}

هوليوود تعود إلى صناعة الأفلام الصينية

سمير رمان سمير رمان 11 سبتمبر 2021
سينما هوليوود تعود إلى صناعة الأفلام الصينية
ملصق الفيلم



في الثاني من سبتمبر/ أيلول 2021، بدأ في ألمانيا عرض فيلم الحركة والمغامرات "شانغ تشي وأسطورة الخواتم العشر"، للمخرج داستن دانيال كريتون.
عرض الفيلم لأول مرة في لوس أنجلوس في 16 آب/ أغسطس 2021، وحقق حتى الآن 150 مليون دولار في جميع أرجاء العالم. جرّب صانعو الفيلم المزاوجة بين الأسلوب السينمائي المعروف بالفنون القتالية دفاعًا عن النفس، وبين أسلوب عالم الأبطال الخارقين الأكثر اعتيادًا لدى المشاهد الغربي.
قبل أن يتحول الفيلم إلى الإنتاج، بقي المشروع قابعًا عقودًا في أدراج شركة مارفيل. في أوائل السبعينيات، ظهرت أسطورة الكونغ فو في أفلام ساخرة أنتجتها شركة مارفيل أثناء الموجة الأولى من اهتمام أميركا بالفنون القتالية، كالكاراتيه، والجودو، والكونغ فو. وعلى الرغم من أنّ شخصية بروس لي كانت الملهمة، إلَّا أنّ فيلم "شانغ تشي" قدم مجموعة من الصور النمطية العنصرية تمامًا. والد شانغ تشي كان الشرير فو- ماتشو، الذي ظهر في بداية القرن العشرين كتجسيدٍ لـ"الخطر الأصفر". مع ذلك، كان شانغ تشي، على عكس أبيه الشرير، فتىً طيبًا انضمّ في مرحلةٍ من مراحل حياته المضطربة إلى "المنتقمين/ Avengers".




أمّا في شأن تجسيد شخصية البطل شانغ - تشي على الشاشة، فقد فكّرStanley Lieber (المعروف بـ Stan Lee)، رئيس شركة Marvel Productions في الثمانينيات، بإسناد دور شانغ تشي إلى الممثل لي براندون، كونه ابن الأسطورة بروس- لي. غير أنّ الفكرة نُسيت تمامًا حتى العقد الأول من الألفية، ولكنها أعيدت إلى الأدراج مرةً أُخرى، لترى النور أخيرًا عام 2018، عندما تمّ التعاقد على كتابة السيناريو مع المؤلف الصيني المولد ديفيد كالاهام، الذي سبق له أن ترك بصماته، من بين أمورٍ أُخرى، في أفلام مثل The Expendables، وتتمة فيلم Miracle women، والنسخة الجديدة الأخيرة من فيلم "Mortal Combat".
كان السبب الرئيسي وراء إحياء المشروع هو الاهتمام الشديد بالسوق الصينية الذي أبدته شركة ديزني، المالكة الجديدة لشركة مارفيل، فالسوق الصينية أصبحت منذ عام 2008، وبعد صدور فيلم "الرجل الحديدي"، وهو باكورة أفلام شركة MCU في الصين، واحدةً من أولويات الأستوديو، وخاصة في الوقت الحالي، بعد أن تعافت السوق الصينية تمامًا من آثار جائحة كوفيد ـ 19، وبعد أن أصبح عرض الأفلام يتمّ بحرية كاملة، على عكس الأسواق الأوربية والأميركية.
بالإضافة إلى ذلك، يتيح أول فيلمٍ يلعب دور البطولة فيه رجلٌ آسيويٌّ خارق لشركة مارفيل وديزني الجمع بين أمرين جيدين: جني الأرباح، واستعراض ثقافتها متعددة الجوانب وتميزها وفرادتها. فينفو/ wenwu، هو الاسم الذي أُطلق على والد شانغ تشي، قائد جيش الخواتم العشرة العظيم، قام بدوره Tony Leung Chu Wai، الذي جاءته الفرصة أخيرًا، وهو في العقد السادس من عمره، ليلعب دور الشرير في أفلام هوليوود الشهيرة، فأثبت بجدارةٍ أن لا أحد غيره يستطيع أن يجسد دور بطلٍ قاتلٍ، مضطربٍ نفسيًا، وغامضٍ في الوقت نفسه، توّاق إلى حبٍّ لم يحظ به.




إلى جانب الممثل توني ليون (من هونغ كونغ)، شاركت في الفيلم ممثلة آسيوية يعرفها المشاهد الغربي معرفةً جيدة، وهي الماليزية ميشيل يوه، بينما أوكلت مهمة جذب جمهور الشباب الأميركي إلى الممثلة الأميركية أكفافينا، التي لسببٍ ما يستدعونها كلما تطلب سيناريو الفيلم وجود امرأة آسيوية عصرية محطمة للقلوب. تلعب الأدوار الأُخرى وجوه جديدة غير مألوفة. على سبيل المثال، الممثل الكندي سيمو ليو، الذي كان يظهر بشكلٍ خاطف، قبل هذا الفيلم، في أدوار ثانوية للغاية في مسلسلات تلفزيونية. كما أنّ المخرج دانيال كريتون جديدٌ أيضًا تقريبًا: كان "الأسطورة" فيلمه الخامس الطويل.
في الفيلم، يجبر شانغ تشي على مواجهة ماضيه بعد أن جُرّ للدخول في منظمة الخواتم العشرة التي أسسها والده. تدور أحداث الفيلم في مدينة سان فرانسيسكو، وفي مستعمرة ماكاو المتألقة بأنوار مصابيح النيون، وكذلك في قريةٍ أسطورية خيالية تدعى (تانغ لو)، بالغَ، في سبيل بنائها، رسامو الفيلم في استعارة نماذج من الفولكلور، ومن الأفلام الصينية المصنوعة بأسلوب (Wuxia) أبطال الدفاع عن النفس. خرجت الصورة وقد طغى عليها كثير من المبالغة في استخدام النماذج البلاستيكية والمظاهر السياحية، غير أنّ نقص الأصالة استدعى إضفاء مزيدٍ من الغرابة على مختلف الحيوانات القاطنة قرية Tang Lo: فكانت أسود بأنيابٍ بارزة، وخيولٌ زرقاء ذوات قرون، ومخلوقات مجنحة بلا رؤوس بأصواتٍ مخيفة بمقدور كلّ منها إثارة مشاعر تخرج عن سيطرة المُشاهد، فبدت التنانين الرقمية العملاقة التي تظهر في النهاية تافهةً مقارنةً بها.




بطبيعة الحال، ومن دون بعضٍ من التلميحات النسوية، لن يكون الفيلم مشوقًا: فقد كانت إحدى خطايا Wenwu، تقليله من شأن ابنته Zhang Men'er))، التي أهملها تمامًا، وقد كرّس كلّ وقته وكامل جهده في تربية وتدريب الابن. بيد أنّ الفتاة أظهرت إرادة وتصميمًا، فبادرت بنفسها إلى التدرّب على فنون الكونغ فو مظهرةً براعة لافتة، أتبعتها بإنشاء نادٍ قتاليّ خاصٍّ بها.
تعيش قرية (تان لو) في ظلّ مساواة مطلقة في الحقوق بين سكانها المتمسكين بالقيم الأسرية التقليدية: في النهاية، يخلص الفيلم إلى قيمةٍ أخلاقية مفادها أنّ أيّ بطلٍ، وبغض النظر عن القوى الخارقة التي يمتلكها، ولكي يتمكن من الفوز، سيكون في حاجةٍ إلى التمسك بجذوره، لأنّ الأسلاف لم يكونوا حمقى بأي حالٍ من الأحوال، ولديهم كثير مما يمكن التعلّم منه. كانت الشركة تفترض بطبيعة الحال أن هذه الرسالة الأخلاقية ستنال رضى الرقابة الصينية، ولكنّ الفيلم لم ينل الرخصة لعرضه في السوق الصينية، وقد لا يظهر أبدًا على شاشات السينما هناك.

الدخول

سجل عن طريق

هل نسيت كلمة المرور؟

أدخل عنوان بريدك الإلكتروني المستخدم للتسجيل معنا و سنقوم بإرسال بريد إلكتروني يحتوي على رابط لإعادة ضبط كلمة المرور.

شكرا

الرجاء مراجعة بريدك الالكتروني. تمّ إرسال بريد إلكتروني يوضّح الخطوات اللّازمة لإنشاء كلمة المرور الجديدة.