}

"فضاء نابض": معرض تشكيلي يجسّد يوميات إبداعية

 

أقامت جمعية التشكيليين العراقيين في كربلاء معرضًا فنيًا متميزًا شارك فيه نحو 35 فنانًا من مختلف الأجيال عرضوا نحو 60 عملًا من أعمالهم المختلفة المدارس والاتجاهات، وحمل المعرض الذي هو الثاني من نوعه الذي تقيمه الجمعية عنوان "فضاء نابض"، وقد شهد حضورًا فاعلًا للمثقفين والأدباء ووسائل الإعلام المختلفة الذين ضجت بهم قاعة متحف صلاح حيثاني، فضلًا عن حضور فنانين من محافظات عراقية مختلفة. 

عبًر العديد من الفنانين عن رؤاهم لهذا المعرض؛ قال الفنان فاضل ضامد إن المعرض يعدّ محطة جديدة لانطلاق أساليب مختلفة وأفكار رائعة لنحو ستين عملًا كانت جميعها منافسة لما هو مطروح في الساحة التشكيلية العراقية. وأضاف أن الفنان خصب بمشاهداته اليومية وتأثره بمحيطه وليس من المفترض أن تشابه أو تحاكي الواقع المحيط لكن أن تكتشف سلوك هذا الواقع من خلال تجربة الفنان وانتمائه. وذكر أن ما بين الواقعية والتجريدية بون شاسع إلا أن المعرض ألّف بين أكثر من مدرسة فنية كانت التعبيرية والتجريدية هما اشتغالات الفنان بحرفية عالية. وأكد أن جمعية الفنانين التشكيليين العراقيين تحاول أن ترسم خارطة تشكيلية توثيقية ولذلك دأبت على التوثيق من خلال ملف حمل بداخله لوحات مختارة تمثل شخصية الفنان الفنية. واعتبر ضامد أن المعرض قدم تجليات وإرهاصات الفنان العراقي المتأثر بيومياته، باختلاف توجهاته نحو التعبير، مبينًا أن أكثرهم يشتغلون بحساسية عالية مدركين أن التركيز على ما يدور من أحداث هو مركز اشتغالهم لسحب المتلقّي إلى ساحة التأمل والتساؤل رغم أن الفنان يركز دائمًا على أن يترك خيار المضامين مفتوحة نحو أكثر من معنى وأكثر من تصور معتبرًا الخيال هنا صفة يترصدها الفنان لإنتاج عمل فني يزدهر باللون والخط والمساحة والفضاء لإعمار تكامل اللوحة حتى العرض. ولفت إلى أن خصوصية المعرض توضحت من خلال تنوع المشاركات ما بين السيراميك والنحت والرسم.

أما الفنان التشكيلي عايد السيلاوي فقال إن المشاركين من الفنانين أطلقوا العنان لأفكارهم ورؤاهم لأن تتسيّد وتفترش قماشة اللوحة تقول ما تريد. وأضاف أن الهدف المشترك لجميع المشاركين هو رفع مستوى التذوق البصري وتقديم الفن الجاد والمتحضر الذي يطرح أفكارًا لا حدود لها وإبداعًا غير متناه من ناحية التكوين واللون بالإضافة إلى البساطة الفنية الكامنة في الطرح والتقديم للمتلقي. وأشار إلى أن الدافع كان كبيرًا والحافز مهمًا لتقديم الجديد والمتنوع من حيث الأسلوب والتأثير حسب اختلاف سنوات الخبرة لدى الفنانين المشاركين، ولفت إلى أن بعض الفنانين جسّد صورًا واقعية مما تحفل به حياتنا اليومية من تفاصيل وبعضهم عبر بأسلوب تعبيري لصياغة ما يريد وهناك من ذهب إلى الحداثة وجمالياتها حيث شفافية التعبير والانتقاء عبر الكثافات اللونية والخطوط والملمس.



الفنان التشكيلي والنحات حسين الإبراهيمي قال إنه من خلال رؤيتنا للأعمال الفنية نجد أن هناك تنوعًا بالمدارس الفنية حيث كانت اللوحة السريالية والانطباعية والطبيعة، وأعطى الإبراهيمي مثالًا أعمال الفنان عصام عبد الإله في هذا المعرض كونها تمثل نقلة نوعية من حيث استخدام اللون كقيمة بصرية من خلال تداخل الألوان بطريقة توحي أن هنالك حوارًا فيما بينها، وذكر أيضًا أعمال الفنان فاضل ضامد فقد كانت تقف أمام أساطير متجذرة في الوجدان، أما لوحة الفنان عماد جواد التي تبنى بها موضوع الأهوار وما تعانيه الآن فقد استطاع وهو الملوّن المتمكّن من أدواته أن يرسم طبيعة الأهوار بكل تفاصيلها، والدكتورة في مجال الطب مروة سامي أرادت باستخدام الرموز السومرية أن تطرح مسألة جفاف الأهوار الحالية برمزية عالية، فيما كانت خزفيات الخزاف عقيل مزعل شاخصة في المعرض تمثل رؤية متميزة للموروث الشعبي ولكن برمزية عالية وبتكوينات متميزة تدل على إمكانية الفنان بدراسة الكتلة والفضاء. وعن لوحاته قال الإبراهيمي: ربما استطعت أن أكون جسمًا متوازنًا ما بين الشكل المدور مع حروفيات بخط الثلث تظهر جمالية الخط العربي على جسم حلزوني يصلح أن يكون نصبًا فنيًا يجمّل ساحة من ساحات المدينة. وذكر أيضًا عن تجربة الفنانة تمارا الأنباري التي عدّها متميزة بأعمالها الورقية وأسلوب العرض وجرأتها في العمل والتي جعلت لوحتها المكونة من أجزاء متعددة أيقونة المعرض.


منجز بصري

الناقد وعميد كلية الفنون الجميلة في كربلاء إحسان طالب المسعودي عدّ المعرض مُنجزًا بصريًا عبّر عن إرادة في تخطّي المفاهيم الفنية الآفلة، إذ أن غالب الأعمال تمثل استفاقة الذات والولوج نحو عدمية فاعلة حرصت على التشكيك والإنكار المطلق للأنظمة التقليدية ما أعطى القوى للعمل الفني لتغيير مساراته كي يستنهض ببناءات معرفية في إحياء وجود الذات الفاعلة والحيوية ورسم خارطة فنية جديدة من هدم وتغيير للنظم والمعايير الجمالية السالفة. وذكر أن هناك أعمالًا لا تخلو من الأبعاد السيكولوجية التي ضمنها الفنان لدواعي التطهير أو تداعياته النفسية، في حين نجد بعض الفنانين استدركوا المنجز البصري عبر تبلوره في إمكانات سرعة الإنجاز والتشييد والابتكار وبتغايرات شكلية وتجريدات في الخطوط الإيهامية التي تتخطى كل العقائدية الدوغمائية إذ أزيح المنجز الفني إلى مسارات أخرى تعبيرًا عن ذات الفنان المتحررة.

 


الدخول

سجل عن طريق

هل نسيت كلمة المرور؟

أدخل عنوان بريدك الإلكتروني المستخدم للتسجيل معنا و سنقوم بإرسال بريد إلكتروني يحتوي على رابط لإعادة ضبط كلمة المرور.

شكرا

الرجاء مراجعة بريدك الالكتروني. تمّ إرسال بريد إلكتروني يوضّح الخطوات اللّازمة لإنشاء كلمة المرور الجديدة.