}

عن دُعابات وودي ألن ذات السطر الواحد

جورج كعدي جورج كعدي 27 أغسطس 2023
اجتماع عن دُعابات وودي ألن ذات السطر الواحد
وودي ألن صانع أفلام كوميدية ودرامية على السواء (Getty)

فلنمضِ معًا في استراحة من جدّية الفكر وعبوسه، ولنلجأ إلى بعض دعابات وودي ألن، سيّد الدعابة في أفلامه، إنّما قبل ذلك في نوعٍ احترفه في بداياته ويعرف بـ"One Liner Jokes" أو "نكات السطر الواحد"، أي تلك الفكاهة ذات النَفَس الساخر القائم على المفارقة واللا متوقّع، إنّما بسطر واحد، ومن بضع كلمات فطنة، لمّاحة، تثير الضحك، والقهقهة أحيانًا، لاتّسامها بالتركيب الذكيّ والمفارق.
وودي ألن ذو الشهرة العالميّة (المفارقة هنا أنّه أكثر شهرة في أوروبا لكون حساسيته الفكرية والسينمائية أوروبية أكثر منها أميركية) هو ابن نيويورك، يهوديّ لم يأنف من الضحك على بيئته اليهوديّة التي نشأ فيها، وأفضل وأطرف مثال على ذلك فيلمه "أيّام الراديو̸  Radio Days"، الذي يؤوب فيه إلى ذكريات طفولته أواخر ثلاثينيّات القرن الفائت، وسط عائلته وأنسبائه، ساخرًا، ضاحكًا مع بعض الحنين. وثمة مشهد في هذا الفيلم (إنتاج عام 1987) لا أنساه حول صندوق أو "صينيّة" جمع التبرّعات للمدعوّة "إسرائيل"، وكم ضحكتُ يومذاك للنبرة الساخرة التي تشي بعدم إيمانه بهذا المشروع من أساسه، فضلًا عن لا مبالاته بيهوديّته، وشكوكه الدوغمائية حولها، كرجل لا دينيّ، وقد عبّر عنها بعمق ما بعده عمق في فيلمه الجديّ جدًا "جرائم وجنح" Crimes and misdemeanors (1982) محاججًا فيه حاخامات حول المفهوم الأخلاقي والدينيّ للجريمة، طارحًا أسئلة ذات أبعاد فلسفية وميتافيزيقية تتعلق بالجريمة والعقاب (إن كان ثمّة...) على طريقة دوستويفسكي.



وودي ألن صانع أفلام كوميدية ودرامية على السواء، وعازف كلارينيت محترف، يعزف على هذه الآلة مع فريق من الموسيقيين في نوادٍ ليليّة في نيويورك، وبانتظام (إلّا إذ كان في تصوير فيلم)، وهو ممثل طريف جدًا في عدد كبير من أفلامه، أو أفلام مخرجين آخرين، وله تجارب مسرحية كاتبًا وممثلًا. إنه مثقف لمّاح، وقارئ نهم (يُلمس ذلك في حوارات أفلامه ذات الطابع الثقافويّ، وأحيانًا النخبويّ، وكثرة استشهاداته بأدباء وفلاسفة وعلماء نفس). شخصية فريدة تحمل سمات عبقرية. غزير الإنتاج، له حتى اليوم أكثر من خمسين فيلمًا، وهو اليوم فوق الثمانين ولا يزال يصوّر أفلامًا وله حديثًا فيلم جديد لم يُعرض في الصالات بعد.
وودي ألن السينمائيّ تُكتب عنه كتب، لكنّنا لسنا هنا في معرض دراسة سينماه، بل في انتقاء لبعض دعاباته ذات السطر الواحد، كاستراحةٍ لنفوسنا المتعبة، وبخاصة في عالمنا العربيّ المنهك بالحروب والأزمات.
من دعابات وودي ألن التي دوّنها، أو ألقاها في نوادٍ ليليّة أمام جمهور محدود يهوى هذا النوع الكوميديّ (المستخدم أيضًا في الـ"ستاند أب كوميدي"):
"ساعة اليد هذه ثمينة جدًا لي. إنّه جدّي الذي باعني إيّاها وهو على فراش الموت".
"يمكن تعريف الذكاء الاصطناعي بأنّه نقيض البلاهة الطبيعية".
"إذا كان الله موجودًا، آمل أن يكون لديه عذرٌ جيّد".
"يبدو أنّ العالم منقسم حقًا بين أخيار وأشرار. الأخيار ينامون أفضل... لكنّ الأشرار يفيدون أكثر بكثير في أوقات يقظتهم".
"الأبدية طويلة جدًا، خاصةً صوب النهاية".
"حين لا أعمل، أفكّر، وحين أفكّر أصبح مكتئبًا".
"أحاول الانتهاء برسالة أمل. لا أملك منها. في المقابل، هل تلائمكم رسالتا فقدان أمل؟".
"ليس الأمر أني خائف حقًا من الموت، لكني أفضّل الّا أكون موجودًا حين يأتي".
"ليس لأنك منفصم الشخصية سيمتنعون عن إلقاء القبض عليك".
"تابعتُ درسًا في القراءة السريعة واستطعتُ قراءة "الحرب والسلم" في عشرين دقيقة. إنّه يتحدث عن روسيا".
"ليس فقط الله غير موجود، ولكن فوق ذلك يستحيل العثور على سمكريّ، يوم الأحد".
"الفأرة حيوان، بعد قتله بكميّة كافية، وفي ظروف خاضعة للمراقبة، يُنتج رسالة دكتوراة".
"الحياة مطعم صغير، سيّئ ومرتفع الأسعار. وفوق ذلك، هي قصيرة".
"ماذا لو كان كلّ شيء وهمًا، ولا حياة بعد الموت؟ في هذه الحالة أكون دفعتُ غاليًا جدًا ثمن سجادتي".
"الجواب هو نعم. لكن ما كان السؤال؟".
"ويا للأسف، سياسيّونا إمّا هم فاشلون، أو فاسدون. إنّهم في بعض الأحيان الأمران معًا، وفي اليوم نفسه".
"معظم الأحيان، لا أضحك كثيرًا. أمّا باقي الوقت فلا أضحكُ البتّة".
"يبقى الله صامتًا، لو نستطيع فقط إقناع الكائن البشريّ بأن يفعل مثله".
"طُردت من المدرسة بسبب غشٍّ في امتحان الميتافيزيق: كنتُ أقرأ في أفكار التلميذ الجالس بقربي".
"كم كنتُ لأكون سعيدًا لو كنتُ سعيدًا".
"امتلاك الإيمان بذكاء إلهي يهب طمأنينةً ما. إلّا أنّه لا يحرّرنا من مسؤوليتنا البشرية. هل أنا مرغم على رعاية أخي؟".
"لو يستطيع الله أن يرسل إليّ إشارة فقط! كأن يضع مؤونة مالية باسمي في بنك سويسري".
"حين يكون المرء ذكيًا، أسهل له لعب دور الأبله، بيد أن العكس مستحيل".
"عندما أستمع إلى ڨاغنر أرغب في اجتياح بولندا".
"المتاعب مثل لفّة الأوراق الصحية، تسحب واحدة تطلع لك اثنتان".
"يوم اختُطِفتُ، تحرّك والداي على الفور: أجّرا غرفتي".
"المرّة الأولى التي رأيتُ فيها امرأة عارية، طننتُ أنّ في الأمر خطأ ما".
"دماغي؟ هو عضوي الثاني المفضّل".
"في بيڨرلي هيلز لا يخرجون مستوعبات قمامتهم، يصنعون منها برامج تلفزيونية".
"الله مات، ماركس مات، وأنا نفسي لا أشعر بأنني على ما يرام".
"يستطيع الذئب والحَمَل أن يناما جنبًا إلى جنب، لكنّ الحَمَل لن يغفو جيدًا".
"بالنسبة إليكم، أنا ملحد. بالنسبة إلى الله أنا معارض شريف".
"فكرة: لماذا يَقتلُ الإنسان؟ يقتل لغذائه. وليس فقط لأجل هذا: ثمة حاجة إلى الشرب أيضًا".
"كنتُ أودّ أن أكون جاسوسًا، إنّما كان عليّ ابتلاع ميكروفيلم ومنعني طبيبي من ذلك".
"الإنسان يستغلّ الإنسان، وأحيانًا العكس".
"بحسب علماء الفلك المعاصرين، الكون محدود. إنّها فكرة مريحة، خاصة للأشخاص الذين لا يتذكرون أين وضعوا أغراضهم".
"لديّ أسئلة لكلّ أجوبتكم".
"أخطاء، لديّ الكثير منها. أولًا أنّي وُلدتُ. خطأ أوّل".
"لا أريد الخلود بفضل أعمالي. أريده بعدم الموت".
"لم أُرِدْ يومًا أن أكون طبيبًا نفسيًّا. أنا سعيد بكوني المريض".
"السرير هو مكان التدرّب على الموت".
"كي تحيا إلى عمر المئة عليك التخلّي عن كلّ الأشياء التي تعطيك رغبة في الحياة حتى عمر المئة".
"الإنسان مكوّن من جزْأين، الروح والجسد. لكنّ جَسَده يمرح أكثر".
"الأديان نوادٍ للطرد. إنّها تحدّد لك بوضوح مَنْ يجب أن تكره".
"النظام الديكتاتوريّ يقول لنا: اصمتوا. النظام الديمقراطي: استمرّوا في الجدال".
"العاشق للموسيقى هو سيّد يسمع سيدة جميلة تغني في حمّامها، يقترب من ثقب المفتاح ليضع أذنه".
"الحياة لا تقلّد الفن، إنّها تقلّد برامج التلفزيون السيّئة".
"الموت هو من الأمور النادرة التي نستطيع فعلها جيدًا، نائمين أو واقفين".
"هل ثمة في الطبيعة شيء كامل حقًا، عدا غباء عمّي".
"لم يُرَ أبدًا أعمى في نادٍ للعراة".
"من المستحيل أن ننتقل أسرع من الضوء، وإلّا فقدنا القبعة على الطريق".
"جلبت لي الشهرة فرصة كبيرة: النساء اللاتي يقلن لي "لا" هنّ أجمل من الزمن السابق".
"لن يكون التقمّص فكرة سيّئة إن كنت أستطيع العودة إلى الحياة كإسفنجة".
"أمرٌ مُعْمٍ من فرط وضوحه".
"في بيتنا أنا وحدي السيّد، زوجتي تتّخذ القرارات فقط".
"من أين نأتي؟ إلى أين نذهب؟ هل من أسعار خاصة بمجموعات؟".
"اسمعوا، لن يكون عالمًا أفضل إذا كانت كلّ جماعة تعتقد بأنّها تملك خطًا مباشرًا مع الله؟"...

هذا غيض من فيض ما جادت به قريحة وودي ألن في بداياته، قبل أن تتّخذ أشكالًا أخرى ضمن حوارات أفلامه الكوميدية، غير البعيدة عن هذا النوع الذي برع فيه على مرّ السنين، حتى أمست روح الدعابة التي يمتلكها حاجة منتظرة من عشرات ملايين "السينيفيليين" عبر العالم، وبخاصة في القارة الأوروبية جمعاء، حيث يحلّ ضيفًا استثنائيًا على مهرجاناتها السينمائية.

٭ناقد وأستاذ جامعي من لبنان. 

الدخول

سجل عن طريق

هل نسيت كلمة المرور؟

أدخل عنوان بريدك الإلكتروني المستخدم للتسجيل معنا و سنقوم بإرسال بريد إلكتروني يحتوي على رابط لإعادة ضبط كلمة المرور.

شكرا

الرجاء مراجعة بريدك الالكتروني. تمّ إرسال بريد إلكتروني يوضّح الخطوات اللّازمة لإنشاء كلمة المرور الجديدة.