الأرضية، أمام القدس السماوية. في الإسلام، الكعبة وحرمها ترسيخ المجال المحلي الذي أنشئ في السماء، وفي وقت لاحق، يوتوبيا عصر النهضة، يوتوبيا توماس مور أو كامبانيلا، والاستفادة من الصور غير الأرضية ونموذجها الجنة، كما يمكننا أن نقرأ في المدينة الفاضلة للأول ومدينة الشمس للثاني.

ربما تكون المدينة الموحدية، وفقًا لابن رشد، تجسيدًا ماديًا، الأولى في تاريخ البشرية، لمدينة مثالية يحكمها حكام إن لم يكونوا فلاسفة بالمعنى الكامل لهذه الكلمة، فالفلاسفة يتمتعون بالقرب من الحاكم ويخوّل لهم ممارسة وظائف حكومة موازية تؤسس للعقل والعقلانية. في المقابلة الأولى مع أبي يعقوب يوسف، أظهر علامات على معرفة عالية بالقضايا الفلسفية التي لا أحد يبلغها إلا النخبة، وفقًا لابن رشد، وهي مجموعة صغيرة من الأشخاص الموهوبين المتخصصين في هذه المعرفة.

كعينة إثبات، مع القيود الخاصة التي يفرضها التخمين والافتراض، يمكننا تأمل تعليق الفيلسوف القرطبي، لنرى فيه دليلًا واضحًا على أنه كان على اقتناع بأن مدينته، مدينة الموحدين، استوفت أو يمكن أن تستوفي شروط المدينة المثالية:

"والجواب أنه يمكن أن نربي أناسًا بهذه الصفات الطبيعية التي وصفناهم بها، ومع ذلك ينشأون وقد اختاروا الناموس العام المشترك الذي لا مناص لأمة من هذه الأمم من اختياره، وتكون مع ذلك شريعتهم الخاصة بهم غير مخالفة للشرائع الإنسانية وتكون الفلسفة قد بلغت على عهدهم غايتها. وذلك كما هي عليه الحال في زماننا هذا وفي ملتنا هذه، فإذا ما اتفق لمثل هؤلاء أن يكونوا أصحاب حكم وذلك في زمن لا ينقطع، صار ممكنًا أن توجد هذه المدينة". (الضروري في السياسة، ص 140).

ابن رشد، الذي سيُدان بخزي رسمي، كما سنرى لاحقًا، والمهدد كذلك باختفاء جسدي، يستشعر أو يدرك أن شيئًا جديدًا قد حدث أو على وشك الحدوث: نهاية التاريخ. بصفته قاضيًا، فهو يعرف عن الإجراء التشريعي بعبارات عامة وخاصة، وكشخص ناضج ومحنك ومتعلم وحكيم، فهو يعرف التاريخ الماضي ويتأمل التاريخ الحالي.

كمسلم، فإنه يؤمن بالآية القرآنية: "كنتم خير أمة أخرجت للناس تأمرون بالمعروف وتنهون عن المنكر وتؤمنون بالله" (سورة آل عمران، 110). بالإضافة، فإنه يأمل أن تتحقق هذه الكلمات داخل المجتمع الموحدي. وكسياسي، فاستراتيجيته تثق في التحقيق الكامل لهذا الأمل في نظام حكم مستقر ودائم يحكمه "أصحاب حكم في زمن لا ينقطع"  والإمبراطورية الموحدية، في ذلك الزمن، أعطت نموذجًا لديمومتها وبقائها.

كفيلسوف، في نهاية المطاف، يتماهى ابن رشد مع ما يشير إليه أفلاطون في اليوثيديموس:"طموح كل إنسان السعادة "ـ بحسب سقراط، وهي القناعة نفسها التي سيعبّر عنها تلميذه أرسطو، مع اعتبار أن الخير الأسمى نصل إليه عبر ممارسة فضيلة تظهر قيمتها في القوانين: "كل الذهب فوق الأرض وتحتها، لا يكفي لإعطائه مقابل الفضيلة". إن ممارسة الفضيلة، في العلوم السياسية الأفلاطونية كما في الأفق السياسي لابن رشد، محددة في قول الجمهورية: "لن تهجر الآلهة قط هذا الذي يسعى جاهدًا ويحاول التشبه بالإله بممارسة الفضيلة بقدر قدرة الإنسان". 

مقالات اخرى للكاتب

الدخول

سجل عن طريق

هل نسيت كلمة المرور؟

أدخل عنوان بريدك الإلكتروني المستخدم للتسجيل معنا و سنقوم بإرسال بريد إلكتروني يحتوي على رابط لإعادة ضبط كلمة المرور.

شكرا

الرجاء مراجعة بريدك الالكتروني. تمّ إرسال بريد إلكتروني يوضّح الخطوات اللّازمة لإنشاء كلمة المرور الجديدة.