}

"المهرجان الوطني للعسل اليمني": احتفاء بتاريخ النحالة

صدام الزيدي صدام الزيدي 1 سبتمبر 2024
اجتماع "المهرجان الوطني للعسل اليمني": احتفاء بتاريخ النحالة
سلالة النحل اليمني هي امتداد لسلالات النحل في أفريقيا
برغم تحديات الحرب الدائرة في البلاد منذ عقد من الزمن، يتزايد الاهتمام الشعبي والرسمي في اليمن، بالعسل، بوصفه أحد أهمّ المنتجات الوطنية التي تحظى برواج وانتشار على الصعيدين المحلي والخارجي (ولا سيّما في أسواق دول الخليج العربي).
ومثله مثل "البُنّ اليمني" ومنتجات البلاد من العنب والرمّان والتفاح والتمور، أصبح الاحتفاء بالعسل تقليدًا سنويًّا، حيث شهدت مدينة صنعاء في وقت مبكر، مهرجانًا للقهوة، تبعه في أغسطس (آب) المنصرم المهرجان الوطني للعسل (الموسم الثالث)، ومؤخرًا، مهرجان خيرات اليمن الذي خُصِّص لمنتجات العنب والرمّان والتفاح والتمور.
وتسهم منصة التواصل الاجتماعي "فيسبوك"، في فتح الباب واسعًا أمام الجمهور اليمني للمشاركة في مهرجانات للترويج الزراعي، يرافق ذلك وعي متنام بأفضلية عدد من منتجات البلاد لا سيّما البُنّ والعسل، وهما المنتجان اللذان تخطيا، باكرًا، حاجز المحلية ليصبحا ماركات مميزة في الأسواق العالمية.

دراسات وبحوث
وبتفاعل خجول بدأت الحكومة في صنعاء في الآونة الأخيرة في تخصيص وحدة للعسل تنبثق عن لجنة زراعية وطنية تحمل على عاتقها هموم وتطلعات التحسين من جودة منتجات البلاد من العسل وقبل ذلك معاينة ما يواجه النحّالون من مشكلات تمهيدًا لوضعها في خطط للتحسين والتطوير غير أنّ المهمة تبدو أكبر مما هو ممكن في ظروف اليمن الراهنة.
ومن بين اهتمامات بحثية (محدودة وغير كافية) موجهة لدراسة نحل العسل في اليمن، ظهرت في الآونة الأخيرة عدة دراسات ومشاريع بحثية قام بها أستاذ علم النحل في قسم علوم الحياة- كلية العلوم- في جامعة حضرموت، محمد سعيد خنبش، تناولت: "نباتات النحل الطبيعية في اليمن"، و"أشجار السدر في الجمهورية اليمنية"، وشجرة السدر معروفة بإنتاجها أفضل أنواع العسل اليمني والذي يحمل اسمها (عسل السدر).
ولخنبش أكثر من كتاب في الموضوع نفسه، منها كتاب بعنوان "تربية النحل في حضرموت"، ضمن إصدارات "معهد العمران للدراسات وبناء القدرات بتمويل من مؤسسة نهد التنموية/ 2021"، وآخر عنوانه: "تربية النحل وإنتاج العسل في اليمن" (صدر عام 1996 عن مركز عبادي للنشر- صنعاء)، وله أوراق عمل بحثية ذات صلة نوقشت في ندوات ومؤتمرات دولية منها ورقة عمل بعنوان: "تطوير تربية النحل وإنتاج العسل في جزيرة سقطرى"، (عدن، 1996)، وأخرى بعنوان: "واقع ومستقبل تربية النحل في اليمن" (بيروت 1996)، وكثير من بحوثه ودراساته في علم النحل منشورة في مجلة "نحل العسل".




أمّا أكاديميًّا، فهنالك مركز نحل العسل التابع لجامعة حضرموت للعلوم والتكنولوجيا، وكلّ هذه الجهود البحثية، على قلّتها وندرة ما ينبغي عليها دراسته، تمثّل نقطة ضوء على طريق الحاجة إلى تكثيف الاهتمام من الجامعات بالبحث العلمي الموجّه لدراسة واقع تربية النحل وإنتاج العسل في عموم مناطق اليمن، ابتداءً من محافظة حضرموت التي يعود تاريخ النحالة فيها إلى القرن العاشر قبل الميلاد، حيث ارتبط تاريخها بازدهار الحياة الاقتصادية في ما عُرف بـ: "دولة حضرموت" في تلك الحقبة البعيدة.
ويتمتع عسل السدر "العِلب الحضرمي"، المنتج في وادي دوعن، بمكانة مرموقة وشهرة تجارية رفيعة، إذ يُعدّ أغلى أنواع العسل في العالم قاطبةً - وفقًا لتقرير المنظمة العربية للتنمية الزراعية (1985- 1995)، لذلك يتنافس النحّالون على إرضاء رغبات المستهلك داخل اليمن وخارجه في إنتاج أنواع العسل التي يُقبِل عليها.
ولا تخلو أدراج كثير من المؤسسات الخدمية والتعليمية اليمنية ومنظمات دولية وجمعيات زراعية من دراسات ترمي إلى تطوير تربية نحل العسل في اليمن، وهي دراسات تندرج ضمن بحوث الغطاء النباتي والنباتات الطبية والعطرية. ومن أهمّ ما تشدّد عليه هذه الدراسات، هو "ضرورة المحافظة على سلالة النحل اليمني نقيةً في مناطق معزولة، وإعداد البرامج لتحسينها، وإنشاء محطات تربية الملكات لإمداد النحّالين بها لتحسين إنتاجهم".
ويُشار إلى سلالة النحل اليمني بوصفها امتدادًا لسلالات النحل في أفريقيا، وهي سلالة معروفة بصغر حجمها وقِصر لسانها، أمّا الأجنحة والأرجل فهي قصيرة نسبيًّا، وملِكاتها كبيرة الحجم نسبيًّا، بنّية اللون إلى صفراء، وذات بطن مغزلي، والذكر منها كبير الحجم، أسود اللون إلى رماديّ، تتخلّله أشرطة تميل إلى اللون البنّي الفاتح. وتعيش (السلالة اليمنية) بصورة نقية في الجبال والوديان، وتنتشر في اليمن وسلطنة عُمان والسعودية وفي عدد من الدول الأفريقية، وفقًا للباحث خنبش.

"عسل دوعن"...
ومن بين أنواعه الكثيرة والتي منها: السُّمر؛ الصال؛ المراعي، السلام، الجبلي، المجرى، يُعدّ عسل السدر (العلب) المعروف بالعسل الدوعنيّ، الأغلى - والأكثر شهرة- في الأسواق العالمية، ومثلما يُتناول العسل للتداوي من نزلات البرد وعدد من الأمراض المزمنة، يُنصح بتناوله، أيضًا، لرعاية النساء الحوامل والأطفال وكبار السنّ، وهو كذلك دواء طبيعي للضعف الجنسي ويدخل في صناعة كثير من المنتجات المخصصة الأخرى، غير أنّ مائدة الطعام اليمنية (وجبة الغداء تحديدًا) لا تكتمل إلا بالعسل، باعتباره عنصرًا مهمًّا لإعداد أطباق متنوعة مثل (الفتّة) و(بنت الصحن). ولا تخلو مطابخ اليمنيين في الداخل والخارج، من العسل، فهو رفيقهم ودواؤهم منذ ثلاثة آلاف سنة، كما تفيد الدراسات العلمية وكتب التاريخ.
ولم يغب عن أجواء مهرجانات العسل والقهوة والعنب والرمان والتفاح والتمور الوطنية التي احتضنتها حديقة السبعين وأماكن أخرى في مدينة صنعاء على مدى الفترة المنصرمة من عام 2024، الجرح الفلسطيني في غزة وقضية فلسطين، حيث حضرت الكوفية الفلسطينية والخنجر اليمني جنبًا إلى جنب في الفعاليات الفنية المصاحبة للمهرجانات، تأكيدًا على الإخاء العربي ووحدة المصير.

الدخول

سجل عن طريق

هل نسيت كلمة المرور؟

أدخل عنوان بريدك الإلكتروني المستخدم للتسجيل معنا و سنقوم بإرسال بريد إلكتروني يحتوي على رابط لإعادة ضبط كلمة المرور.

شكرا

الرجاء مراجعة بريدك الالكتروني. تمّ إرسال بريد إلكتروني يوضّح الخطوات اللّازمة لإنشاء كلمة المرور الجديدة.